• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : أسبوع الصدقة : عن اهمية الصدقة وبعض شؤونها .

أسبوع الصدقة : عن اهمية الصدقة وبعض شؤونها

أسبوع الصدقة : عن اهمية الصدقة وبعض شؤونها

تصدُّق أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام بخاتمه أثناء صلاته في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة فأنزل الله تعالى آية الولاية فقال عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ المائدة: 55

أي ان الولاية التي للّه والرسول ثابتة أيضا لمن جمع بين الزكاة والركوع.

 ونقل الطبري عن مجاهد و عتبة بن أبي حكيم وأبي جعفر ان هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب، وفي كتاب غرائب القرآن و رغائب الفرقان لنظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري- من السنة- ما نصه بالحرف: «الآية نازلة في علي باتفاق أكثر المفسرين».

 وفي تفسير الرازي ما نصه: «روي عن أبي ذر رضوان اللّه عليه انه قال: صليت مع رسول اللّه (ص) يوما صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد، و علي كان راكعا، فأومأ اليه بخنصره اليمنى، و كان فيها خاتم، فأقبل السائل، حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي (ص)، فقال: اللهم ان أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري إلى قوله: وأشركه في أمري، فأنزلت قرآنا ناطقا سنشد عضدك بأخيك و نجعل لكما سلطانا، اللهم و أنا محمد نبيك وصفيك فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري. قال أبو ذر: فو اللّه ما أتم النبي (ص) هذه الكلمة حتى نزل جبريل، فقال: يا محمد اقرأ انما وليكم اللّه ورسوله .. الى آخر الآية».

ولكن الرازي فسر الولاية هنا بمعنى الناصر، لا بمعنى المتصرف، وقال الشيعة: إن لفظ الجلالة و الرسول و من جمع بين الزكاة و الركوع جاء في آية واحدة، و ولاية اللّه و الرسول معناها التصرف فيجب أيضا أن يكون هذا المعنى بالذات مرادا من ولاية من جمع بين الوصفين، وإلا لزم أن يكون لفظ الولاية مستعملا في معنيين مختلفين في آن واحد، وهو غير جائز.

(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ). هذه الآية نص صريح لا يقبل التأويل بحال على أن المعنى المراد من ولاية اللّه و الرسول‏ و المؤمنين واحد لا اختلاف فيه، و ان من حافظ على هذه الولاية، و لم يفرق بين اللّه و رسوله و من جمع بين الزكاة و الركوع فهو من حزب اللّه الغالب بمنطق الحق وحجته.

أهميّة الصدقة

الإمام زين العابدين (عليه السلام) يتعرض لحق الصدقة مبيّنا  اهميتها ذاكرا خصالا ثلاثا للصدقة فيقول: ”وأما حق صدقتك عليك: فأن تعلم أنَّها ذخرك عند ربك، وأنها وديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها؛ فإذا علمتَ بذلك، فكن بما اُسْتُودِعْتَهُ سرًا أوثق منك بما اُسْتُودِعْتَهُ علانية“

الخصلة الأولى: أنها وديعة

أنت لا تحتاج أن تُشْهِدَ عليها؛ لأنك أودعتها أمينًا لا يخون الوديعة، والقرآن الكريم يعبّر عن الصدقة : ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ  التوبة 104

القرآن يصوّر كيف يصبح الله قريبًا من المتصدق عندما يدفع الصدقة، كأنه يأخذ الصدقة من يديه تمامًا. هذه كناية عن شدة القرب، وشدة الرحمة التي يصبغها الله تبارك وتعالى على المتصدقين.

 

الخصلة الثانية: أنها ذخر

ورد عن الرسول محمد (ص) : ”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم يُنْتَفَع به، وولد صالح يدعو له“

الصدقة الجارية تبقى حتى بعد الموت وهو في قبره كل يوم تهطل عليه رحمة من الله عز وجل، فإذا سأل عن منشئها، قيل: هذه صدقتك، صدقتك الجارية.

الخصلة الثالثة: صدقة السر

فكن بما اُسْتُودِعْتَهُ سرًا أوثق منك بما اُسْتُودِعْتَهُ علانية“

صدقة السر تربّي الإنسان على الإخلاص لله، تربّي الإنسان على الارتباط بالله

 

ومن خصائص الصدقة دفع البلاء

عن الامام الصادق (عليه السلام) :”بكّروا بالصدقة، وارغبوا فيها، فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم إلا وقاه الله شر ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم.

 

 

البركة

روى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال ليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن“،”وهي تقع في يد الرب“﴿وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ ) وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد، إن الصدقة تقضي الدين، وتخلف البركة“.

وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله تصدّقوا؛ فإن الصدقة تزيد في المال“

 

الأركان الفقهية لمفهوم الصدقة

الركن الأول: العقود والإيقاعات والبذل

الصدقة قد تكون عقدًا، كما لو كانت تمليكًا، عندما أملّك الفقير، فما يصدر مني من الإعطاء إيجاب، وما يصدر من الفقير من الاستلام قبول، فإذن تكون الصدقة حينئذ عقدًا.

وقد تكون إيقاعًا، كما في إبراء الدين، اقول أبرأت ذمتك من المال الذي لي عليك قربة إلى الله تعالى، هذه صدقة، ولا تحتاج إلى القبول.

وقد تكون بذلًا خارجيًا . فأجيز الانتفاع بالمال. فأبيح لك الانتفاع من بستاني مثلا تجلس فيه، تأكل من ثماره، او أن تأكل من طعامي قربة إلى الله تعالى تصبح صدقة.

 

الركن الثاني: القبض

لا تتم الصدقة إلا بقبض نفس الفقير الصدقة، أو يقبض وكيله

الركن الثالث: قصد القربة

الصدقة يشترط فيها القربة، بدون قربة لا تصبح صدقة، تصبح هبة عادية،

عن الامام الصادق (ع) : لا صدقة ولا عتق إلا ما أريد به وجه الله عز وجل

 

الركن الرابع: عدم جواز الرجوع فيها

الركن الخامس: السعة من حيث العمل ومتعلقه

الصدقة واسعة من حيث العمل ومن حيث متعلَّق العمل.

 أما من حيث العمل: الصدقة ليست من اللازم أن تكون بالأموال، أي عمل قصد به القربة لله تعالى، فهو صدقة،  مثل عون الضعيف، إماطة الأذى عن الطريق.

ترى شخصًا مغمومًا، تبتسم في وجهه قليلًا. وتخفف عنه بكلامك.

أو رجل مثلًا يفعل منكرًا والعياذ بالله، تنصحه بالأسلوب الحسن قربة إلى الله تعالى، هذه صدقة.

أي عمل يقوم به الإنسان يخدم به الآخرين  فهو صدقة، وتشمله روايات الصدقة.

 

من جهة المتعلَّق

 (والكلام في الصدقات المستحبة وليس الواجبة كالزكاة فان لها شروطها)

الصدقة واسعة  فلا يشترط فيها أن يكون المتصدَّق عليه فقيرًا، حتى لو كان غنيًا وأعطيته مبلغًا قربة إلى الله كان ذلك صدقة. بل لا فرق في الصدقة بين الشيعي وغيره، ولا بين المسلم وغيره.

سدير الصيرفي: قلتُ لأبي عبد الله أطعم سائلًا لا أعرفه مسلمًا؟ قال: ”نعم، أعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة، إن الله يقول : ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، ولا تطعم من نصب لشيء من الحق، أو دعا إلى شيء من الباطل“

 

 الصدقة المندوبة سرًا أفضل من العلانية، والصدقة الواجبة علانية أفضل.

 عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) : وكل ما فرض الله عليك فإعلانه أفضل من إسراره، وكل ما كان تطوعًا فإسراره أفضل من إعلانه، ولو أن رجلًا حمل زكاة ماله على عاتقه فقسّمها علانية كان ذلك حسنًا جميلًا.

في الصدقة الواجبة تعلنها حتى تشجع الناس على عمل الواجب يكون فعلك علانية، وفي الصدقة المستحبة تسرها حتى تربي نفسك على الإخلاص والقربة لله عز وجل يكون الإسرار أفضل من العلانية.

 

والتوسعة على العيال أفضل من الصدقة والصدقة على القريب - الرحم - أفضل من الصدقة على غيره، لا صدقة وذو رحم محتاج..

عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام سئل رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ”على ذي الرحم الكاشح“، أي: الرحم الذي يعاديك، تصدق عليه، الأجر والثواب يكون أكثر


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1110
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19