• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : عاشوراء .
                    • الموضوع : تجسيد الامام الحسين عليه السلام لأعلى درجات الارتباط بالله .

تجسيد الامام الحسين عليه السلام لأعلى درجات الارتباط بالله

تجسيد الامام الحسين عليه السلام لأعلى درجات الارتباط بالله

لقد مثّل الإمام الحسين (ع) أعلى درجات الارتباط بالله  من خلال صفات التوكّل والرضا والتسليم لأمر الله تعالى إذ أن الارتباط بالله «تبارك وتعالى» له  ثلاث درجات

الدرجة الأولى: التوكل

من صفات المؤمن التوكل على الله، والتسليم له في شأنه كله، (وتوكل على الله، وكفى بالله وكيلاً) (النساء: 81) (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) (الطلاق: 3)
ولكن ما معنى التوكل؟

إن التوكل ليس معناه إطراح الإنسان للأسباب. إن معنى التوكل أن يرتب الإنسان المقدمات. ويدع النتائج لله. أن يبذر الحب ويرجو الثمار من الرب.
وما أكثر الأسباب التي يجهلها الإنسان، وما أكثر الموانع التي لا يعلمها فضلاً عن أن يستطيع تذليلها.

والتوكل هو أن يثق الإنسان أن الله لا يعمل له عملاً إلا وهو في صالحه، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (التوبة - 51)

والتوكل هو أن تثق بأن الله لا يقدّر عليك مصيبة، ولا بلية، إلا وهي في صالحك في الدنيا أو في الآخرة.

ونبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام ألقي في نار نمرود - وهي نار عظيمة فاعترضه ملك المطر، قال: يا إبراهيم، إن شئت أطفأتُ لك النار. قال: لا أحتاج إليك. اعترضه ملك الريح، قال: يا إبراهيم، إن شئت طيّرت النار وحولتها إلى بخار ودخان. قال: لا أحتاج إليك. اعترضه ميكائيل في الفضاء، قال: يا إبراهيم، إن شئت أخذت بيدك ورفعتك من النار، قال: لا أحتاج إليك، قال: إذن تحتاج لمن؟! قال: حاجتي عند ربي، قالوا: إذن سل ربك، قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي. ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ. هذا مظهر من مظاهر التوكل والثقة بالله تبارك وتعالى.

الدرجة الثانية: الرضا

هل يوجد شخص تصيبه مصيبة ويرضى؟!  إذا أصيب بمصيبة في بدنه أو ولده أو أمواله فإنه لا يرضى، حتى وإن قال بأنه متوكل على الله، فإنه نفسيًا غير راضٍ؛ لأنه هذه مصيبة وليست نعمة.

 هناك درجة من درجات الارتباط بالله تختص بالأولياء يرضون فيها حتى بالمصائب، ويعتبرون المصائب نعمًا من الله تبارك وتعالى.»

الإمام الحسن الزكي عليه السلام  يقول: ”لقد كان أبو ذر الغفاري «رضي الله عنه» يقول: اللهم إن الفقر أحب إليّ من الغنى، وإن الخوف أحب إليّ من الأمن“

 بينما الإمام الحسن عليه السلام يقول: ”اللهم إن ما تختاره لي فهو الصالح لي“. فالإمام لا يفترق عنده الحال في النعمة ولا في المصيبة، بل يرضى بالجميع ولا يتأثر منه أبدًا، وهذه هي مرتبة الرضا. ولذلك نرى الإمام الحسين  عليه السلام يقول يوم عاشوراء لما سقط من الفرس وانبعث الدم من صدره: ”اللهم رضا بقضائك.

الدرجة الثالثة: التسليم

مادة «سلم» فيها معنى الخلوص، والامان، و النجاة، والخلو من العوارض والموانع. والقلب السليم هو الخالي من دغل الشرك والذنوب، و منه قول الله في سورة الصافات عن ابراهيم: «إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ».

والتسليم هو الانقياد و الاذعان. ولفظ الاسلام يدل على الانقياد، و على الاخلاص، و على الدخول، في دين الاسلام.

«و التسليم» فضيلة أخلاقية قرآنية، تدل على الخضوع لله والقاء القياد الى الله

هذه الدرجة خاصة بالإمام المعصوم، او لمن رزقه الله تربية الإمام المعصوم، كما في العباس بن علي عليه السلام ، ولذلك نقرأ في زيارته: ”أشهد لك بالتصديق والتسليم والوفاء والنصيحة لخلف النبي المرسل والسبط المنتجب“ والمقصود من درجة التسليم أن يعتبر الإنسان أن لا نفس له، ويعتبر تمام شؤونه ملكًا لله تبارك وتعالى.».

التوكل هو أن تقول: أنا واثق بالله، فتعتبر لنفسك وجودًا وإنية .

 وفي مرتبة الرضا تقول: أنا راضٍ بما قسم، فتعتبر لنفسك وجودًا.

 وأما في التسليم فلا تذكر كلمة أنا، بل تعتبر نفسك فانية في الله «تبارك وتعالى»، ولا وجود لها ولا إنية لها ولا استقلالية لها ولا هوية لها، بل هي عين التعلق والارتباط بالله «تبارك وتعالى». درجة التسليم هي ألا ترى نفسك، ولا ترى إلا الله، فالمسلّم لله لا يرى إلا الله، ولذلك يقول الإمام أمير المؤمنين: ”ما رأيتُ شيئًا إلا ورأيتُ الله قبله وبعده وفوقه وتحته وفيه.

الإمام الحسين وصل إلى مرتبة التسليم، وصل إلى درجة لا يرى فيها نفسه، بل لا يرى إلا الله، ولذلك يقول يوم عاشوراء وهو يصبغ شيبته من دم قلبه: ”اللهم رضا بقضائك، وتسليمًا لأمرك، يا غياث المستغيثين

إلهي تركتَ الخلقَ طرًا في هواكَ  وأيتمتُ    العيالَ    لكي   أراكَ

فلو   قطّعتني  في  الحب  إربًا  لما   مال   الفؤاد  إلى  سواكَ.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1117
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16