أحداث كربلاء رواية وتدوينا
أحداث كربلاء مرت بثلاث مراحل
مرحلة الرواية مرحلة التدوين مرحلة التنقيح والفرز
المرحلة الأولى: الرواية
يأتي شخص ويقول: من روى قضية كربلاء فهم جميعهم قد قتلوا من الذي رواها حتى نثق بأحداثها؟
الرواة الذين شهدوا كربلاء وعاصروا أحداثها وجها لوجه هم ثلاثة أقسام
القسم الأول: الذين لم يستشهدوا في كربلاء، هناك البعض من أصحاب الحسين لم يستشهد وبقي وروى لنا الحادثة. منهم: عقبة ابن سمعان، خرج مع الحسين من المدينة إلى ما بعد مقتل الحسين وفارق كربلاء دون أن يُستشهد، قال: صحِبة الحسين من المدينة إلى أن قُتل وكل مقولاته وخطبه كتبتها وسجلتها.
وآخر: الضحاك المشرقي هذا من أنصار الحسين وعاهد الحسين، عندما التقى الحسين في الطريق إلى العراق تعاهد مع الحسين وقال له: أنا أعاهدك أن أنصرك ما دام معك ناصر، وجاء الضحاك وقاتل يوم كربلاء ولكن لما أصبح الحسين وحيداً ليس لديه أحد وإلى آخر لحظات الحسين وهو معه حتى بعد مقتل الهاشميين، قال: يا أبا عبدالله أنت أصبحت وحيداً، قال له الحسين: ”أنت في حِلٍ من بيعتي خذ فرسي وأخرج به خارج كربلاء“. وخرج الضحاك المشرقي بفرس الحسين خارج كربلاء ولم ينل الشهادة وأصبح من الرواة الذين رووا هذه المعركة.
وآخر ثالث: المرقع ابن ثمامه الأسدي، قاتل مع الحسين وقطعت يده ووقع بين القتلى وظنوا أنه قُتل فلما إنتهت المعركة وأقبلت القبائل تحتز الرؤوس وكل قبيلة تريد التقرب من عبيد الله ابن زياد بمجموعة من الرؤوس، اقبلوا ووجدوه حياً فأرادوا أن حز رأسه فأقبلت قبيلة بني أسد لأنه أسدي انتصرت بين القبيله وصارت هناك مفاوضات بين القبيلة وبين عبيد الله ابن زياد وجاؤوا به أسيراً إلى عبيد الله ابن زياد لم يعفي عنه إلا بالنفي فنفي إلى منطقه أخرى.
الحسن ابن الحسن المُثنى، أكبر أبناء الإمام الحسن لم يُقتل في كربلاء وإنما جُرح يوم عاشوراء وكان بعض أخواله من مُعسكر عمر ابن سعد فأخذوه وأنقذوه وتركوا بني هاشم وعاش جريحاً وعُمّر وعاش أكثر من 80 سنة وكان من رواة الواقعة، ونسل الحسن الآن من هذا الشخص وجميع الحسنيين جاؤوا من الحسن المُثنى.
إذن لدينا رواة عاصروا الواقعة إلى أن انتهت ورووا أحداثها وتفاصيلها.
القسم الثاني: النساء، أين أم كلثوم؟ العقيلة زينب قد توفيت بعد الحسين بسنة أو سنتين حسب كلام المُؤرخين، ولكن البقية مثل: سكينة وأم كلثوم روت الحادثة وكذلك بعض النساء الأخريات
القسم الثالث: الأئمة الذين حضروا الحادثة، الإمام السجاد والإمام الباقر، رواية الفرس قد رواها الإمام الباقر أن الفرس عاد إلى الخيمات وهو ينادي ”الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها“ الإمام الباقر هو الذي روى أن آلالاف الطعنات والضربات وقعت على جسم الحسين.
ومن الأقسام الذي شهدت الواقعة مُعسكر عمر ابن سعد ليس كل المعسكر كان مقاتلاً، حميد ابن مسلم كان صحفي وإعلامي يُسجل الواقعة. يأتي إلى الحسين يراه ماذا يقول ويذهب إلى عمر ابن سعد ويرى ماذا يقول، ويذهب إلى الأنصار ماذا يقولون فقد كان صحفي إعلامي متجول في المعركة سجل كثيراً من الوقائع التي حدثت آنذاك.
إذن الرواة الذين شهدوا الواقعة كثيرون وبالتالي الحادثة والواقعة اشتهرت شهرة كبيرة لأن هؤلاء الرواة بعد إنتهاء الحادثة يأتي إليهم الناس ليتسائلوا والفضول يتصاعد عند أهل الكوفة والحجاز وعند أهل البصرة، فهؤلاء الرواة صنعوا تاريخاً عندما رووا الواقعة كما شهدوها للناس بعد تمام الحادثة
المرحلة الثانية: التدوين
أول من كتب في مقتل الحسين الأصبغ ابن نباته أحد أصحاب الإمام علي وقد عاش إلى سنة 70 للهجرة، الحسين قتل في عام 61 وقد سجل الأصبغ ابن نباته الأحداث ونقلها ودونها
وبعدها يأتي جابر ابن يزيد الجُعفي المتوفى سنة 128 للهجرة أحد أصحاب الإمام الباقر كتب مقتلاً سمع من الرواة ومن الباقر
وبعده مقتل عمار الدُهني من أصحاب الإمام الصادق وقد توفي سنة 133 للهجرة، كتب المقتل الثالث. وتوالت المقاتل مقتلاً بعد مقتل إلى أن اشتهر هذا المقتل مقتل لوط ابن يحيى المُلقب بأبي مِخنف هذا الرجل توفي عام 157 للهجرة لكنه أتعب نفسه في جمع تفاصيل كربلاء فسمع من الشهود ومن الأئمة الطاهرين وأخذ المقاتل التي كُتبت قبله فجمعها في مقتله المُعبر عنه بمقتل أبي مِخنف
إذن كربلاء حادثة مشهورة حضرها الكثير ورواها وكتب عنها الكثير ودوّنها الكثير
المرحلة الثالثة: التنقيح
الأئمة صلوات الله عليهم الصادق والرضا تصدوا للمقاتل التي كتبت عن حدث الحسين وواقعة كربلاء ونقّحوا منها الكثير، لا تتصور بأن هذه الحادثة خرافة وأساطير
حادثة كربلاء من الشُهرة والاستفاضة، ما لم يحصل لحادثة أخرى، تاريخ النبي ليس مضمونا مثل حادثة كربلاء، تاريخ النبي لم يكتب إلا بعد 80 سنة من وفاة الرسول بينما حادثة كربلاء كُتبت في نفس السنين التي اعقبت كربلاء قبل سنة 70 وقبل مرور 8 سنوات على الحادثة دُونت وكتبت وسُجلت هذه المعركة.
ومعركة كربلاء من الإستفاضة والشهرة لا نقول كل الأحداث وقعت لكن نقول بأنها مشهورة ومستفيضة، وما خفي منها أعظم مما وصل إلينا عنها نتيجة محاربة الظالمين ومقاومة المُعتدين وتدليس المُدلسين، لأجل ذلك تبقى هذه الحادثة وتبقى هذه المعركة حية ومُتجددة بتفاصيلها تفاصيل الإباء والطُهر وتفاصيل العزة والفداء والتضحية.
|