• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : عاشوراء .
                    • الموضوع : ثورة الإمام الحسين عليه السلام .

ثورة الإمام الحسين عليه السلام

 ثورة الإمام الحسين عليه السلام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

في بداية العام الهجري الذي هو بداية ذكرى أبي عبد الله الحسين عليه السلام، هذه الذكرى التي خلّدت نفسها في جهاد المجاهدين وأخلاق المؤمنين على مدى العصور، والتي كانت دائماً وستبقى موسماً للوعي، وموسماً لمراجعة الذات ونقد الحاضر، والانطلاق منه بوعي ومسؤولية نحو المستقبل، ذكرى أبي عبد الله الحسين وآله وصحبه سلام الله عليهم جميعاً، هي ذكرى الثورة في الإسلام، وذكرى الثورة في المجتمع، وفي نفس الوقت هي مهرجان العدالة في الإسلام ومهرجان العدالة في المجتمع، والثورة غير التمرد وغير العصيان.

يوجد مصطلحان سياسيان أحدهما مصطلح الثورة، والآخر مصطلح التمرد، أو العصيان. أما العصيان فهو مخالفة سلطة عادلة، والتمرد كذلك.

العصيان، والتمرد يفترضان أن هناك سلطة عادلة في المجتمع، تأتي مجموعة من الناس لا يعجبها وضع العدالة، فتعصي وتتمرد.

أما الثورة، فهي لا تكون على سلطة عادلة، هي دائماً تكون على سلطة جائرة، وإلا لو كانت هذه السلطة عادلة لما كانت هذه الثورة.

بالنسبة إلى أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأصحابه: تُرى هل كانت حركة كربلاء عصياناً وتمرداً أو أنها كانت ثورة؟

إن النظام اليزيدي في ذلك الحين صوّرها على أنها تمرد، أن الحسين عليه السلام شق عصا المسلمين، أن الحسين عليه السلام خرج على إمام زمانه، لأجل أن يُعطي خروج الحسين عليه السلام طابع العصيان، ومن ثم يُعطي مبرر القمع، ومبرر الحرب.

في المقابل المسلمون جميعاً كانوا يقولون عن الحسين عليه السلام أنه ثائر من أجل الإسلام.

ما هو المقياس الذي يدلنا على أن الحسين ثائر أو متمرد؟

إن المقياس هو القرآن، هو الإسلام أترى هل كان النظام اليزيدي موافقاً للقرآن، ليس بالصلاة والصيام والحج وما إلى ذلك. بل في المسألة السياسية، وفي مسألة الحرية، في المسألة الاقتصادية في كرامة الإنسان.

تُرى هل كان النظام اليزيدي موافقاً للقرآن؟

إن أبسط مسلم في ذلك الحين، وفي هذا الحين، وفي المستقبل يطلع على ممارسات هذا النظام اليزيدي مع المسلمين وغير المسلمين يكتشف فوراً أن هذا النظام لم يكن موافقاً للقرآن، ولم يكن مطابقاً للإسلام.

إذاً الحسين لم يكن متمرداً، ولم يكن عاصياً كما حاول ذلك النظام أن يصوره، وكما حاول بعض وعاظ السلاطين في ذلك الحين أن يصوروه، وإنما كان ثائراً على نظام غير عادل, وصوّر وعبّر سلام الله عليه عن ثورته  عن نهجه في كلامه المشهور إلى أخيه محمد بن الحنفية رضوان الله عليه حينما كتب إليه كتابه المشهور، الذي غدا من أعظم الوثائق التاريخية في الثورة الحسينية "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي(ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر"([1])

إذاً كان هناك معروف متروك، وكان هناك منكر رائج، المعروف المتروك لم يكن الصلاة ولم يكن الصيام، ولم يكن الحج، كان الناس يصلون، ويصومون ويحجون، وكانت المساجد عامرة، وكان المنكر المرتكب ليس شرب الخمر، وما إليه، المعرف والمنكر هما المعروف السياسي والمنكر السياسي، والمعروف الاقتصادي، والمنكر الاقتصادي والمعروف الإنساني، والمنكر الإنساني.

كان هناك إخلال بالمسألة السياسية، وبالمسألة الاقتصادية وبكرامة الإنسان.

كلام أمير المؤمنين عليه السلام قبل الحسين عليه السلام وهو في طريقه إلى حرب الجمل: قال: "ألا وإن هؤلاء القوم قد جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حرباً، والفاسقين حزباً"([2]) هذه ليست صلاة ولا صيام، هذه المسألة الأساسية، وهذه هي المسألة الجوهرية، في نظام كل مجتمع.

إذاً هناك ملازمة دائمة بين الثورة وبين العدالة، حين تكون هناك عدالة، لا تكون ثورة، وحينما تكون ثورة عادلة ومستقيمة لا يكون هناك ظلم، وعدوان، وتسلط.



[1] كتاب البحار ج44 ص 329

[2] أنظر كما في نهج البلاغة: كتاب 62


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=556
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29