• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : الامام علي عليه .
                    • الموضوع : اعلان ولاية الامام علي(ع) يوم الغدير .

اعلان ولاية الامام علي(ع) يوم الغدير

اعلان ولاية الامام علي(ع) يوم الغدير

 

أراد رسول الله (ص) قبل أن يرتحل إلى بارئه ان يضمن للأمة من بعده استمرار التجربة بنجاح و لذا أراد أن يعلن أمام الملأ في موقف هام اختار النبي (ص) زمانه و مكانه ليكون وقعه أبدا في الذاكرة بحيث لا يستطيع أحد أن يلغيه أو يحدث فيه تشويها أو تحريفا ، أراد أن يعلن أمام الناس من يقود التجربة من بعده و يمضي بها إلى حيث أراد الله عز و جل .

روى الشيخ الكليني ( قده ) أن رسول الله (ص) بقي في المدينة بعد الهجرة عشر سنين دون أن يحج حتى نزل في السنة العاشرة قوله تعالى : (و أذن في الناس بالحج …) فامر رسول الله ( ص ) المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول الله (ص) يحج في عامه هذا و كتب إلى من بلغه كتابه ممن دخل في الاسلام أن رسول الله (ص) يريد الحج .

فاذا رسول الله (ص) قد قام بدور اعلامي كبير و هام ، و يفسر هذا الاهتمام الكبير ما جرى في حجة الوداع و ما قاله رسول الله (ص) و ما أعلنه أمام الحشد العظيم ، فبعد أن أدى مناسك الحج خطب النبي في الناس و وعظ فأبلغ في الموعظة و نعى إلى الأمة نفسه و قال : " قد دعيت و يوشك أن أجيب و قد حان مني خفوق من بين أظهركم و اني مخلف ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله و عترتي أهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض"، ثم نادى بأعلى صوته : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ قالوا بلى فقال لهم : فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله .

فالنبي (ص) نعيت اليه نفسه وأعلن ذلك أمام الناس ، والموسم موسم حج بل هي حجة الوداع وآخر موقف يقفه النبي (ص) في الحج ، والحشود كبيرة حضرت من كل فج عميق ، كل هذه العوامل أعطت لما أعلنه (ص) بعدا اعلاميا هاما لايملك أحد أن ينفيه .

وما زال النبي (ص) يكرر ما أعلنه في الحج في مجلس بعد مجلس ويقول " ألا وان علي بن ابي طالب أخي ووصيي يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ". حتى جاء موقف رسول الله (ص) بعد أن دنت منه الوفاة حين أغمي عليه فأفاق وقال : ايتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا . " فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا فقال أحد الحاضرين ارجع فانه يهجر وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله . " فأراد النبي (ص) أن يكتب ما أعلنه مرارا على  الملأ ليكون نصا مكتوبا بعد أن كان مسموعا ولكن بعض الحاضرين وجدوا في ذلك ما يشكل حائلا دون طموحاتهم فمنعوا من تنفيذ أمر رسول الله (ص) حتى وصل الأمر  إلى اتهام رسول الله (ص) بالهجر دونما رادع يمنع من ذلك وكأنهم لم يقرأوا قوله تعالى : " وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى".

لكن موقف رسول الله (ص) والاهتمام الكبير الذي أولاه (ص) لمسألة الولاية من بعده لم يكن يوم غدير خم فحسب فهو بمثابة الاعلان الاخير وإلقاء الحجة وقد سبق ذلك مواقف عديدة لرسول الله (ص) وفي مشاهد مختلفة منذ بداية الدعوة الاسلامية ومن هذه المواقف :

 

 لمّا نزل قوله تعالى ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ )( الشعراء : 214 ) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجال عشيرته ، ودعاهم إلى الاسلام ، وهذا الخبر وارد في كتب التاريخ ، في كتب السيرة ، في كتب التفسير ، وفي الحديث أيضاً .

 فعن تفسير البغوي المتوفى سنة 510 هـ  :

روى محمّد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب ، عن عبدالله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب قال : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَقْرَبِينَ ) دعاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا علي ، إنّ الله يأمرني أن أُنذر عشيرتي الاقربين ، فضقت بذلك ذرعاً ، وعرفت أنّي متى أُباديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره ، فصمتُّ عليها ، حتّى جاءني جبرئيل فقال لي : يا محمّد إلاّ تفعل ما تؤمر يعذّبك ربّك ، فاصنع لنا صاعاً من طعام ، واجعل عليه رِجل شاة ، واملا لنا عسّاً من لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أُبلّغهم ما أُمرت به .

ففعلت ما أمرني به ، ثمّ دعوتهم له ، وهم يومئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب .

فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته ، فجئتهم به ، فلمّا وضعته ، تناول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جذبة من اللحم ، فشقّها بأسنانه ، ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة ، ثمّ قال : خذوا باسم الله ، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء حاجة ، وأيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم .

ثمّ قال : إسقِ القوم ، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا جميعاً ، وأيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله .

فلمّا أراد رسول الله أن يكلّمهم بدره أبو لهب فقال : سحركم صاحبكم ، فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .

فقال في الغد : يا علي ، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ، فتفرّق القوم قبل أنْ أُكلّمهم ، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثمّ اجمعهم ، ففعلت ثمّ جمعت ، فدعاني بالطعام فقرّبته ، ففعل كما فعل بالامس ، فأكلوا وشربوا ، ثمّ تكلّم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)فقال :

يا بني عبد المطّلب ، إنّي قد جئتكم بخيري الدنيا والاخرة ، وقد أمرني الله تعالى أنْ أدعوكم إليه ، فأيّكم يوآزرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟

فأحجم القوم عنها جميعاً .

فقلت وأنا أحدثهم سنّاً : يا نبيّ الله ، أكون وزيرك عليه .

قال : فأخذ برقبتي وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا .

فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد أمرك أنْ تسمع لعلي وتطيع(معالم التنزيل 4/278 ـ 279) .

فهذا تصريح من النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) بولاية الامام على الامة.

فليست الامامة والخلافة إلاّ : وجوب الاطاعة ، وجوب الاقتداء ، وجوب الاخذ ، وجوب التمسّك بالشخص

 

ومن الاحاديث الواردة في هذا المجال حديث المنزلة فهذا الحديث مضافاً إلى أنّه متواتر عند أصحابنا من الاماميّة، من الاحاديث الصحيحة المعروفة المشهورة عند أهل السنّة.

ونصّ الحديث كما في صحيح البخاري:   قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي: «أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى» صحيح البخاري 5/24

ودلالات حديث المنزلة متعددة، وكلّ واحدة منها تكفي لان تكون بوحدها دليلاً على إمامة أمير المؤمنين.

فلهارون منازل:

 المنزلة الاُولى: النبوّة قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً). سورة مريم: 53.

المنزلة الثانية: الوزارة قال تعالى عن لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي)( طه: 29.)

وفي سورة الفرقان قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً)( الفرقان: 35)

المنزلة الثالثة: الخلافة قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى لأخيه هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)( الاعراف: 142.) .

المنزلة الرابعة: القرابة القريبة قال تعالى عن لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) طه: 31. وغير ذلك من المنازل

ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبر في حديث المنزلة عن ثبوت جميع هذه المنازل لعلي ما عدا النبوة

دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)

لا ريب في أنّ من منازل هارون: خلافته عن موسى (عليه السلام)، قال تعالى عن لسان موسى يخاطب هارون: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)( الاعراف: 142) .

فكان هارون خليفة لموسى، وعلي بحكم حديث المنزلة خليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيكون هذا الحديث نصّاً في الخلافة والامامة والولاية بعد رسول الله.

ومن جملة آثار هذه الخلافة: وجوب الطاعة المطلقة، ووجوب الانقياد المطلق، والطاعة المطلقة والانقياد المطلق يستلزمان الامامة والولاية العامة.

وغير ذلك من احاديث تثبت ولاية وخلافة امير المؤمنين عليه السلام فضلاً عن الآيات النازلة في ولاية امير المؤمنين عليه السلام 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=603
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18