• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : التمهيد للظهور المبارك .

التمهيد للظهور المبارك

التمهيد للظهور المبارك

إنَّ توقيت يوم الظُّهور غير معلوم بالنسبة إلينا، ولكنْ رغم ذلك، فإنَّنا مؤثّرون في توقيت الظُّهور وتسريعه أو إبطائه, وهذا ما يُشير إليه العديد من الروايات عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف:

 

1ـ "ولو أنّ أشياعنا - وفَّقهم الله لطاعته - على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقِّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلَّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم. والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلاته على سيّدنا البشير النذير محمّد وآله الطاهرين وسلّم"[1].

تؤكِّد هذه الرواية أنَّ الّذي يُبقي الإمام في الغيبة ويحبسه عنّا، ويؤخّر في الظهور، هو عدم جهوزيَّة المجتمع لتحمُّل هذه المسؤوليَّة الكبرى، فإذا اجتنبوا المعاصي، وأعدّوا أنفسهم تماماً لتحمُّل تلك المسؤوليَّة، وصاروا جاهزين يملكون الكفاءة اللازمة، فسيأتي وقت العاقبة الحميدة: "والعاقبة - بجميل صنع الله سبحانه - تكون حميدة ما اجتنبوا المنهيَّ عنه من الذنوب"[2].

 

2 ـ "يا معاشر نقبائي وأهل خاصّتي، ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض، ائتوني طائعين[3]"[4].

عندما يُصبح النقباء وأهل الخاصَّة ومن ذخرهم الله تعالى لنصرة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف جاهزين ومستعدّين، فإنَّ النداء سيأتيهم من الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ليلتحقوا به ويكون تحقيق الوعد الإلهي على أيديهم.

 

3 ـ ورد في رواية عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف يتحدّث فيها عن كلمات قالها له والده الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام: "وكأنّك يا بُنيّ، بتأييد نصر الله قد آن، وتيسير الفلج وعلوّ الكعب قد حان، وكأنَّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم, وكأنَّك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود, وتصافق الأكفّ على جنبات الحجر الأسود, تلوذ بفنائك من مَلأٍ برّأهم الله من طهارة الولاء ونفاسة التربة, مقدَّسة قلوبهم من دنس النّفاق، مهذَّبة أفئدتهم من رجس الشِّقاق، ليِّنة عرائكهم[5] للدِّين, خشنة ضرائبهم[6] عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم, نضرة بالفضل عيدانهم[7], يدينون بدين الحقِّ وأهله.

فإذا اشتدَّت أركانهم وتقوّمت أعمادهم، فدَّت[8] بمكانفتهم[9], طبقات الأمم، إلى إمام إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعبت أفنان غصونها على حافات بحيرة الطبريَّة.

فعندها يتلألأ صبح الحقِّ, وينجلي ظلام الباطل, ويقصم الله بك الطغيان ويُعيد معالم الإيمان, يُظهر بك استقامة الآفاق, وسلام الرفاق, يودُّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضاً, ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازاً.

تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة، وتنشر عليك أغصان العزّ نضرة, وتستقرّ بواني الحق[10] في قرارها, وتؤوب[11] شوارد الدين[12] إلى أوكارها, تتهاطل عليك سحائب الظفر فتخنق كلَّ عدو, وتنصر كلَّ وليّ, فلا يبقى على وجه الأرض جبَّار قاسط[13], ولا جاحد غامط, ولا شانئ مبغض, ولا معاند كاشح[14] ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾[15]"[16].

 

 

4 ـ "وأكثِروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنَّ ذلك فرجكم"[17].

لا شك في أنّ الدعاء من الأمور الأساس المؤثِّرة لأنَّه

من جهة فيه توجّه لله تعالى الّذي قال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[18]

 ومن جهة أخرى يُقوِّي الارتباط والعلاقة بالإمام المنتَظَر عجل الله تعالى فرجه الشريف

 ومن جهة ثالثة يوجِّه الإنسان نحو إعداد العدّة وتمهيد الأرض لهذا اليوم العظيم. فلهذا الدعاء أثره الغيبيّ والنفسيّ والعمليّ.

 

 

 

[1] خاتمة المستدرك, النوري، ج ٣، ص ٢٢٥، من رسالة للشيخ المفيد.

[2] م.ن.

[3] ثمّ جاء في الحديث بعد ذلك ما يلي: "فترد صيحته عليه السلام عليهم وهم على محاريبهم, وعلى فرشهم في شرق الأرض وغربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كلّ رجل, فيجيئون نحوها (أي: نحو الصيحة) ولا يمضي لهم إلّا كلمحة بصر حتّى يكون كلّهم بين يديه عليه السلام بين الركن والمقام..." .

[4] بحار الأنوار, العلّامة المجلسي، ج٥٣, ص٧.

[5] عرائكهم: طبائعهم.

[6] ضرائب: حد السيوف.

[7] عيدان: جمع عود الغصن.

[8] فدّ يفدُّ: عدا وركض.

[9] المكانفة: المعاونة.

[10] بواني الحق: أسسه.

[11] تؤوب: ترجع.

[12] شوارد الدين: كناية عما ترك من أحكام الله تعالى.

[13] قاسط: هي هنا بمعنى ظالم.

[14] كاشح: الّذي يعطي للحق كشحه أي: ظهره.

[15] سورة الطلاق، الآية: ٣.

[16] كمال الدين وتمام النعمة, الشيخ الصدوق، ج٢, ص١٢١.

[17] الاحتجاج، الطبرسي، ج٢, ص ٢٨١ ـ ٢٨٤.

[18] سورة غافر، الآية: ٦٠.


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=840
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28