• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : تقوية العلاقة وتصحيحها مع أهل البيت عليهم السلام .

تقوية العلاقة وتصحيحها مع أهل البيت عليهم السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

تقوية العلاقة وتصحيحها مع أهل البيت عليهم السلام

الشيخ إبراهيم نايف السباعي

كيف نقوي علاقتنا بأهل البيت عليهم السلام؟ ونعلم أن قد وصلنا إلى بر الأمان من خلال الاتصال الوثيق بهم عليهم السلام.

من أراد الوصول إلى بر الأمان، والحصول على رضا الرحمن سبحانه، لا بد له من المعرفة والعلم بهم، وبأن مودة أهل البيت فرض وواجب لازم من الله تعالى علينا، كما فرض الصلاة والزكاة والحج والصوم..، فإن الله تعالى قد فرض علينا ولايتهم، والولاية لهم كما جاء في الخبر عن أبي جعفر عليه السلام: قال: بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية. الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ١٨

بداية: الحب وكي نصل إلى درجة الحب لأهل البيت وعشقهم عليهم السلام، ونكسب ودهم وحبهم لنا، لا بد من توطيد العلاقة بهم وتقويتها، وحتى نصل إلى مبتغانا نحتاج إلى أمور:

  1. العلم والمعرفة بهم، من خلال الاطلاع على منزلتهم عند الله تعالى، لأن البوصلة هي الله تعالى، ودورهم في تقرير مصير الإنسان يوم القيامة بكل مراحلها وصولاً إلى الشفاعة.

فكلما ترقى الإنسان في المجال العلمي والمعرفي للشيء، كلما توثقت علاقته بالمعلوم، مثلاً عندما نعرف الجنة ونطلع عليها كأننا نراها، فسوف نشتاق إليها، ونعمل من أجل الوصول إليها، وهذا حال المتقين المؤمنين من عباد الله المخلصين.

وفي قصة أحد حواريي أمير المؤمنين عليه السلام المعروف بـ "همام" لأجمل عبرة وحكمة.

رُوِيَ أَنَّ صَاحِباً لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) يُقَالُ لَه هَمَّامٌ – كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ – صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ – فَتَثَاقَلَ (ع) عَنْ جَوَابِه – ثُمَّ قَالَ يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّه وأَحْسِنْ – (إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) – فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْه – فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (ص) – ثُمَّ قَالَ (ع):... نَفْسُه مِنْه فِي عَنَاءٍ والنَّاسُ مِنْه فِي رَاحَةٍ – أَتْعَبَ نَفْسَه لِآخِرَتِه وأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِه – بُعْدُه عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْه زُهْدٌ ونَزَاهَةٌ – ودُنُوُّه مِمَّنْ دَنَا مِنْه لِينٌ ورَحْمَةٌ – لَيْسَ تَبَاعُدُه بِكِبْرٍ وعَظَمَةٍ ولَا دُنُوُّه بِمَكْرٍ وخَدِيعَةٍ – قَالَ فَصَعِقَ هَمَّامٌ صَعْقَةً كَانَتْ نَفْسُه فِيهَا – فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْه – ثُمَّ قَالَ: أهَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا – فَقَالَ لَه قَائِلٌ فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ – فَقَالَ (ع): وَيْحَكَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوه – وسَبَباً لَا يَتَجَاوَزُه فَمَهْلًا لَا تَعُدْ لِمِثْلِهَا – فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ. (كتاب نهج البلاغة).

  • كل هذا يتم من خلال معرفتهم ومعرفة منزلتهم عند الله تعالى، ويتحقق ذلك من خلال معرفة الآيات التي نزلت فيهم:
  • آية الإطعام: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} الإنسان/8 و9
  • وآية التطهير: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً}. الاحزاب/33
  • آية المودة: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}. الشورى / 23  
  • آية المنزلة: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}آل عمران/61،
  • آية التبليغ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} المائدة/67 و{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}المائدة/3

 

وأما الروايات التي تبين منزلتهم عند الله تعالى فكثيرة، نذكر بعضاً منها:

  • ورد عن رسول الله صلى عليه وآله أنه قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
  • وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق.
  • وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: أنا مدينة العلم، وعلي بابها.
  • وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: هذا كتاب الله الصامت، وأنا كتاب الله الناطق. وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢٧ - الصفحة ٣٤
  1. الولاية لهم تحتاج إلى الطهارة والتزكية للنفس؛ لعدم قدرة الإنسان على ترسيخ بعض الأمور في نفسه ما لم يزكيها، وقدرات الناس في ذلك تتفاوت من شخص لآخر، فهذا نبي الله آدم عليه السلام عند اختباره من قبل الله تعالى، لم يفلح أن يكون من أولي العزم من الرسل، قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} طه/115، ونبي الله موسى عليه السلام عندما اختبر بما لم يقدّر له الله تعالى من العلم كما لغيره، لم يستطع الصبر والتحمل في تحصيل هذا العلم الذي كان عند الخضر لعدم التهيئة والاستعداد لذلك، {إنك لن تستطيع معي صبراً}. (الكهف/75)

وكذلك نحن إذا أردنا الوصول للولاية، وأن نكون من الموالين لهم، لا بد لنا من سلوك طريق القرآن الكريم؛ الذي ذكره تعالى بالبيان، بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}(الجمعة/2).

والتزكية في غاية الأهمية لكل من أراد الوصول، وهي بمعنى مجاهدة النفس والاجتناب عن الحرام والابتعاد عنه، وهي تحتاج إلى تربية ذاتية من خلال برامج عبادية:

  1. فريضة الصلاة، وهي الجلسة الخاصة والوقت المميز بينك وبين الله تعالى، وما تحققه لنا الصلاة غاية في الأهمية خصوصاً إذا كانت بكامل شروطها: أداؤها في وقتها المحدد، وإسباغ الطهارة من وضوء أو غسل أو تيمم، وكان أداء العبد لها بخشوع وتذلل وطهارة ونظافة، والاتيان بها كما ينبغي والتأني في التلفظ بكلماتها...
  2. الدعاء، كما ورد في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} (الفرقان/77)، فالدعاء أعظم أساليب التواصل مع الله سبحانه في قضاء الحوائج ووصول السالك إليه سبحانه، وهو سلاح الأنبياء، والوحيد من كل وسائل التواصل مع الله من صلاة وزكاة وحج وصوم .. لا تحتاج إلى لغة معينة أو وضع معين أو وقت معين أو أسلوب معين.. بل يحتاج فيها المتصل أن ُيخرج ما عنده من قلبه عن طريق لسانه، وقصة نبي الله إبراهيم عليه السلام فيها حكمة وعبرة.
  3. الذكر، نعم ذكر الله الدائم واللاهج به لسانك كما في قوله تعالى: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا..} يحتاج إلى لسان وتكرار.

برنامج ذكري يومي صباحاً ومساء، لتقوية الإيمان وبعث روح الأمل والتفاؤل في يومنا، ويبعد عنا الخوف والحزن والتوتر والاضطراب.

ومن مصاديق الذكر:

1-        لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين/100 مرة

{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكذلكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}. (الأنبياء/87)

2-        وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد/100 مرة

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ، فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} (غافر45)

3-        حسبنا الله ونعم الوكيل/100 مرة

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، إِنَّمَا ذلكمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران/173)

4-        ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين/100 مرة

{وأيّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} الأنبياء/83

5-        سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر/ 100 مرة

{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} الحجر/99

6-        اللهم صل على محمد وآل محمد/100 مرة

ورد عن الإمام الرضا عليه السلام قوله: أكثروا من الصلاة على محمد وآل محمد فإنها تهدم الذنوب هدماً.

7-        استغفر الله ربي وأتوب إليه/100 مرة

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} نوح/10- 12

وأخيراً: اجتناب الحرام، وله أثر كبير على قلب ونفس وروح الإنسان، فإذا لم يبال العبد بهذا فسوف يبتعد عن الولاية.

ونعني بالاجتناب عن الحرام: أي كل الذنوب الصغير منها والكبير والموبقات والمهلكات، فيشمل أكل الحرام والتكسب من الحرام بيعاً وشراء، وفعل الحرام سواء كان هذا الحرام قولاً كالكذب أو كتابة.

في الخلاصة: المطلوب ترك الحرام بجميع أنواعه وأصنافه، قال الإمام الحسين عليه السلام - لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربته عليه السلام وأحاطوا به من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة فخرج عليه السلام حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم:

ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي فتسمعوا قولي، وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد... وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع على قلوبكم. ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٦٠٨


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1045
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 10 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29