• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : فن التعامل مع الناس .

فن التعامل مع الناس

فن التعامل مع الناس

قسم من الناس تعاملهُ مع نفسهِ ومع ربهِ جيد، ولكن المشكلة في تعامله مع الناس.. عندهُ: حدة في التعامل، أو المزاج، أو غضب ؛ فيشغلهُ الشيطان بعبادتهِ عن هفواته!..

البعضُ يزدادُ في العبادات تقدماً، ويتأخرُ في تعاملهِ معَ من حوله،.. يقول: ما دمتُ أخشعُ في صلاتي ما لي وللناس!.. وهذا اعتقاد خاطئ، بل انحراف كبير ..

الصادق(ع) العامل على غير بصيرة، كالسائر على غير الطريق فلا تزيده سرعة السير إلا بعدا

 القمة في التعامل

المؤمن يطيرَ بجناحين: جناح التقربِ إلى الله عبادةً، واجباً، ونافلةً.. وجناح حُسن التعامل

النبي -صلى الله عليه وآله- كانَ أرفق الناس بأهله، كانَ قمة في حُسن التعامل معَ زوجاتهِ، (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)!..وكذلك مع أصحابهِ، ومعَ أعدائه.

وتعامل أمير المؤمنين -عليه السلام- مع قاتله عبد الرحمن، كان تعاملاً في منتهى الرفق!..

وكذلك تعامل الإمام المُجتبى عليه السلام معَ من خذلهُ

وكذلك الإمام الباقر عليهِ السلام روي أن نصرانياً قال للإمام الباقر: أنت بقر؟.. قال: (لا أنا باقر)، قال: أنت ابن الطباخة؟.. قال: (ذاك حرفتها)، قال: أنت ابن السوداء الزنجية البذية؟.. قال: (إن كنتَ صدقت غفر الله لها، وإن كنتَ كذبتَ غفر الله لك)

قواعد التعامل مع الغير

أولاً: النظر إلى الخلق على أنهم عيال الله..

إن المؤمن لا ينظر إلى الزوجة على أنها أسيرته، ولا إلى الأولاد على أنهم عبيده

الكثيرات لولا الأولاد او الفضيحة، لما بقين مع أزواجهن يوماً واحداً.. والعكس صحيح

 من ينظر إلى زوجته أنها أمانة إلهية، وبالعكس فإن حياتهما الأسرية ستكون في منتهى السعادة

توفي احد اصحاب النبي (ص) وبعد دفنه قالوا لرسول الله (ص) : يا رسول الله!.. لقد رأيناك صنعت ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء، فقال -صلى الله عليه وآله-: إنّ الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيّت بها.. قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة، قال: كانت يدي في يد جبرائيل آخذ حيث يأخذ.. قالوا: أمرت بغسله، وصلّيت على جنازته ولحّدته في قبره، ثم قلت: قد أصابته ضمة!.. فقال -صلى الله عليه وآله-: نعم، إنه كان في خلقه مع أهله سوء)..

إيمانهُ، وصحبتهُ  ومشاركته في المعارك في جانب.. ومعاملته لأهل بيته في جانب

فلكل شيءٍ حساب {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

قال النبي (ص): (أقربكم منّي مجلساً يوم القيامة: أحسنكم خلقاً، وخيركم لأهله)..

 وجاء في الحديث: (الخلق كلهم عيال الله، وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله

ثانياً: احترام جميع الناس..

فالبعض لا يظلم الآخرين؛ خوفاً منَ القانون.. ولا يظلمُ الزوجة؛ خوفاً من لسانها؛ أو عائلتها؛ أو..الخ..ولكنه لا يتورع عن ظلم بعض الطبقات الاجتماعية الضعيفة: كالخدمِ

عن الإمام السجاد عليه السلام (يا بني!.. إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله)

الإنسان ليسَ بإمكانه أن يُميز الولي من غيره؛ لذا علينا أخذ الحيطة والحذر!.. فالمؤمن يحترم جميع الناس، وما دام ظاهر الإنسان صالحاً، فليحذر من غضب الله عزَ وجل فيه

قال علي (ع): (إنّ الله -تبارك وتعالى- أخفى أربعة في أربعة: أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرنّ شيئاً من طاعته، فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم.. وأخفى سخطه في معصيته، فلا تستصغرنّ شيئاً من معصيته، فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم.. وأخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرنّ شيئا من دعائه، فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم.. وأخفى وليّه في عباده، فلا تستصغرنّ عبدا من عبيد الله، فربما يكون وليّه وأنت لا تعلم)..

لو دارَ الأمر بينَ إنسان يمشي على حافة الشريعة: أي يصلي الصلاة الواجبة، فقط؛ ولكنّ قلبهُ سليم ظاهره كباطنه: طيب القلب، لا يُخافُ من غدره، ولا من لسانه!..

وبين إنسان: يُصلي صلاةَ الليل، ويواظب على الصلاة في المسجد ؛ ولكنه في النهار: لا يُراقبُ قوله، وباطنهُ: بخيل ومتكبر وحَسود، ولا يُؤمن مكره، ويخون في معاملته!..

ثالثاً: المُداراة وعدم الاستعجال في العقوبات

الذي لا يُراقبُ قولهُ وفعلهُ، وعندهُ سياسة ردة الفعل الفُجائية؛ يغضب وينتقم بسرعة، بينما المؤمن يجب أن يتحلى بسياسة المُداراة، أي يُجاري ولكن بوعي.. مثلاً: دخل الغُرفة وإذا بابنه أمام التلفاز يشاهد مناظر محرمة؛ هُنا ينبغي أن نعلم ما هيَ الأسباب؟.. فنُعالج القضايا من جذورها.. ولكن المداراة، لا بمعنى الإهمال..

رابعاً: المحبة الشاملة..

المؤمن يستشعر الحُب لكُل ما في الوجود، إلا ما خرج بالدليل.. حيث أن هناك من لا يستحق هذهِ الشفقة، يقول تعالى:(.. أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ..)

أولياء الله الذينَ تربوا في مدرسة النبي وآلهِ، يرون كُل ما في الوجود جميلاً(ما رأيتُ إلا جميلاً

خامساً: عدم استعجال النتائج

من قواعد التعامل ، ما يُسمى "قانون الزراعة".. فبعض الأشجار تُثمر بعدَ سنوات إنما هو يهيئ المقدمات، وينتظر النتيجة وفي التعامل معَ الغير يرمي الكلمة الطيبة: ولكن لا يستعجل

ولكن للنصيحة قواعد: فالمؤمن لا ينصح أثناء الغضب

زوجته أو ابنه.. لا يقاسون بفرعون{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} وهم يقولون: "سُبحان ربيَ الأعلى

فقد كان يُعرف غضب رسول الله -صلى الله عليه وآله- من وجهه: (وإذا غضب أعرض وأشاح)  المؤمن إذا رأى من الزوجة ما لا يعجبه، يكفي أن يدير وجهه فقط، أو يطأطئ برأسه، فيُعلم أنه ليس براضٍ عنها، فتذوب وتموتُ خَجلاً منه.

سادساً: سياسة الاحتواء  والدفعِ بالتي هيَ أحسن

{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}..

قال علي (ع): (امنن على من شئت؛ تكون أميره.. واحتج إلى من شئت؛ تكن أسيره.. واستغن عمّن شئت؛ تكن نظيره.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1097
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16