• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : سيرة .
                    • الموضوع : شخصية النبي الأكرم (ص) .

شخصية النبي الأكرم (ص)

شخصية النبي الأكرم (ص)
إن شخصية الفرد لا تُفرض عليه من الخارج، إنها نفسه وحقيقته، فإذا قيل: لا شخصية لفلان فهمنا من هذا القول أنه ليس بشيء يُذكر، والعكس بالعكس أي إذا قيل: له شخصية كان المعنى أن له ضرباً من الوجود، وانه أخذ من الطبيعة البشرية شيئاً من صفاتها وخصائصها.
وقد أخذ محمد(ص) من الإنسانية أنبل ما فيها، وأقصى ما يمكن أن يتصوره العقل من عظمة الإنسان وكماله، وقد أوجز سبحانه صفات نجيه بهذه الكلمة الجامعة الرائعة: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)  ومن هذا الخلق النبيل العظيم الصدق والأمانة، والشجاعة والإيثار، والاعتدال في كل الأمور، فالصادق الأمين لقبه بين قومه وعارفيه، أما إيثاره فكان ينفق على المحاويج كل ما يملك ، ولا يبقى منه لنفسه وأهله إلا دون الكفاف من قوت من لا يموت، ومن أقواله: "ما أحب أن يكون لي مثل أحد ذهباً أنفقه في سبيل الله أموت واترك منه قيراطين".
ومن البراهين على شجاعة الرسول الأعظم(ص) قول الإمام علي (ع): كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، وكان فحل من الإبل قد جمح وتوحش وأصبح من الكواسر الضارية حتى فر الشجعان من أمامه، فاقتحم عليه النبي وجذبه وكبح جماحه، ولم تكن قريش قد تعودت الأقدام على مثل هذا الخطر من أجل الآخرين، ولا عرفت أحداً بمثل هذا الاستبسال.
أما القصد والاعتدال فيومئ إليه قوله: " خير الأمور أوساطها.. ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة، ولا الآخرة للدنيا، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه.. المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف.. إني أصوم وأفطر، واصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وأشد ما تمتاز به شخصية محمد (ص) الوضوح والبساطة والانسجام ، وأعلن أكثر من مرة أنه لا سلطان له على أحد، وأن حسابه وحساب الخلائق على الله، وأنه والناس سواء أمامه تعالى، وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا يدري ما يفعل به، وإنه لم علم الغيب لاستكثر من الخير، وما مسه السوء.. وحين قال المسلمون: كُسفت الشمس لوفاة ولده إبراهيم ـ رد عليهم بقول حاسم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت أحد من البشر". ونُقل عن الجلندي ملك عمان أنه قال: "والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير الا كان اول آخذ به , ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له، وأنه يغلب فلا يبطر، ويُغلب فلا يضجر، ويفي العهد، وينجز الوعد، وأشهد أنه نبي".
وبعد، فإن خير ما يحدد شخصية رسول الله(ص) هذا الأثر الكبير الضخم الذي تركه، والتحول الخطير في حياة العالم كله.. قال"د.ل ديورانت" في قصة الحضارة: "أخذ محمد على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب عاش في دياجير الهمجية. وقد نجح في هذا الغرض نجاحاً لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقد وصل إلى ما يبتغيه.. وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم، ديناً سهلاً واضحاً ، وصريحاً قوامه البسالة والعزة، واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مئة معركة، وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في العالم".
 وقال "مونتجمري وات" في كتاب محمد في المدينة: "كلما فكرنا في تاريخ محمد تملكنا الذهول أمام عظمة مثل هذا العالم".. ولا بدع أن لا يوازي محمداً في عظمته ـ أحد من العالمين.. فإنه سيد المرسلين وخاتم النبيين.

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=114
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 03 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19