• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : في رحاب الإنتظار .

في رحاب الإنتظار

في رحاب الإنتظار

بسم الله الرحمن الرحيم

ما هو الانتظار الذي يعدُّ أفضل الأعمال جميعًا

إنَّ الانتظار له درجات، وله أنواع وأقسام

الخطوة الأولى: الانتظار العقائدي.

ويعني ذلك: الثبات على إمامة الأئمة الطاهرين، ومنهم الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف».  ورد في تفسير الآية المباركة: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) عن الإمام الصادق  أن القول الثابت هو إمامة أمير المؤمنين ، هذا قول المفروض أن يكون ثابتًا في النفس، وراسخًا في النفس، لا يتزلزل عنه الإنسان

الانتظار يعني الثبات على القول بالإمامة، خصوصًا إمامة الإمام المنتظر وغيبته.

ورد عن الإمام الصادق : ”إن شيعتنا في زمان غيبته، القائلين بإمامته، الثابتين على دعوته، المنتظرين لأمره، هم أفضل شيعتنا في كل زمان“.

الخطوة الثانية: الانتظار السلوكي

إن انتظارنا لحبيبنا الأتم الأكمل، يعني أن نثبت على رضاه وهذا يقتضي أن يكون سلوكنا سلوكًا نظيفًا نزيهًا ومرضيًا عنده..

ولأجل ذلك، ورد في الروايات الشريفة عنه «عجل الله تعالى فرجه الشريف»: ”لولا ذنوب شيعتنا لرأونا رأي العين“ لا يفصل بيننا وبين شيعتنا إلا هذه الظلمة النفسية.

الطريق إلى لقاء الإمام هو طريق التخلص من الذنوب والتجرد من المعاصي عندما ينأى الإنسان عن الذنب، فيكون مرضيًا لدى الإمام، فإنه سيحظى ببركة الإمام، باتصال مباشر، أو باتصال غير مباشر.

ومن أهم مظاهر الانتظار السلوكي: قيمة الخلق وسمو الخلق، أن تكون ذا أخلاق سامية،

الإمام الصادق  يقول: ”كونوا زينًا لنا ولا تكونوا شينًا علينا. إن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدى الأمانة“ لبر أو فاجر، لمسلم أو كافر، ”وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا جعفري، وقيل: هذا أدب جعفر، فيسرني ذلك. وإذا كان على غير ذلك دخل عليَّ بلاؤه وعاره، وقيل: فعل الله بجعفر ما فعل! ما كان أسوأ ما يؤدب به أصحابه“.

ومن أروع خصال الخلق: احترام كرامة الآخر، لكل إنسان كرامة، القرآن الكريم يقول: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾، كرامة الإنسان من أهم وأثمن المقدسات في الدين الإسلامي، فكيف إذا كان الإنسان مسلمًا؟! فكيف إذا كان الإنسان مؤمنًا شيعيًا؟!.

لا يجوز لي أبدًا إساءة الظن ، فهذا من أخطر الجرائم في نظر الإسلام، وأخطر المحرمات، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ لا تتبعوا عورات الناس، لا تتبعوا عيوب الناس، ورد عن النبي : ”من تتبع عيوب الناس تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في بيته.

ورد عن النبي : ”من روى على مؤمن رواية يريد بها شينها وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان، ثم لا يتبعه الشيطان“

 

الخطوة الثالثة: الانتظار الاجتماعي

المؤمن ليس إنسانًا متقوقعًا في نفسه، ليس إنسانًا متقوقعًا في أفقه، المؤمن من يعيش هموم الناس وآلامهم ويعاشر الناس ويخالطهم ، المؤمن من يقوم بالمسؤولية، القرآن الكريم يقول: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ إذا رزقك الله نور الإيمان فانقله إلى غيره،  ﴾

 

 

عليكم دعوة الآخرين إلى الإسلام من خلال عرض قيم الإسلام، هذا هو الانتظار الاجتماعي، ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، ويقول عز وجل وهو يمدح هذا الطريق: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾.

الانتظار الإعلامي

تحتاج مسألة المنتظر إلى الإعلام، حتى يتطلع الشعوب كلهم لمقدمه، نحتاج أن نعلّم أطفالنا وأجيالنا قضية المهدي في كل وقت، نعلمهم أن يدعوا للمهدي بالفرج، نعلمهم أن يتصدقوا وأن يصلوا للمهدي ، نعلمهم على التعلق بالإمام المهدي وقضيته وأن هناك مصلحًا منقذًا للبشرية سيظهر، ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾.

الإنسان إذا انتظر ضيفًا فكيف ينتظره؟ انتظار الضيف يعني إعداد المكان، وإعداد الاستقبال لمجيئه، انتظار المهدي يحتاج إلى تمهيد الأرضية لخروجه، وتمهيد الأرضية لخروجه بغرس الإيمان في نفوسنا ونفوس غيرنا، وغرس الإعلام لنا ولغيرنا، حتى يتحقق الانتظار الإعلامي.

وسورة العصر هي سورة الإمام المنتظر، قال تبارك وتعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، ورد عن الإمام الصادق : ”والعصر: أي عصر ظهور قائمنا أهل البيت“، في ذلك العصر - عصر الظهور - كل إنسان في خسر، في خسارة، إلا المنتظِر للإمام، من هو المنتظر للإمام؟

الذي حقّق الانتظار العقائدي، من خلال قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: آمنوا بإمامة الأئمة الطاهرين، وثبتوا على ذلك، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ هذا هو الانتظار السلوكي، جسّدوا الصالح في أعمالهم، ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾، هؤلاء جسّدوا الصلاح في سلوكهم،  وفي علاقاتهم مع الآخرين، لم يغتابوا أحدًا، لم يرتابوا في أحد، لم يسيئوا الظن في أحد، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ هذا هو الانتظار الاجتماعي، أن يقوم كل واحد منا بمسؤولية التواصي، كل منا يوصي الآخر: اثبت على المبدأ، اثبت على الإمامة، مهما تعرضت لآلام، مهما تعرضت إلى اضطهاد،  وألوان من الظلم، اصبر على الإمامة، فهم يتواصون بالحق.

ويتواصون بالصبر أيضًا، فإن هذا الخط - خط التشيع - خط آلام، فالبقاء على هذا الخط حتى خروج المهدي يحتاج إلى صبر، وهذا هو الانتظار الاجتماعي، والتواصي نفسه - بأن يبلغ البعضُ البعضَ الآخر - هو انتظار إعلامي أيضًا

إذن، سورة العصر جسّدت لنا خطوات الانتظار، مثّلت لنا خطوات الانتظار، ومعالم الانتظار، الذي نادى به النبي (ص) : ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1142
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16