• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : في معنى التوفيق وأسبابه .

في معنى التوفيق وأسبابه

في معنى التوفيق وأسبابه

قال تعالى :﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ هود: 88

لا شكّ أن كلّ إنسان يتطلع إلى تحقيق النجاح عند السعي إلى أيّ مقصد أو غاية. بَيْدَ أن الظروف قد لا تساعد المرء دائمًا ليصل إلى مبتغاه، نتيجة بروز عائق من العوائق المانعة من ذلك.

وقد يحقق الإنسان مبتغاه، لكنه بعد ذلك لا يراه وفق الغاية التي توقعها وأرادها.

وفي حالة ثالثة، قد يحقق أحدهم المقصد المطلوب تمامًا، إلّا أن عارضًا طارئًا يأتي عليه فيكدّر عليه صفوه ويسلب منه بهجة الإنجاز.

او أن يكتشف الواحد أنه كان مخطئًا من الأساس في مسعاه لتحقيق مقصد معيَّن

إنّ جميع تلك الحالات قد تصادف المرء.

السؤال، كيف يمكن اكتشاف المرء الخيار الأصلح له منذ البداية، حتى يضبط حركته في الاتجاه السليم، وكيف يتأتى له توفير الأسباب المساعدة لتحقيق مقاصده، كلّ هذه العناصر يمكن أن يجمعها عنوان واحد هو التوفيق.

جاء في تعريف التوفيق أنه الوصول إلى ما ينويه الإنسان ويطلبه.

 او التوفيق هو جعل الأسباب متوافقة في الأداء إلى المطلوب فيما يخصّ الخير، إذ لا يطلق معنى التوفيق على من يبلغ الغاية الشريرة.

 فإذا كان المطلوب خيرًا، وسلك الإنسان الأسباب إليه، حتى بلغ ما يريد من أمور الخير، فذلك هو التوفيق بعينه، من هنا فالتوفيق من الله هو توجيه الأسباب نحو مطلوب الخير.

روايات ترشد إلى كيفية حصول الإنسان على التوفيق في الأمور الدنيوية والدينية:

 عن الإمام جعفر الصادق (ع): «ما كلّ مَنْ نَوَى شيئًا قَدَرَ عليه، ولا كلّ مَنْ قدَرَ على شيءٍ وُفِّقَ له، ولا كلّ مَنْ وُفِّقَ أصاب له موضعًا، فإذا اجتمعت النية والقدرة والتوفيق والإصابة فهناك تمت السّعادة»

النية الحسنة

إنّ التوفيق في بلوغ الغايات يتطلب توفّر العديد من العوامل المساعدة:

فالعامل الأول وفقًا للنصوص الدينية؛ هو توفر النيّة الحسنة، فعندما ينوي المرء الإقدام على أمرٍ من أمور الدنيا أو الدين، فينبغي عندها أن ينطلق من نية حسنة غايتها الخير. تؤكّد النصوص على أنّ حسن النية هو من عوامل التوفيق. وعلى النقيض من ذلك، عندما يهمّ المرء بعمل شيءٍ لمجرّد النكاية بأحد، أو تلبية لغريزة أو شهوة غير مناسبة، فهذه النية ليست نية حسنة بأيِّ حالٍ من الأحوال.

عن أمير المؤمنين علي (ع): قوله: «مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ أَمَدَّهُ التَّوْفِيْقُ»

وعن الإمام الصادق(ع): «إِنَّمَا قَدَّرَ اللهُ عَوْنَ العِبَادِ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ، فَمْنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَمَّ عَوْنُ اللهِ لَهُ»

 

الجدّ والاجتهاد

فإذا أراد المرء أن يكون موفّقًا في عمله، فعليه بالجدّ والاجتهاد، فقد ورد عن الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع): قوله: «مَنْ سَأَلَ اللهَ التَّوْفِيْقَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ اسْتَهْزَأَ بِنَفْسِهِ»

الاستعانة بالله

ثالث العوامل المهمة والأساسية التي تبعث على التوفيق، هي الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، والرغبة إليه، في التوفيق.

 فالإنسان مدعو للطلب من خالقه التوفيق في كلّ عمل يقصده ويتطلع إلى تحقيقه، وأنْ يشعر قلبه بهذه الرغبة. إنّ من الخطأ الغفلة عن الاستعانة بالله سبحانه، تحت وَهْمِ الاتّكال الكلّي على النفس في ترتيب الأمور والاستعداد لها، وكم من واحدٍ رتَب أموره، إلّا أن غياب التوفيق ذهب بكلّ ترتيباته أدراج الرياح.

 ذلك أنّ الله سبحانه هو المهيمن على كلّ شيءٍ، فالحري بالمرء أن يسأل خالقه التوفيق والتيسير له في كلّ الأمور، حتى وإن كان قد رتب كلّ أموره، وأخذ كلّ استعداداته. يقول الإمام علي(ع):  «التَّوْفِيْقُ عِنَايَةُ الرَّحْمَنِ»

 وفي وصيته لابنه الإمام الحسن (ع): «وَابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيْقِكَ»

ينبغي للمرء أن يسعى لطلب التوفيق، من خلال تمثل النية الحسنة، والجدّ والاجتهاد، والاستعانة بالله والرغبة إليه، هذه بأجمعها عوامل تساعد الإنسان على أن يمنحه الله تعالى توفيقه.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1150
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 05 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19