• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : سيرة .
                    • الموضوع : رسول الله .. أجمل الخلق وأرحم البرية .

رسول الله .. أجمل الخلق وأرحم البرية

رسول الله .. أجمل الخلق وأرحم البرية

كانت النبوة والرسالة وما زالت هي المنفذ الوحيد الذي يصل عالم الغيب بالشهادة ويميز أهل السعادة عن أهل الشقاء، ويفصل الفضيلة عن الرذيلة، ويقيم العدل المطلق ضد الظلم الفاحش ويزرع أمل البقاء والاستمرارية في حياة البشرية جمعاء.
إن النبوة والرسالة هي الحامية للوجود الإنساني قاطبة من الفساد والهلاك الآني والمستقبلي ، كما أنها الواسطة الواصلة بين العبد وربه، بالتبليغ والتزكية والتربية وصيانة العقيدة التي يقوم عليها الوجود كله  ولهذا فكان من الواجب على كل البشرية أن تعترف للرسل بالدور القدسي الذي تقوم به، وبوظيفة التزكية والتطهير التي تهدف منها لأن ترفع من مصاف البهيمية والشيطانية إلى مقامات الإنسانية المكرمة
كما ان لصفات الأنبياء وجمالهم المعنوي الدور الهام في بلوغ الأهداف الإلهية , وكلما كان الدور المناط بالنبي أكبر كلما احتاج الأمر إلى مزيد كمال وجمال كما هو حال النبي محمد (ص) الذي هو خاتم النبيين وعلى يديه إكتمل الدين . فما هي صفاته وكمالاته ؟
كانت سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام صفحة ناصعة مشرقة مفتوحة أمام الجميع ممن هم في عهده وإلى الآن وإلى قيام الساعة، يقرأ فيها كل من أوتي حظا من القراءة أو يسمع بها كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فيجدون كل ما تحويه حياته من أحوال في نومه وأكله وجلوسه ومشيه وزواجه وحديثه مع أهله وأبنائه، في لحظات فرحه وحزنه، وجوعه وفقره، والتصدي له ومجابهته بالقوة.. وكل ما مر به من مواقف وأحوال تعرض للإنسان العادي أو الإنسان القائد.. وكل هذا من أجل أن تبقى سيرته معروفة للجميع فتكون لهم هدى، وتثبت إمكانية قيام الحياة وفق ما أراده الله عز وجل في نموذج بشري مهما اعترضته من عقبات.
ونجتزئ من أخلاقه الحميدة صلى الله عليه وآله وسلم
عن أنس قال: كنت مع النبي (ص)وعليه برد غليظ الحاشية فجذبه أعرابي بردائه جدبة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عنقه ثم قال: يا محمد إحمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك، فسكت النبي ثم قال: المال مال الله، وأنا عبده، ثم قال: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي. قال: لا. قال: لم ؟ قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة. فضحك عليه الصلاة والسلام، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير، وعلى الآخر ثمر. قالت عائشة: ما رأيت رسول الله منتصرا مني مظلمة ظلمها قط، ما لم تكن حرمة من محارم الله تعالى، وما ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما ضرب خادما ولا امرأة...».
وقد كان من بين ما ورد من أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التوراة هو أنه «لا يزيده سفه السفيه إلا حلما»
فمواطن العفو والرحمة من حياة الرسول لا تعد ولا تحصى. من أبرزها الأحداث الكبيرة التي سجلها التاريخ بالتواتر كما في فتح مكة واعتراف أهلها بفضله وكرمه وجوده ورحمته رغم شراسة عداوتهم له وإيدائهم إياه من قبل. حيث قال لهم بعد دخوله مكة سلما وبدون حرب: يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا: خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم، فقال عليه الصلاة والسلام: اذهبوا فانتم الطلقاء.
وكان رحمة على القريب والبعيد، عزيز عليه أن يدخل على الناس مشقة، فكان يخفف بالناس مراعاة لأحوالهم
وهو الذي أعفى البشرية من التكاليف الشاقة، وأراحها من المصاعب، {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } الأعراف 157.
 
  فهو رحمة للإنسان، إذ سكب في قلبه نور الإيمان، ودلّه على طريق الجنان..
 
  وهو رحمة للشيخ الكبير، إذ أرشده لحسن الخاتمة، وأيقظه لتدارك العمر واغتنام بقية الأيام..
 
  وهو رحمة للشاب إذ هداه إلى أجمل أعمال الفتوة وأكمل خصال الصبا، فوجّه طاقته لأنبل السجايا وأجلّ الأخلاق..

وهو رحمة للمرأة، إذ أنصفها في عالم الظلم، وحفظ حقها في دنيا الجور، وصان جانبها في مهرجان الحياة، وحفظ لها عفافها وشرفها ومستقبلها، فعاش أبا للمرأة وزوجا وأخا ومربيا..
 
  وهو رحمة للرعية، إذ وقف مدافعا عن حقوقها محرما الحيف ناهيا عن السلب والنهب والسفك والابتزاز والاضطهاد والاستبداد.

وهو رحمة  للكل كما وصفه تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين   )
 
وفاء النبي(ص)
أثناء مناقشة بنود معاهدة الصلح في الحديبية استعدادا لكتابتها بيد سهيل بن عمرو جاء (أبو جندل) ولدُه فارّاً من حبس أبيه، ويداه ما تزالان مقيدتين، فألقى نفسه بين المتعاهديْن: والده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، مستنجدا بالثاني من الأول وقومه، وكان من الشروط التي أرادتها قريش أن يرد المسلمون كلَّ من يذهب إليهم مسلما من المشركين دون أن يفعل المشركون العكس.
فإذا بالوالد ينهض قابضا على الابن المسلم بقوة وخشونة وهو يزجره ويسلمه لمن يعيده إلى حبسه، فيقول الرسول: ما زال العهد لم يكتب. فرفض سهيل وهدد بالامتناع عن إكمال الصلح.
قال( ص): فأجزه لي. قال سهيل: ما أنا بمجيزه لك. قال بلى.. فافعل.
فأبى سهيل وقال بصلف: ما أنا بفاعل. يا محمد لقد لجت القضية بيني وبينك.
فيقول الرسول الوفي صلى الله عليه وسلم: (صدقت).
لم تُكتب المعاهدة، وإنما هي مناقشة شفوية لم تصل إلى حد التوثيق، لكنه شرف الكلمة، وأمانة المسلم، فيتوجه الرسول إلى المبتلى المستغيث أبي جندل:   (إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا، وأعطيناهم على ذلك عهدا، وإنا لا نغدر بهم).   اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا وتم لهم ذلك بفضل الله


وكان إذا وعد وفى، فلم يحفظ عنه أعداؤه خلفا لوعد، ولا خيانة لعهد، مع حرصهم الشديد على الظفر بعثرة له أو زلّة، ولكن هيهات ولقد عاهد المشركين واليهود وهم أشد الناس عداوة له، فما خان ولا خلف بالعهد، ولا نقض لميثاق. وحق له أن يكون أوفى الناس بوعده وأصدقهم في عهده، وهو الذي جاء بشريعة الصدق والوفاء، وحذّر من الخيانة ونقض الميثاق،وهو القائل:" آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" وهو الذي نزلت عليه:{ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولا }  الرعد.

ولقد كان قمة في كل مجال وميدان من ميادين الخلق إلا أن له من المزايا والخصائص ما لا تراه لسائر البشر، إنه إن ذكر أهل الحلم فهو أحلم الناس، وإن ذكر أهل الغيرة فهو أغير الناس، وإن ذكر أهل الشجاعة فهو أشجع الناس، وإن ذكر أهل الجود فهو أجود الناس ، فهو صلى الله عليه وآله وسلم في كل باب من أبواب الخلق الحسن قد بلغ أحسن غاية يمكن أن يبلغها أحد من الناس

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=117
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 03 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19