الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف
للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حقوق عظيمة علينا، وبدعائنا له نكون قد وفينا بعض حقّه، بل نكون مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أمره به الله في الكتاب العزيز: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (الشورى: 23).
والإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف أبرز مصداق لذوي القربى وآخرهم.
وما أُمرنا به هو المودة وليس المحبة والمودة تختلف عن المحبة، المودة موجودة في النفس، الكثير من المسلمين يقول أنا أحب أهل البيت ولكن المطلوب هو المودة، أي إظهار الحب ومن جملة مظاهر الحب الدعاء للامام الحجة (ع).
والدعاء يربينا على الإحساس بوجود الإمام، وهو إظهار للمحبة المعبر عنه بالمودة، إظهار المحبة بالبكاء، بالعاطفة، بالشوق، بالغرام، بالتعلق بأهل البيت كل هذه ألوان من المودة، كل هذه مصاديق.
عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري القمّي: "دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق، إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا تخلو إلى يوم القيامة من حجّة لله على خلقه، قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض عليه السلام مسرعاً فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله عزّ وجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنّه سميّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيّه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً... والله ليغيبنّ غيبةً لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من يثبّته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته، ووفّقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه...
فالرواية تشدّد على مسألة الدعاء للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهو أمر يواظب عليه كثيرون.ولهذا الدعاء مصاديق عديدة
منها الدعاء لحفظه عجل الله تعالى فرجه الشريف: وهذا المحور له مصاديق كثيرة
لأنّ في حفظ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حفظ الكون
ومنها الدعاء بتعجيل الفرج: ووجوده عليه السلام بحدّ ذاته هو فرج على كلّ حال، لأنّه لو لم يكن لساخت الأرض بأهلها، لكنّ حضوره أعظم فرجاً وأعظم بركة، والفرج التام يتمثل بخروجه عجل الله تعالى فرجه الشريف.
والدعاء للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، سواء بتعجيل فرجه أو الدعاء بحفظه (عج) ، مطلوب ما دام الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف غائباً مغيّباً.
ومن الادعية الواردة في الروايات الشريفة:
أ- دعاء الفرج: إن المؤمن يلتزم بدعاء الفرج في قنوت الصلوات، في اليوم والليلة مرة واحدة ندعو لفرجه.. هذهِ محطة نلتزم بها، (اللهم!.. كن لوليك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً، وقائداً وناصراً، ودليلاً وعيناً، حتى تسكنه أرضك طوعاً، وتمتعه فيها طويلاً، برحمتك يا أرحم الرحمين.)
ب- دعاء العهد: إن من الأمور التي تعمق صلتنا بهِ -صلوات اللهِ عليه- الزيارات والأدعية المروية، التي تذكرنا بهِ وبدولتهِ الكريمة.. وهذا الدعاء مرويٌ عن الإمام الصادق -عليه السلام-.. فقد رُوِيَ عَنْهُ -عليه السَّلام- أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِهَذَا الْعَهْدِ، كَانَ مِنْ أَنْصَارِ قَائِمِنَا.. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ؛ أَخْرَجَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- مِنْ قَبْرِهِ، وَأَعْطَاهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَة)
وفيه "..اللهم أرني الطلعة الرشيدة، والغُرَّة الحميدة، واكحل ناظري بنظرةٍ مني إليه، وعجِّل فرجه، وسهِّل مخرجه، وأوسع منهجه، واسلك بي محجته، وأنفذ أمره، واشدد أزره، واعمر اللهم به بلادك، وأحي به عبادك"
والإِمام عليه السلام حدّد وقتاً معيّناً لهذا الدعاء، كما أنَّه عيّن المرات التي يُدعى بها عدداً معيّناً، فهو دعاء يُقرأ في الصباح، ويكرّر ذلك أربعين صباحا.
عن الإمام الصادق عليه السلام: “مَنْ دَعَا إِلَى الله أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِهَذَا الْعَهْدِ كَانَ مِنْ أَنْصَارِ قَائِمِنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَخْرَجَهُ الله تَعَالَى مِنْ قَبْرِهِ، وَأَعْطَاهُ الله بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ.
كون الشخص من (الأنصار) أعلى مرتبةً من مقام مجرّد (النُّصرة)، وهذا فيه دلالة واضحة على عظم هذا الدعاء الموسوم بدعاء (العهد)، والذي يوصل المواظب على قراءته إِلى هذا المقام العظيم.
ج- دعاء الندبة: هذا الدعاء الشريف العظيم يربي المنتظر على حب آل البيت، كما يربيه على الإحساس بوجود الإمام المنتظر، وعلى الإحساس بالرقابة منه ، وعلى العمل أيضًا، وفيه فقرات تأمر بالعمل، وبالإطاعة، وباجتناب المعصية:
«اللهُمَّ أَعِنَّا عَلَى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَ الِاجْتِهَادِ فِي طَاعَتِهِ، وَ الِاجْتِنَابِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ» يتحدث عن الطاعة واجتناب المعصية
ثم يقول: «وَ أَقْبِلْ إِلَيْنَا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَ اقْبَلْ تَقَرُّبَنَا إِلَيْكَ، وَ انْظُرْ إِلَيْنَا نَظْرَةً رَحِيمَةً»
وفيه (عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ أَرَى الْخَلْقَ وَلا تُرى، وَلا أسْمَعُ لَكَ حَسيساً وَلا نَجْوى.. عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ (لا تُحِيطَ بِيَ دُونكَ) تُحيطَ بِكَ دُونِيَ الْبَلْوى، وَلا يَنالُكَ مِنّي ضَجيجٌ وَلا شَكْوى.. بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنّا!.. بِنَفْسي أنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ (يَنْزِحُ) عَنّا!.. بِنَفْسي أنْتَ أُمْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنّى، مِنْ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنّا!.. بِنَفْسي أنْتَ مِنْ عَقيدِ عِزٍّ لا يُسامى! .. بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ أَثيلِ مَجْدٍ لا يُجارى!… هَلْ مِنْ مُعينٍ فَاُطيلَ مَعَهُ الْعَويلَ وَالْبُكاءَ؟.. هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَاُساعِدَ جَزَعَهُ إِذا خَلا؟.. هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَساعَدَتْها عَيْني عَلَى الْقَذى)؟..
فهذا الدعاء لا يتحدث عن الحب والعاطفة فقط، أيضًا يتحدث عن الطاعة وأهميتها ويتحدث عن المعصية واجتنابها ويتحدث عن استمطار الرحمة والعناية من الله .
د- دعاء زمن الغيبة: إن المؤمن المنتظر، يلتزم بدعاء زمن الغيبة في عصر الجمعة.. قُبيل الغروب يجلس في زاوية، ويتمتم بهذا الدعاء.. (.. هذا يوم الجمعة، وهو يومك المتوقع فيه ظهورك، والفرج فيه للمؤمنين على يديك، وقتل الكافرين بسيفك..
ومن الدعاء لصاحب الأمر، المروي عن الإمام الرضا عليه السلام الذي كان يأمر أصحابه به: "اللهم اشعب به الصدع, وارتق به الفتق, وأَمِت به الجور, وأَظهِر به العدل, وزيِّن بطول بقائه الأرض, وأيِّده بالنَّصر, وانصره بالرُّعب, وقوِّ ناصريه, واخذل خاذليه, ودَمدِم من نَصَبَ له, ودمِّر من غشَّه, واقتُل به جبابرة الكفر وعمده ودعائمه, واقصم به رؤوسَ الضلالة وشارعَة البدع ومميتةَ السنة ومقوِّيَةَ الباطل, وذلِّل به الجبارين, وأَبِر به الكافرين وجميع الملحدين, في مشارق الأرض ومغاربها, وبَرِّها وبحرِها, وسهلها وجبلها, حتى لا تدَعْ منهم ديَّاراً, ولا تُبقي لهم آثارا .
وبعد كلّ فريضة: عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: "إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقُلْ: رَضِيتُ بِاللَّه رَبّاً وبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وبِالإِسْلَامِ دِيناً (......) اللَّهُمَّ وَلِيُّكَ فُلَانٌ فَاحْفَظْه مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه وعَنْ يَمِينِه وعَنْ شِمَالِه ومِنْ فَوْقِه ومِنْ تَحْتِه، وامْدُدْ لَه فِي عُمُرِه واجْعَلْه الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ والْمُنْتَصِرَ لِدِينِكَ، وأَرِه مَا يُحِبُّ ومَا تَقَرُّ بِه عَيْنُه فِي نَفْسِه وذُرِّيَّتِه وفِي أَهْلِه ومَالِه وفِي شِيعَتِه وفِي عَدُوِّه، وأَرِهِمْ مِنْه مَا يَحْذَرُونَ، وأَرِه فِيهِمْ مَا يُحِبُّ وتَقَرُّ بِه عَيْنُه واشْفِ صُدُورَنَا وصُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ..."
وكذلك في اوقات مختلفة وايام عديدة كيوم الخميس: ورد أنّه يستحبّ أن يصلّي فيه الإنسان على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ألف مرّة، ويستحبّ أن يقول: اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم
وليلة الجمعة: وهي أشرف ليلة في الأسبوع، وليلة عرض الأعمال على الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. وقد ورد أنّه من أعمال ليلة الجمعة أن يقال مائة مرّة: "اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك عدوّهم من الجنّ والإنسّ من الأوّلين والآخرين".
وليوم الجمعة خصوصيّة عند الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهو يوم ولادته، ويوم
شهادة أبيه الإمام العسكريّ عليه السلام، وانتقال الإمامة إليه، وظهوره، وإقامة دولته،... وثمّة أدعية خاصّة بكلّ هذه الأوقات.
|