• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : الرجل الطيب .

الرجل الطيب

الرجل الطيب

 


قال: نعم الرجل من إذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق، وإذا رضي لم يخرجه رضاه إلى الباطل، وإذا أقدر لم يأخذ أكثر من حقه.
اعتاد كثير من الناس أن يقيسوا قيمة الرجل بمدى علاقته بهم، وسلوكه معهم، فالطيب من سايرهم فيما يهوون، وأثنى عليهم بما يحبون ، ولو كان كاذباً ومرائياً، والخبيث من خالفهم في الرأي، ولم يناصرهم على الضلال، وقال وفعل بما يدين، فهم المقياس الأول والأخير للحق، والميزان العادل للفضيلة، أما كتاب الله وسنة نبيه، أما العقل والوجدان، كل هذه وما إليها ليست بشيء ما دامت لا تتفق مع ما يشتهون ويريدون.
وما أشبه هؤلاء بفئة من السفسطائيين التي تزعم أن الموجودات الطبيعية تتبع الاعتقاد وجوداً وعدماً، فإذا اعتقد شخص أن الأرض فوق السماء، واعتقد آخر أن الأرض تحت السماء، واعتقد ثالث أنهما متوازيان فيكون الأمر كذلك بالقياس إلى كل واحد، وتكون الأرض فوق السماء وتحتها وموازية لها في آن واحد.
أما المقياس الصحيح للرجل الطيب عند الإمام الصادق فهو الذي تتوافر فيه ثلاث صفات:
الأولى: أن يقول بالعدل ، ويعامل بالحق، ولو كان ذا قربى، أما إذا غض الطرف عن سيئاته ودافع عنها، لأنه رحم أو صديق فقد رفع نفسه فوق العدالة، وسار على نهج معاوية الذي نصب ولده يزيد خليفة مع عدائه لله وللإنسانية.
الثانية: أن يكون له من قوة الإيمان ورباطة الجأش ما يردعه عن فعل الحرام، وقول الزور حتى ساعة الغضب، وأن يتجرع الغيظ حرصاُ على دينه، كمن يشرب الدواء المر أملاً بالشفاء من الآلام، أما من لم يتورع عن الكيد والدس، والنيل بالباطل من أهل الفضل أو ممن صارحه بالحق فهو الذي عناه الله بقوله: "وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد".
قال الإمام لولده الحسن(ع) : "وتجرّع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عافية، ولا ألذّ منها مغبة".
وقد عمل الإمام الحسن بوصية أبيه، لما مات الحسن حمل بنعشه مروان بن الحكم، فقال له الحسين: أتحمل بنعشه، وكنت تجرعه الغيظ؟ !.. فقال مروان: كنت أفعل ذلك بمن حلمه يوازي الجبال.

الثالثة: أن يعترف بما عليه من واجب، ويؤديه عن طيب نفس: ولا يطلب ما ليس له، ويرفع نفسه فوق ما هي، وعلى هذا المقياس فنحن أخبث من عليها،لأن كل واحد منا يطلب أكثر من حقه، ولا يؤدي بعض ما عليه.
وبالتالي، فإن الرجل الطيب لا يثنيه عن الحق شيء، ويسير على وتيرة واحدة في جميع أدواره، وأطواره، في خوفه وأمنه، ورضاه وغضبه، وعسره ويسره.


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=185
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 11 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27