• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : فقه .
                    • الموضوع : الـربــا .

الـربــا

الـربــا

 

سماحة العلامة السيد محمد حسن ترحيني 

1 ـ معنى الربا :

الربا ـ لغةً ـ الزيادة ، ومنه قوله تعالى في سورة البقرة آية 276 ( ويربي الصدقات ) أي يزيدها .

وخص في الشرع بالزيادة على رأس المال .

2 ـ حكم الربا :

الربا محرم بإجماع المسلمين ، بل هو محرم في جميع الشرائع الإلهية كما يدل على تحريمه عند اليهود قوله تعالى في سورة النساء آية 161 ( وأخذه الربا وقد نهوا عنه ) .

وفي شرعنا هناك آيات وأخبار تدل على حرمته ،أما اللآيات فهي واردة في سورة الروم وآل عمران والبقرة .

والتأمل فيها مع العلم بأن سورة الروم مكية قد نزلت قبل الأخيرتين يفيد أن المولى جل وعلا قد تدرج في تشريع حرمة الربا ، فقال في سورة الروم آية  39 ( وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) .

وهذه الآيه تدل على مرجوحية الربا وهي الآية الوحيدة في الربا التي نزلت في مكة .

ثم أنزل المولى جل وعلا قوله في سورة آل عمران آية 130 ( يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ، واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .

وهذه الآية الصريحة في النهي عن الربا ، وصريحة في حرمته .

ولما لم ينته بعض المسلمين عن الربا أنزل الله جل وعلا في محكم كتابه سبع آيات وهي من آية 275-281 في سورة البقرة التأكيد على ترك الربا ، مع بيات الآثار السلبية المترتبة على الربا في الدنيا والآخرة ومع بطلان شبة من يستحيل الربا ، مع الإيذان بالحرب لمن لا يترك الربا ، والمولى لم يأذن بالحرب من قبله في القرآن الكريم إلا لآكل الربا ومن يعاون أعداء الدين مع بيان أن أكل الربا من الكبائر التي توجب دخول النار ، بل والخلود فيها والآيات هي : ( ومن عاد فألئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .

( يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ) .(  إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . ( يأ أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ) ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) . ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ، وإن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ). ( وأتقوا يوما ً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) .

وهذا التشديد في حكم الربا في سورة البقرة ، مع أنه لم يتشدد بهذا النحو في غيره من أحكام الشرع الحنيف ، لأن كل المحرمات لا تتعدى بآثارها السلبية إلا الفرد أوالأفراد الذين يرتكبونها ، ولا تسري إلا في بعض جهات النفوس ، ولا تؤثر إلا في بعض الأعمل والأفعال .

بخلاف الربا الذي به إنهدام المجتمع ، وإفساد النظام النوع وضرب الفطرة مع ما يؤدي إلى إدخار الكنوز وتراكl الثروة عند البعض ، بحيث يوجب تقسيم المجتمع إلى قسمين : ثري قادر ، وفقير معدم ، وهذا ما يهدم المجتمع ويفسد نظام النوع ويخل بالتوازن الإقتصادي في المجتمع .

بالإضافة إلى أن الربا لون من ألوان التبادل الإقتصادي غير السليم لأنه يضعف العلائق الإجتماعية ويغرس روح الحقد في القلوب ، ولذا ورد في الخبر ـ صحيح السند ـ عن أبي عبد الله عليه السلام " إنما حرّم الله عز وجل الربا لكيلا يمتنع الناس من إصطناع المعروف " الوسائل ـ الباب ـ 1ـ من ابواب الربا الحديث 4ج14ص423.

وقد تشدد في الربا ، لأن الربا أخذ بلا عوض ، بخلاف الصدقة فإنها إعطاء بلا عوض ، ولهذا التناقص الموضوعي بينهما من هذه الجهة وللتناقص الحكمي من جهة أخرى لأن الصدقة تنقيص المال بسبب أمر الله بذلك ، والربا طلب الزيادة ، على رأس المال مع نهي الله عنه ، وبه يتم التضاد بين الربا والصدقة موضوعا وحكما ، فلذا جمع الله بينهما في قوله تعالى ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) البقرة آية 276 .

وكانت الآثار السلبية المترتبة على الربا كالآثار الإيجابية المترتبة على الصدقة .

بقي شيء في الآيات المتقدمة ، وهو شبهة مقايسة الربا بالبيع ، وقد أشار إليها المولى بقوله تعالى ( بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا ) البقر آية 275 ، ورد عليهم بالقول ( وأحل اله البيع وحرّم الربا ) البقرة آية 275 ، والرد متضمن بأن البيع يوجب كلا الطرفين متساويين إزاء الربح والخسارة ، فقد يربح كلاهما وقد يخسر كلاهما ، وقد يربح أحدهما دون الآخر .

بينما في الربا لا يتحمل المرابي أية خسارة ، بل كل الخسائر على الطرف المديون ، بالإضافة إلى أن البيع لايقدم الإنسان عليه إلا عند الحصول على متاع لقضاء حاجته بخلاف الربا فلا يقدم عليه المرابي بسبب الحصول على متاع لقضاء حاجته ، بل يتربص المحتاج ليفرض عليه الزيادة إذا اراد إعطاء مالاً لقضاء حاجته .

وأما الأخبار الواردة في حرمة الربا فكثيرة جداً .

ففي خبر سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام ( أخبث المكاسب كسب الربا ) الوسائل الباب ـ 1ـ من أبواب الربا حديث 2ج12 ص 423 . وصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام ( إنما حرّم الله عز وجل الربا لكيلا يمتنع الناس من إصطناع المعروف ) الوسائل الباب 1 – من أبواب الربا حديث 4ج12ـ ص423 .

وخبر هشام بن الحكم  سأل أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن علة تحريم الربا فقال عليه السلام : ( إنه لو كان الربا حلالاً لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه ، فحرم الله تعالى الربا لتنفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات من البيع والشراء ) الوسائل الباب 1ـ من أبواب الربا حديث 8ج12 ص 424 وخبر محمد بن سنان عن علي بن موسى الرضا عليه السلام ( وعلة تحريم الربا بالنسيئة ـ أي الدين ـ لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح ، وتركهم القرض والقرض صنايع المعروف ، ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال ) الوسائل الباب 1 من أبواب الربا ـ حديث 11 ج 12ص426 ، وفي مجمع البيان ج2 ص390 عن أبي عبد الله عليه السلام ( إذا أراد الله بقوم هلاكاً ظهر فيهم الربا ) .

وفي مستدرك الوسائل ج13 ص 332 الباب1  من ابواب الربا حديث ( 16) قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( يأتي على الناس زمان يستحيل فيه الربا بالبيع والخمر بالنبيذ والسحت بالهدية ) .

وحيدث (20) ص 333 من نفس المصدر السابق عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا أكلت أمتي الربا كانت الزلزلة والخسف ) .

وحديث (18) ص 333 من نفس المصدر السابق قال صلى الله عليه وآله وسلم ( يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا ، فإن لم يأكله أصابه من غباره ) .

وحديث (11) ص 332 من نفس المصدر : عن النبي صلة الله عليه وآله وسلم : ( إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن في هلاكها ) .

3 ـ موضوع الربا المحرم :

الربا المحرم على قسمين : ربا البيع ، وربا في القرض ، ولما كان المهم بيان موضوع الثاني ، فنحصر البحث فيه .

وخلاصته أن كل قرض بإشتراط النفع فهو الربا المحرم ،  ولذا ورد في الخبر ، خبر أبن غياث ـ عن أبي عبد الله عليه السلام ( وما الربا الحرام فهو الرجل يقرض قرضا ويشترط أن يرد أكثر مما أخذه فهذا هو الحرام ) الوسائل الباب 18 – من أبواب الربا حيث 1ج12ص454 .

وخبر خالد بن الحجاج ( جاء الربا من قٍبل الشروط ، إنما يفسده الشروط ) الوسائل الباب – 12- من أبواب الصرف حديث 1ج12 ص476 ، وعليه فكل قرض بشرط الزيادة محرم من الربا ، سواء كانت الزيادة عينية كما إذا أقرضه مائة ليرة على أن يؤدي مائة وعشرة أم عملا كما إذا أقرضه مائة ليرة بشرط خياطة ثوب له ، أم منفعة كما إذا أقرضه مائة ليرة بشرط أن تكون منفعة الدار له ليؤجرها ، أم إنتفاعا كما إذا أقرضه مائة ليرة بشرط أن ينتفع بالدار ، أم صفة كما إذا أقرضه مائة ليرة ذهبية مكسورة بشرط أن يردها صحيحة غير مكسورة .

والشرط لا فرق فيه بين أن يكون صحيحا في متن عقد القرض أو ضمنا والضمني هو التباني بإشتراط الزيادة ثم يوقع العقد على هذا التباني ، ولذا قال السيد الكلبيكاني في مجمع المسائل ج2ص81 .

 سؤال : هل يجوز التباني على القرض بشرط أم لا ؟

الجواب : لايجوز .

وقال في نفس المصدر ص 85 ( إن لم يشترط الربح لا صريحا ولا ضمناً ) ألخ ... وهو ظاهر في أن الشرك أعم من التصريح به أو التباني عليه .

4ـ حرمة الربا لا تختص بالدفع والأخذ .

بإعتبار ما تقدم يتبين أن الربا المحرم هو القرض بشرط الزيادة ، وعليه فكما يحرم على الدافع للزيادة ، دفعها يحرم على الأخذ أخذها ، بل ويحرم على الآخرين مساعدتهم في تحقيق هذا العمل ، كمن يكتب وثيقة الربا بين الدائن والمديون ،وكمن يشهد على هذه الوثيقة ، ولذا ورد في خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام  قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده في الوزر سواء ) الوسائل الباب –5- من أبواب الربا حديث 1ج12ص43 ، وحديث المناهي عن علي عليه السلام ( لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الربا وآكله وبايعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه ) الوسائل الباب – 5-  من أبواب الربا حديث 2 ج12 ص430 ، ومثلها غيرها من الأخبار وكذا يحرم العمل على تحقق الربا المحرم ويحرم إيجاد مؤسسة ربوية ، ولذا قال السيد كاظم اليزدي في العروة الوثقى ج2 ص3 ( كما يحرم أخذ الربا يحرم دفعه ، بل يحرم كتابته والشهود عليه ) ، وقال السيد الكلبيكاني في مجمع الوسائل ج1 ص401 ( مسألة 30 : يحرم دفع الربا وأخذه وأي نوع من المعاملات الربوية ، سواء كان الطرف شخصا أم مؤسسة كالبنوك وغيرها من الشركات )

وقال السيد الخوئي في صراط النجاة ج1ص403 جواب عن سؤال ( ولا يصح العمل في شغب الربا في البنوك ) وقال في نفس المصدر ( سؤال هل يجوز المشاركة في تأسيس بنك ربوي أو بنك ، معظم معاملاته ربوية ؟

الجواب : لا يجوز ذلك .

وقال في نفي المصدر ص 403 –404 ( الموظف في البنك الربوي لقبض ما يرد من النقود وصرفها ، هل عمله هذا حرام ؟ ثم راتبه الذي يستلمه من البنك هل فيه إشكال أم لا ؟ إذا كانت شركة البنك مسلمة ، وهل هناك فرق بين الشركة المسلمة والكافرة ، أم لا ؟

الجواب : (العمل في شؤون الربا حرام ، وكذا أخذ الأجرة عليها وفي مثله لا فرق بين الشركات ) .

وقال في نفس المصدر ص 404 ( سؤال هل يجب على موظف البنك الذي يعمل في وظيفة ، يتعامل فيه بالربا ، الخروج من الوظيفة حتى مع إستلزام ذلك ضرراً حقيقياً عليه ، لعدم تمكنه من وظيفه أخرى .

الجواب : نعم يجب ، ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ، وذلك وعد غير مكذوب  .

وقال في نفس نفي المصدر ص 407 –408 ( سؤال : الموظف الذي يعمل في البنك الربوي على الصندوق قبضاً وإقباضا ، يأتيه أمر يقبض مبلغ أو إقباض مبلغ دون أن يعرف أنه من الربا أو سواه ، علما أنه ربما يكون بعض ما يقبضه أو يدفعه من الربا ، فهل يجوز له البقاء في هذه الوظيفة ؟ الجواب : إذا علم أنه قد يقبض الربا أو يدفعه ضمن العمل بوظيفته لا يجوز له أن يتوظف به ،ولا يحل له الأجر منها ) .

وقال في نفس الكتاب صراط النجاة ج2 ص 313 :  سؤال خادم يشتغل في البنك ، وعمله نقل الأوراق الربوية ، أوراق المعاملات ، من موظف إلى آخر ، ومن مكان إلى مكان آخر ، علما بان هذا الخادم لا يجري المعاملات الربوية ، ولا يوقّع عليها ، فما هو حكم عمله ؟ الجواب : لا يجوز العمل المذكور ، فإن حرمة المعاملة الربوية لا تنحصر بإجرائها ، بل كل عمل مربوط بها من كتابتها ونقل أوراقها وما شاكل ذلك فهو محرم ، والله العالم  .

وقال في نفس المصدر ص 317 : ( سؤال : العمل في البنوك من أهم المسائل ، حيث توجد العديد من المؤسسات المصرفية الدولية ، والتي تتوافر فيها العديد من فرص التوظيف للكثير من الناس ، وكثير ممن يرجع إليكم يقع في حيرة من أمره ، علما بأنه لا خيار له بعد أن يتوظف في البنك في إختيار الوظيف الخالية من المعاملات الربوية .

وكثير من هؤلاء الأشخاص من ذوي الخبرة في مجال عملهم ، وهم يقعون في حرج في حالة تخليهم عن هذه الوظائف .

والبنوك المذكورة منها ما هو أجنبي من الدول الكافرة ،ومنها ما هو حكومي ، ومنها ما مشترك بين أموال الأهالي وأموال الحكومة ،ومنها الأهلي الخاص ، نرجو منكم الجوال الشافي في هذه المشكلة الوظيفية وبيان الطريقة التي يمكن أن يتلخص بها الموظف من أي إشكال .

الجواب : التوظيف في المعاملات الربوية وما يتعلق بها محرم ، وليس لنا طريق حل لذلك ، بلا فرق فيه بين أقسام البنوك ، والله العالم ) .

وبعد نقل هذه الفتاوى وبعد عرض المسالة وأدلتها يتبين أن المحرم كل ما دخل في تحقق الربا المحرم ولو بنقل أوراقه بين موظف وآخر أو من مكان إلى آخر .

5 ـ يجب تبديل أسس البنك من نظم ربوية إلى نظم شرعية قال السيد الكلبيكاني في مجمع المسائل ج1 401 .

( مسألة 31 : حيث أن إقتصاد وتجارة المجتمعالإسلامي صار مرتبطاً بالبنوك نتيجة الغفلة ، يجب ـ ما دامت البنوك لم تنظم وضعها على أساس النظم الإسلامية ، على المسلمين القادرين تشكيل مؤسسات القرض الحسن الإسلامي ، بالتعاون فيما بينهم ، أن يبدلوا هذه المخالفة العلنية لأحكام الله إلى طاعة لأحكامه ) .

بل وبإعتبار وجوب دفع المنكر ، وهذا أمر متفق عليه بين الفقهاء من دون خلاف ولا إشكال ، فيجب على نفس البنك أن يغير نظم معاملاته من أساس ربوي إلى أساس شرعي .

6 ـ حكم المعاملات البنكية :

الأعمال البنكية على قسمين : قسم محلّل ، وقسم محرم .

أما المحلّل فأمور :

الأول :

بيع وشراء المعاملات الأجنبية ، فيصح بيع العملات الأجنبية وشراؤها مع الزيادة ، كما إذا باعه بأكثر من شعر الشراء أو بالتساوي ، بلا فرق بين كون البيع او الشراء حالاً او مؤجلاً لوقت محدد .

الثاني :

الحوالة ، بشرط أن تكون قيمة الحوالة قد أودعها العميل في البنك ، وعليه فما يأخذه البنك في قبالة الحوالة المذكورة من مال محدد بين عشرة جولارات أو خمسة عشر دولاراً أو غيرها مع أجرة التلكس فهو أمر جائز .

ووجه الجواز أن البنك مديون للعميل ولا يجب على البنك أن يدفع الدين في غير مكان القرض ، فيجوز له أخذ عمولة لقاء تنازله عن هذا الحق ، أو فقل له أخذ عمولة لقاء قبوله لوفاء دينه في مكان آخر .

والحوالة المذكورة صحيحة سواء أحال البنك عميله على ثالث من بنك ونحوه وكان هذا الثالث مديوناً للبنك أو غير مديون ، والأول :  يسمى الحوالة على المديون ، والثاني : الحوالة على البرىء .

 

الثالث :

 بيع الأسهم والسندات التي تملكها شركات ، فقد توكل هذه الشركات البنك ببيع أو شراء الأسهم والسندات لقاء أجرة معينة ، وهذا امر جائز وداخل في الإجازة وليس في القرض .

نعم يشترط أن لا تكون هذه الأسهم والسندات أموراً معبرة عن أموال حرام كالخمر والخنزير والربا ونحو ذلك مما هو محرم في شرعنا المقدس .

وأما المحرم فكل عمل متضمن للقرض بشرط الزيادة ، ومنه يعرف حرمة الإقتراض من البنك سواء كان البنك أهلياً أم حكومياً ، وسواء كان لمسلم أم لكافر .

ومنه يعرف حرمة الإدخار في البنك ، الذي هو أقراض للبنك ، لأنه قرض بشرط الزيادة بلا فرق بين البنك الأهلي أو الحكومي .

ومنه يعرف حرمة الكشف على الحساب الجاري ، لأنه إقراض من البنك الزيادة ، وما إيداع المال لا بشرط الزيادة ، وإنما للحفظ من السرقة ،أو لتسهيل معاملاته ، فيسحب منه عند الحاجة أو يحول عليه شيكاً لزبائنه من دون الكشف على حسابه فهو أمر جائز ، لأنه ليس قرضاً بشرط الزيادة ،وإن كان يعلم أن البنك سيدفع له مبلغاً زائداً على المبلغ المودع فيه .

ومنه يعرف حرمة فتح إعتماد للإستيراد أو التصدير فيما لو تضمن ذلك إقراضاً من البنك بشرط الزيادة فيكون ربا ، وأما إذا لم يتضمن ذلم فلا إشكال ولا حرمة .

ومنه يعرف أن الكفالة بالشكل المتعارف في البنوك محرم ، لأن البنك سيدفع الفائدة على المبلغ الذي أودعه الشخص المكفول .

وأما إذا كان الإيداع لا بشرط الزيادة فنفس الكفالة بما هي هي جائزة ويصح للبنك أخذ عمولة معينة من المكفول لقاء الكفالة .

ثم هذا كله بالنسبة لأعمال البنك بينه وبين المودعين والزبائن ، وأما بالنسبة لعمل البنك في أمواله :

فتوظيف أمواله قروضاً شخصية بشرط الزيادة محرم ، وتوظيف أمواله في القرض للتجارة عند السحب على المكشوف في الحساب الجاري فمحرم لأنه قرض بشرط الزيادة .

وتوظيف أمواله في سندات الخزينة فمحرم لأنه إقراض للدولة بشرط الزيادة وهو عين الربا المحرم .

7 ـ تصحيح المعاملات البنكية :

كل عمل محرم من الأعمال البنكية فقد عرفت أن حرمته ناشئة من كونه قرضاً بشرط الزيادة ، وهو الربا المحرم .

وللخروج من الحرمة يمكن جعل العقد هبة بشرط الدين ، والهبة بشرط الدين ليس ربا المحرم .

قد يقال : إن هذا تخريج فقهي ولكن الواقع لم يتغير ، لأن المديون سيدفع الزيادة ، سواء كانت هبة قبل القرض أم شرطاً ضمن عقد القرض ، فيقال في جوابه إن المحرم هو القرض بشرط الزيادة ن فلو تغير عقد المعاملة وأصبح هبة بشرط القرض فهو أمر آخر ، لأن الهبة غير القرض .

وقد سئل عليه السلام عن نظير هذا في البيع الربوي والبيع الربوي غير القرض الربوي ، وعندما قدم حلاً مماثلاً لهذا الحل ن قيل له ( إنما هذا الفرار ) فأجابهم ( نعم الشيء الفرار من الحرام إلى الحلال ) الوسائل الباب 6 من أبواب الصرف حديث 1ج  ص467 .

وفي خبر دعائم الإسلام عن أبي عبد الله عليه السلام ( نعم الشيء الفرار من الحرام إلى الحلال ).

وقال له رجل : وما هذا إلا فرار من الربا .

قال عليه السلام : ( صدقت هو فرار من باطل إلى حق ) مستدرك الوسائل الباب 16- من أبواب الربا حديث 1ج13 ص 343-344 .

فائدة : لا يجوز بيع مائة ليرة وكبريته بمائة وعشر ليرات كما كان يفعل بعضهم بعنوان أنه فرار من القرض بشرط الزيادة إلى البيع ، لأنه بيع صوري وهو قرض حقيقة .

ووجهة أن الثمن لا بد من مغايرته مع المثمن في البيع ولذا يصح بيع العملة اللبـنانية بالعملة الأجنبية مع الزيادة عن سعر السوق لتغاير العوضين ،وهو بيع حقيقة لا ربا فيه .

ولكن بيع اللبناني باللبناني ليس بيعاً لعدم التغاير بين العوضين ، ولذا لا يقع أحد على شراء اللبناني باللبناني  بخلاف اللبناني بأجنبي فإنتبه .

فائدة ثانية : بالنسبة لعمل البنك بأمواله ، لا بد أن يتعامل بها بالهبة بشرط الدين سواء كان مع التجار في الحساب الجاري ، أو في القرض الشخصية .

ومما لا شك يصح أن يشتري بأمواله أسهما في شركات عالمية ثم يبيعها بأزيد من سعر الشراء ، وبشرط أن لا تكون هذه الأسهم عبارة عن أموال محرمة ، مثل الخمر والخنزير والربا ونحو ذلك .

 

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=20
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2007 / 04 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29