• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : شهر رمضان .
                    • الموضوع : الآثار التّربوية و الاجتماعية و الصحّيّة للصوم .

الآثار التّربوية و الاجتماعية و الصحّيّة للصوم

    الآثار التّربوية و الاجتماعية و الصحّيّة للصوم

 

للصوم أبعاد متعددة و آثار غزيرة مادية و معنوية في وجود الإنسان، و أهمها البعد الأخلاقي، التّربوي

من فوائد الصوم الهامة «تلطيف» روح الإنسان، و «تقوية» إرادته، و «تعديل» غرائزه

على الصائم أن يكف عن الطعام و الشراب على الرغم من جوعه و عطشه، و هكذا عليه أن يكف عن ممارسة العمل الجنسي، ليثبت عمليا أنه ليس بالحيوان الأسير بين المعلف و المضجع، و أنه يستطيع أن يسيطر على نفسه الجامحة و على أهوائه و شهواته

الأثر الروحي و المعنوي للصوم يشكل أعظم جانب من فلسفة هذه العبادة مثل الإنسان الذي يعيش إلى جوار أنواع الأطعمة و الأشربة، لا يكاد يحس  بجوع أو عطش حتى يمدّ يده إلى ما لذّ و طاب كمثل شجرة تعيش إلى جوار نهر وفير المياه، ما إن ينقطع عنها الماء يوما حتى تذبل و تصفرّ.

أما الأشجار التي تنبت بين الصخور و في الصحاري المقفرة، و تتعرض منذ أوائل إنباتها إلى الرياح العاتية، و حرارة الشمس المحرقة حينا، و برودة الجوّ القارصة حينا آخر، و تواجه دائما أنواع التحديات، فإنها أشجار قوية صلبة مقاومة.

و الصوم له مثل هذا الأثر في نفس الإنسان، فبهذه القيود المؤقتة يمنحه القدرة و قوة الإرادة و عزيمة الكفاح، كما يبعث في نفسه النور و الصفاء بعد أن يسيطر على غرائزه الجامحة

بعبارة موجزة: الصوم يرفع الإنسان من عالم البهيمية إلى عالم الملائكة و عبارة لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تشير إلى هذه الحقائق

و هكذا الحديث المعروف: «الصّوم جنّة من النّار يشير إلى هذه الحقائق بحار الأنوار، ج 96، ص 256

و عن علي عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم أنه سئل عن طريق مجابهة الشيطان، قال :الصّوم يسوّد وجهه، و الصّدقة تكسر ظهره، و الحبّ في اللّه و المواظبة على العمل الصّالح يقطع دابره، و الاستغفار يقطع وتينه بحار الأنوار، ج 96، ص 255

و في نهج البلاغة عرض لفلسفة العبادات، و فيه يقول أمير المؤمنين علي عليه السّلام: «و الصّيام ابتلاء لإخلاص الخلق نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم 252

و روي عن النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قال: «إنّ للجنّة بابا يدّعى الرّيّان، لا يدخل فيها إلّا الصّائمون

يقول المرحوم الصدوق في «معاني الأخبار» معلقا على هذا الحديث: إنما سمي هذا الباب بالريّان لأن مشقة الصائم إنما تكون في الأغلب من العطش،وعند ما يدخل الصائمون من هذا الباب يرتوون حتى لا يظمأوا بعده أبدا « بحار الأنوار، ج 96، ص 252

 

الأثر الاجتماعي للصوم لا يخفى على أحد. فالصوم درس المساواة بين أفراد المجتمع. الموسرون يحسّون بما يعانيه الفقراء المعسرون، و عن طريق الاقتصاد في استهلاك المواد الغذائية يستطيعون أن يهبوا لمساعدتهم

قد يمكن تحسيس الأغنياء بما يعانيه الفقراء عن طريق الكلام و الخطابة، لكن المسألة حين تتخذ طابعا حسّيّا عينيّا لها التأثير الأقوى و الأبلغ. الصوم يمنح هذه المسألة الهامة الاجتماعية لونا حسيا، لذلك

يقول الإمام الصادق عليه السّلام في جواب عن سؤال بشأن علّة الصوم: «إنّما فرض اللّه الصّيام ليستوي به الغنيّ و الفقير، و ذلك إنّ الغنيّ لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير، و إنّ الغنيّ كلّما أراد شيئا قدر عليه فأراد اللّه تعالى أن يسوّي بين خلقه، و أن يذيق الغنيّ مسّ الجوع و الألم، ليرقّ على الضّعيف و يرحم الجائع وسائل الشيعة، ج 7، أول كتاب الصوم، ص 3

ترى، لو أن الدول الغنية في العالم صامت عدّة أيّام في السنة و ذاقت مرارة الجوع، فهل يبقى في العالم كل هذه الشعوب الجائعة؟

الآثار الصحية للصوم

أهمية «الإمساك» في علاج أنواع الأمراض ثابتة في الطب القديم و الحديث

البحوث الطبية لا تخلو عادة من الحديث عن هذه المسألة، لأن العامل في كثير من الأمراض الإسراف في تناول الأطعمة المختلفة. المواد الغذائية الزائدة تتراكم في الجسم على شكل مواد دهنية، و تدخل هي و المواد السكرية في الدم، و هذه المواد الزائدة وسط صالح لتكاثر أنواع الميكروبات و الأمراض، و في هذه الحالة يكون الإمساك أفضل طريق لمكافحة هذه الأمراض، و للقضاء على هذه المزابل المتراكمة في الجسم

الصوم يحرق الفضلات و القمامات المتراكمة في الجسم، و هو في الواقع عملية تطهير شاملة للبدن، إضافة إلى أنه استراحة مناسبة لجهاز الهضم و تنظيف له، و هذه الاستراحة ضرورية لهذا الجهاز الحساس للغاية، و المنهمك في العمل طوال أيام السنة

بديهي أن الصائم ينبغي أن لا يكثر من الطعام عند «الإفطار» و «السّحور» حسب تعاليم الإسلام، كي تتحقق الآثار الصحية لهذه العبادة، و إلّا فقد تكون النتيجة معكوسة.

العالم الروسي «الكسي سوفورين» يقول في كتابه الصوم سبيل ناجح في علاج أمراض فقر الدم، و ضعف الأمعاء، و الالتهابات البسيطة و المزمنة، و الدمامل الداخلية و الخارجية، و السل، و الاسكليروز، و الروماتيزم، و النقرس و الاستسقاء، و عرق النساء، و الخراز (تناثر الجلد)، و أمراض العين، و مرض السكر، و أمراض الكلية، و الكبد و الأمراض الاخرى.

العلاج عن طريق الإمساك لا يقتصر على الأمراض المذكورة، بل يشمل الأمراض المرتبطة بأصول جسم الإنسان و خلاياه مثل السرطان و السفليس، و السل و الطاعون أيضا»

عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قال: «صوموا تصحّوا

و عنه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم أيضا: «المعدة بيت كلّ داء و الحميّة رأس كلّ دواء

المصدر : تفسير الامثل ( بتصرف)


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=499
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29