• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : عاشوراء .
                    • الموضوع : من أساليب إقامة العزاء .

من أساليب إقامة العزاء

 من أساليب إقامة العزاء

 ان أصل إقامة مراسم العزاء على الإمام الحسين(عليه السلام)وصحبه الأوفياء  من الأمور التي أکد عليها وأوصى بها أئمة الدين. وشيعة الحسين  بن علي(عليه السلام) ومحبوه لم يهنوا طيلة التاريخ عن إقامة هذه المراسم.

 نشير إلى أساليب التعبير عن العزاء المطلوب بنحو الاختصار.

 

 

1. البکاء

من الأساليب العادية في العزاء والحداد، البکاء، حيث تقتضي طبيعة کل إنسان تداعي الحزن وذرف الدموع حين فقد الأعزة. ففي الخبر أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) بکى ابنه إبراهيم حين مات، ولما أنکر عليه البعض البکاء قال:

«تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيُوجَعُ الْقَلْبُ، وَلا نَقُولُ ما يُسْخِطُ الرَّبَّ»

کما روي أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) بکى على الصحابي الجليل «عثمان بن مظعون» حين وفاته کما بکى جعفر الطيار وزيد بن حارثة.

کما نقرأ في السير التاريخية: «لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ افْتُجِعَ لَهُ الصَّغِيرُ وَالْکَبِيرُ وَکَثُرَ عَلَيْهِ الْبُکاءُ ... وَلَمْ يَکُنْ فِي أَهْلِ الاْرْضِ وِالاْصْحابِ وَالاْقْرَباءِ وَالاْحْبابِ، أَشَدُّ حُزْناً وَأَعْظَمُ بُکاءً وَانْتِحاباً مِنْ مَوْلاتِي فاطِمَةَ الزَّهراء عَلَيْها السَّلام وَکانَ حُزْنُها يَتَجَدَّدُ وَيَزِيدُ وَبُکاءُها يَشْتَدُّ بحار الأنوار، ج 43، ص 175.

والبکاء على مصاب الحسين(عليه السلام) أيضا من أساليب العزاء الاعتيادية والذي ورد الحث والتأکيد عليه. قال الإمام الرضا(عليه السلام): «فَعَلى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْکِ الْباکُونَ وسائل الشيعة، ج10، ص 394.

وکثيرة هي الروايات التي تحث على البکاء على أبي عبدالله(عليه السلام) ولا ينبغي أن ننسى أن ليس لهذا البکاء من بعد شخصي، بل يمثل في الواقع إعلان الحرب على الطواغيت الظلمة.

 

2. التباکي

لعل هنالک البعض الذين لا تنساب دموعهم في ظل بعض الظروف، إلا أنّ هذا لا ينبغي أن يمنع من حضور المجالس الحسينية، حيث يمکن في هذه الحالة الإنخراط في صفوف المعزين ونيل الثواب المعنوي من خلال حالة التباکي والتعبير عن الشعور بالغم والأسى، فهذا الفصل يختزن دلالة رفض الظلم ومواجهة الظلم، وهل هدف الإمام الحسين(عليه السلام) إلا ذلک..

 

 

3. إرتداء الزي الأسود

إعتاد الناس على إرتداء الثياب السوداء على وفاة أحبّتهم حيث عدوا هذا اللون علامة على المآتم والعزاء. وعليه فأحد أساليب العزاء على خامس آل العباء إرتداء السواد أيّام محرم ذکرى شهادة الحسين(عليه السلام) جاء في الخبر:

«لَمّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ لَبِسَ نِساءُ بَنِي هاشِمَ السَّوادَ وَالْمُسوُحَ» بحار الأنوار، ج 45، ص 188.

کما ورد في بعض الروايات أن يزيد أذن لآل هاشم بإقامة العزاء في دمشق (إثر خطبتي الإمام السجاد(عليه السلام) والعقيلة زينب(عليها السلام)

«فَلَمْ تَبْقَ هاشِمَيَّةٌ وَلا قُرَشِيَّةٌ إِلاَّ وَلَبِسَتِ السَّوادَ عَلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلام  وَنَدَبُوهُ عَلى ما نُقِلَ سَبْعَة أَيّام» مستدرک الوسائل، ج3، ص 327.

جدير ذکره مع أنّ الفقهاء أفتوا بناءً على بعض الروايات بکراهة لبس السواد خاصة في الصلاة، غير أنّ هذه الکراهية ترتفع في لبس الثياب السوداء على الإمام الحسين(عليه السلام) ولعلها راجحة حيث يغلب عليها جانب تعظيم الشعائر.

 

4. إقامة مجالس العزاء

إنّ إقامة مجالس العزاء ومحافل الحداد على أبي عبد الله(عليه السلام) من أساليب العزاء المتعارفة; فأتباع المدرسة الحسينية يتعرفون من خلال هذه المجالس على أهداف الإمام الحسين(عليه السلام)ويذرفون الدموع على ما ألم به وأصحابه من مصائب، فهذه المجالس وسيلة مهمّة على الدوام لإيقاظ الجماهير وبث الوعي في صفوفها.

قال الإمام الصادق(عليه السلام) لأحد أصحابه ويدعى الفضيل: تجلسون وتتحدثون؟ (يعني تتحدثون فيها عن المعارف الدينية وفضائل أهل البيت؟) قال: نعم. فقال(عليه السلام):

«إِنَّ تِلْکَ الْمجالِسَ أُحِبُّها فَأَحْيُوا أمْرَنا، فَرَحِمَ اللهُ مَنْ أَحْيا أَمْرَنا» وسائل الشيعة، ج10، ص 392

ثم أضاف الإمام(عليه السلام): کل من ذکر مصائبنا أو ذُکرت مصائبنا عنده فبکى غفر الله ذنوبه.

 

5. النياحة

الأسلوب الإعتيادي الآخر في العزاء هو النياحة بصيغة إنشاد الأشعار الأليمة العميقة في مصائب الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه والتي تثير عواطف المسلمين وتبيّن أحداث ووقائع عاشوراء، حيث تعود جذور هذا الأسلوب إلى عصر الأئمّة(عليهم السلام). فالأئمّة(عليهم السلام)بتشجيعهم النائحين والراثين إنّما حثوهم على إنشاد الأشعار والنياح وبيان حوادث کربلاء وظلم بني أمية وذکروا جزيل الأجر والثواب لهذه الأعمال وردت بعض الروايات بهذا الشأن

 

فقد أنشد أمير المؤمنين(عليه السلام)والزهراء(عليها السلام)بعض المراثي عقب وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بحار الأنوار، ج 22، ص 523، 547 و ج 79، ص 106.

 ونقل بعض علماء أهل السنّة ما أنشدته الزهراء(عليها السلام) من أشعار في أبيها. قال الحاکم النيشابوري: لما وري رسول الله(صلى الله عليه وآله) التراب، خاطبت فاطمة(عليها السلام)أنس قائلة:

«يا أَنَسُ أَطابَتْ أَنْفُسُکُمْ أَنْ تَحْثُوا التُّرابَ عَلى رَسُولِ اللهِ».

ثم أنشدت:

يا أَبَتاهُ أَجابَ رَبّاً دَعاهُ *** يا أَبَتاهُ مِنْ رَبِّهِ ما أَدْناهُ

يا أَبَتاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْواهُ *** يا أَبَتاهُ إِلى جِبْرَائِيلَ أَنْعاهُ مستدرک الحاکم، ج 1، ص 383

وقال الصادق(عليه السلام): «قالَ لِي أبي: يا جَعْفَرُ أَوْقِفْ مِنْ مالي کَذا وَکَذا للنَّوادِبَ تَنْدُبَنِي عَشْرَ سِنِينَ بِمِنى أَيّامَ مِنى» الکافي، ج 5، ص 117

 

  

ملاحظات مهمّة

رغم أنّ مراسم العزاء على خامس آل العباء(عليهم السلام) من أفضل القربات وسبب إحياء المدرسة الحسينية وبقاء الشريعة السماوية، لکن ينبغي على المؤمنين أن لا يشوهوا هذا العمل القيم ببعض الممارسات الموهنة والطائشة والقبيحة. فلابدّ من الإبتعاد عن الأشعار التي لا تليق بشأن أهل البيت(عليهم السلام) أو المقرونة بالکفر والغلو، والإجتناب عن اختلاط الجنسين ، والإبتعاد عن التطبير والممارسات التي توجب إضعاف الطائفة في العالم وتمنح العدو الذريعة وتوجب ضرر البدن، کما يتوجب على الخطباء الأجلاء تذکير المؤمنين وإرشادهم إلى الآداب الصحيحة للعزاء، وأن يجدوا ويجتهدوا في بيان أهداف نهضة أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) ونشر العقائد المحمدية الأصيلة وترسيخ المفاهيم الإسلامية الحقة وإشاعة الأخلاق الحسنة والتضحية والإيثار، وأن يقتصروا على المصادر المعتبرة في ذکر مصائب أهل البيت(عليهم السلام)والتحفظ عن القضايا التي لا تنسجم مع عزة وکرامة الإمام الحسين(عليه السلام)، وأن لا تسلم تلک المجالس لسيئي السمعة والجهال من الأفراد، بل يتولاها الصالحون والواعون.

وعلى الشبان الأعزاء ـ الذين يعدون السند لهذه المجالس ـ أن يغتنموا مجالس الإمام الحسين(عليه السلام)سيما أيام محرم وتاسوعاء وعاشوراء، وأن يمارسوا الحضور الواعي والواسع في هذه المجالس ليزدادوا إدراکا لمعارفهم المعنوية والدينية وأن يسعوا إلى إشاعة الثقافة الحسينية وتعريف الآخرين بهذه الملحمة الربانية الخالدة.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=559
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28