• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : عاشوراء .
                    • الموضوع : مصادر السيرة الحسينية .

مصادر السيرة الحسينية

  

مصادر السيرة الحسينية

الشيخ فوزي آل سيف

كيف انتقلت أحداث الواقعة؟ وكيف صورت؟

بعض الحوادث حدودها من الزمان مدتها فقط فلا تشغل أكثر من دقائق مثل طعامك قبل شهر، استغرق عشر دقائق، ثم إنك نسيته أنت فضلاً عن سائر الناس ثم انتهى، نعم لو كان فيه جهة محرمة كأن يكون غصباً أو حراماً فإن تبعته تبقى وأثره الوضعي يستمر، وهكذا لو كان فيه جهة خيرة.

وهناك بعض الحوادث طبيعتها أن تبقى وتؤرخ لما فيها من الجهة العامة التي ترتبط بالآخرين كما هو الحال في المعارك العقائدية والمناظرات الفكرية، بل الأحداث السياسية.

..وقضية الإمام الحسين عليه السلام تحتوي على كل عناصر البقاء والاستمرار في التاريخ، بل في وعي الأمة الإسلامية.. وذلك لارتباطها بكل التيارات من جهات مختلفة فإن أتباع الخط الأموي كان عليهم أن يجيبوا على أصل موقف السلطة الذي اتخذته من الإمام عليه السلام ومن أهل بيته وأنصاره، ثم تفاصيل الممارسة، وفي المقابل كان أتباع أهل البيت عليهم السلام ينشرونها، والمحايدون يحاولون التفتيش عن جواب مقنع لن يكون موجوداً، إلا بمعرفة بني أمية على حقيقتهم.

لقد انتقلت الحادثة بتفاصيلها الكثيرة، بمواقف أبطالها، وكلمات شجعانها، ورجز مقاتليها من جهة، وانتقلت بعمق مأساتها، بجروح الضرب والتنكيل، والسلب والتشهير، وبغربة النساء،(تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ليس لهن من ولاتهن ولي ولا من حماتهن حمي..)([1]) وبلوعة الأطفال واليتامى. انتقلت من الأفئدة المكلومة والعيون الباكية إلى صدور الناقلين ثم إلى كتب التاريخ، ولقد حاول الكثيرون تزييف الحادثة، أو إسدال ستار النسيان على أحداثها، لكن خابوا فما زالت أحداث الواقعة حية ساخنة وكأنها قد حدثت ليوم خلا.

ويتعجب الناظر إلى تلك التفاصيل الدقيقة التي ترصد كل حركة وكلمة، فهذا نافع بن هلال في جوف الليل يحرس الحسين عليه السلام من دون أن يشعر وعندما يراه عليه السلام يشجعه على الفرار والنجاة بنفسه، فيقول ما هو أهله، وما يخلده، وهذه زينب وهي تحدث أخاها الحسين عليه السلام في ليلة عاشوراء وتسأله عن وضع المخيم والأنصار و....

من الذي نقل كل هذه التفاصيل، وما هي مصادرها؟

يمكن أن نوجز في ما يلي مصادر الواقعة:

1-  التاريخ العام مثل تاريخ الطبري وابن الأثير، والمسعودي، وغيرهم. فقد اعتمد هؤلاء المتأخرون على المؤرخ المعروف لوط بن مخنف الأزدي([2])، بل قد يمكن القول أن ما جاء في الطبري هو خلاصة لما كتبه أبو مخنف المذكور، وكان في ذلك أكثر من جهة فائدة، فقد فُقد كتاب مقتل الحسين للأزدي، وتم استخراج ما نقله عنه الطبري باعتباره المقتل، بينما لم يكن كل المقتل وما جرى فيه، وهو يروى عمن شهد الواقعة كحميد بن مسلم بواسطة، والضحاك المشرقي.

2-  وشهود عيان في المعسكر الأموي، فإن بعضهم كان بمثابة المؤرخ، والناقل للأخبار مثل حميد بن مسلم([3])

3-  وشهود عيان من معسكر الحسين عليه السلام: مثل الضحاك بن عبد الله المشرقي، وعقبة بن سمعان مولى الرباب الذي صحب الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة ومنها إلى العراق(ولم أفارقه حتى قتل وسمعت جميع كلامه فما سمعت منه ما يذكر الناس من أنه يضع يده في يد يزيد وأن يسيره إلى ثغر من الثغور).

والمرقع بن ثمامة الأسدي الذي أسر فاستأمنه قومه فنفاه ابن زياد إلى الزارة، والحسن بن الحسن المثنى الذي قاتل إلى جانب عمه الحسين عليه السلام حتى قتل سبعة عشر من الأعداء ثم قطعت يده، وأخذه أسماء بن خارجة الفزاري لأن أمه فزارية، وزيد بن الحسن وعمرو بن الحسن، وهكذا نساء أهل البيت وعلى وجه الخصوص زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام فإنه يعتقد أن أحد أسباب طلب والي الأمويين على المدينة إخراجها منها كان لسبب أنها بروايتها ما حدث كانت تستثير الناس.

4-  أئمة أهل البيت عليهم السلام: فالإمام علي بن الحسين السجاد استفاد من جميع الفرص بما هو غير خاف، والإمام جعفر الصادق في تشجيعه للراثين والرثاء، وعن طريق نقل الأخبار فقد صلى ركعتين في الحنانة وقال ها هنا وضع رأس الحسين عندما أخذ للكوفة([4])، وعندما شبت النار في الأخبية، نقل موضوع حرق الخيام، وتأتيه جارية بطفل في أثناء الرثاء فيذكّر بمصاب الطفل الرضيع..

5-  الزيارات: مثل الزيارة المنسوبة للناحية المقدسة والتي تعرضت في تفصيل جميل لمقدمات الثورة ووضع المجتمع الإسلامي في تلك الفترة، والدوافع التي حركت الإمام الحسين عليه السلام للثورة، وكيف كان مسير المعركة، وهملجوا في البغي والعدوان..)([5])، وزيارة الإمام الحجة للحسين عليه السلام والتي فيها أسماء الشهداء مع الحسين مع أسماء قاتليهم.

 

ملاحظة : المقال من كتاب من قضايا النهضة الحسينية _ بتصرف



[1] بحار الأنوار 45/134، من خطبة السيدة زينب بنت علي عليهما السلام

[2] ذكره النجاشي في رجاله فقال: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سالم الأزدي الغامدي، أبو مخنف، شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم، وكان يُسكن إلى ما يرويه، روى عن جعفر بن محمد عليه السلام، وقيل: أنه روى عن أبي جعفر عليه السلام ولم يصح، وصنف كتباً كثيره، منها: كتاب المغازي، كتاب السقيفة، كتاب الردة، كتاب فتوح الإسلام، كتاب فتوح العراق، كتاب فتوح خراسان، كتاب الشورى، كتاب قتل عثمان، كتاب الجمل، كتاب صفين، كتاب النهر، كتاب الحكمين، كتاب الغارات، كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام، كتاب قتل الحسن عليه السلام، كتاب قتل الحسين عليه السلام، كتاب مقتل حجر بن عدي..

[3] قد يقول بعض أن حميد بن مسلم وإن عده البعض من أصحاب السجاد بالمعنى العام أي المعاصرة وأنه لا توثيق له لا بالتوثيق الخاص ولا العام(بل نظرا لكونه في صف الأمويين) فلا يمكن الاعتماد على رواياته.. لكن ذلك غير صحيح فإن المدار في النقل التاريخي على الثقة بالرواية وهذا حاصل في هذا المورد فإن حميد بن مسلم وهو بحسب الموقف في الجيش الأموي لا يمكن أن ينقل ما هو في صف خصمه، ولذا لو نقل عن بطولات الأصحاب ومأساة النساء، فإنه في هذا غير متهم، بل ربما كان أدعى للقبول بهذا الاعتبار عند بعضهم ممن يكون في الصف الحسيني.

[4] النوري الطبرسي: مستدرك الوسائل 10/402

[5] المشهدي، محمد بن جعفر: المزار 503


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=609
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28