• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : شهر رمضان .
                    • الموضوع : الإعجاز العلمي... في فائدة الصوم .

الإعجاز العلمي... في فائدة الصوم

الإعجاز العلمي... في فائدة الصوم

لم يعد هناك أي شك لدى الباحثين المنصفين من أن الصوم هو ضرورة من ضرورات الحياة. وقد أثبتت الحقائق التاريخية والدينية والعلمية هذه المقولة. لقد عرف الإنسان الصوم ومارسه منذ فجر البشرية. وأقدم الوثائق التاريخية ما نقش في معابد الفراعنة وما كتب في أوراق البردي من أن المصريين القدماء مارسوا الصوم وخاصة أيام الفتن حسب ما تمليه شعائرهم الدينية. وللهنود والبراهمة والبوذيين تقاليدهم الخاصة في الصوم حددتها كتبهم المقدسة ?

و لعل أبوقراط _ القرن الخامس قبل الميلاد _ أول من قام بتدوين طرق الصيام وأهميته العلاجية. وفي عهد البطالسة كان أطباء الإسكندرية ينصحون مرضاهم بالصوم تعجيلاً للشفاء. كما أن كافة الأديان السماوية قد فرضت الصيام على أتباعها ?
و الحقيقة أن الإنسان لا يصوم بمفرده، فقد تبين لعلماء الطبيعة أن جميع المخلوقات الحية تمر بفترة صوم اختياري مهما توفر الغذاء من حولها، فالحيوانات تصوم وتحجز نفسها أياماً وربما شهوراً متوالية في جحورها تمتنع فيها عن الحركة والطعام، والطيور والأسماك والحشرات كلها تصوم.

إذ معروف تماماً أن كل حشرة تمر أثناء تطورها بمرحلة الشرنقة التي تصوم فيها تماماً معتزلة ضمن شرنقتها. وقد لاحظ العلماء أن هذه المخلوقات تخرج من فترة صيامها هذه وهي أكثر نشاطاً وحيوية. كما أن معظمها يزداد نمواً وصحة بعد فترة الصوم هذه ?

و يعتبر العلماء الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها. وإن أي مخلوق لابد وأن يصاب بالأمراض التي يعاف فيها الطعام إذا لم يصم من تلقاء نفسه، وهنا تتجلى المعجزة الإلهية بتشريع هذه العبادة. فالصيام يساعد العضوية على التكيف مع أقل ما يمكن من الغذاء مع مزاولة حياة طبيعية، كما أن العلوم الطبية العصرية أثبتت أن الصوم وقاية وشفاء لكثير من أخطر أمراض العصر ?

فمع قلة كمية الطعام الوارد إلى الأمعاء، يضغط البطن على الصدر، فينتظم التنفس ويعمل بصورة أكثر راحةً وانسجاماً، إذ تتمدد الرئتان دون عوائق، ويقل العبء الملقى على القلب فتقل ضرباته لعدم الحاجة إلى بذل ذلك الجهد الكبير لدفع الدم إلى الجهاز الهضمي للعمل على هضم تلك الكميات الهائلة من الطعام.

و قبل كل شيء فإن الجهاز الهضمي يحصل على الراحة اللازمة لتجديد أنسجته التالفة، وحيويته التامة، كما أن قلة نواتج التمثيل الغذائي وفضلاته تسمح بفترة راحة لجهاز الإفراغ _ الكلي _ تجدد بها نشاطها وتجبر ضعفها، وبذا يكون الصوم فرصة ذهبية للعضوية لاستعادة توازنها الحيوي وتجديد نفسها بنفسها. وقد أكد البروفيسور نيكولايف بيلوي من موسكو في كتابه " الجوع من أجل الصحة 1976 " أن على كل إنسان _ وخاصة سكان المدن الكبرى أن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة 3 – 4 أسابيع كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته ?

أما ماك فادون  من علماء الصحة الأمريكيين فيقول: إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض فتثقله ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وتذهب عنه حتى يصفو صفاءً تاماً ويستطيع أن يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مدة لا تزيد عن 20 يوماً بعد الإفطار. لكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل. وقد كان ماك فادون يعالج مرضاه بالصوم وخاصة المصابين بأمراض المعدة وكان يقول: فالصوم لها مثل العصا السحرية، يسارع في شفائها، وتليها أمراض الدم والعروق فالروماتيزم.....

أما الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب فيقول في كتابه " الإنسان ذلك المجهول ": إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يصومون على مر العصور، وإن الأديان كافة لا تفتأ تدعو الناس إلى وجوب الصيام والحرمان من الطعام لفترات محدودة، إذ يحدث في أول الأمر شعور بالجوع ويحدث أحياناً تهيج عصبي ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بيد انه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير، فإن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد. وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا، والصوم الذي يقول به كاريل يطابق تماماً الصوم الإسلامي من حيث الإمساك فهو يغير من نظام الوجبات الغذائية ويقلل كميتها.

و قد سئل أحد المعمرين وهو ميشيل أنجلو عن سر صحته الجيدة وتمتعه بنشاط غير عادي بعد أن تجاوز الستين من عمره فقال: إن السبب في احتفاظي بالصحة والقوة والنشاط إلى اليوم هو أني كنت أمارس الصوم من حين لآخر

و يتفق الباحثون على أهمية الصوم الحيوية من ناحية أن تخزين المواد الضرورية في البدن من فيتامينات وحوامض أمينية يجب ألا يستمر زمناً طويلاً، فهي مواد تفقد حيويتها مع طول مدة التخزين. لذا يجب إخراجها من " المخزن " ومن ثمَ استخدامها قبل أن تفسد. وهكذا فإن الجسم بحاجة من فترة لأخرى إلى فرصة لإخراج مخزونه من المواد الحيوية قبل تفككها وتلفها. وهذه الفرصة لا تتاح إلا في الصوم، وبالصوم وحده يتمكن الجسم من تحريك مخزونه الحيوي واستهلاكه قبل فوات أوانه، ومن ثم يقوم بتجديده بعد الإفطار ?

و قد بين ألن سوري Alain Saury  قيمة الصوم في تجديد حيوية الجسم ونشاطه ولو كان في حالة المرض، وأورد حالات عدد من المسنين، تجاوزت أعمارهم السبعين، استطاعوا بفضل الصوم استرجاع نشاطهم وحيويتهم الجسمانية والنفسانية حتى أن عدداً منهم استطاع العودة غلى مزاولة عمله الصناعي أو الزراعي كما كان يفعل في السابق نسبياً.

لمحة غريزية عن الصيام:

الصيام هو حرمان البدن من المواد الغذائية ليوم أو أكثر. وقد دلت التجارب على أن حرمان الماء أشد تأثيراً من حرمان الغذاء ?فالإنسان يعيش حوالي 40 يوماً إذا أعطي الماء فقط. ويحصل الجسم على الطاقة أثناء الصيام من مدخراته السكرية أولاً والتي تكون على شكل غليكوجين مدخرة في الكبد والعضلات. وهذه تصرف خلال الأولى من الصيام. وبعد ذلك يلجأ البدن إلى مدخراته الشحمية، إلا أنه لا يستهلك الداخل منها في تركيب الخلايا الأساسية مطلقاً مهما طال أمد الصيام ?، ثم يعمد الجسم بعد ذلك إلى تجميع المواد الناجمة عن هذه العملية ويعيد استعمالها لاستخراج الطاقة ولصيانة الأعضاء والأنسجة الحيوية أثناء الصوم.

و في الصيام المديد، وبعد أن يستهلك البدن مدخراته من الغليوكوجين والشحوم، عند ذلك يلجأ إلى أكسدة المواد البروتينية ويحولها إلى سكر لتأمين ما يلزمه من الطاقة، وهذا يعني تخريبه للنسج البروتينية المكونة للحم العضلات وما يلحق من جراء ذلك من أذى بيّن يلحق الأعضاء المعنية [ ويدعو العلماء عملية إذابة المدخرات الدهنية ومن ثم بوتينات الجسم بعملية الانحلال الذاتي Autolyze ويستخدم فيها البدن العديد من الخمائر ]. وإن الحرمان الشديد يؤدي إلى ظهور اضطربات غذائية عصبية في الدماغ المتوسط مما يؤثر على الغدد الصم وعلى السلوك والانفعال النفسي ?

و من هنا نرى أهمية كون الصيام الإسلامي مؤقتاً من الفجر إلى الغروب دون تحريم لنوع ما من الأغذية مع طلب الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في فترة الإفطار. وقد سجل درينيك Dreanik ومساعدوه _ 1964 _ عدداً من المضاعفات الخطيرة من جراء استمرار الصيام لأكثر من 31 – 40 يوماً ? وتتضح هنا المعجزة النبوية بالنهي عن الوصال في الصوم.

فنحن حينما نصوم، إنما نتعبد بهذا الصوم خالقنا العظيم جل جلاله، الذي أمرنا بالصيام، امتثالاً لأمره سبحانه وخضوعاً لإرادته. وإن ما يكشفه العلم لنا من فوائد صحية لهذا الصوم فما هي إلا عظات، تزيد المؤمن إيماناً بصدق مبلغ الشريعة صلى الله عليه وسلم وحباً بالخالق البارئ منزل هذا التشريع.

لقد قام عدد من الباحثين الغربيين، ومنذ أواخر القرن الماضي، بدراسة آثار الصوم على البدن منهم هالبروك Holbrook الذي قال: ليس الصوم بلعبة سحرية عابرة، بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة جيدة ?

و في أوائل هذا القرن قام الدكتور دووى Dewey بأبحاث موضوعية عن الصوم لخصها في كتابه " الصوم الذي يشفي ". كما قامت مناظرات عديدة تناقش هذا الموضوع لعل أهمها مناظرة Ecosse التي جمعت مشاهير الأطباء الريطانيين والمهتمين بتقويم الصحة وتدبير الطعام، كان على رأسهم طبيب الملك ويلكوكس Wilcox وقد أجمع الحاضرون على أهمية تأثير " الصوم الصحي " على عضوية الإنسان ?

و الصوم الصحي أو الصوم الطبي كما يسموه والذي قامت عليه دراسات الغرب يمكن أن تعرفه بأنه الإقلاع عن الطعام كلياً أثناء النهار ولا يسمح له إلا ببعض جرعات من الماء إذا ما أحس بعطش شديد ودعت الضرورة القصوى إليه.

و في المساء يعطى وجبة واحدة تتألف من كوب من الحليب أو شوربة خضر و100 غ من اللحم أو الدجاج أو السمك ثم بعض الفواكه وتكون هذه الوجبة الوحيدة خلال يوم وليلة. وكما رأينا فهو أقرب ما يكون إلى " صومنا الإسلامي " لذا رأينا أن نورد خلاصة لأهم الدراسات:

منها دراسة شلتون Shelton في كتابه عن الصوم Le Jeune. ودراسة لوتزنر H. lutzner في كتابه " العودة إلى حياة سليمة بالصوم " _ ترجمة الدكتور طاهر إسماعيل _.

 وإليكم أهم هذه الفوائد للصيام:

1.
الصوم راحة للجسم يمكنه من إصلاح أعطابه ومراجعة ذاته.

2.
الصوم يوقف عملية امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء ويعمل على طرحها والتي يمكن أن يؤدي طول مكثها إلى تحولها لنفايات سامة. كما أنه الوسيلة الوحيدة الفعالة التي يسمح بطرد السموم المتراكمة في البدن والآتية من المحيط الملوث.

3.
بفضل الصوم تستعيد أجهزة الإطراح والإفراغ نشاطها وقوتها ويتحسن أداؤها الوظيفي في تنقية الجسم، مما يؤدي إلى ضبط الثوابت الحيوية في الدم وسوائل البدن. ولذا نرى الإجماع الطبي على ضرورة إجراء الفحوص الدموية على الريق، أي يكون المفحوص صائماً. فإذا حصل أن عاملاً من هذه الثوابت في غير مستواه فإنه يكون دليلاً على أن هناك خللاً ما.

4.
بفضل الصوم<SPAN lang=AR-SA style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: black; LINE-HEIGHT: 115%; FONT-FAMILY: 'Calibri','sans-serif'; mso-themecolor: text1; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-fareast-theme-font: minor-fareast; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: 'Simplified Arabic'; mso-bidi-language: AR-SA; mso-ansi-language: EN-US; mso-fa

  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=69
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2007 / 09 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28