• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : الزراعة  اطيب الكسب ووسيلة حياة .

الزراعة  اطيب الكسب ووسيلة حياة

الزراعة  اطيب الكسب ووسيلة حياة

الزرع: الإنبات، وحقيقة ذلك تكون بالأمور الإلهية دون البشرية. قال: ﴿أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون﴾ [الواقعة/64]، فنسب الحرث إليهم، ونفى عنهم الزرع ونسبه إلى نفسه، وإذا نسب إلى العبد فلكونه فاعلا للأسباب التي هي سبب الزرع، كما تقول أنبت كذا: أذا كنت من أسباب نباته.

والزرع في الأصل مصدر، وعبر به عن المزروع نحو قوله: ﴿فنخرج به زرعا﴾ [السجدة/27]، وقال: ﴿وزروع ومقام كريم﴾ [الدخان/26]

الزراعة من أهم وسائل الحياة.

 حسبنا في بيان أهمية الزراعة أنها تؤمن الشرط الأساسي لبقاء الجنس البشري على وجه الأرض، إذ كل ما يؤكل لا بد أن يخرج من الأرض، ولا يمكن إخراجه منها إلا بواسطة الزراعة.

كما أنَّها تقدم أهم المواد الأولية في الصناعة، فالقطن والكتان من أهمِّ المواد في المنسوجات التي يلبسها الناس، ثُمَّ إن كثيرًا من الأصباغ والعطور والأدوية تعتمد على المنتجات الزراعية .

وقيل: ان الزراعة من اهم الكسب لما فيها من كونها عمل اليد، ولما فيها من التوكل، ولما فيها من النفع العام حيث يتوقف عليها المجتمع في كل وقت باستمرار.

والامام  علي عليه السلام يقرر أن النشاط الاقتصادي كله يتوقف على ما يدفعه أهل الخراج من الاموال. ويوزع قسم كبير من اموال الخراج على الجنود، وعلى الفقراء، وعلى من لا يكفيه عمله من ذوي الاعمال.

قال عليه السلام: (وتفقد امر الخراج بما يصلح اهله، فان في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم ولاصلاح لمن سواهم إلا بهم، لان الناس كلهم عيال على الخراج واهله). عهد الاشتر

ومما يؤيد ذلك  الروايات الواردة عن النبي (ص) وأهل بيته (ع).

ومن ذلك ما عن الإمام أبي جعفر (ع) وهو قوله (ع) : "كان أبي يقول خير الأعمال الحرث يزرعه فيأكل منه البر والفاجر".

والرواية علّلت كون الزراعة خير الأعمال بكونه مساهمًا في سدّ الحاجات الغذائيّة للناس بغضّ النظر عن دينهم وعن تديّنهم وعدمه.

الزراعة عبادة

وقد وجَّه الله تعالى عباده للسعي في الأرض والأكل من رزقه سبحانه فيها؛ وبيّن الله تعالى بديع صنعه في الزرع وفوائده في كثير من المواضع؛ منها قوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ • وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ • لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ يس: 33-35

وجاءت أحاديث رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- لتَحث المسلمين على الزراعة وبيان مَنافعها والاجر والثواب للمزارعين .

وقد كان التوجيهُ النبويُّ واضحًا في ضرورة تعمير الأرض .

والامام علي عليه السلام يكتب إلى عماله : (ليكن نظركم في عمارة الارض ابلغ من نظركم في استجلاب الخراج) والزراعة عمارة.

وفي المقابل ورد النهى عن ترك الأرض بورًا من غير زرع.

ولأهمية دور الزراعة كانت عملاً محبوباً إلى الله تعالى، بل إنه عز وجل نسب الزراعة إلى نفسه، بقوله: ( أم نحن الزارعون) . فالله هو الزارع الحقيقي، وما الإنسان سوى واسطة في دفن البذرة وسقي الماء.

أنَّ الزارع لا يجني ثِمارَ عمله في الدُّنيا فقط، وإنَّما زراعته وسيلة تقربُ إلى الله، كما يتقرب الغني بماله، فقال: (ما من مسلم يزرع زرعًا أو يغرس غرسًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة؛ إلاَّ كان له به صدقة)

وفي حديث عن الإمام الصادق عليه السلام: «ازرعوا واغرسوا، فلا والله ما عمل الناس عملاً أحل ولا أطيب منه» 

كما ان الزراعة مستحبة شرعاً استنادا الى طائفة من الروايات الشريفة

واثرها يمتد لما بعد الممات: فعن الإمام الصادق (عليه السلام): ست خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته: ولد صالح يستغفر له، ومصحف يقرأ فيه، وقليب يحفره، وغرس يغرسه، وصدقة ماء يجريه، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده.

 

تهيئة ظروف الاستفادة من الارض من قبل الله تعالى

خلق  الله هذه الأرض ذلولا سهلة ليتمكن الانسان من السيطرة عليها، وتسخيرها لخدمته  قال تعالى: (وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك: 15

(ذلولا) "أي سهلة تستقرون عليها، والذلول المنقاد الذي يذل لك، وأشار إلى التمكن من الزرع و الغرس وشق العيون والأنهار وحفر الآبار.

كما جعلها قارة ساكنة لاتميد ولاتضطرب ، وأنبع فيها  من العيون، وسلك فيها من السبل، وهيأ فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار.

وقال تعالى ": (والأرض فرشناها فنعم الماهرون) "الذاريات: 48، أي بسطناها ومهدناها بين أيديكم ليسهل عليكم العمل فيها والانتفاع بثمراتها وخيراتها.

ومن تلك الآيات ماورد  في بيان نعمة الله بإعداد الأرض للزراعة بواسطة نزول المطر: (فلينظر الإنسان إلى طعامه إنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم). "عبس": 24 _32

وفي آية أخرى يذكر تهيئة العيون: (وفجرنا فيها من العيون لياكلوا من ثمرة وما عملته أيديهم أفلا تشكرون) يس 34 أي أن الله تعالى إنما أجرى العيون والينابيع في الأرض لتسقي بها الأراضي الزراعية، ثم تجني من ثمراتها وتنتفع بغلاتها.

 

 

من بركات الزراعة

من بركات الزراعة يأكل البشر على اختلاف مشاربهم، وحتى الحيوانات والطيور فعن الباقر "ع" قال: كان أبي يقول: (خير الأعمال الحرث، تزرع فيأكل منه البر والفاجر إلى أن قال ويأكل منه البهائم والطير.

- الإمام الباقر (عليه السلام): كان أبي يقول: خير الأعمال الحرث، تزرعه فيأكل منه البر والفاجر، أما البر فما أكل من شئ استغفر لك، وأما الفاجر فما أكل منه من شئ لعنه ويأكل منه البهائم والطير

تنويه بالزارعين

كما نوهت الروايات الشريفة بنفس الأشخاص الذين يمتهنون هذه المهنة.

فعن الإمام الصادق (ع): "الزارعون كنوز الأنام يزرعون طيبًا أخرجه الله عزّ وجل وهم يوم القيامة أحسن الناس مقامًا وأقربهم منزلة ويدعون المباركين.

- الإمام الصادق (عليه السلام): لما سأله يزيد بن هارون الواسطي عن الفلاحين -: هم الزارعون كنوز الله في أرضه، وما في الأعمال شئ أحب إلى الله من الزراعة، وما بعث الله نبيا إلا زراعا إلا إدريس (عليه السلام) فإنه كان خياطا

الانبياء (ع) والاوصياء (ع)  والاستثمار في الزراعة

ويلفت الامام الصادق(ع) الى ان العمل بالزراعة هو عمل شريف وليس من الاعمال الوضيعة التي يتعيب الانسان من مزاولتها، بل هو عمل الانبياء والاولياء،  وقد كانت الزراعة تشكل مصدر أرزاقهم، ففي رواية عن الامام الصادق (عليه الصلاة والسلام) انه قال في حديث: ما بعث الله نبياً إلاَّ زرّاعاً إلاَّ إدريس، فإنه كان خياطاً

وفي رواية مسمع عنه (عليه السلام) قال: (لما أهبط آدم إلى الأرض احتاج إلى الطعام والشراب، فشكا ذلك إلى جبرائيل (عليه السلام) فقال له جبرائيل: يا آدم كن حراثاً .

رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه (كان يعمل بيده ويجاهد في سبيل الله فيأخذ فيئه، ولقد كان يُرى ومعه القطار من الإبل عليها النوى. فيقال له: ما هذا يا أبا الحسن؟ فيقول: نخل إن شاء الله، فيغرسه فما يغادر منه واحدة. وكان يعمل في ضياعه ويأكل من كسب يده.

تحفيز الشرع على الاستثمار في الارض

فعن النبي (ص): "من أحيا أرضاً ميتة فهي له".

بل في بعض الروايات كما جاء عنه (ص): "من أحيا أرضًا ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة.

وفي هذه الروايات تحفيز للاستثمار في الارض لما لها من عوائد هامة على الفرد من حيث توفير احتياجاته وربما عموم الناس اذا كان الانتاج فوق حاجاته, وتلبية لرغبة فطرية هي حب التملك ( بناء على انه يستفاد من الروايات هو حصول الملكية بالاحياء) .

 

الزراعة تدفع الفقر

عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: من وجد ماءً وتراباً ثم افتقر فأبعده الله

(الماء والتراب) هي موادّ خام للثروة والغنى، و(العمل) هو الذي يحولها إلى ثروة فعلية، فإذا وهبك الله المواد الخام، ثم لم تعمل وافتقرت، أبعدك الله عن رحمته وعن عطاياه ومِنَحه، وذلك كنتيجة لسوء اختيارك.

 

 

حق الزرع

وإنما يكون الزرع حلالاً، والأكل منه طيباً إذا قام أهله بحقه، وهو الزكاة، وذلك بإعطاء الفقراء منه. ففي الكافي عن السكوني عن أبى عبد الله "ع"قال: سئل النبي "ص" أي المال خير؟ قال "ع": (الزرع، زرعه صاحبه، وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده ...

«وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ‏» أي الحق الثابت فيه المتعلق بالثمر . إشارة إلى جعل حق ما للفقراء في الثمر من الحبوب والفواكه يؤدي إليهم يوم الحصاد .

يرى البعض أنّها هي الزّكاة الواجبة المفروضة.

ويرى البعض الآخر انه ليس هو الزكاة المشرعة في الإسلام إذ ليست في بعض ما ذكر في الآية زكاة. على أن الآية مكية و حكم الزكاة مدني.

وهذا ما ورد في روايات عديدة وصلتنا من أهل البيت عليهم السّلام  حيث فسرت الحق بغير الزّكاة.

وفي الكافي، عن علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن معاوية بن الحجاج قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: في الزرع حقان: حق تؤخذ به، وحق تعطيه. قلت: و ما الذي أوخذ به؟ و ما الذي أعطيه؟ قال: أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر، و أما الذي تعطيه فقول الله عز وجل: «وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ‏» يعني من حصدك الشي‏ء بعد الشي‏ء و لا أعلمه إلا قال: الضغث تعطيه ثم الضغث حتى تفرغ.

الزراعة المحرمة

كل نبات حرم الإسلام تناوله. أو لا يعرف له استعمال إلا في الضرر، فزراعته حرام كالحشيش ونحوه. وليس عذرا للمسلم أن يزرع الشيء المحرم ليبيعه لغير المسلمين.

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=935
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29