• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : الامام علي عليه .
                    • الموضوع : حب عليّ في القرآن والسنّة .

حب عليّ في القرآن والسنّة

حب عليّ في القرآن والسنّة

للحب قيمة وأثر كبيران، وحب الطيبين وسيلة لتهذيب النفس وليس هدفاً بذاته. لذا فان الإسلام والقرآن قد اختارا لنا حبيباً نمحضه الود.

فقد كرر القرآن أقوال الأنبياء السابقين  ع ونرى أن كل واحد منهم قد أعلن:

(وَمَا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر إنْ أجْرِيَ إلا عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ) الشعراء: 109.

ولكنه يأمر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول: (قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) الشورى: الآية 23.

لماذا لم يطلب الأنبياء السابقون أي أجر، وطلب نبيّنا(صلى الله عليه وآله وسلم) أجراً من الناس هو حب أقربائه الأدنين؟

القرآن نفسه يجيب على هذا السؤال بقوله:

(قُلْ مَا سَألْـتُكُمْ مِنْ أجْر فَهُوَ لَكُمْ إنْ أجْرِي إلا عَلَى اللّهِ) سبأ: 47.

أي إنّ ما طلبته من أجر إنّما يعود نفعه عليكم، إذ أنّ هذه المودة ليست سوى ذريعة تتوصلون بها إلى اصلاح ذواتكم وإلى التكامل الإنساني. وذلك لأنّ أهل البيت وذوي قربى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أُناس طاهرو الذيل غير ملوثين «حجور طابت وطهرت» فحبهم والتمسك بهم لا يعني سوى طاعة الله والتزام الفضائل. إنّ حبهم هو الإكسير الّذي يقلب الأحوال ويوصل إلى الكمال.

يقول الفخر الرازي: «يروي الزمخشري في (كشافه): عندما نزلت هذه الآية، سئل النبيّ: يا رسول الله، من هم ذوو القربى الّذين يجب علينا حبهم؟ فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): عليّ وفاطمة وابناهما. يتضح من هذه الرواية أنّ هؤلاء الأربعة هم أقرباء النبيّ الّذين على الناس أن يمحضوهم الحب والولاء. وهذا ما يمكن إثباته من عدة طرق:

1 ـ آية (إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى).

2 ـ ما من شك في أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحب فاطمة حباً جماً، وكان يقول: فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما يؤذيها. وكذلك كان يحب عليّاً والحسنين ع، وقد وردت في هذا روايات كثيرة.

وعليه فإنّ حبهم فرض على الأُمة أجمعين(1)، لأنّ القرآن يقول: (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف: 158.

ويقول أيضاً: (ولَـقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب: 21.

 كلّ هذا يدل على أنّ حب آل محمد ـ وهم عليّ وفاطمة والحسنان ـ واجب على المسلمين كافة 2 

وهناك أحاديث شريفة كثيرة بشأن حب عليّ(عليه السلام):

1 ـ يذكر ابن الأثير أنّ النبيّ خاطب عليّاً بقوله: «يا عليّ إنّ الله عزّ وجلّ قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها، الزهد في الدنيا، فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً ولا تنال الدنيا منك شيئاً، ووهب لك حب المساكين ورضوا بك إماماً ورضيت بهم أتباعاً فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأمّا الّذين أحبوك وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك ورفقاؤك في قصرك، وأمّا الّذين أبغضوك وكذبوا عليك فحق على الله أن يوقفهم مواقف الكذّابين يوم القيامة»3

2 ـ يروي السيوطي أن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يا عليّ، لا يحبك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق»4

3 ـ يروي أبو نعيم أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) خاطب الأنصار قائلا:

«يا معشر الأنصار، ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبداً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هذا عليّ فأحبوه بحبي وأكرموه بكرامتي، فإنّ جبريل أمرني بالذي قلت لكم من الله عزّ وجلّ » 5

وثمة روايات أوردها أهل السنّة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أ نّه قال: «إنّ النظر إلى وجه عليّ عبادة، والحديث عن فضائل عليّ عبادة».

يقول أنس بن مالك: «في كلّ يوم كان أحد أبناء الأنصار يقوم على خدمة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). وفي يوم نوبتي جاءت أُم أيمن بطعام من دحاج محمر وقالت: يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، لقد ابتعت هذه الدجاجة وطبختها بنفسي. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): اللّهمّ ابعث إليَّ بأحب عبيدك ليشاركني في تناول هذا الطعام.

وفي تلك اللحظة طرق الباب. فقال رسول الله: يا أنس افتح الباب. فقلت في نفسي: أدعو الله أن يكون من الأنصار. ولكني رأيت عليّاً عند الباب. فقلت: رسول الله مشغول. وعدت إلى حيث كنت.

فطرق الباب ثانية. فقال رسول الله: افتح الباب. فعدت أدعو الله أن يكون الطارق من الأنصار. وفتحت الباب وإذا بعليّ. فقلت: إنّ النبيّ مشغول. وعدت إلى مكاني.

فطرق الباب مرة أُخرى. فقال رسول الله: يا أنس، افتح الباب وأت به، فلست أنت أول من أحب قومه، ولكنه ليس من الأنصار. ففتحت الباب وأدخلت عليّاً، فجلس يأكل مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)6

 (1) حب النبيّ لهم لم يكن حباً شخصياً فحسب، ولمجرد كونهم أبناءه وأ نّه لو كان آخرون غيرهم بمكانهم لأحبهم النبيّ أيضاً. بل كان النبيّ يحبهم لكونهم كانوا نماذج متميزين بحبهم الله، فقد كان للنبيّ أبناء آخرون، ولكنه لم يكن يحبهم إلى هذا الحد، ولا كان حبهم فرضاً على الناس.

 (2) التفسير الكبير للرازي: 27/166 ط مصر.

(3) أُسد الغابة: 4/23.

(4) كنز العمّال وجمع الجوامع للسيوطي: 6/156.

(5) حلية الأولياء: 1/63، ومثل هذا روايات كثيرة وقد صادفنا في كتب أهل السنّة المعتبرة أكثر من تسعين رواية بهذا المعنى، أضف إلى ذلك ما ورد في كتب الشيعة.

(6) مستدرك الصحيحين: 3/131. هذه الرواية نقلت بصورة مختلفة في أكثر من 18 رواية في كتب أهل السنّة.


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=974
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 02 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29