• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : احذروا مكر شياطين الجن والإنس .

احذروا مكر شياطين الجن والإنس

احذروا مكر شياطين الجن والإنس

قال تعالى في سورة الناس : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6)

وردت في فضيلة هذه السّورة روايات متعددة

منها ما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اشتكى شكوى شديدة، ووجع وجعا شديدا. فأتاه جبرائيل‏ وميكائيل عليه السّلام فقعد جبرائيل عند رأسه و ميكائيل عند رجليه، فعوّذه جبرائيل بقل أعوذ بربّ الفلق وميكائيل بقل أعوذ بربّ النّاس‏.

وورد ان من قرأها عند النوم كان في حرز الله تعالى حتى يصبح وهي عوذة من كل ألم ووجع وآفة وهي شفاء لمن قرأها .

وجاء جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه واله) وهو شاكٍ فرقاه بالمعوذتين وقل هو الله أحد وقال: بسم الله ارقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك، خذها فلتهنئك.

وعن الامام الصادق (عليه السلام) (كان النبي (صلى الله عليه واله) اذا كسل أو أصابته عين أو صداع بسط يده فقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين ثم يمسح يده على وجهه فيذهب ما كان يجد.

وسورة الناس إحدى السورتين المعوذتين، ولكنها تختلف عن سورة الفلق بأنها لا تدعو إلى الاستعاذة باللَّه من العوامل الشرّيرة الخارجية التي تترك تأثيرا سلبيا قاسيا من قبل الآخرين أو الأوضاع الكونية المحيطة بالإنسان، بل تدعو إلى الاستعاذة من العوامل الداخلية التي تتحرك في النفس من خلال الوسواس الذي قد يكون بشرا وقد يكون جنّا فأمر النبي ص أن يعوذ بالله من شر الوسواس الخناس .

ومن طبع الإنسان إذا أقبل عليه شر يحذره ويخافه على نفسه وأحس من نفسه الضعف أن يلتجئ بمن يقوى على دفعه ويكفيه وقوعه .

والذي يراه صالحا للعوذ والاعتصام به أحد ثلاثة

إما رب يلي أمره ويدبره ويربيه يرجع إليه في حوائجه عامة، ومما يحتاج إليه في بقائه دفع ما يهدده من‏ الشر، وهذا سبب تام في نفسه.

وإما ذو قوة و سلطان بالغة قدرته نافذ حكمه يجيره إذا استجاره فيدفع عنه الشر بسلطته كملك من الملوك، وهذا أيضا سبب تام مستقل في نفسه.

وهناك سبب ثالث وهو الإله المعبود فإن لازم معبودية الإله وخاصة إذا كان واحدا لا شريك له إخلاص العبد نفسه له فلا يدعو إلا إياه و لا يرجع في شي‏ء من حوائجه إلا إليه فلا يريد إلا ما أراده ولا يعمل إلا ما يشاؤه.

والله سبحانه رب الناس وملك الناس وإله الناس كما جمع الصفات الثلاث لنفسه في قوله: «ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ»: الزمر: 6

وأشار تعالى إلى سببية ربوبيته وألوهيته بقوله: «رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا» المزمل: 9

وإلى سببية ملكه بقوله: «لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ»: الحديد: 5  

فإن عاذ الإنسان من شر يهدده إلى رب فالله سبحانه هو الرب لا رب سواه وإن أراد بعوذه ملكا فالله سبحانه هو الملك الحق له الملك وله الحكم‏ وإن أراد لذلك إلها فهو الإله لا إله غيره.

وفي قوله تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ‏ صفات ثلاث للمستعاذ منه، على عدد الثلاث للمستعاذ به.

قال في المجمع: الوسواس‏ حديث النفس بما هو كالصوت الخفي فهو مصدر كالوسوسة.

وأصل الوسواس هو صوت الحلّي و الهمس الخفي، والوسوسة هي الخاطرة الرديئة

ونحن لا نعرف من وسواس الجِنّة إلا كما عرّفنا اللّه تعالى بها عنه وعن لسان الجنة: «.. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ» (7: 17) (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا» (17: 62).

وما نجده من هواجس ووساوس تتنافس في نفوسنا.

والخناس‏ صيغة مبالغة من الخنوس بمعنى الاختفاء بعد الظهور قيل: سمي الشيطان خناسا لأنه يوسوس للإنسان فإذا ذكر الله تعالى رجع وتأخر ثم إذا غفل عاد إلى وسوسته.

ثم ذكر تعالى حدود العمل ومجاله: «الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ»

وإنما أخذت الصدور مكانا للوسواس لما أن الإدراك ينسب بحسب شيوع الاستعمال إلى القلب والقلب في الصدر كما قال تعالى: «وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» الحج: 46

فالآية تبين حدود تأثيره على الوسوسة قال تعالى (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) (إبراهيم:22) لذا فالانتصار عليه مقدور بترك الانسياق وراء وسوسته  .

والوسوسة لها درجات وانماط بحسب مناعة الشخص وورعه :

فبعضهم يغريه بالمعصية (لا يخلون رجل بإمرأة فما من رجل خلا بامرأة إلاّ كان الشيطان ثالثهما)

_ او بالتشدّد وعدم القناعة بالأعمال فيعيدها ويلّح فيها فيرهق ويضيّع وقته وينفّره من العبادات.

...قال أبو عبدالله (عليه السلام):واي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله: هذا الذي يأتيه من أي شيء هو؟ فيقول لك: من عمل الشيطان)

ثم ذكر تعالى العامل المحاول في التضليل: «مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ».

وفيه إشارة إلى أن من الناس من هو ملحق بالشياطين وفي زمرتهم كما قال تعالى: «شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ»: الأنعام: 112.

وأما شياطين الانس فمثاله رفيق السوء الذي يوسوس إلى صدر رفيقه وأمثاله من حملة السوء ودعاته بشتى ألوان الدعوة والدعاية الذين ينصبون الأحابيل ويخفونها ويتسربون بها إلى الصدور وإلى القلوب.

ومن مجالات الوسوسة :  الوسوسة في العلاقاة مع الاخرين.

فعلى الإنسان اليقظة الدائمة والنبهة الدائبة كيلا يخسر هذه المعركة المتواصلة , يقظة بقوة العقل المتأيدة بوحي السماء، و«إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً» «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»

قواعد في مواجهة الوسوسة :

 (لا شك لكثير الشك) (إذا تطيرت فامض، وإذا ظننت فلا تقض)

 

فمصادر الوساوس

النفس الأمّارة بالسوء (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ)

 أو ابليس (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ) (الأعراف:20)

أو عموم شياطين الأنس والجن (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)

وفي مقابل الوسوسة يوجد حديث خفي رحماني يوجه نحو الخير والصلاح (الهام أو ايحاء)

الامام الصادق (عليه السلام) (ما من مؤمن الا ولقلبه أُذنان في جوفه، أذن ينفث فيه الوسواس الخناس وأُذن ينفث فيه الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك فذلك قوله تعالى (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) المجادلة:22

ومن وصايا المعصومين (ع ) بالامتناع عن السير وراء من لم تعرف صلاحهم ومن اقتحام الأمور المشتبهة (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (حلال بيِّن وحرام بيِّن وشبهات بين ذلك فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك) (لا ورع كالوقوف عند الشبهة) 

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1244
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 04 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 25