• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : «أربعون» سيّد الشُّهداء عليه السّلام .

«أربعون» سيّد الشُّهداء عليه السّلام

«أربعون» سيّد الشُّهداء عليه السّلام

عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، وإنّ الجبال تقطّعت وانتثرت، وإنّ البحار تفجّرت، وإنّ الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين (كامل الزيارات،ابن قولويه)

في كتاب (المراقبات) للميرزا جواد التبريزي تأكيدُ ضرورةِ إظهار مراسم الحزن والعزاء في يوم أربعين سيّد الشهداء عليه السلام:

قال رضوان الله عليه ما ملخّصه: «يجبُ على المؤمن المراقب أن يجعل يوم الأربعين يوم حزنه، ويسعى أن يزوره صلوات الله عليه عند قبره ولو مرّة في عمره، وإن لم يمكن إتيان قبره الشريف، يزوره من أيّ مكانٍ كان ويختم يوم الأربعين بما يختم به الأوقات المهمّة، بمراجعة حُماة اليوم من أئمّة الدين صلوات الله عليهم أجمعين، في استصلاح العمل والحال، مع الله جلّ جلاله (انتهى الاقتباس)

ويلزم على شيعة أهل البيت عليهم السلام ومحبّيهم، أن يعظّموا هذا اليوم بلبس السواد، وترك أعمالهم، والإقامة والمشاركة في مجالس العزاء واللّطم، وتذكّر المصائب التي جرت على آل الرسول صلّى الله عليه وآله.

وفي هذا اليوم وصل جابر بن عبد الله الأنصاري، رضوان الله عليه، ومن معه، إلى كربلاء من المدينة بعد زهاء أربعين يوماً على شهادة الحسين عليه السلام، وزار هو وعطيّة قبر حبيبه سيّد الشهداء الحسين عليه السلام. والمشهور والصحيح أنّ عيال الحسين، عليهم السلام، رجعوا في مثل هذا اليوم من الشام إلى كربلاء   ( تقويم الشيعة، النيشابوري)

وحول تحديد يوم أربعين شهادة الإمام الحسين عليه السلام، واستحباب زيارته فيه

قال العلاّمة الشيخ محمد باقر المجلسي (ت: 1111 هـ) في كتابه (ملاذ الأخيار)

صرّح الأصحاب بأنّه العشرون من صفر، ولهم شواهد من الأخبار ... والمشهور بين الأصحاب أن العلّة في ذلك – أي استحباب زيارته عليه السلام - رجوع حرم الحسين صلوات الله عليه في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام، وإلحاق عليّ بن الحسين صلوات الله عليه الرؤوس بالأجساد.

وقيل: في مثل ذلك اليوم رجعوا إلى المدينة.

وفي (إقبال الأعمال) للسيد رضي الدين علي بن طاوس (ت: 664 هـ) قال: «فصل في ما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر

وفي (المزار) للشهيد الأوّل، شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي الجزيني (استُشهد: 786 هـ)، في باب زيارات أبي عبد الله عليه السلام المخصوصة بالأيام والشهور، قال: «.. ومنها زيارة الأربعين، وهو اليوم العشرون من شهر صفر."

وفي (البلد الأمين) للشيخ إبراهيم الكفعمي العاملي (ت: 905 هـ) قال: «شهر صفر: يستحبّ في العشرين منه زيارة الحسين عليه السلام وهي زيارة الأربعين. تزوره عند ارتفاع النهار، وهي مرويّة عن الصادق عليه السلام. تقول: السلامُ عَلى وليّ الله وحبيبِه... إلى آخر الزيارة

وفي (وسائل الشيعة) للحرّ العاملي، الشيخ محمد بن الحسن (ت: 1104 هـ)، قال: «باب تأكّد استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الأربعين من مقتله، وهو يوم العشرين من صفر

ثمّ أورد الرواية عن الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام: «عَلَامَاتُ المُؤمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ إِحْدَى وَخَمْسِين، وَزِيَارَةُ الأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي اليَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الجَبِينِ، وَالجَهْرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"

وفي (مسار الشيعة) للشيخ المفيد (ت: 403 هـ)، وفي (مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي (ت: 460 هـ) أنه العشرون لكنّهما عدّاه يوم «رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عليهما السلام ، من الشام إلى مدينة الرسول، صلّى الله عليه وآله، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري - صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله - من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام، فكان أوّل مَن زاره من الناس، ويستحبّ زيارته عليه السلام فيه، وهي زيارة الأربعين.

من روايات استحباب الزيارة

الإمام الباقر عليه السلام: «مُروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام، فإنّ إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يُقرّ للحسين عليه السلام بالإمامة من الله"

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «من زار الحسين بن علي عليهما السلام لا أشراً، ولا بطراً، ولا رياء، ولا سمعة، مُحّصت ذنوبه كما يمحّص الثوب في الماء، فلا يبقى عليه دنس، ويكتب له بكلّ خطوة حجّة، وكلّما رفع قدمه عمرة.

عنه عليه السلام: «ما أتى قبر الحسين بن علي عليهما السلام مكروب قطّ إلّا فرّج الله كربته وقضى حاجته.

كما ورد التأكيد على استحباب زيارة الإمام الحسين بن علي عليه السَّلام في يوم الأربعين

أي اليوم العشرين من شهر صفر، حيث يمضي أربعون يوماً على يوم عاشوراء في جملة من الأحاديث الشريفة المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، وذكرت لها فضلاً كثيراً

روي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام بأنّ للمؤمن خمس علامات، منها زيارة الأربعين.

وقد وردت زيارة خاصة ليوم الأربعين عن الإمام الصادق عليه السلام.

نص الزيارة

رَوَى الشيخ الطوسي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) عن جماعة، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْجَمَّالِ، أنه قَالَ: قَالَ لِي مَوْلَايَ الصَّادِقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي زِيَارَةِ الْأَرْبَعِينَ: " تَزُورُ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ وَ تَقُولُ

السَّلَامُ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ حَبِيبِهِ، السَّلَامُ عَلَى خَلِيلِ اللَّهِ وَنَجِيبِهِ، السَّلَامُ عَلَى صَفِيِّ اللَّهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ، السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ، السَّلَامُ عَلَى أَسِيرِ الْكُرُبَاتِ وَ قَتِيلِ الْعَبَرَاتِ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ، وَصَفِيُّكَ وَابْنُ صَفِيِّكَ، الْفَائِزُ بِكَرَامَتِكَ، أَكْرَمْتَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَحَبَوْتَهُ بِالسَّعَادَةِ، وَاجْتَبَيْتَهُ بِطِيبِ الْوِلَادَةِ، وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السَّادَةِ، وَقَائِداً مِنَ الْقَادَةِ، وَذَائِداً مِنَ الذَّادَةِ، وَأَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ الْأَنْبِيَاءِ، وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ مِنَ الْأَوْصِيَاءِ، فَأَعْذَرَ فِي الدُّعَاءِ، وَمَنَحَ النُّصْحَ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ، لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلَالَةِ، وَقَدْ تَوَازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيَا، وَبَاعَ حَظَّهُ بِالْأَرْذَلِ الْأَدْنَى، وَشَرَى آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوْكَسِ، وَتَغَطْرَسَ وَتَرَدَّى فِي هَوَاهُ، وَأَسْخَطَ نَبِيَّكَ، وَأَطَاعَ مِنْ عِبَادِكَ أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَحَمَلَةَ الْأَوْزَارِ الْمُسْتَوْجِبِينَ النَّارَ، فَجَاهَدَهُمْ فِيكَ صَابِراً مُحْتَسِباً، حَتَّى سُفِكَ فِي طَاعَتِكَ دَمُهُ، وَاسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ، اللَّهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لَعْناً وَبِيلًا، وَعَذِّبْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِينُ اللَّهِ وَابْنُ أَمِينِهِ، عِشْتَ سَعِيداً وَمَضَيْتَ حَمِيداً، وَمِتَّ فَقِيداً مَظْلُوماً شَهِيداً، وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ مَا وَعَدَكَ، وَمُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ، وَمُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَلَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاهُ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاهُ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلَابِ الشَّامِخَةِ، وَالْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ، لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا، وَلَمْ تُلْبِسْكَ الْمُدْلَهِمَّاتُ مِنْ ثِيَابِهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ الدِّينِ، وَأَرْكَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْقِلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ، كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَأَعْلَامُ الْهُدَى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، وَأَشْهَدُ أَنِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبِإِيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِعِ دِينِي، وَخَوَاتِيمِ عَمَلِي، وَقَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ، وَأَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ، وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَكُمْ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ، لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَعَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ، وَشَاهِدِكُمْ وَغَائِبِكُمْ، وَظَاهِرِكُمْ وَبَاطِنِكُمْ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

ويستدل على زيارة الأربعين بأدلة عامة وخاصة وهي:
أولًا: الدليل العام على استحباب زيارة الإمام الحسين (ع) والمشي إليه في كل وقت وفي كل حين بل تأكيد الاستحباب على زيارته ويوم الأربعين أحد هذه الأيام التي ورد الدليل بعمومه على محبوبية الزيارة واستحبابها.
وقد بلغ عدد الروايات الواردة من طرقنا ألف ومائة وأربعين رواية وفي بعضها بعنوان الواجب كما ورد(إن زيارته واجبة على الرجال والنساء).

 

ثانيًا: الأدلة الخاصة

وهي ما ورد الأحاديث والروايات بذكر زيارة الأربعين على وجه الخصوص مثل رواية الإمام العسكري ومثل رواية صفوان .
والإشكالات من جهة السند ومن جهة المتن والدلالة.

يرى البعض انه يكفي أن تكون مشهورة بنحو من الأنحاء عند الفقهاء ولو لورودها في كتاب أو كتابين من كتب شيخ الطائفة الطوسي وهذا يكفي للاستناد إلى الرواية.
او أنها ثابتة بقاعدة التسامح في أدلة السنن.

أما من جهة الدلالة

فرواية الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال: "علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والجهر ببسم الله الرحمان الرحيم والتختم باليمين وتعفير الجبين".

يقال ان المقصود أربعين مؤمنا فالرواية لا تدل على زيارة الأربعين

 

ويمكن الجواب عن ذلك بجهات متعددة:


-(ال العهدية): المعهود عند الناس ولم يعهد في تراث الإمامية وغير الإمامية أن هناك تأكيدًا على زيارة أربعين مؤمن أجل ورد الدعاء لأربعين مؤمنًا في صلاة الليل.
أيضًا عندنا استحباب أن يكتب على كفن الميت أربعين مؤمنًا يشهدون له بالخير والصلاح.
وأما زيارة أربعين مؤمنًا فغير ثابتة على مستوى الأحاديث وحتى الممارسة العملية.


- كل ما ورد في الرواية هو من مختصات الإمامية

ومقتضى السياق أن زيارة الأربعين من مختصات الإمامية التي لا يفعلها غيرهم وزيارة أربعين مؤمنا ليست من مختصات الإمامية فكلمة زيارة صارت من العرف الخاص بالمعصومين عليهم السلام.
فالأربعين عهدية وسياق الرواية بأنها من مختصات الإمامية لا يناسب أن تكون زيارة أربعين مؤمن وبالتالي هذا الإشكال لا يتم.

 

اما رواية صفوان تقول في يوم الأربعين (السلام على ولي الله وابن وليه) فهي أوضح من الرواية الأولى ولا مجال فيها للتأمل في دلالتها.
أما من جهة السند فيصفها بعض العلماء بأنها بسند معتبر إضافة لكونها من المشهورات بين الفقهاء

 

كما هناك عناوين ثانوية يجب ملاحظتها حيث أن أوضح مظهر لعزة آل محمد واستجابة الخلائق للإمام الحسين (ع) هو هذه الزيارة الأربعينية.
وهذا من المواقف العظيمة والمهيبة التي تجسد نتيجة وثمرة نداءات الحسين (ع) وتحقق لنا معنى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) و(إنا لننصر رسلنا)

وتحقق معنى ما ذكرته مولاتنا العقيلة (فكد كيدك واسعَ سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يرحض عنك عارها وهل جمعك إلا بدد وأيامك إلا عدد)
هذه الزيارة تناظر نداء إبراهيم في الحج (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=1265
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 16