• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : تشريع حج التمتع .

تشريع حج التمتع


تشريع حج التمتع

 


إن قوله تعالى: فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ يدل على تشريع حج التمتع الذي هو أحد الأقسام الثلاثة في الحج و القسمان الآخران هما حج الإفراد، و حج القران. و الفرق بين الأول و الأخيرين هو:
1_ أنّ الأول وظيفة من لم يكن مقيما و حاضرا عند المسجد الحرام و يدل عليه قوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة- 196]، و هو الآفاقي الذي يبعد عن المسجد الحرام بما يعادل 88 كيلومترا كما حدّدته السنة الشريفة
2_ أنّ الأول مركب من عملين: هما العمرة و الحج، و لا يقع الثاني بدون الأول، و أما الأخيران فلا يكونان كذلك بل هما عمل واحد و هو الحج إلا أنّ حج القران يساق فيه الهدي مع عقد الإحرام بخلاف حج الإفراد
3_ أنّ وجوب الهدي يختص بالتمتع بخلاف القسمين الأخيرين و هناك فروق أخرى مذكورة في كتب الفقه
و لا خلاف و لا إشكال في أصل تشريع حج التمتع بإجماع الأمة و أئمة الحق (عليهم السلام) و النصوص المتواترة بين الفريقين، و هو أفضل أنواع الحج مطلقا لنصوص معتبرة كثيرة منها:
ما ورد عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «لو حججت ألفا و ألفا لتمتّعت و هو يتحقق على نحوين:
الأول: أن يحرم أولا بعمرة التمتع ثم بعد قضاء مناسكها و الانتهاء منها يحلّ و يحرم بالحج، و هذا مما لا نزاع في مشروعيته من أحد من  المسلمين و لا تختص مشروعيته بأصحاب محمد (صلّى اللّه عليه و آله) و يدلّ عليه قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ و النصوص المتواترة بين الفريقين منها:
ما عن أهل البيت (عليهم السلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
و روي عن جابر أنّ سراقة بن مالك قال: «يا رسول اللّه هذا الذي أمرتنا به- يعني الإحلال بعد العمرة إلى الحج- لعامنا هذا أم إلى الأبد فقال (صلّى اللّه عليه و آله): بل إلى الأبد إلى يوم القيامة» و رواهما الجمهور في مجامعهم
و أخرج البخاري و أحمد و النّسائي و غيرهم عن عليّ (عليه السلام) قال: «إنّ المتعة سنّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فلا يدعها لقول أحد من الناس وادعى الإجماع على ذلك
و لهذا القسم شروط مذكورة في كتب الفقه
الثاني: أن يحرم بالحج حتّى إذا دخل مكة محرما بحج الإفراد يعدل عن حجه إلى عمرة التمتع و يتم حج التمتع،    و قد وقع النزاع بين الفقهاء فيه
أما عند الخاصة: فالمشهور جوازه حتى في فرض العين، و منهم من منعه في فرض العين و جوّزه في الندب         و الفرض غير المتعين
و أما عند العامة: فمنعه جمهورهم و هو الذي توعّد عليه الخليفة الثاني فقال: «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أما أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما: متعة النساء و متعة الحج». و قد وردت في صحته     ومشروعيته الأخبار الكثيرة عن الفريقين:
ففي الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام): «لما فرغ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه    و آله) من سعيه بين الصفا و المروة أتاه جبرئيل عند فراغه من السعي فقال: إنّ اللّه يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلا من ساق الهدي. فأقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على الناس بوجهه فقال: «أيّها الناس هذا جبرئيل،- و أشار بيده إلى خلفه- يأمرني عن اللّه عزّ و جل أن آمر الناس بأن يحلّوا إلا من ساق الهدي» فأمرهم  بما أمرهم اللّه تعالى فقام إليه رجل فقال: يا رسول اللّه نخرج من منى و رؤوسنا تقطر من النساء؟! و قال آخرون: يأمرنا بشي‏ء و يصنع هو غيره
فقال: «أيّها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت كما صنع الناس، و لكن سقت الهدي فلا يحلّ من ساق الهدي حتّى يبلغ الهدي محلّه». فقصّر الناس و أحلّوا و جعلوها عمرة
و قام إليه سراقة بن مالك المدلجي فقال: يا رسول اللّه هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال (صلّى اللّه عليه و آله): «بل للأبد إلى يوم القيامة- و شبك بين أصابعه-» و أنزل اللّه بذلك قرآنا: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
و قريب منه: ما رواه مسلم، و أبو داود، و النسائي، و ابن ماجة في جوامعهم و أحمد في مسنده و غيرهم عن الصادق و عن الباقر عن جابر  و قد ذكرت في مجامعهم روايات كثيرة بمضامين مختلفة:
قال القرطبي: «قد تواردت الآثار عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فيه- أي في مشروعية هذا القسم- أنّه أمر أصحابه في حجة من لم يكن معه هدي و لم يسقه و قد كان أحرم بالحج أن يجعلها عمرة، و قد أجمع العلماء على تصحيح الآثار بذلك عنه (صلّى اللّه عليه و آله) و لم يدفعوا شيئا منها إلا أنّهم اختلفوا في القول بها و العمل لعلل» ثم ذكر بعض تلك العلل و هي موهونة لمن تدبر فيها و لذلك لم يعمل بها كثير من علمائهم.
و أما قول الخليفة فهو مردود من جهات و قد ذكرت في الكتب الكلامية، وتم إثبات أنّ أحدا لا يقدر أن يدفع حكما إلهيّا نطق به القرآن الكريم أو جاء به الرّسول الأمين (صلّى اللّه عليه و آله)

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=311
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 11 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29