• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : دور الأمهات في تربية وتغيير سلوك الأبناء .
                          • رقم العدد : العدد التاسع عشر .

دور الأمهات في تربية وتغيير سلوك الأبناء

 

دور الأمهات في تربية وتغيير سلوك الأبناء


بقلم : الشيخ عبد الهادي عاصي


ذكرنا في العدد الماضي أن للأب تأثيرات وراثية ومحيطية ومصيرية تدخل في بناء الطفل وأنه السبب الأول لوجود الابن فقول الأب حجة وسلوكه أسوة وإباءه مؤثر وجرأته مفيدة وهيبته بناءة وحزمه ضروري كما أن وجود الأب يهب الدفء والنشاط في العائلة ومحيطها.
وقلنا أن الأب مسؤول أمام الله تعالى فيما لو قصر في تربية أولاده وأن العقاب الإلهي الشديد ينتظره.
في هذا البحث سنتحدث عن الطرف الآخر المؤثر والمهم جداً في تربية وتغيير سلوك الأبناء ألا وهو الأم. ودورها يكاد يكون أعظم من دور الأب في التربية والتغيير فرسالة الأم سامية وفي كل العصور لأننا إذا أردنا إصلاح المجتمع وإزالة الفساد فأي سلاح يجب أن نستخدم؟ والجواب هو الأم: فالأم هي القادرة على إصلاح المجتمع ولا تستطيع أي مؤسسة محلية أو إقليمية أو دولية على إصلاح المجتمع ما لم نبدأ بإصلاح الأم وكيف يجب أن تربي أولادها. نعم نستطيع عن طريق الأمهات الصالحات الحصول على السعادة والاستقرار والحرية والأمان والتربية وهذا الكلام ليس كلامنا إنه كلام الأنبياء والعظماء والعلماء وقد قال نابليون بونابرت(إن فرنسا بحاجة إلى أم قبل كل شيء)، أي بحاجة إلى التربية العائلية من خلال الأمهات الصالحات.
من هي الأم؟
الأم هي الإنسانة التي تقوم بحمل صغيرها بين أحشائها قرابة تسعة أشهر ومن ثم تقوم بتربيته ورعايته والعناية به ولا تطمح بجزاء مادي أو معنوي لقاء أتعابها، إنها العين الساهرة والمراقبة، تسهر الليالي من أجله وتعرض نفسها للخطر من أجل عزيزها ولا تريد له سوى الخير والسعادة والهناء. فالأم ملاك من ملائكة السماء على الأرض، استعارت جسد الإنسان، وتتصف بالصفات السامية والقدسية.
ما هي الأمومة؟
 والأمومة حالة ترى أن الصفات السامية للجمال تتجسم في تربية ورعاية أبنائها ومن أجل ذلك تضحي بكل الأشياء وتتنازل عن رغباتها الخاصة للوصول إلى سعادة أبنائها.
فالأمومة فنٌّ ظريف وجميل متقن والعمل فيه يتطلب زمن نتيجته هي تربية ابن بار هي تربية ابن بار محب عادل يحب الخير للجميع يعيش التقوى ويعمل من أجل رفع راية الحق فعمل الأمومة صناعة الإنسان، وتربية الأبناء الأخيار، ووضع الأسس الأخلاقية والإنسانية، ووضع مجتمع صالح للغد القادم ومسك زمام وقلب المجتمع النابض، وإدارة العائلة وتنظيم أمورها.
خصائص الأم:
الأم حب من دون شروط ومن دون أن يتدخل العقل، قوي وعميق وأعمق من أي حب آخر، حب لا من أجل مادة أو جزاء معنوي، حب لإنسان جديد لا حول له ولا قوة، إنسان لا يستطيع أن يدافع عن نفسه حتى مقابل بعوضة، حب لإنسان بحاجة ماسة لهذا الحب لنموه ووجوده فالأم عواطف جياشة مليئة بالحب والحنان والتضحية والإيثار وهذه التضحية مظهر من مظاهر شرف الأمومة تنسى نفسها من أجل تحقيق أهداف ابنها.
وظائف الأم:
الأم تتعامل مع أثمن شيء في الوجود فمن الخطأ الكبير أن نعتبر عملها بسيطاً ومتواضعاً فالأم الجيدة أعظم وأحن من مائة طبيب ومهندس ومقامها أرفع من مائة معلم ومربي، فهي التي تربي الإنسان، تعلمه الأدب والمعرفة، تعلمه الأخلاق والتواضع، تعلمه البذل والعطاء.
فعملها صناعة الإنسان وزرع الحب والفضيلة في نفسه لذا يجب الوقوف أمام هذا العطاء موقف الإجلال والتعظيم.
وكذلك من الخطأ اعتبار الأمومة فقط هي حمل الطفل قرابة تسعة أشهر ومن ثم الولادة والرضاعة وعدم الاهتمام بالأمور الأخرى، فلكي تكون الأم أماً بالمعنى الحقيقي عليها تربية الطفل بالمعنى العلمي الصحيح الذي يؤكد عليه الدين الإسلامي الحنيف، حيث يبدأ عمل الأم الحقيقي من الساعات الأولى للحمل وينتهي دورها مع انتهاء فترة التربية الأساسية لأن مسؤولية الأم الأساسية هي صناعة الإنسان. 
لذا على الأم أن تكون ملمة بالمسائل التربوية الصحيحة والصحية والنفسية والاجتماعية، حتى تتمكن من تطبيقها في تربية ابنها لذا ليس كل أم يليق بها عمل الأمومة وأن المرأة التي لا تفتخر بعملها كأم فمن الأفضل أن لا تتزوج ولا تكون أماً.
أهمية دور الأم:
إن دور الأم في جميع الأحوال مهمٌّ ومؤثر سواء في نقل التراث الاجتماعي أو في التأثير النفسي أو الأخلاقي: فالطفل يضع قدميه على مسرح الحياة بذهن خال من كل شيء فهو كالورقة البيضاء التي لم يدون عليها شيء بعد، وإن أول الحروف والكلمات التي تدوّن هي التي تمليها الأم إنها أول من تجعل طفلها ينطق، فالأم هي أساس انتقال الثقافة إلى الطفل ومن الناحية العلمية هي قائد فكر وعقل الطفل وبالتالي هي السبب في أن يكون ابنها باراً وصالحاً أو فاسداً لذا دور الأم في نقل التراث الاجتماعي أشد وأخطر من دور الأب أو دور سائر أفراد العائلة والمجتمع. وهكذا تنتقل بواسطة الحليب والدم أخلاق الأم وطريقة تعاملها في الحياة اليومية للطفل، فالتربية الأخلاقية تتم عن طريقين: الأولى: التعلم. والثانية: النموذج والقدوة أي من خلال العمل فالطفل يشاهد عن قرب تصرفات أمه وطريقة تعاملها فهو يتعلم منها وهذا ما أثبتته العلوم البشرية من أن الأم تستطيع أن تؤثر أخلاقياً على طفلها فيأخذ منها الثقافة اليومية وخصائص أخلاقه وتبقى ملتصقة بالطفل إلى نهاية حياته.
فالأمهات إذا كن صاحبات أخلاق حميدة يأمل أن يكون الرجال كذلك والعكس صحيح أيضاً فنستنتج أن ارتقاء وتكامل أخلاق المجتمع مرتبط بالتربية الصحيحة للأم لأبنائها وقد أثبتت التجارب العلمية أنه إذا ما كان الأب فاسداً والأم صالحة وعفيفة لا شك أن الطفل سيكون صالحاً وطيباً وإذا ما كانت الحالة عكسية فمن النادر أن يكون الطفل صالحاً.
كما يؤكد قانون الوراثة أن الكثير من تصرفات الطفل نابعة لا إرادياً من تصرفات الأم ومن الناحية الاجتماعية تعتبر تصرفات الأم في مواجهتها للأمور أصلاً وقاعدة للطفل، خوفها، حبها، حياتها، عنادها، حسدها، بعضها، أخلاقها، حبها للآخرين، فالطفل يأخذ منها كل ذلك فصفات الأم النفسية الجميلة والقبيحة تنتقل للطفل وعلى هذا الأساس إن الأم (القدوة) يجب أن تتصرف بحذر أمام طفلها لأنه يلتقط كل شيء وبسرعة.
والنتيجة: إن أساس سعادة أو تعاسة المجتمع البشري هي الأم فإذا تمرضت وأصابها مكروه سيصيب المجتمع والعائلة شتى أنواع الأمراض والفساد الأخلاقي والاجتماعي، وأن سلامتها دليل على سلامة المجتمع وتقدمه.
الأم من وجهة نظر الطفل:
يعتقد الطفل أن أمه إنسانة محبة حتى إذا ضربته يجب أن يلجأ إليها وإذا كانت عنده شكوى فيجب أن يشكو عندها وإذا ما قام بأي تصرف خاطئ فإنها تسامحه فهو يعتقد أن أمه لا تمل من الحديث معه وتتحمل العذاب والمصائب من أجله فينام عندها قرير العين، يركض ويلعب ويمرح ويعرف جيداً أن هناك عيناً تراقبه بحب، فالأم هي النموذج، هذا ما يعتقده الطفل، إنها النموذج الكامل في الأخلاق وأي تصرف تقوم به هو صحيح وكامل باستطاعتها أن تعرف الصالح من الطالح. لذا ترى الطفل يبدأ بمحاكاتها وأن الكلمات الأولى التي ينطقها ما هي إلا كلمات من عند أمه فهي التي تبعث البهجة والحب والأنس في قلب الطفل.
الأم من وجهة نظر الطفل هي الجندي المدافع عنه إذا ما ضربه أحد يشكو إليها أمره، وإذا ما أصابه مرض سيخبرها بذلك لتعالجه وإذا ما أراد أن يعاقبه الأب سيلجأ إلى أمه.
ملاحظات حول تربية الطفل:
كثير من الأطفال يعتقدون أنهم إذا اخطأوا فالأم ستسامح وهذا أمر صحيح إلا أن ذلك يجب أن لا يؤدي إلى التهاون والتصرف كيفما يشاؤون دون قيود أو ضوابط، فعلى الأم أن تراعي الطفل إلا أن ذلك يجب أن لا يؤدي إلى عناد الطفل ويدفعه إلى تحقيق ما يريد عن هذا الطريق ويجعل الأم تطيعه، ففي هذه الحالة تفقد الأم دورها الحقيقي كأم. فالانضباط في العائلة أمر جيد إلا أنه يجب أن يكون هناك فرق بين الأب والأم فالأب يجب أن يكون النموذج في الحزم والانضباط والأم النموذج في الرأفة والحنان لذا عليها أن لا تكون شديدة وقاسية مع ابنها فالأم منبع وسعادة الطفل وإذا ما غضبت أو تخاصمت معه فالدنيا ستسود في عينيه، ومن أجل تربية الطفل فمن الضروري أن تخاصم الأم ابنها شريطة أن لا تطول مدة التخاصم لأن الطفل لا يستطيع تحمل ذلك.
حاجات الطفل:
إن حاجات الطفل كثيرة ومتعددة منها حاجته للمأكل والملبس والمسكن والصحة والحرية وتطبيق العدالة والانضباط والإحساس بالغرور والدلال وقوة الشخصية والمواساة والعائلة المتحدة والهدوء والصدق ومعرفة العالم وعشرات الحاجات الأخرى وقد لا يستطيع الطفل أن يعلن عن حاجاته المتعددة إلا أنها موجودة في كيانه ومن أهمها الملاطفة والمداعبة وحبها وحنانها، لأن ذلك يقوي روحيته ويحسن من أخلاقه وسيؤدي بالتالي إلى النمو الطبيعي وكذلك حاجته لمن يلعب معه لأنه عادة لا يحب الطفل الوحدة والانزواء وقد أوصى الإسلام باللعب مع الأطفال كما قال رسول الله(ص): من كان عنده صبي فليتصاب له  كما يحتاج الطفل عادة إلى من يستمع إلى حديثه وأن لا تبدو على المستمع حالة الضجر والتعب لأن الاستماع إليه يعطيه الثقة بالنفس ويجعله إنساناً اجتماعياً.
إن تحقيق حاجات الطفل أمر مهم وسليم إلا أن الإفراط في ذلك تجعل منه طفلاًَ ضعيفاً فكلما يكبر الطفل يجب أن يخرج من دائرة المراقبة المستمرة ويبقى تحت السيطرة والمراقبة الشخصية فعلى الأم في هذه المرحلة من حياة الطفل أن تقوم بدور المرشدة أي ترشد طفلها وتدله على طريق الخطأ والصواب وتنقذه من الضلال والضياع لأن الاستسلام إلى جميع متطلبات الطفل ورغباته ونزواته أمر خاطئ كما أننا يجب أن لا نحرم الطفل من كل ما يريد وأن لا نحقق له كل ما يريد بل يجب مراعاة الاعتدال في الأمور وإذا ما أردنا مثالاً على ذلك، فالأم يجب أن لا تسأل طفلها ماذا يريد من طعام حتى تحضر له بل يجب أن تقول لابنها عندنا نوعان من الطعام أيهما تشاء.
تعريف الطفل على الدنيا:
أول شعاع ينفذ إلى عقل الطفل ويؤثر عليه سلباً أم إيجاباً هو نور علم الأم وسيتدرج الطفل بمساعدة ذلك الوميض في كشف طريقه في الدنيا وتكوين صورة له عنها لذا على الأم أن تراعي مصالح الطفل ومصالح المجتمع في هذا الطريق وماهية العلاقة التي تربطه بالدنيا الآن ومستقبلاً وكيف يستفيد منها وكمثال على ذلك:
عليها أن تعلمه أن علاقته بالأرض هي علاقة الإعمار والبناء ومع أفراد المجتمع هي علاقة التعاون والعمل المشترك والجاد للوصول إلى ما ينشده من أهداف وأن تعلمه أن هذه العلاقات والروابط لا تعتبر هدفاً وغاية في الحياة بل وسيلة ليس إلا، كما تستطيع الأم في تعريفها الدنيا إليه أن تلقنه بأن بعد هذه الدنيا عالماً آخر أوسع وأرحب وبينهما طريق يربطهما ببعض وبكون العالم الآخر امتداداً لهذه الدنيا ومن جانب آخر على الأم أن توسع من أفق الطفل وتعلمه القدرة على المقارنة والقياس وتجعل ذهنه يحلق في الآفاق لكي يستطيع أن يتصور الدنيا بالنسبة لعالم الوجود كحبة رمل في صحراء كبيرة.
تعريف الحياة العائلية:
تعريف الوظائف والأعمال العائلية يترك عند الطفل آثاراً سلبية أو إيجابية لأنه يعيش في عالم خاص يفكر فيه ويرى من خلاله ويقيم الأشياء به فإذا لمس الطفل أن أمه تعيش بهناء وطمأنينة بجوار بقية أفراد الأسرة فسيحصل هو أيضاً على الراحة النفسية فيما بعد خصوصاً إذا كان أنثى.
لذا على الأم أن تخلق في الطفل هذه النظرة الوظيفية لأن خلق النظرة الواقعية إلى الحياة ونظرة الأم المتفحصة والدقيقة ستحقق السعادة للطفل. 
الأم قدوة (أهمية السلوك):
ما يقوم به الطفل من أعمال وأفعال ينشأ من تأثره بسلوك وأرآء من يعيش حوله وما يكتسبه الطفل من أخلاق وسلوكيات تبدأ من حدود الثالثة من عمره وتأخذ بالتدريج شكلاً وطابعاً مميزاً.
فنقول أولاً: إن سلوكيات وتصرفات الأم تجري كالدم في عروق الطفل وتصبغ بلون مميز طيلة حياته فكثير من اللامسؤولية عند الأشخاص تنشأ وتتولد نتيجة لأخطاء الأم وسلوكها السيئ مما يؤدي إلى الشقاء والتعاسة فكم من الأطفال الذين تقمصوا خلقاً معيناً من الأم صار ملكة عندهم طيلة حياتهم ولم يمكنهم إنقاذ أنفسهم منه، فالطفل يمتلك حالة من التقليد ومحاكاة لأفعال الكبار فكل فعل للأم يعتبر مهماً له حتى طريقة كنس البيت وطريقة عمل الأب وكيفية العراك بين الاثنين عند حصول خصومة بينهما، أو في كيفية تحاورهما عند الاختلاف، ولا شك أنه كلما كان الشخص ملازماً له كلما كان تأثيره عليه أكبر ولا يوجد أكثر من الأم التصاقاً بالطفل.
فالطفل يبحث عن قدوة له يتأسى بها ويتعلم منها كيفية الأكل والشرب، اللبس، التحدث، النظافة، وسائر الأمور الحياتية الأخرى فتكون الأم أول أسوة يتعرف عليها نتيجة التلازم الموجود بينهما بصورة طبيعية، فإذن وعين الطفل كالبوابة المفتوحة فهو يرى ويسمع كل شيء وذهنه كالمرآة التي تنعكس فيها صور الأشياء لذا يستطيع الطفل قراءة طريقة تفكير أمه، وما يستنبطه يمكن أن يكون هداماً أو بناءاً لذا يقوم الأطفال بتمثيل آبائهم وأماتهم عندما يكونون لوحدهم في المنزل وهذه حالة تستحق التعمق والتأمل فيها، فالأم يمكن أن تحيي في طفلها صفات الأمانة والصدق والوفاء والبحث عن الحقيقة وحب الخير والحق إلخ... وممكن أن تقتل هذه الصفات لذا فهي العامل الأساس والمهم في هدايته أو انحرافه.
كما يزداد تأثير الأم في الجوانب العاطفية لذا لا يمكن أن نربي الطفل الشجاع إذا كانت جبانة وستترك أثاراً سلبية وسيئة في شخصيته وروحه عندما تفقد توازنها لرؤية حشرة أو فأرة، كما ستقتل الطفل عملياً عندما تعيش في اضطراب وقلق وخوف و كآبة ويأس وضجر من أوهام أو من هذه الحادثة أو تلك وسيتربى الطفل على الاضطراب والقلق وعلى العكس فالأم التي تقاوم اليأس والقنوط وتتعلق بالله تعالى وتؤمن بأن كل الأمور بيد الله وهو القادر على كل شيء فإنها ستربي الطفل سوياً وإيجابياً وشجاعاً.
تأثير الأم الكبير على البنت:
تأثير الأم في البنت يتضاعف ويكتسب أهمية خاصة والسبب هو لأن البنت ستصبح يوماً ما أماً وتسير على الطريق فيجب على الأم أن تكون نموذجاً حسناً وقدوة لها إذا أرادت أن تخلق منها أماً مثالية لأن البنت عادة تقلد أمها في حين أن الولد يقلد أباه وسيترك كليهما التأثير على الطفل.
فالأم يمكن أن تتصرف في المنزل بشكل يجعل البنت لا ترغب في الزواج بتكوين الأسرة والإنجاب والحياة المستقبلية أكثر من أي شيء آخر بصورة تهيئ نفسها لا إرادياً لتقبل مسؤوليات الأمومة لذا من الطبيعي تأثير سلوك الأمهات وتجاربهن في الحياة عليها. فالأم تعلم ابنتها إدارة البيت وشؤونه من خلال تصرفاتها فإذا كانت الأم ذات علاقة واشتياق عند قيامها بواجب الأمومة فيمكن أن تكون البنت نسخة عنها والعكس صحيح فلا ننتظر من البنت أن تكون أفضل من أمها التي تتعامل في حياتها الأسرية باللامبالاة وسوء الخلق والغرور والتعالي على الزوج والتمرد والنكد وعدم الاحترام فستترك كل هذه الخصال إرثاً للبنت.
المسؤولية الأساس في الأسوة:
من خلال الصورة التي رسمناها آنفاً لاحظنا أن المسؤول الأول في خلق العادات السيئة عند الطفل من عصيان وغرور ونكد تنشأ فيه، هو الأم إلى حدّ كبير، فما يراه الطفل منها يقوم بتقليده لأن في الطفل خصوصية وهي أنه ينظر إلى كليات الأمور والمضامين ولا يمكنه تحليلها وتجزئتها ولذا فهو يفهم حياة أمه وتصرفاتها دفعة واحدة ولا يرهق ذهنه بالبحث عن الأسباب والتعليل فكثير من أفعال الأطفال والتي نعتبرها نوعاً من الانحراف والشذوذ ما هو إلا تقليد أعمى لسلوك الأبوين ولا ننسى أن الطفل سيعمم ما يتعلمه ويطبقه ببساطة على جميع أموره لذا على الأم أن تسيطر وتراقب تصرفاتها أكثر من الآخرين وتكون على وعي كامل بما تفعل ولا تنخدع بمقولة أن الطفل صغير، ولا يدرك الأشياء بل يجب أن تكون طبيعية ولا تتكلف في سلوكها وتسعى للقيام بواجباتها ليس من أجل أرضاء الآخرين على حساب مستقبل طفلها.
دور الأم في بناء شخصية الطفل:
تكتسب الأم أهمية خاصة في تربية الطفل بسبب العلاقة الخاصة والمميزة بينهما لذا عليها أن تضع اللبنات الأساسية في بناء شخصية طفلها المستقبلية.
 في البدء نطرح السؤال التالي كيف نريد أن نربي الطفل؟ هل نريده إنساناً خاملاً وجامداً أو نريد أن نبني إنساناً متفكراً وفعالاً؟! هل الهدف بناء شخصية صماء وعمياء؟! أو فرد مستقل وحر في التفكير؟! فشخصية الطفل تبدأ بالتبلور منذ اليوم الأول الذي يولد فيه بل وقبل ذلك أي في عالم الرحم، لأن نوع الغذاء والمعاملة في فترة الحمل وتصرفاتها وتفكيرها يترك آثاره السلبية أو الايجابية عليه ويوضع الحجر الأساس في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية منذ أيام ولادته الأولى وفي فترة رضاعته وعندما لا يزال غير قادر على التكلم وسيؤثر عليه سلوك أمه وطريقة تعاملها معه في هذه السنين، كما يجب استغلالها بصورة أفضل لتربيته وإصلاحه.
أبعاد الشخصية:
يجب على الأم أن تهتم بجميع جوانب شخصية الطفل من خلال التربية والتهذيب فتربي جسمه من جانب وتهذب روحه ونفسه من الجانب الآخر لأن بناء العقل والمخ يلازم البناء الروحي والعاطفي لأن مسؤولية الأم لا تنتهي عند تهيئة الطعام واللباس والسكن لطفلها بل عليها أن تعلمه دروس الأخلاق والشهامة والعزة لتجعل منه إنساناً صالحاً ومفيداً لمجتمعه ولا ننسى أن أساس الحياة يقوم على الاعتدال والتوازن فيجب أن نربي الطفل المتوازن في جميع جوانب شخصيته العاطفية والجسمية والاجتماعية والفردية ولكي تحفظ سلامة شخصية الطفل وإنسانيتها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار الملاحظات التالية:
1- لا تجعل حياة الطفل مختبراً للتجارب بمعنى أن لا تطبق رغباتها عليه بل تطبق عليه ما ينفعه.
2- السعي لحفظ تعادل الغرائز الفطرية كالغضب والغرور والطغيان أو صفات أخرى.
3- لا تسمح للطفل بالتعالي والتفاخر على الآخرين بثروة العائلة.
4- عدم تعويد الطفل على أحضان أمه واحتكاره لنفسه لذا يجب إخراجه من حالة الاحتكار وحب الذات.
5- يجب أن تكون التربية على أساس جنس الطفل لذا تختلف تربية البنت عن تربية الولد.          للبحث تتمة.
 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=329
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18