• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : الدين لا يفرض .

الدين لا يفرض

 الدين لا يفرض

لا يمكن للإسلام و لا للأديان الحقّة الاخرى أن تفرض فرضا على الناس لسببين

1بعد كلّ تلك الأدلّة و البراهين الواضحة و الاستدلالات المنطقية و المعجزات الجلية لم تكن ثمة حاجة لذلك. إنّما يستخدم القوّة من أعوزه المنطق و الحجّة. و الدين الإلهي ذو منطق متين و حجّة قويّة.

2 أنّ الدين القائم على أساس مجموعة من العقائد القلبية لا يمكن أن يفرض بالإكراه. إن عوامل القوّة و السيف و القدرة العسكرية يمكنها أن تؤثّر في الأجسام، لا في الأفكار و المعتقدات.

يتّضح ممّا تقدّم الردّ على الإعلام الصليبي- المسموم ضدّ الإسلام- القائل «إنّ الإسلام انتشر بالسيف»، إذ لا قول أبلغ و لا أفصح من لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ الذي أعلنه القرآن

هؤلاء الحاقدون يتناسون هذا الإعلان القرآني الصريح، و يحاولون من خلال تحريف مفهوم الجهاد و أحداث الحروب الإسلامية أن يثبتوا مقولتهم، بينما يتّضح بجلاء لكلّ منصف أنّ الحروب التي خاضها الإسلام كانت إمّا دفاعية، و إمّا تحريرية، و لم يكن هدف هذه الحروب السيطرة و التوسّع، بل الدفاع عن النفس، أو إنقاذ الفئة المستضعفة الرازحة تحت سيطرة طواغيت الأرض و تحريرها من   ربقة العبودية لتستنشق عبير الحرية و تختار بنفسها الطريق الذي ترتئيه

و الشاهد الحيّ على هذا هو ما تكرّر حدوثه في التاريخ الإسلامي، فقد كان المسلمون إذا افتتحوا بلدا تركوا أتباع الأديان الأخرى أحرارا كالمسلمين.

أمّا الضريبة الصغيرة التي كانوا يتقاضونها منهم باسم الجزية، فقد كانت ثمنا للحفاظ على أمنهم، و لتغطية ما تتطلّبه هذه المحافظة من نفقات، و بذلك كانت أرواحهم و أموالهم و أعراضهم مصونة في حمى الإسلام. كما أنّه كانوا أحرارا في أداء طقوسهم الدينية الخاصّة بهم.

جميع الذين يطالعون التاريخ الإسلامي يعرفون هذه الحقيقة، بل إن المسيحيين الذين كتبوا في الإسلام يعترفون بهذا أيضا. يقول مؤلّف «حضارة الإسلام او العرب»: «كان تعامل المسلمين مع الجماعات الأخرى من التساهل بحيث إنّ رؤساء تلك الجماعات كان مسموحا لهم بإنشاء مجالسهم الدينية الخاصّة».

و قد جاء في بعض كتب التاريخ أنّ جمعا من المسيحيين الذين كانوا قد زاروا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم للتحقيق و الاستفسار أقاموا قدّاسا في مسجد النبي في المدينة بكلّ حرّية.

إنّ الإسلام- من حيث المبدأ- توسّل بالقوّة العسكرية لثلاثة امور

1 لمحو آثار الشرك و عبادة الأصنام، لأنّ الإسلام لا يعتبر عبادة الأصنام دينا من الأديان، بل يراها انحرافا و مرضا و خرافة، و يعتقد أنّه لا يجوز مطلقا أنّ يسمح لجمع من الناس أن يسيروا في طريق الضلال و الخرافة، بل يجب إيقافهم عند حدّهم. لذلك دعا الإسلام عبدة الأصنام إلى التوحيد، و إذا قاوموه توسّل بالقوّة و حطّم الأصنام و هدّم معابدها، و حال دون بروز أي مظهر من مظاهر عبادة الأصنام، لكي يقضي تماما على منشأ هذا المرض الروحي و الفكري.         

 و هذا يتبيّن من آيات القتال مع المشركين، مثل الآية 193 من سورة البقرة

وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ. و ليس هناك أيّ تعارض بين الآية التي نحن بصددها و هذه الآية، و لا نسخ في هذا المجال.

2_ لمقابلة المتآمرين للقضاء على الإسلام، عندئذ كانت الأوامر تصدر بالجهاد الدفاعي و بالتوسّل بالقوّة العسكرية. و لعلّ معظم الحروب الإسلامية على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم كانت من هذا القبيل، مثل حرب أحد و الأحزاب و حنين و مؤتة و تبوك.

3 للحصول على حريّة الدعوة و التبليغ. حيث إنّ لكل دين الحقّ في أن يكون حرّا في الإعلان عن نفسه بصورة منطقية، فإذا منعه أحد من ذلك فله أن ينتزع حقّه هذا بقوّة السلاح.

                         المصدر : الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏2، ص: 263_ 264

             

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=595
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12