• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : مرحلة الشباب ونقطة الخطر .

مرحلة الشباب ونقطة الخطر

مرحلة الشباب ونقطة الخطر

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا﴾

مرحلة الشباب هي عبارة عن مرحلة بلوغ الأشد، كما ورد عن أهل البيت قالوا: ”أشده يعني احتلامه“ يعني إذا وصل إلى سن الاحتلام فقد بلغ مرحلة الأشد.

 

ما هو تعريف مرحلة الشباب؟

هناك اتجاهان في تعريف مرحلة الشباب، الاتجاه البيولوجي والاتجاه السيكولوجي.

 الاتجاه البيولوجي يقول: مرحلة الشباب مرحلة زمنية تبدأ من الثالثة عشر من العمر إلى خمس وثلاثين أو أربعين سنة مثلا

بينما الاتجاه السيكولوجي يقول: الشباب ليست مرحلة زمنية، الشباب يعني القدرة على الإنتاج والإبداع، فمرحلة الشباب ليست مربوطة بزمن معين، بل هي عبارة عن مرحلة القدرة على الإنتاج والإبداع

مميزات مرحلة الشباب

المميز الأول: أن الشاب هو القادر على الإنتاج والإبداع

المميز الثاني: سرعة القرار، الشاب غالبا، لا يكون لديه حالة من التروي والتأمل في اتخاذ القرار، لأن الشاب يعيش مرحلة الحماس العاطفي، ومرحلة الحرارة الشعورية.

 ورد عن الإمام علي أنه قال: ”رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام“ الشاب ينفع في القتال، لكن رأي الشيخ ينفع في التخطيط للحرب وللمعركة.

فلابد أن نعتمد على عاملين: عامل الشباب، وعامل الشيوخ، نحتاج إلى الشباب من أجل إنجاز المشروع ومن أجل استثماره، لأن الشباب هو القادر على الإنتاج، ونحتاج إلى الشيوخ من أجل أن نستفيد من تجاربهم وخبراتهم الطويلة.

 

المميز الثالث: أن الشاب هو القابل للتغير بخلاف الشيخ

في تاريخ الثورات وتاريخ الأنبياء، يلاحظ ان الذي يبادر إلى الاستجابة إلى الثورات والتغييرات هم الشباب فالشباب هم المنطلق الأول نحو التغيير، لأن كبير السن عاش مع تاريخ معين، مع مفاهيم معينة فإذا استجاب للتغيير فقد تنازل عن تاريخه وخطه والتنازل عن التاريخ صعب، لذلك يكون قبول الشيخ للتغيير أصعب من قبول الشاب له، بينما الشاب لا يرى في قبول التغيير أي تنازل عن تجربة، وعن تاريخ، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في قضية النبي نوح ع مع قومه ﴿مَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ)

والرسول الاكرم محمد (ص) يؤكد هذه الحقيقة كما ورد عنه: ”إن الله بعثني بالحق بشيرا ونذيرا فحالفني الشباب وخالفني الشيوخ.

المشاكل المعاصرة التي يعاني منها الشاب

المشكلة الأولى: مشكلة الاستقلال

بمجرد أن يصل عمره إلى سن أربع عشرة سنة يبدأ يشعر بالاستقلال، بأنه أصبح رجلا وليس طفلا، يستقل بقراراته، بآرائه، باختياراته، لا أحد يفرض عليه قراراته وآراءه، شعوره بالاستقلال هو الذي يملي عليه أن يستقل في تصرفاته وفي قراراته.

كيف تتعامل الأسرة مع هذا الشاب؟

من الخطأ التعامل مع الشاب معاملة العنف وفرض القرار، بل لا بد من التعامل معه معاملة الصداقة، والنصح، وعن الرسول الاكرم محمد (ص)  انه قال  : ”لاعب ابنك سبعا، وأدبه سبعا، وصاحبه سبعا“ حاول أن تعامله معاملة الصديق، إذا شعر بأنك صديقه انفتح عليك، صار يلقي إليك بأسراره، بمشاكله، بقضاياه المصيرية.

 استشره في بعض الآراء حتى تعطيه الثقة بنفسه، اعتمد عليه في بعض المسؤوليات، حتى يشعر بأنك تثق به، ويشعر بأنك قريب منه، ، أما إذا رآك عنيفا معه، تفرض عليه قراراتك فلن يكون صديقا لك، ولن يقبل عليك، ولن يذكر لك مشاكله، وما يعانيه.

المشكلة الثانية: مشكلة الأعراف والعادات

الأعراف والتقاليد تتغير ، فلا يصح لنا أبدا أن نفرض تقاليدنا على أولادنا كما ورد عن الإمام علي لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم“

ليس المراد هنا بالآداب هي الأخلاق، بل المراد بها العادات، نعم لو كانت العادات عادات منحرفة أو غير شرعية وجب أن نقف أمامها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ

 

المشكلة الثالثة: مشكلة الجنس

الشاب في سن الرابعة عشرة يكون في سن اليقظة الجنسية، يجب ألا يترك الشاب في هذه المرحلة من دون توجيه، فهو لديه الإنترنت والتلفاز يعلمه كيف يشبع غريزته ونهمه الجنسي، وكيف يكون العلاقات الغير مشروعة، فالأب مسؤول والقرآن الكريم يقول ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ

فإذا لم يتحدث الأب مع ابنه فسوف يتحدث معه أصدقاؤه، الإعلام، شاشة التلفاز.

ان هناك حالة يعيشها الشاب وهي حالة طلب إشباع الشهوة الجنسية، وأن هذه الحالات هي حالات طبيعية عند الإنسان وعليه أن ينبهه عن خطر العلاقات الجنسية، عن خطر العادة السرية، عن الأمراض المترتبة على ذلك وان الطريق المشروع لإشباع الشهوة وهو الزواج فقط، وان يعلمه الاحكام الشرعية ذات العلاقة .

 

المشكلة الرابعة: مشكلة الفراغ

الشاب لديه فراغ ومشكلة الفراغ مشكلة خطيرة، الإمام أمير المؤمنين  يقول: ”إذا كان الشغل مجهدة فاتصال الفراغ مفسدة“

ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: ”ما من ساعة يفرغ فيها العبد إلا كانت فرغته حسرة عليه يوم القيامة“

وعن الإمام الكاظم (ع ) إن الله ليبغض العبد النوام، ويبغض العبد الفارغ“.

 

 

 

 

 كيف نعالج مشكلة الفراغ عند الشاب ؟

 هناك علاجان لهذه المشكلة

العلاج الأول: تقسيم الوقت إلى وقت عمل ووقت ترويح عن النفس

الإنسان يحتاج إلى وقت الترويح

ورد عن الرسول محمد (ص) روحوا القلب ساعة بعد ساعة، فإن القلب يفتر“

وورد عن الإمام علي (ع)  للقلوب إقبال وإدبار، فإذا أقبلت فاحملوها على الفرائض والنوافل، وإذا أدبرت اقتصروا على الفرائض.

ولكن كيف يقضي وقت راحته؟

 الرسول محمد (ص) يحثنا على العمل الرياضي وقت الفراغ يساعد على البعد عن المعصية ”علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل“كي لا يفكروا في المعصية، ولا تتوجه أذهانهم إلى المعصية، لكن مع الأسف كثير من شبابنا يقضي وقت الترويح في معصية الله، خصوصا في سماع الغناء وهو من المحرمات، ومن أخطر آثاره أنه يولد النفاق كما ورد في الحديث الشريف ان الغناء ينبت في القلب النفاق“ ليس المراد في الحديث النفاق الإيماني، بل المقصود بالنفاق استهوان المعصية.

فالمنافق إذا أذنب كان ذنبه كذبابة مرت على وجهه فأبعدها“ يستصغر المعصية

و”أشد الذنوب ما استهان به صاحبه“والشخص الذي يستهين بالمعاصي تتراكم عليه الذنوب ذنبا بعد ذنب.

العلاج الثاني: استثمار الفراغ في الأجواء الروحية

نحن نعيش في أجواء مادية: عمل، أموال، سوق، إغراءات، وهذه الأجواء المادية لا علاج لها إلا الأجواء الروحية، فيجب أن نعمر المساجد بهذه الأجواء الروحية، وان نركز على الأدعية وشرح ألفاظها وتفسير مضامينها....

 

 


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=932
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29