• الموقع : هيئة علماء بيروت .
        • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .
              • القسم الفرعي : مفاهيم .
                    • الموضوع : حول الكلام .

حول الكلام

حول الكلام

الشيخ محمد جواد مغنية


"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً  أو يصمت... رحم الله عبداً قال خيراً فغنم أو سكت فسلم... من عرض لأخيه المتكلم في حديثه فكأنما خدش وجهه".

خير القول ما نفع
الكلام خير إذا استُخدم في الصدق لا في الكذب، ولإحقاق الحق وإبطال الباطل، ولنشر الهدى والعلم لا للتجهيل والتضليل والدعايات الكاذبة.
 وفي نهج البلاغة: لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنه لا خير في القول بالجهل.
وأيضاً الكلام خير إذا كان فيه راحة ومتعة سائغة كأحاديث الأهل والخلان ساعة الفراغ.
فقد جاء في الجزء الثامن من الوسائل: إن الإمام الباقر عليه السلام، قال لبعض أصحابه: "أتختلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم؟ قال: أي والله.
فقال الإمام عليه السلام: أما والله لوددت أني معكم في تلك المواطن... وقال الصادق عليه السلام: ما من مؤمن إلا وفيه دعابة. قيل: وما الدعابة؟ قال المزاح.
إن المداعبة من حسن الخلق، وإنك لتدخل بها السرور على أخيك، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يداعب الرجل، يريد أن يسره".
وبرغم هذه الأحاديث وغيرها فإن بعض المعممين يأبى إلا التحجر والتزمت حرصاً على الوقار والجلال واحتراماً للحية والعمامة وخوفاً من ذهاب السمعة والشهرة! ونسي هذا البعض أو جهل أن ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له.

المتكلم والمستمع
للمتكلم والمستمع آداب كثيرة، ومن واجبات الأول أن يسترسل في الكلام على سجيته بلا تكلف وتعسف، وأن لا يهرف بما لا يعرف، ولا يطفر من الشيء إلى نقيضه بلا سبب موجب، ولا يسأل السؤال دون أن ينتظر الجواب، ولا يقول ما لا يراد منه.
قال بعض العارفين: حدّث الناس ما أصغوا إليك بأسماعهم ولحظوك بأبصارهم، فإذا رأيت منهم إعراضا فأمسك.
قال الشاعر:
ما لصوت أغلقت من      دونه الأسماع معنى
ومن واجبات المستمع أن يعي قول المتكلم ولا يشاركه في الحديث، وإن كان به عالماً، وأن يمهله حتى ينتهي، وهذا ما أراده النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "من عرض لأخيه المتكلم فكأنما خدش وجهه".
والخدش: الجرح الخفيف في ظاهر الجلد، واستعمله النبي هنا في المكروه على المجاز.
وما من شك أن المتكلم إذا تجاوز اللياقة والحدود الشرعية يسوغ للمستمع أن يعقد لسانه بأسلوب مألوف، قال سبحانه: {وإذ سمعوا اللغو أعرضوا عنه}.القصص55
والكثير من الرُّعن يتبسطون في اللغو والسخف والادعاء الفارغ، بل منهم من يتعدى إلى الهمز واللمز، وينصب من نفسه حكماً بين الناس وعليهم، فيعطي لنفسه التقى والعلم والذكاء، ولغيره الجهل والتهم... أبداً هو وحده "التبر والذهب المصفى وباقي الناس كلهم تراب" ! ولو فكر هذا الفريق من الناس قليلاً لاشتغلوا بذنوبهم عن ذنوب الآخرين. ولا علاج لهذا السخف والغرور إلا التحقير والازدراء.


  • المصدر : http://www.allikaa.net/subject.php?id=135
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 06 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28