معنى الرجس ومراتبه فى القرآن
الرجس لغة
الرجس فى اللغة: الشىء القذر؛ جاء فى القاموس: «الرجس بالكسر: القذر، ويحرّك وتفتح الراء وتكسر الجيم والمأثم وكلّ ما استقذر من العمل، والعمل المؤدّى إلى العذاب والشكّ والعقاب والغضب ...» القاموس المحيط ج 2 ص 318
ونحو ذلك فى لسان العرب . ومثله ما ورد فى تاج العروس
وقال الآلوسى فى «روح المعانى»: «والرجس فى الأصل الشىء القذر، وقيل: يقع على الإثم، وعلى العذاب، وعلى النجاسة، وعلى النقائص. والمراد هنا ما يعمّ ذلك» روح المعانى ج 22 ص 12
وقال الطباطبائى فى «الميزان»: «فالرجس: الشىء القذر على ما ذكره الراغب فى مفرداته فالرجاسة بالفتح كالنجاسة، والقذارة هو الوصف الذى يبتعد ويُتنزّه عن الشىء بسببه لتنفّر الطبع عنه» الميزان فى تفسير القرآن، مصدر سابق: ج 6 ص 120
وقال ابن عاشور فى «التحرير والتنوير»: «والرجس: الخبث المستقذر والمكروه من الأمور الظاهرة، ويطلق على المذمّات الباطنة» « التحرير والتنوير ج 5 ص 197
مراتب الرجس فى القرآن
هناك عدد من النصوص القرآنيّة كشفت النقاب عن أنّ الرجس له مراتب متعدّدة؛ مادّية ومعنويّة
أمّا المادّية فهو ما أشير إليه فى قوله تعالى:) إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ( (الأنعام: 145)، وهى واضحة الدلالة على المرتبة المادّية من الرجس
اما المعنوية : قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَاءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ( (الأنعام: 125)، فهى ونظائرها تشير إلى المرتبة الباطنيّة المعنويّة للرجس؛ لأنّ الضلال ونتائجه وأسبابه أمور باطنيّة معنويّة
وقال:) فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ( (الحجّ: 30)، وواضح أنّ الأوثان بنفسها لا رجس فيها، وإنّما الرجس والقذارة فى عبادتها دون الله تعالى، وهى من الأمور الباطنيّة المعنويّة أيضاً.
وقال:) وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ( (يونس: 100)؛ حيث جعلت الشكّ والرّيب المؤديّين إلى الضلال وعدم الإيمان بالله تعالى رجساً يجعله على الذين لا يعقلون.
وقال:) وَ أَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ( (التوبة: 125)؛ حيث أشارت إلى حقيقة أخرى عدا كون الشكّ والنفاق رجساً، وهى أنّ الرجس ليس كلّه بمرتبة واحدة، بل هو من الأمور المتفاوتة ذى المراتب المختلفة بالزيادة والنقصان، بحسب القبائح والنقائص التى يتلبّس بها الإنسان.
وقال:) فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ ( (الأنفال: 11)؛ حيث جعلت المنافق نفسه رجساً وذلك لما تلبّس به من النفاق.
وغير ذلك من النصوص القرآنيّة التى تشاركها فى المضمون ذاته، والتى تؤكّد أنّ الرجس شامل للأمور المادّية والمعنويّة من الملكات والاعتقادات الباطلة والأخلاق ونحوها |