لطائف ومعارف
لطائف ومعارف
إعداد هيئة التحرير
من معدن الوحي
عن أمير المؤمنين عليه السلام
أيُّها النّاس، عليكم بالطّاعةِ والمعرفةِ بِمَن لا تُعذَرون بجَهالتِه، فإنَّ العِلم الذي هَبَط به آدم، وجميعَ ما فُضِّلَت به النَّبيّون إلى محمّدٍ خاتَم النبيّين، في عترةِ محمَّدٍ صلّى الله عليه وآله. فَأينَ يُتاه بكم؟ بلْ أينَ تَذهبون؟ يا مَن نُسِخ من أصلابِ أصحابِ السّفينة! فهذه مثلُها فيكم فاركَبوها، فكَما نجا مِن هاتيك مَن نَجا، كذلك يَنجو مِن هذي مَن دَخَلها. أنا رهينٌ بذلك. قَسَماً حقّاً، وما أنا مِن المُتَكَلِّفين .
ألوَيْل لِمَن تخلَّف ثمَّ الوَيْل!! أمَا بَلَغَكُم ما قال فيهم نبيُّكم، حيث يقول في حِجَّة الوداع إنّي تاركٌ فيكم الثِّقْلين، ما إنْ تَمسَّكتُم بهما لن تَضلُّوا بعدي: كتابَ الله وعِترتي أهلَ بيتي، وإنّهما لن يَفترقا حتّى يَرِدَا عليَّ الحَوْض، فانظُروا كيفَ تخلِفوني فيهما.
أَلا هذا عَذْبٌ فُرات فاشربوا، وهذا ملحٌ أُجاج فاجتَنِبوا (الإرشاد، الشيخ المفيد)
ثوابُ خمسين صدّيقاً
عن الإمام الصادق عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: سيأتي على النّاس زمانٌ لا يُنال المُلك فيه إلّا بالقتل، ولا الغنى إلّا بالغَصب والبُخل، ولا المحبّة إلّا باستخراج الدّين واتّباع الهوى. فمَن أدرك ذلك الزمان فصبَر على الفقر وهو يقدر على الغِنى، وصبر على البُغضة وهو يقدر على المحبّة، وصبر على الذلّ وهو يقدر على العزّ، آتاه الله ثواب خمسين صدِّيقاً ممَّن صدَّق بي». (الكافي، الشيخ الكليني
منْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ
عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: "من عرف نفسه فقد عرف ربه"
يُعتبر حديث «من عرف نفسه» من الأحاديث المشهورة وقد ألفت في تفسيره كتب ورسائل وتعرض لتفسيره العلماء لأهمية مضمونه.
وقد ورد الحديث في العديد من كتب الأحاديث الشيعية والسنية عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم والإمام علي عليه السلام لكنه لم ينقل في كتب الشيعة الأربعة، ولا في الصحاح الستة لأهل السنة، ولكن نقل في مصادر أخرى مثل: مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق عليه السلام، وعوالي اللئالي لابن أبي جمهور الأحسائي، وفي كتاب مطلوب كل طالب لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ وغرر الحكم ودرر الكلم للآمدي وعيون الحكم والمواعظ من تأليف الليثي الواسطي
اعتبار الحديث
يوجد اختلاف بين علماء الشيعة والسنة في صحة حديث «من عرف نفسه»
فقال بعض بعدم اعتباره وبعض بوضعه وآخرون بشهرته وبعض باعتباره رغم كونه من المرسلات ، ولكن بما أنَّ مضمونه قد ورد في بعض الآيات القرآنية؛ فإنَّه لا يحتاج إلى التوثيق السندي. وذكر العلامة المجلسي، أنَّ حديث من عرف نفسه، تم نقله في صحف إدريس النبي(ع). وقد ذكر له الشيخ حسن حسن زاده الآملي أكثر من تسعين معنى.
المستفاد من الحديث
في تفسير الحديث المعروف بـ «حديث النّفس» وجوه كان كثير منها مورد نقد ونقض من العلماء نذكر منها :
1_انه من خلال معرفة خصائص الإنسان، نستطيع أن نعرف صفات الله تعالى:
حينما يعرف الإنسان أنَّه حادث، وممكن، وضعيف، ومحتاج، فيستطيع أن يعرف أنَّ الله تعالى قديم، وواجب الوجود، وقوي، وغير محتاج.
2_ يُشير هذا الحديث إلى برهان النظم: لأنَّ معرفة عجائب الروح والجسم يفتح لنا الطريق إلى الله تعالى؛ لأنَّ هذا النّظم والانتظام والدّقة في الخلقة، لا يمكن أن ينشأ، إلّا بتدبير عالم قادر مبدئ معيد.
3 _ انه كما أنَّه لا يمكن معرفة حقيقة النفس بشكل كامل، فكذلك من المستحيل أيضاً معرفة حقيقة الله تعالى بشكل كامل. فعلَّقَ مُحالاً على محالٍ، أي كما لا يُمكن معرفة حقيقةِ النّفس، كذلك لا يُمكن معرفةُ حقيقة الرّبّ.
(وذكر العلامة الطباطبائي أنَّ هذا التفسير يتعارض مع الآيات والروايات، التي ذكرت وبوضوح أنَّ معرفة النفس طريق لمعرفة الله تعالى)
4 إنَّ مَن عرَف أنَّ نفسَه واحدةٌ، وأنَّها لو كانت اثنتَين لأمكن التَّعارضُ والممانعةُ، عرفَ أنَّ الرَّبَّ واحدٌ: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا..﴾ الأنبياء:22
5 مَن عَرَف أنَّه لا يَخفى على النَّفس أحوالُ الجَسد، علم أنَّه لا يَعزبُ عن الباري مثقالُ ذرَّةٍ في الأرض ولا في السّماء، لامتناعِ علمِ المخلوق وجَهلِ الخالقِ تعالى.
5 مَنْ عَرَفَ أنَّ نفسَهُ لا يُعرَف لها مكانٌ ولا يُعلَم لها أينيّة، عرف أنَّ ربَّه مُنزَّهٌ عن المكان والأينيّة.
6: مَن عرف أنَّ النّفس موجودةٌ قبل البدنِ، باقيةٌ بعدَه، عرف أنَّ رَبَّه كان موجوداً قبل المخلوقات وهو باقٍ بعدها، لمْ يَزَلْ ولا يزال.
7 من عرف أنَّ النّفس لا تُحَسّ ولا تُمَسّ، ولا تُدْرَك بالحواسِّ الظّاهرة، عَرَف أنَّ اللهَ سبحانه كذلك.
8: كأنَّه قال مَن عرَفَ نفسَهُ جاهدَها وعَبَدَ ربَّه، ومَنْ عَبَدَهُ فقد عَرَفَهُ حقَّ المعرفة وحصل له ثمرةُ العلمِ به .
9 مَنْ عَرَفَ نَفسَهُ بِصفاتِ النَّقصِ عَرَفَ رَبَّهُ بصفات الكمال.
وغير ذلك من وجوه.
آداب وسنن
كان صلَّى الله عليه وآله إذا شربَ الماء قال: الحمدُ للهِ الَّذي لم يجعَله أُجاجاً بذنوبنا، وجعله عَذْبَاً فُراتاً بنعمتِه». (إرشاد القلوب، الدّيلميّ
عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «إنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وآله إذا عزّى قال: آجَرَكم اللهَ ورحِمَكُم، وإذا هنّأَ، قال: باركَ الله لكم وباركَ الله عليكم».( مُسكِّن الفؤاد، الشّهيد الثّاني)
عنه صلَّى الله عليه وآله أنّه كان إذا أصيب بمصيبةٍ، قام فتوضأ وصلَّى ركعتين، وقال: أللَّهمّ قد فعلتُ ما أمرتَنا فأنجِز لنا ما وعدْتَنا». (مُسكِّن الفؤاد، الشّهيد الثّاني))
كان النّبيّ صلَّى الله عليه وآله إذا حزنه أمرٌ استعانَ بالصَّوم والصّلاة» (مجمع البيان، الطّبرسيّ)
حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن
عن سلمان، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا سلمان، مَن أحبَّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي، ومَن أبغضها فهو في النار. يا سلمان، حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن الموت، والقبر، والميزان، والمحشر، والصراط، والمحاسبة، فمن رَضيتْ عنه ابنتي فاطمة رضيتُ عنه، ومَن رضيتُ عنه رضيَ اللهُ عنه، ومَن غَضِبتْ عليه ابنتي فاطمة غَضبتُ عليه، ومَن غَضبْتُ عليه غضبَ اللهُ عليه. يا سلمان، وَيلٌ لِمَن يظلمها ويظلم بعلها، ووَيلٌ لِمَن يظلم ذُرِّيَّتها وشيعتها.
وقد نظم هذه الرواية الشاعر النجفي الشيخ الفرطوسي (1335 للهجرة) قال في أرجوزته الشهيرة «ملحمة أهل البيت» تحت عنوان «حبّ فاطمة عليها السلام ينفع في مواطن
إنّ حبَّ الزهراءِ ينفع حقّاً أهلَهُ في مَواطنَ للبلاءِ
وأقلُّ الأهوالِ منها بلاءً ساعةُ الموت عند وقت الفناءِ
وعذابُ القبورِ والحشرُ منها وعبورُ الصراط يومَ البقاءِ
وحسابُ العباد والوزنُ عدلاً عند وضع الميزان يوم اللقاءِ
ليس يُنجي العبادَ بالأمن منها غيرُ حبِّ الزكيةِ الحوراءِ
فمُحبُّ الزهراء يدخل حقاً في جنان المأوى مع الصلحاءِ (شرح إحقاق الحقّ)
وَأَيْمُ الله: وأصله: وَأَيْمُنِ الله
«أَيْمُن» اسم وضع للقسم وهذا الاسم مرفوع بالابتداء وخبره محذوف، والتقدير: لَيُمْنُ الله قسمي، وتُحذف نونه فيصير «أَيْمُ الله
وذهب أبو عبيد وغيره الى أنّ «أيمن» جمع يمين، وكانت العرب تحلف باليمين فتقول: يمين الله لا أفعل، قالوا: واليمين تُجمع على «أيمن. ثمّ حلفوا به، فقالوا: أَيْمُنُ الله . فأيمُ الله هي في الأصل: وأيمُنِ الله، بمعنى: وحقِّ أيمانِ الله، أي وحقِّ الأيمان بالله، وتُحذف النون للتخفيف فتُصبح: وأَيْمُ الله.
أوّل مَن قال «جُعِلتُ فداك
قال أبو هلال في كتاب (الأوائل): أوّل مَن قال «جُعلت فداك» عليٌّ عليه السلام لمّا دعا عمرو بن عبد ودّ إلى المبارزة يوم الخندق ولم يُجِبه أحد، فقال عليّ عليه السلام: جُعِلتُ فداك يا رسول الله، أتأذنُ لي؟ قال: إنّه عمرو بن عبد ود، قال: أنا عليُّ بن أبي طالب، فخرج إليه فقتلَه، فأخذ الناس منه عليه السلام. (الخزائن، الشيخ أحمد النراقي
في مدح الصيف وذمه
قال بعضهم في مدح فصل الصيف: الصيف خفيف المؤونة، جليل المعونة، كثير النفع قليل الضرر، وهو أمُّ الحب والرياحين وبنات البساتين، وراحة الفقراء والمساكين، طبعه طبع الشباب الذي هو باكورة الحياة.
وقال آخرون في ذم الصيف: الصيف كحد السيف
وكتب أحدهم: كيف لي بالحركة وقد قوي سلطان الحر وفرش بساط الجمر، ولا سيما فيه الهاجرة التي هي كقلب المهجور والتنور المسجور.
وكتب أحدهم لآخر: لا مرحبًا بالصيف من ضيف؛ فهو عون على الحيَّات والعقارب، وأم الذباب والخنافس، وظئر البق الذي هو آفة الخلق.
وجاء في كتاب الطرائف:
رأى الصيف مكتوبًا على باب داره فصحفه ضيفًا فقام إلى السيف
فقلنا له خيرًا فظن بأننا نقول له خبزًا فمات من الخوف
درجات الصداقة
مستويات ومسميات الصداقة
التِرب: من يساويك في العمر _ الزّميل: رفيقك في العمل
الجّليس: هو الصاحب لك في المجلس _ السّمير: الذي يتحدث لك في الليل
النّديم: من يشاركك في مشربك _ الصّاحب: من يكون ملازما لك طوال يومك وأوقاتك
الرّفيق: الذي يرافقك في سفرك _ الصّديق: هو الذي يصاحبك بكلّ ودّ وصدقك فيما تقول
الخلّ: هو من تتخلل محبته الروح، وهو الصديق الخالص، الصادق في علاقته
الأنيس: هو من يأنس المرء به، و يدخل السعادة على القلب
النّجي: هو من تستطيع محادثته سراً، وتستطيع مناجاته بأشياء سرّية
الصّفي: الصديق المختار، هو من أخلص لك في صداقته
القرين: من يوجد بينك وبينه رباط روحي قوي، أيّ: الرفيق الدائم الذي يلزمك في حلك و ترحالك، ويتعلق بك ولا تفارقه.
عنترة شاعر البطولة والحب العفيف
هو عنترة بن شداد الشاعر المشهور من أهل نجد، من فحول شعراء الطبقة الأولى، وكانت والدته أمة حبشية سوداء واسمها زبيبة، وكان من أشد العرب بأسا وأشهرهم بطولة وأكرمهم يدا وأعقبهم حبا
وكان غير معتبر بين قومه ويعامل معاملة سيئة جدا لسواد لونه، قال:
يعيبون لوني بالسواد جهال ولولا سواد الليل ما طلع الفجر
وإن كان لوني أسودا فخصائلي بياض ومن كفي يستنزل القطر
فلما كثرت عليه الأقاويل من ذويه وعشيرته أنشد متألما
لئن اك أسودا فالمسك لوني وما لسواد جلدي مــن دواء
ولكن تبعد الفحشاء عني كبعد الأرض من جو السماء
وكانت أمه كثيرا ما تعنفه وتلومه على ركوب الأخطار في الوقائع والحروب خوفا عليه من القتل فتذكر كلامها يوما وهو في بعض المعامع فقال:
تُعَنِّفُني زَبيبَةُ في المَلامِ عَلى الإِقدامِ في يَومِ الزَحامِ
تَخافُ عَلَيَّ أَن أَلقى حِمامي بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
مَقالٌ لَيسَ يَقبَلُهُ كِرامٌ وَلا يَرضى بِهِ غَيرُ اللِئامِ
يَخوضُ الشَيخُ في بَحرِ المَنايا وَيَرجِعُ سالِماً وَالبَحرُ طامي
وَيَأتي المَوتُ طِفلاً في مُهودٍ وَيَلقى حَتفَهُ قَبلَ الفِطامِ
فَلا تَرضَ بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَوماً وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
من اقوال العرب: ارْض من المركوب بالتعلق
يضْرب مثلا للرضا بِدُونِ الْحَاجة, أَي ارْض من الْأَمر بِدُونِ تَمَامه وَمن الْعَيْش بِدُونِ الكفاف, يحثه
على القناعة.
وَأَصله فِي الرّكُوب يُقَال للرجل تعلق بعقبة تركبها والعقبة أَن يركب قَلِيلا ثمَّ ينزل فيركب صَاحبه وَقد اعتقب الْقَوْم رواحلهم.
وَمن أَجود مَا جَاءَ فِي القناعة وَالرِّضَا بِدُونِ الْحَاجة قَول أبي الْعَتَاهِيَة
أَنْت مُحْتَاج فَقير أبدا ... دون أَن ترْضى بِأَدْنَى مَا لديك
وذم بَعضهم القناعة فَقَالَ هِيَ خلق الْبَهَائِم إِنَّهَا إِذا وجدت أكلت وَإِن لم تَجِد باتت على خسف .
من ظريف الأخبار
دخلَ شريكُ بنُ الأعور السّلميّ على معاوية. فقال له معاوية: واللهِ إنّك لَشريك، وليس لله شريك، وإنّك لَابنُ الأَعور، والبَصيرُ خيرٌ من الأعور، وإنّك لذَميمٌ، والجيّدُ خيرٌ من الذّميم، فكيف سدتَ قومَكَ؟ فقال له شريك: إنّك لَمعاوية، وما معاويةُ إلَّا كلبةٌ عَوَت واستَعْوَت، وإنّك لابنُ صخر، والسّهلُ خيرٌ من الصّخر، وإنّك لابنُ حرب، والسِّلمُ خيرٌ من الحرب، وإنّك لابنُ أُمَيّة، وهل أميّةُ إلَّا تصغيرُ أَمَة، صَغَّرْتَ فاستُصْغِرْتَ، فكيفَ صرتَ أميرَ المؤمنين؟
فغضبَ معاوية، وخرج شريكٌ وهو يقول
أَيَشْتُمُنِي معاويةُ بنُ صَخْرٍ وسَيفِي صَارِمٌ ومَعي لِسَانِي»
(المحدّث النّوريّ، نفَس الرّحمن)