هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 في رحاب الإنتظار

 لاصطلاحات الدالة على الذنب في القرآن الكريم

 بيان نعى العلامة المجاهد السيد غازي محمد الحسيني

  في غدير خم

 صلاة التراويح.... بين المشروعية والبدعة

 علماء قدوة

  بين الامل والغرور

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 احاديث في الدعاء وإشارات علمية هامة

 الشيعة وتأسيس الكيان اللبناني

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7021241

  • التاريخ : 19/03/2024 - 10:11

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : قرانيات .

              • الموضوع : وقفات وتأملات في سورة الحجرات (2) .

                    • رقم العدد : العدد الثاني والعشرون .

وقفات وتأملات في سورة الحجرات (2)

  

وقفات وتأملات في سورة الحجرات (2)

الشيخ سمير رحال

تقدم في القسم السابق الحديث عن معالم هذه السورة المباركة  وانها تستهدف بناء عالم رفيع كريم نظيف سليم  من خلال الدعوة الى الالتزام بجملة من القواعد و الأصول و المبادئ و المناهج التي يقوم عليها هذا العالم والتي تكفل قيامه أولا، و صيانته أخيرا ..  وكان المقطع الاول من السورة قد تناول ادب العلاقة مع  الله ورسوله  وان طاعة الله ورسوله  والانقياد لهما هما راس الفلاح والا فالخسران  ووصل بنا الحديث  الى جملة من  آداب التعامل بين خلق الله 

 و الإجراءات  العملية  الواجب اتخاذها في مواجهة ما يقع فيه من خلاف  بين المؤمنين  .

 الآيات [سورة الحجرات (49): الآيات 6 الى 8]

قال تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6) وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ نِعْمَةً وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)

  الجهل فوق الخطأ، لأن المجتهد إذ أخطأ لا يسمى جاهلا

الإصابة تستعمل في السيئة و الحسنة، كما في قوله تعالى: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النساء: 79] لكن الأكثر أنها تستعمل فيما يسوء

سبب النّزول‏

قال الطبرسي في مجمع البيان في تفسير القرآن:  نزل في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول الله ص في صدقات بني المصطلق فخرجوا يتلقونه فرحا به و كانت بينهم عداوة في الجاهلية فظن أنهم هموا بقتله فرجع إلى رسول الله ص و قال إنهم منعوا صدقاتهم و كان الأمر بخلافه فغضب النبي ص و هم أن يغزوهم فنزلت الآية عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و قيل إنها نزلت فيمن قال للنبي ص إن مارية أم إبراهيم يأتيها ابن عم لها قبطي فدعا رسول الله ص عليا (ع) و قال يا أخي خذ هذا السيف فإن وجدته عندها فاقتله فقال يا رسول الله أكون في أمرك  إذا أرسلتني كالسكة المحماة أمضي لما أمرتني أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فقال ص بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب قال علي (ع) فأقبلت متوشحا بالسيف فوجدته عندها فاخترطت السيف فلما عرف إني أريده أتى نخلة فرقي إليها ثم رمى بنفسه على قفاه و شغر برجليه فإذا أنه أجب أمسح ما له مما للرجال قليل و لا كثير فرجعت فأخبرت النبي ص فقال الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت ( مجمع البيان في تفسير القرآن، ط مجمع التقريب ج‏9، ص: 242)

ضرورة التوثق من الاخبار

 الواقع العملي يثبت خطورة تلقي الاخبار بالقبول من اي مصدر اتى  فكم من خبر  يبنى عليه  ثم يتبين انه مجرد إشاعة، أو كذب ، او ان فيه  الكثير من المبالغة .

  لذا كان هذا الأدب  القرآني وهو التثبّت من الأخبار المنقولة، دفعا لأي آثار سلبية يمكن ان تترتب كالأحقاد           و المنازعات والعداوة بين الافراد والجماعات وتفكيك الاسر وارتكاب المظالم  والصراعات الاجتماعية  وهذه الآثار في مجملها نتيجة  اهمال مصدر النقل او الاعتماد على اخبار الفاسقين  الذين لا يجدون اي حرج في الكذب وتهديد العلاقات الاجتماعية على جميع المستويات . 

   ماذا يعني التبين؟

يبدو أنه يشمل كل أسلوب يؤدي الى حالة الوضوح عند الإنسان، فتطمئن النفس  الى صحة النقل   .               

سواء أكان اعتمادا على  بينة (شهادة عدلين) أو الشياع المفيد للطمأنينة، أو مجموعة متراكمة من الشواهد و الآثار أو خبر   العادل  .. وكلما كان الخبر خطيرا  كلما استوجب الامر المزيد من التثبت  وذلك لخطورة  الآثار المترتبة وهذا ما نلحظه في التفاوت في عدد الشهود المطلوب شرعاً تبعاً لاختلاف الموضوعات والقضايا واهميتها فيكتفى في بعضها بشهادة او إخبار الواحد الثقة وفي بعضها العدالة وفي بعضها بشهادة رجلين او رجل وامرأتين وفي بعضها لا يكتفى بأقل من اربعة  كل ذلك حرصاً  على حقوق الناس وكراماتهم .

  ولعل الحكمة التي سيقت في خاتمة الآية هي محور الحكم فعلينا أن ندور مداره، و نتفكر كيف نتجنب الوقوع في الجهالة و الندم .

المفسر المعروف القرطبي ينقل نصا عن ابن العربي يقول: ومن العجب أن يجوز الشافعي و نظراؤه إمامة الفاسق ومن لا يؤتمن على حبة مال كيف يصح أن يؤتمن على قنطار دين، وهذا إنما كان أصله أنّ الولاة الذين كانوا يصلون بالناس لما فسدت أديانهم ولم يمكن ترك الصلاة وراءهم، ولا استطيعت إزالتهم صلي معهم و وراءهم (و أضاف) ثم كان من الناس من إذا صلى معهم تقية أعادوا الصلاة للّه، و منهم من كان يجعلها صلاته. و بوجوب الاعادة أقول فلا ينبغي لأحد أن يترك الصلاة مع من لا يرضى من الأئمة و لكن يعيد سرا في نفسه ولا يؤثر ذلك عند غيره. « القرطبي/ ج 16- ص 213 [.....]»

من هو الفاسق

والفاسق في أكثر المواضع: المراد به‏ من خرج عن ربقة الإيمان، لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [المنافقون 63/ 6] و قوله تعالى: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف 18/ 50] و قوله تعالى: وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ، كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها [السجدة 32/ 20] « تفسير الرازي: 28/ 119»

ولكنه في المصطلح الشرعي وغالباً ما يراد به الانسان الذي لا يلتزم بالاحكام الشرعية وهو يقابل العادل صاحب الملكة الباعثة على فعل الواجبات وترك المحرمات ولو خالف فانه يبادر الى التوبة . فلما كان الانسان العادل يخشى الله ويحرص على طاعته ويتقي معصيته كان خبره مقبولا ومحل اعتماد في الاجمال تبعا لشروط اضافية وضمن ظروف تراعى فيها حالات الخطأ والاشتباه وخصوصاً في الامور الخطيرة .وهذا بخلاف الفاسق الذي لا يبالي ولا يخشى الله في عباده فكان من الطبيعي التشدد  في قبول إخباراته .

قوله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ»

فعليهم أن لا يغفلوا عن أن فيهم رسول الله وهو مؤيد من عند الله وعلى بينة من ربه فعليهم أن يطيعوا الرسول ص ولا يصروا على أن يطيعهم في آرائهم وأهوائهم فإنه لو يطيعهم في كثير من الأمر جهدوا وهلكوا.        

و لو أطاعكم في كثير مما تخبرونه به من الأخبار، و تشيرون عليه من الآراء غير الصائبة، لأدى ذلك إلى الوقوع في العنت، و هو التعب و الإثم و الهلاك، و لكنه لا يسارع إلى العمل بما يبلغه قبل النظر و التأمل فيه.

 لذا عليكم أن تسلّموا إليه كل أموركم، ولا تكلّفوه إطاعتكم في ما تحبون، لأن كثيرا مما تحبونه أو تطلبونه لا يرتبط بمصلحتكم الحقيقية في الحياة..

 

وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ نِعْمَةً وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)

و الإيمان اسم لثلاثة أشياء: التصديق بالجنان، و الإقرار باللسان، و العمل بالجوارح (الأعضاء).

والفرق بين الفسوق والعصيان- على ما قيل- إن الفسوق هو الخروج عن الطاعة إلى المعصية، والعصيان نفس المعصية  

الرَّاشِدُونَ  قالوا: أصل الرشد الصخرة، ويسمى صاحب الرأي السديد بالراشد لاستقامته عليه، و شدة تصلبه فيه، فهو على يقين من أمره. و رشد المؤمن ناشئ من يقينه.

 

الفرق بين الفضل و النعمة

فضل اللّه إشارة إلى ما عنده من الخير وهو مستغن عنه،  والنعمة إشارة إلى ما يصل إلى العبد و هو محتاج إليه، فقوله فَضْلًا مِنَ اللَّهِ إشارة إلى ما هو من جانب اللّه الغني، و النعمة إشارة إلى ما هو من جانب العبد من اندفاع  الحاجة.

مضمون الآيات الكريمة

فالله خلق البشر على فطرة الايمان كما ان الفطرة البشرية بذاتها تكره الانحراف بكلّ درجاته، كالكفر الذي يعني مخالفة الدين رأسا، و الفسوق الذي يعني تجاوز حدود الشريعة و العصيان الذي هو ارتكاب بعض الخطايا، و هذه الثلاث تعاكس الايمان و من دون تطهير القلب من أدرانها لا يستقبل القلب روح الايمان.

و المراد بتحبيب الإيمان إليهم جعله محبوبا عندهم و بتزيينه في قلوبهم تحليته بجمال يجذب قلوبهم إلى نفسه فيتعلقون به و يعرضون عما يلهيهم عنه. وتكريه الكفر وما يتبعه إليهم جعلها مكروهة عندهم تتنفر عنها نفوسهم 

  وهذه التعابير إشارة إلى قانون اللطف أي «اللطف التكويني».

فاللّه تعالى يهيئ المجال «و الأرضية» للهداية و الرشد، فمن جهة يبعث رسوله و يجعله بين الناس و ينزل القرآن الذي هو نور و منهج هداية و من جهة يلقي في النفوس العشق للإيمان و محبّته و التنفّر و البراءة من الكفر و العصيان، لكن في النهاية للإنسان أن يختار ما يشاء ويتحمل تبعات اختياره!

الآيات 9_ 10 من سورة الحجرات

وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)

بَغَتْ : تعدت و تجاوزت الحد و جارت، من البغي: الظلم

وَ أَقْسِطُوا اعدلوا في كل الأمور من الإقساط: إزالة القسط و هو الجور، و القاسط: الجائر، كما في آية: أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً [الجن 72/ 15] يقال: أقسط: عدل، و قسط: أخذ حق غيره، والمقسط: العادل إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ العادلين، أي يحمد فعلهم بحسن الجزاء.

سبب النّزول‏

ورد في شأن نزول الآيتين- هاتين- أنّ خلافا وقع بين قبيلتي «الأوس» و «الخزرج» «و هما قبيلتان معروفتان في المدينة» أدّى هذا الخلاف إلى الاقتتال بينهما و أن يتنازعا بالعصي و الهراوات و الأحذية فنزلت الآيتان آنفتا الذكر و علّمت المسلمين سبيل المواجهة مع أمثال هذه الحوادث « مجمع البيان، ج 9، ص 132».

و قال بعضهم: حدث بين نفرين من الأنصار خصومة و اختلاف! فقال أحدهما للآخر: سآخذ حقّي منك بالقوة لأنّ قبيلتي كثيرة، و قال الآخر: لنمض و نحتكم عند رسول اللّه، فلم يقبل الأوّل، فاشتدّ الخلاف و تنازع جماعة من قبيلتيهما بالعصي و الأحذية و «حتى» بالسيوف، فنزلت الآيتان آنفتا الذكر و بيّنت وظيفة المسلمين في مثل هذه الأمور « تفسير القرطبي، ج 9، ص 6136».

للإسلام تعاليم و إرشادات لبناء المجتمع و إصلاحه

العلاقة التي يجب ان تحكم المؤمنين فيما بينهم هي علاقة الاخوة التي تفترض المودة والرحمة والتعاطف والتكافل وهذا هو الاصل في العلاقة بين المؤمنين افراداً وجماعات وما سوى ذلك فهو حالة عارضة لا تلبث ان تزول بمقتضى الايمان العاصم من الزلل بمقدار شدته ورسوخه او بإصلاح يقوم به المؤمنون

من هنا تقرر الآيتان اعلاه انه إذا ما حدث خصام وقتال بين فئتين من المؤمنين فعلى المؤمنين الآخرين أن يتلافوا ذلك، ويبادروا الى الاصلاح على أساس الحق والعدل

عالجت الآية الاولى قضية القتال بين المؤمنين بصورة واضحة.

الآية الثانية تعالج موضوع الصلح و لكن بصورة أشمل و تؤكد على عمق العلاقة بين المؤمنين التي تصل الى الأخوة الكاملة.

قال أمير المؤمنين عليه السلام  في وصيته عند وفاته لولديه الحسن و الحسين عليهما السلام : «أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى اللّه و نظم أمركم، و صلاح ذات بينكم فأني سمعت جدكما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام». « بحار الأنوار/ ج 75/ ص 24»

  ويستفاد من الآية المتقدمة بضميمة القرائن الأخر...

1- إنّ الإصلاح بين الطوائف المتنازعة «من المسلمين» أمر واجب كفائي.

2- ينبغي لتحقّق هذا الأمر أن يشرع أوّلا من المراحل البسيطة و أن تراعى قاعدة «الأسهل فالأسهل» إلّا أنّه إذا لم ينفع ذلك فيجوز عندئذ المواجهة المسلّحة بل تلزم أحيانا ...

فالمصلحون يبتدئون بالإصلاح «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما» بأية وسيلة ممكنة ، فمن يتجاهل هذه اللغة الواعظة، فلغة القتال «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» و لكن إلى حدّ : «حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ»

فيحدد القرآن القتال بعودة الفئة الباغية الى أمر اللّه و قبولها بتطبيق حكم الإسلام في قضايا الخلاف مما يدل على واجب التقيد التام بحدود العدالة في التعامل مع البغاة بالرغم من بغيهم و اعتدائهم على السلام و الأمن.

لذلك  لا ينبغي معاملة أهل البغي معاملة الأعداء، بل ينبغي أن نقاتلهم لكف بأسهم و درء للفتنة فاذا فاءوا الى أمر اللّه عاملناهم كاخوة .

من هم المقصودون بالآية ؟

يرد السؤال التالي : هل الآية تشمل حالة القيام ضد الحكم الاسلامي أم تخص الاختلاف بين طائفتين من المسلمين ليس بينهما إمام؟

فيه خلاف وقولان في المسألة بين قائل ان الآية مختصة بالنزاع الواقع بين الطائفتين المؤمنين لأنّ القيام  والنهوض بوجه الإمام‏ العادل موجب للكفر، في حين أنّ النزاع بين المؤمنين موجب للفسق فحسب لا الكفر، ولذلك فإنّ القرآن المجيد عبّر عن الطائفتين بالمؤمنين وسمّاهم أخوة.

قال الفاضل «المقداد» في «كنز العرفان :

الباغي هو من خرج على الإمام العادل بتأويل باطل و حاربه و هو عندنا كافر لقوله صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام «يا عليّ حربك حربي و سلمك سلمي» «  راجع إحقاق الحق ج 6 ص 439- 441 و قد مر ص 372

...ولا يلزم من ذكر لفظ البغي في الآية أن يكون المراد بذلك البغاة المعهودين عند أهل الفقه ... ولذلك لم يجعلها الراونديّ حجّة على قتال البغاة بل جعلها في قسم من يكون من المسلمين أو المؤمنين فيقع بينهم قتال و تعدّى بعض على بعض فيكون البغي بمعنى التعدّي فيقاتل المتعدّي حتّى يرجع عن تعدّيه إلى طاعة اللّه و امتثال أوامره.

قال الراونديّ ذكر الطبريّ أنّها نزلت في طائفتين من الأنصار وقع بينهما حرب و قتال، .... نعم إن كان و لا بدّ يستدلّ على قتال البغاة بعموم وجوب طاعة اولي الأمر في قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2» أو بقوله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ « براءة: 74

والمنافق من ظاهره الإسلام والباغي كذلك لاظهاره الإسلام وخروجه عنه ببغيه على إمامه فهو حقيق باسم النفاق و لذلك قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ «لا يحبّك إلّا مؤمن [تقيّ‏] و لا يبغضك إلّا منافق [شقيّ‏]» «  شرح النهج لابن ابى الحديد ج 4 ص 358، و الحديث متفق عليه تراه في النسائي ج 8 ص 116 » رواه النسائيّ في صحيحه

ومن يحاربه لا يحبّه قطعا فيكون منافقا و هو المطلوب و لا يلزم من عدم جهاد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمنافقين عدم ذلك بعده و لذلك قال عليّ عليه السّلام يوم الجمل: «و اللّه ما قوتل أهل هذه الآية إلّا اليوم» يريد به قوله تعالى وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ الآية   براءة: 11

(كنز العرفان في فقه القرآن، كتاب الجهاد، باب أنواع أخر من الجهاد- الجزء الأول، ص 386_  بتصرف )

ولكن المعروف بين المفسرين ان الآية تشمل الحالة الأولى ، و يشهد على ذلك‏:

الحديث المفصل المروي عن الامام الصادق عليه السلام و الذي جاء فيه: «بعث اللّه محمّدا بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، و لن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها .. الى أن قال: و أما السيف المكفوف فسيف على أهل البغي و التأويل (ثم قرأ الآية الكريمة: و إن طائفتان ..) فلما نزلت هذه الآية قال رسول اللّه: إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، فسئل النبي: من هو؟ فقال: خاصف النعل، يعني أمير المؤمنين، فقال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول اللّه ثلاثا و هذه الرابعة، و اللّه لو ضربونا حتى يبلغوا بنا المسعفات من هجر لعلمنا انا على الحق و أنهم على الباطل». « وسائل الشيعة/ ج 11/ ص 18»

في الروضة عن أبي بصير عن أبي عبد الله(ع) قي قول الله عز وجل {وإن طائفتان} الآية قال: إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة وهم أهل هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين(ع) فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى امر الله ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما انزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين وهي الفئة الباغية كما قال الله عزل وجل، وكان الواجب على أمير المؤمنين(ع) أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كما عدل رسول الله(ص) في أهل مكة إنما منّ عليهم وعفا وكذلك صنع أمير المؤمنين(ع) بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع رسول الله(ص) بأهل مكة حذو النعل بالنعل.

وروى مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه: «إن عليا لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه الى الشرك و لا الى النفاق و لكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا».

اما انكار بعض الأصحاب الاستدلال بهذه الآية على قتال البغاة، وذلك لأن الباغي هو من خرج على الإمام العادل بتأويل باطل وحاربه وهو عندنا كافر فكيف يكون الباغي المذكور مؤمناً حتى يكون داخلاً في الآية؟ فيرده الروايات الواردة في تفسيرها عن معدن الوحي الإلهي وأسرار التأويل.

 واما إطلاق اسم الإيمان. عليهم فهو من قبيل التسمية بما كانوا عليه كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه} الآية: والمرتد كافر وليس بمؤمن اتفاقاً، ويجوز أن يكون التسمية بذلك بناء على ما يزعمونه ويعتقدونه وينسبون أنفسهم إليه كما في قوله تعالى {وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين لهم} الآية، وهذه صفة المنافقين اجماعاً.

قال في الجواهر : وكيف كان فلا خلاف بين المسلمين فضلا عن المؤمنين في أنه ( يجب قتال من خرج على إمام عادل عليه السلام ) بالسيف ونحوه   ( إذا ندب إليه الإمام عليه السلام ) عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام ) لذلك أو ما يشمله ، بل الاجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص من طرق العامة والخاصة ، مضافا إلى ما سمعته من الكتاب بناء على نزوله فيهم كما تسمع التصريح به في خبر الأسياف ( تقدم ذكره) في الخاتمة المروي في الكافي والتهذيب وعمل به الأصحاب ومنهم الناكثون أصحاب الجمل أعوان الامرأة ، والقاسطون أهل الشام والمارقون الخوارج الذين هم كلاب أهل النار ، وقد مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ولا يتجاوز الايمان تراقيهم. (جواهر الكلام - الشيخ الجواهري - ج 21 - ص 322  وما بعد )

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)

إخوة مجازا على وجه التشبيه البليغ زيادة لتقرير معنى الأخوة بينهم حتى لا يحق أن يقرن بحرف التشبيه المشعر بضعف صفتهم عن حقيقة الأخوّة.

عشرات الأنظمة الاجتماعية، ومئات الوصايا والتعاليم الأخلاقية وردت في النصوص الدينية قرآناً وسنة  ليبلغ المسلمون حالة الاخوة الايمانية  وتطبيق تلك التعاليم القيمة هي وحدها  التي تسقط الحواجز المادية و المصلحية التي تفصلهم عن بعضهم   . كما رتبت هذه الاخوة المجعولة جملة من الحقوق   الهدف منها تكريس حالة الاخوة بين المؤمنين..

ولعل من أكثر الروايات «جمعا» في شأن حقوق المؤمن على أخيه المؤمن التي تبلغ ثلاثين حقّا الرواية التالية:

قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلّم: «للمسلم على أخيه ثلاثون حقّا، لا براءة له منها إلّا بالأداء أو العفو! يغفر زلّته، و يرحم عبرته، و يستر عورته، و يقيل عثرته، و يقبل معذرته، و يرد غيبته، و يديم نصيحته، و يحفظ خلّته و يرعى ذمّته، و يعود مرضه، و يشهد ميّته، و يجيب دعوته، و يقبل هديته، و يكافئ صلته، و يشكر نعمته، و يحسن نصرته، و يحفظ حليلته، و يقضي حاجته، و يشفع مسألته، و يسمّت عطسته، و يرشد ضالّته، و يردّ سلامه، و يطيب كلامه، و يبرّ أنعامه، و يصدق أقسامه، و يوالي وليّه، و لا يعاديه، و ينصره ظالما و مظلوما، فأمّا نصرته ظالما فيردّه عن ظلمه، و أمّا نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقّه، و لا يسلمه و لا يخذله، و يحب له من الخير ما يحبّ لنفسه، و يكره له من الشر ما يكره لنفسه» « بحار الأنوار، ج 74، ص 236. ».

والإصلاح  كما يفهم من الآية من جملة حقوق المؤمنين بعضهم على  بعض، ومسؤوليتهم في الحياة الاجتماعية الإسلامية، التي يعتبر الجميع معنيين بتوازنها وتماسكها واستقامتها في خط الصلاح  .

ولذلك فإن كل ما يخل بهذه الاخوة الايمانية  وكل ما يخل بالامن الاجتماعي للناس كان مورد نهي صارم في كثير من الآيات ومنها الآيات 11_ 12

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى‏ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى‏ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)

وفي كل من الآيتين ثلاثة أحكام في مجال الأخلاق الاجتماعية.

في الآية الأولى هي «عدم السخرية» و «ترك اللمز» و «ترك التنابز بالألقاب».

و في الآية الثانية هي «اجتناب سوء الظن» و «التجسّس»  و «الاغتياب».

فليس الانسان حراً في ان يقول ما يعلم حتى وان كان صادقاً وليس له أيضاً ان ينساق خلف ظنونه واهوائه لان ذلك كله مدعاة للشقاق والظلم  وسبيل لانهيار المجتمع الصالح الذي يريد الاسلام بناءه في دار الدنيا  , مجتمع يسوده الوئام والمحبة والعدالة . وهذه الامور المنهي عنها في الآيات المبحوث عنها ستكون مورد كلامنا لاحقا بإذنه تعالى. 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/11   ||   القرّاء : 8145


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net