آية الإكمال نزلت في خمّ أم في عرفة؟
آية الإكمال نزلت في خمّ أم في عرفة؟
قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ ديناً} (المائدة: الآية 3)
فان الروايات الكثيرة دلّت على نزولها في غدير خم، بعد منصرفه (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع يوم 18 ذي الحجة
ولكن العديد من العامة حاول إجهاض قرينة المكان والزمان بنقل ذلك كله إلى زمن آخر ومكان آخر بالقول ان الآية نزلت يوم عرفة في أرض عرفات، فهي على هذا أجنبية عن قضية نصب الإمام علي (عليه السلام) ولياً وإماماً وخليفة، بل إنها تدل فقط على أن الله تعالى أكمل الدين يوم عرفة في أرض عرفة مما يعني أن الدين كمل بتشييد معالم الحج ومشاعره لا بنصب الإمام وخلافته.
ولكن أولاً: الحج كان هو القاسم المشترك بين المسلمين والمشركين ، وإن اختلفوا في بعض تفاصيله إلا أن عمدة مناسكه كالطواف والسعي وعرفة، مشتركة، فكيف يصح أن يجعل به إكمال الدين للمسلمين وإتمام النعمة عليهم ورضا الإسلام ديناً لهم؟
ثانياً: ان الآية السابقة تصرح بـ{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ دينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ ديناً}
ويأس الكفار من ديننا لا يكون بأي وجه من الوجوه بتشريع الحج، وهو الجامع بيننا وبينهم كما سبق، فكيف يكون {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ...} السبب في يأس الكفار من دين المسلمين مع كونه حكماً مشرّعاً من قبل الأديان السابقة كما درج عليه المشركون ومضى عليه المسلمون من قبل؟
كما لا يكون يأسهم بمجرد إكمال شرائع الدين
بل الوجه الوحيد المعقول هو يأس الكفار من الدين بنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولياً وخليفة على المسلمين وذلك لأن الكفار حاولوا إجهاض بالدين باستهداف رسول رب العالمين مراراً كثيرة جدا ومنها: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرينَ} (سورة الأنفال: الآية 30)
ولكنهم فشلوا في ذلك كله ومن البديهي أن خطط الانقلاب على القائد الأعلى إذا فشلت فان الملجأ الوحيد لأعداء الدين سوف يكون استهداف الخليفة والنائب والقائد اللاحق ولذا قال تعالى (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ دينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْن) المائدة:3
ولا يعقل يأسهم بمجرد تشريع الحج أو تطوير بعض شروطه مهما كانت.