مظلومية السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
مظلومية السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
روي عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ( كأني بها - اي فاطمة - وقد دخل الظلم بيتها والذل دارها فتستغيث ولا من مغيث وتستجير ولا من مجير) .
وعن أمير المؤمنين سلام الله عليه أنه قال: ( وستنبئك ابنتك بتضافر امتك على هضمها فاستخبرها الحال واحفها السؤال فكم من غليل معتلج في صدرها لم تجد الى بثه سبيلاً ) .
وعن فاطمة سلام الله عليها انها قالت فيما ينسب إليها من الشعر:
صُبـّت عليَّ مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
وعن سيدنا أبي محمد الحسن الزكي مخاطباً المغيرة: ( وأنت ضربت فاطمة بنت رسول الله حتى أدميتها وألقت ما في بطنها استذلالاً منك لرسول الله ومخالفة منك لأمره وانتهاكاً لحرمته).
وعن سيدنا جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال: عندما أُسري بالنبي الي السماء قيل له: (وستمتحن في مواضع وأما ابنتك فتظلم وتُحرَم ويؤخذ حقها غصباً وتضرب وهي حامل) .
وعن سيدنا أبي الحسن الكاظم عليه السلام، انه قال: ( قال النبي: فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي فمن هتكه فقد هتك حجاب الله ثم بكى موسى بن جعفر وقال ثلاثا: قد والله هتك حجاب الله) .
وعن سيدنا أبي الحسن الرضا عليه السلام، و قد استدعى ابنه الجواد فوجده ينظر الى السماء مفكرا طويلا ، فقال: فيما تفكر يا بني ؟ قال: أفكر فيما صنع بأمي فاطمة...)
وعن الإمام العسكري عليه السلام
" اللهم صل على الصديقة فاطمة الزكية حبيبة حبيبك ونبيك وأم أحبائك واصفيائك التي أنتجبتها وفضلتها واخترتها على نساء العالمين،اللهم كن الطالب لها ممن ظلمها واستخف بحقها،وكن الثائر اللهم بدم أولادها اللهم وكما جعلتها أم أئمة الهدى وحليلة صاحب اللواء والكريمة عند الملأ الأعلى فصل عليها وعلى أمها صلاة تكرم بها وجه محمد صلى الله عليه واله وتقر بها أعين ذريتها وأبلغهم عني في هذه الساعة أفضل التحية والسلام"
هذه الكلمات المتفرقة وهي على سبيل الاستشهاد لا الحصر تبين لنا جانباً من اهتمام المعصومين عليهم السلام بذكر مأساة فاطمة الزهراء عليه السلام ومصيبتها وما جرى عليها.
وفي حديث الامام موسى بن جعفر عليه السلام الذي نقل حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وآله أن باب فاطم هو باب رسول الله وبيت فاطمة هو بيت رسول الله وأنه يشير في ذلك إلى قول الله عز وجل ( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) الاحزاب : 53
والمصداقان الواضحان بتصريح القرآن لـ(البيوت) هما :
اولاً : البيت الحرام ,ويلحق به المساجد كافة.
ثانياً) بيوتات الأنبياء , وبيت رسول الله (صلى الله عليه واله) خاصة .
لكن هناك روايات من الفريقين تصرح بان المراد بهذه البيوت, بيوت الأنبياء وأن بيت علي وفاطمة(سلام الله وصلواته عليهما)من أفضلها .
في تفسير الدر المنثور وتفسير روح المعاني: قرأ رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه)الآية الكريمة(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) فقام إليه رجل فقال :أي بيوت هذه يارسول الله ؟ قال :بيوت الأنبياء ,فقام إليه أبو بكر فقال يارسول الله :هذا البيت منها ـ وأشار الى بيت علي وفاطمة (,) ؟ قال : نعم , من أفضلها .
إذن المراد من البيوت بدون شك ولا ريب، بتفسير القران ومن خلال الروايات من كتب الفريقين، هو بيوت الانبياء على نبينا واله وعليهم السلام وبيت علي وفاطمة عليهما وآلهما السلام من أفضلها.
هذا الاهتمام الواضح والصريح في ذكر مأساة الزهراء عليها السلام وما سيصيبها من الاذى والالم، ، صوره شعراء أهل البيت عليهم السلام وربطوا بين المصائب والمشاكل التي حلت في الامة فيما بعد والمآسي التي جرت على آل البيت عليهم السلام فيما بعد وأهمها قضية الحسين (ع) وعاشوراء.
ويصور ذلك الأمر ما قاله الشاعر:
لولا سقوط جنين فاطمة لما اودى لها في كربلاء جنين
وبكسر ذاك الضلع رضت أضلع في طيها سر الإله مكين
فإن الخلل لا يتسع ولا يلاحظ ولا ينظر الى شناعته الإ بعد مرور أجيال.
فاطمة الزهراء عليها السلام في موقف استثنائي في التاريخ:
فاطمة الزهراء (ع) فقدت اباً ليس أي أب، وإنما ابٌ كرسول الله صلى الله عليه وآله وهي في هذه الأثناء أيضاً حامل مقرب إذن هي امرأة حامل، ثاكل، مصابة بأبيها، وامرأة ايضاً حرمت شيئاً من حق كان قد أُخذ منها ففدك كانت بيدها مدة ثلاث سنوات وأشهر إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وآله. فأخذ منها الخليفة ما ورثته ، فاجتمع عليها فقد الأب وكونها ثاكل به وهي حامل وسلب حقها ايضاً، وفوق ذلك اقتحمت دارها وأسقط جنينها، كل هذه الظروف تجتمع لكي تجعل هذه المصيبة جليلة شديدة التأثير.
أين قبر فاطمة الزهراء؟ لماذا لم يعرف قبرها؟ لماذا لم يشهد المسلمون جنازتها؟
لماذا عندما علم القوم أن علياً عليه السلام قد دفن فاطمة ليلاً بناء على وصيتها ولم يخبر اهل الخلافة بذلك، بل ولم يخبر عامة المسلمين لماذا وصيتها كانت هكـــذا؟!
فأولئك كان عندهم اصرار على معرفة قبر فاطمة إلى الحد الذي ينقل المؤرخون خرجوا إلى البقيع لكي يفتشوا عن قبر فاطمة عليها السلام ويحفروا بعض القبور الجديدة ، لماذا هذا الاصرار؟ ما الذي يهمهم في الأمر ؟ ولماذا قاوم أمير المؤمنين عليه السلام هذا الأمر؟
كان هناك أمر صارم لهم من علي عليه السلام أن لا يخبروا عن مكان القبر ابداً، لأنه عندما يبقى القبر مجهولا سيبقى شاهداً وشاخصاً دائماً على مظلوميتها. فمظلوميتها تفتح سؤال عن مشروعية ليس فقط الخلافة بل كل المدرسة وما تأسس عليها؟
لماذا دفنت الزهراء سراً؟ لماذا لم يعرف قبرها؟ هل الزهراء عليها السلام شخصية عادية بحيث يُجهل مكان قبرها ويصبح قبرها كسائر القبور المجهولة؟
أو لا هناك تعمد في الاخفاء ، وليس كسائر قبور صحابيات رسول الله صلى الله عليه وآله وسائر قبور المسلمين.
قد يدفن الإنسان في بيته كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ينتهي السؤال بهذا المقدار، اما ما دام هذا الأمر موجود فيعني أن السؤال لا يزال قائما.
أين قبر فاطمة الزهراء؟ لماذا لم يعرف قبرها؟ لماذا لم يشهد المسلمون جنازتها؟ .
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تأخر كشف قبره تخوفاً وتحوطاً من الخوارج، وأما باقي أئمة أهل البيت عليهم السلام فمن البداية عُرفت قبورهم وندب إلى زيارتهم أما قبر الزهراء عليها السلام فيبقى السؤال قائماً ودائماً ليفعل فعله ويؤثر أثره في الأجيال القادمة.