دماء على الأيام في الثورة الحسينية
دماء على الأيام في الثورة الحسينية
السيد عبد اللطيف فضل الله رحمه الله تعالى ( ت 1904-1991
يدور كما شاءَ الزمانُ المُعاندُ ويهدم ما يبني ومجدُكَ خالدُ لقد طاولتكَ الحادثاتُ فأخفَقَت وطال عليها من إبائِك مارد أتيت بما لم يسمع الدهرُ مثله ولا شهدت عيناهُ فيما يشاهدُ طوى كل حي ثم سل جذوره وأنت على كَرِّ الجديدين(1) صامدُ وسافرَ في آفاق مجدكَ فانثنى حليف عناء لُبُّهُ فيكَ شارد ترجَّلَ عن عرش العُلى لك طائعاً وأعطاك منها كلَّ ما هو واجدُ يطوفُ على أبيات عزّك مُحرماً ويهوي على أعتابها وهو ساجدُ لئن زاغ (2) في يوم الطفوف وقادهُ عمى كحلت عينيه فيه المراودُ(3 ) فما تبعثُ الأيامُ إلا زلازلً إذا زُلزلت للناس فيها العقائدُ كًبرتً فلم يُحدث لك الحمد عزّةَ ولكنها تعتز فيك .. المحامدُ ببحرك طاف الشعرً دهراً فما أهتدى إلى شاطىء فيه تحط القصائدُ برى الخلقُ أشباهاً وسَّوك واحداً إله الأكوان العوالم واحد وهبتً حياةَ الأرض منك إلى السما تطاعنُ عن ناموسها (4) وتُجالدُ وثُرتَ وما في الكون إلا محارب ... تطارده عن غيِّه .. ويُطاردُ تصارع هول الموت والموت كالح ..وتدفعُ كيد الكفر والكفرُ حاقدُ وتسطو على الأبطال حتى كأنما .
لكَ القدرُ المحتوم كفٌ وساعد ضربتً بسيف الله للحق داعياً ..
وليس لسيف سلّة الله غامد ولم تعدُ (5) في الأصنام سيرة أحمد وإن بُدّلت أشكالها والموارد أصاب بها أحجارها .. وأصبتها ملوكاً على أبوابها الكفر حاشدُ خلعت رداء العيش إذهان والتوى وأزرت مخازيه به والمفاسدُ وسرتَ على درب المنيّة وأرداً إلى العزّ إذ سُدت عليك المواردُ بمثلك ما جاد الزمان ولا أعتلى لمجدك مما أنجب الدهرُ ماجد كأنك بدرُ في السما ... وكأنما له من مراجيح (6) العقول مراصد يكاد إليك البيت يسعى مسلماً .. وينسل منه الركن إذ أنت وافدُ وما ذاك من شوق إلى من يحجُه ولكن إلى أمثاله الطهر قاصدُ أقمت واقعدت الحياة بنهضةٍ يروح بها جيل وجيل يعاود تظل لك الأبصارُ منها شواخصاً وتتبعك الأمثال وهي شواردُ أرأس العُلى قُم وأرفع الرأس علياً فأنت لما في الكون راع وقائدُ ألم تر كيف الفخرُ شال بهامه وكيف عليه .. تاجه العزُّ عاقدُ فقد أقلع الليلُ الذي كان مظلماً وأقبل صبحُ للحقيقة ناقد(7) جهادك في الأيام ما مر مثله .. ومثلك فيها لا يمرُّ مجاهدُ وقفت بوجه الموت تلقى كتائباً تضيقُ الربى في جمعها والفدافد(8) وحيداً غريباً حوله الصحب همّدا وأهلوه صرعى لم تلنه الشدائدُ ولا أخذت من عزمه وثباته بروق توالت دونه ورواعدُ تباهى السماء الأرض فيك مدلّه ويحسدها بدر الدجى والفراقدُ مشى الدهرُ منكوساً وعادت لمارق مدارس كانت للهدى ومعابدُ مآثر من تراث مُحمّد يصيدُ بهاً من حوزة الكُفر صائدُ درى المصطفى وهو الذي عاد في الورى على يده جبارها وهو ساجدُ بأن بُغاثَ الطيرِ (9) قد عُدن أنسراً تكايدهُ في آله ما تكايدُ تصول فتروى غلها من دمائهم وتحصد فيهم بالسيوف الحواصد مشاهدُ فيها لو رأى الآل أحمدٌ وهم خصائص لُجّ الدماء وخامدُ وأجسامهم للصافنات (10) مدارجٌ ومن لحمهم للمرهفات (11) موائد لخرّ كما قد خرّ موسى بطوره (12) لها صعقاً مما يرى ويشاهدُ دماءٌ على الأيام تجري كأنما يبيت لها من لجة البحر رافدُ وعقدةُ غيظ حين شُدّ رباطها أرادت لها ألا تحل العواقدُ أتيت وللدنيا زمامٌ يقودها به ناكثٌ للجاهلية عائدٌ بها الذكر منبوذ ومهبطُ وحيها بمغناه شيطان الظلالة راقد من العالم العلوي تعرض حكمة بها العالم العُلوي تعرض ُ حكمة بها العالم السفلي في الأرض زاهد عجبت له من أمره كيف ما أنطوى على أهله كون ملته المفاسدُ وفيه سبايا ثقله ورؤوسهم إلى جاحد يطوي بها البيدَ جاحدُ يسلُّ عليك السيف من هو عالم بأنك مولاه الكريمُ المعاضدُ وعدلُ كتاب الله ينجو وليّه ويهلك فيه المستخفُّ المعاندُ مضى الناسُ للأطماع إذ لاح برقها ودانوا بما دان الأثيم المراودُ وخلتك حيراناً تكابد محنةً يتيهُ بها مما دهاه المكابدُ تزيغ لها الأبصار هولاً وترتقي حناجرها منها القولب الرواكدُ ولم يبق إلا السيف خلاً مساعداً تخو يواسيك فيها حين قل المساعدُ تخوض به الهيجاء ونفسك أنفسٌ لما أنت عنه من شتاتك ذائد ويعتنق الأسياف حتى كأنها أمامك من حور الجنان خرائدُ (13) إلى أن قضت تحت العجاج وأفرغت من السُّم فيها ما تضُمُّ الأوسادُ عظيمة شأن في السموات لم يزل يسائل عنها خلدُها ويناشدُ وأقفرَ بيتٌ للملائك .. كعبةٌ لها هابطٌ بالوحي منها وصاعدُ أشادت يد الرحمن شامخ عزه وقامت بها أركانه والقواعد نصحتَ فبيعَت بالكسادِ رخيصةً لهُم حكم مأثورة وفرائدُ عسى أن يلُمّ الدهرُ شمل شتاتها ويوقظ منها النصحُ من هو هاجدُ فلم ترَ عند القوم إلا وقيعة ونيران حرب شبها لك واقد لقد وأدوا منك الفضائل جمةً كما وأد الأنثى البريئة وائدُ تنكرت الدنيا إليك فدربُها مهالك أخطار بها ومصائد وعاد الفضاءُ الرَّحبُ منها فسيحُهُ لسجن على أبوابه الحتف راصدُ وما الدهرُ للمخذول إلا نوائبٌ وما أهله إلا خصيمٌ وحائدُ وجُنحُ لياليه على رغباته ينامُ به طرفٌ وآخرُ ساهدُ أحلت بك الأعداء حين تسابقت لقتلك ما لا تستحلُّ الأوابدُ (14) جناةٌ على الطغيان شبّ وليدُهم ونبطت (15) عليه في الحُجُور القلائدُ تحاولُ إنساناً لديها فلم تجد وهيهات يُعطي الشيء من هو فاقدُ فسَل عنهُم الأرحام هل كان بينهم لإطفاء نور الله فيها قواعدُ لها مذهبٌ عنه إلى الكفر والعمى إذا نفختها الريحُ فهي بدائدُ إذا النشءُ كانت للفساد حياته فلا عاشَ مولودٌ ولا كان والدُ سوائمُ أنعام وحوشٌ كواسرٌ لها في أكف الظالمين مقاودُ بذكراك من يشدو فأعوادُ منبر له في السماء المشتري وعطاردُ إذا ما رواها الكون يعبقُ بالشذى وتزدانُ آفاقٌ وتزهو معاهدُ ولو سأل الناس الزمان وما به وعادت عليهم بالبيان العوائدً بمن بدئت فيه المفاخر وإنتهى إليه طريفٌ من علاها وتالدُ لدان لك الآتي ومنهة حاضر ومن سلفت فيه القرون البوائدُ قضيت عن الإسلام كبش فدائه وقلّ بأن تفدى بما الكون واجد وحُملت ما يوهي الجبال وفي الحشا ظماَ وجراح حرّها متزايد فلا من مُداو للجراح ولا الظمأ يطفِّيه ماءٌ من فُراتِكَ باردُ .
(1) الجديدين : الليل والنهار .
(2) زاغ : مال وجار .
(3) المراود : مفردها : مرود : الميل الذي يكتحل به .
(4) الناموس : ما يحميه الرجل من أسمه وصيته وشرفه
(5) لم تعدُ : لم تتجاوز .
(6) مراجيح : من رجح : ثقل فلمح يخف ، قوم مراجيح حلماء .
(7) ناقد : من نقد وإنتقد الشيء : أخرج الزيف منه .
(8) والفدافد : الفلاة التي لا شيء فيها .
(9) بُغاث الطير : طائر صغير بطيء الطيران .
(10) الصافن : الخيل القائم على ثلاث قوائم .
(11) المرهفات : السيوف التي رقت حواشيها
(12) طور : جبل
(13) خرائد : مفردها خرود : البكر لم تمس قط .
(14) الأوابد : الوحوش .
(15) نيطت: نيط عليه الشيء علق عليه