هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  تنقيح السيرة الحسينية

 قصيدة للشاعر محمد إقبال اللاهوري في مدح الزهراء(ع)

 بحث روائي حول الصوم

 في رحاب الإنتظار

 الإمام الحسن بن علي العسكري

 معرفة أهل البيت عليهم السلام .... أصول الكرم ـ المُكَرَّمُون

 البعثة النبويّة.. في كلمات أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) من نهج البلاغة

 إعدام الشهيد الثاني

 الآخر والخطاب الحواري الإسلامي

 مختارات من أجمل الشعر في مدح الرسول الاكرم (ص)

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7047332

  • التاريخ : 29/03/2024 - 12:58

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : سيرة .

              • الموضوع : الإمام الصادق عليه السلام .

الإمام الصادق عليه السلام

 الإمام الصادق عليه السلام  

نعزّي صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف وولي أمر المسلمين مدّ ظلّه العالي والإخوة المجاهدين وعموم المسلمين بمناسبة استشهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 148 هـ، متأثّراً بسُمّ دسّه إليه المنصور العباسيّ على يد عامله على المدينة محمّد بن سليمان.
                         

  روي عن رسول الله أنه قال: "ويخرج الله من صُلبه - أي صُلب الإمام الباقر - كلمة الحق، ولسان الصدق"، فقال له ابن مسعود: فما اسمه يا نبي الله؟ قال: "يقال له: جعفر، صادق في قوله وفعله، الطاعن عليه كالطاعن عليّ، والرادّ عليه كالرادّ عليَّ... ".

 

 - قبس من حياة الإمام الصادق عليه السلام

الإمام جعفر الصادق عليه السلام سادس أئمة أهل البيت ، وُلد عليه السلام بالمدينة المنورة، في السابع عشر من ربيع الأول 83 هـ. وكانَتْ ولادَتُه عليه السلام في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مَرْوان،  يُكنَّى بأبي عبد الله،   ويُلقَّب بالصادق وبلغ من شهرته بهذا اللقب أنّه صار كالاسم له،   ويُعرف به إذا أُطلق، وكذلك كنيته بأبي عبد الله، صارت كالاسم له يُستغنى بها عن اسمه ولقبه، ولا سيّما في الأحاديث الشريفة. ودُسَّ له السمُّ في زمن الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور الدوانيقي، فاستشهد عليه السلام مسموماً في الخامس العشرين من شوال 148 هـ، و دُفن الإمام الصادق عليه السلام في مقبرة البقيع بالمدينة المنوّرة. وقد عاش الإمام في الفترة الانتقالية بين السلطتين الأمويّة والعباسية، حيث أصبحت الدولة الأموية في هوّة انحدارها وازدادت القلاقل والفتن ضدّها. وقد عايش الإمام الصادق عليه السلام الحكَّام الأمويين، من عبد الملك بن مروان، حتى سقوط الحكم الأموي سنة (132 هـ) وتنتقل الخلافة بعد ذلك إلى بني العباس، فعاصر من خلفائهم أبا العباس السفاح، وشطراً من خلافة أبي جعفر المنصور، بحوالي عشر سنوات.

 

عاش الإمام محاطاً بظروف اضطهاد شديدة من دولة بني أمية ، ثم من دولة بني العباس! وكان أبو العباس السفاح عدواً شديداً لأهل البيت عليهم السلام

يصف أحد الرواة الأجلاء كيف احتاج الى مسألة شرعية ، فاضطر إلى استعمال الحيلة لكي يصل الى الإمام الصادق عليه السلام ليسأله عنها: قال هارون بن خارجة: كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثاً، فسأل أصحابنا فقالوا: ليس بشئ . فقالت امرأته: لا أرضى حتى تسأل أبا عبدالله عليه السلام وكان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي العباس. قال: فذهبت إلى الحيرة ولم أقدر على كلامه إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبد الله عليه السلام ، وأنا أنظر كيف ألتمس لقاءه ، فإذا سوادي (أي رجل من أهل العراق ، وكان العراق يسمى السواد) عليه جبة صوف يبيع خياراً ، فقلت له: بكم خيارك هذا كله؟ قال: بدرهم . فأعطيته درهماً وقلت له: أعطني جبتك هذه، فأخذتها ولبستها وناديت:من يشتري خياراً! ودنوت منه، فإذا غلام من ناحية ينادي: يا صاحب الخيار. فقال عليه السلام لي لما دنوت منه: ما أجود ما احتلت! أي شيء حاجتك؟ . قلت: إني ابتليت فطلقت أهلي ثلاثاً في دفعة، فسألت أصحابنا فقالوا ليس بشئ. وإن المرأة قالت لا أرضى حتى تسأل أبا عبدالله عليه السلام ، فقال: إرجع إلى أهلك فليس عليك شئ.  ( الخرائج :2/642 والبحار: 47/171 )

 

 - شخصية الامام الصادق المتميزة

كانت شخصيته عليه السلام متميزة عن كل أهل عصره ، كما هو الحال في شخصيات المعصومين عليهم السلام وكان الإمام محل تعظيم وإعجاب حتى من أعدائه ومخالفيه! فقد رووا عن أئمة المذاهب إعجاباً كبيراً به لا يشبهه إعجابهم بأحد !

 قال الصدوق أعلى الله مقامه في الخصال ص167: (حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الأزدي قال: سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول: كنت أدخل على الصادق جعفر بن محمد ، فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدراً ويقول: يا مالك إني أحبك ، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه. وكان لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائماً وإما قائماً وإما ذاكراً، وكان من عظماء العبَّاد، وأكابر الزهاد، الذين يخشون الله عز وجل، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله، اخْضَرَّ مرةً واصْفَرَّ أخرى ، حتى ينكره من يعرفه !

ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الإحرام ، كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد يخر من راحلته، فقلت: قل يا ابن رسول الله فلا بد لك من أن تقول. فقال: يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن يقول عز وجل لي: لا لبيك ولا سعديك ! ) . ( الخصال للصدوق ص167 ، ورواه أيضاً في الأمالي ص234 ، وفي علل الشرائع:4/234 ، عنه في البحار: 99/181 ) .

فإذا قال قال رسول الله، اخْضَرَّ مرةً واصْفَرَّ أخرى، إنتبهوا لكي نفقه هذه الكلمة لمالك بن أنس فإنه لا يمكن أن يحدث هذا التغير في البدن عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وآله بدون أن يكون صاحبه متصلاً بالملأ الأعلى بروح النبي صلى الله عليه وآله روح الشخص الأول في العالم المحيطة بالوجود ! فلا بد أن يحدث انقلاب في الروح أولاًُ حتى يحدث في البدن ، وذلك بقانون العلاقة الجدلية بين الروح والبدن ، والتأثير والتأثر بينهما !

كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد يخرُّ من راحلته! والذي يفهم هذا الموقف، هو الذي يفهم معنى قوله عندما كرر قراءة (إياك نعبد وإياك نستعين) في صلاته فخر مغشياً عليه! فسئل عن ذلك فقال: (ما زلت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها). (البحار: 89 /107)

 

 

_ (قال جعفر بن محمد الأشعث لابن أبي عمير: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به، وما كان عندنا فيه ذكر ولا معرفة شيء مما عند الناس ؟ قال قلت: ما ذاك ؟

قال: إن أبا جعفر يعني أبا الدوانيق قال لأبي محمد الأشعث: يا محمد إبغ لي رجلاً له عقل يؤدي عني . فقال له: إنس قد أصبته لك ، هذا فلان بن مهاجر خالي ، قال فأتني به . قال فأتيته بخالي فقال له أبو جعفر: يا ابن مهاجر خذ هذا المال ، فأعطاه ألوف دنانير أو ما شاء الله من ذلك ، وائت المدينة، واْلقَ عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد فقل لهم إني رجل غريب من أهل خراسان ، وبها شيعة من شيعتكم وجهوا اليكم بهذا المال، فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ماقبضتم مني !

قال فأخذ المال وأتى المدينة ، ثم رجع إلى أبي جعفر ، وكان محمد بن الأشعث عنده ، فقال أبو جعفر: ما وراءك؟ قال: أتيت القوم وفعلت ما أمرتني به ، وهذه خطوطهم بقبضهم، خلا جعفر بن محمد فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول (ص) فجلست خلفه وقلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه ، فعجل وانصرف ، ثم التفت إلي فقال: يا هذا اتق الله ولا تغُرَّنَّ أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وقل لصاحبك اتقِ الله ولا تغرن أهل بيت محمد فإنهم قريبوا العهد بدولة بني مروان ، وكلهم محتاج ! قال فقلت: وماذا أصلحك الله؟!

فقال: أدنُ مني، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك، حتى كأنه كان ثالثنا! قال فقال أبو جعفر: يا ابن مهاجر، إعلم إنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيهم محدَّث، وإن جعفر بن محمد محدَّث اليوم! فكان هذه دلالة أنا قلنا بهذا المقالة). (بصائر الدرجات ص265) .

 

 ولقد بلغ الازدهار العلمي والفكري غايته في عهد الإمام الصادق عليه السلام فازدهرت المدينة المنوّرة وزخرت بطلاب العلوم ووفود الأقطار الإسلامية، وانتظمت فيها حلقات الدرس، وكان بيته عليه السلام كجامعة إسلامية يزدحم فيه رجال العلم وحملة الحديث من مختلف الطبقات ينتهلون من معين علمه. ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان 1.

وإلى هذا أشار الجاحظ - وهو من شاهد علماء القرن الثالث جعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه 2.

 وقد عرّفه محمد بن طلحة بقوله: "هو من عظماء أهل البيت وسادتهم ذو علوم جمة، وعبادة موفورة، وزهادة بيّنة.." 3. ولهذا فقد أجمع علماء الإسلام على اختلاف طوائفهم على فضل الإمام الصادق وعلمه 4.

وقال أبو حنيفة : "ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد وأنّه أعلم الأمة" 5.

ويروي أبو حنيفة بأن المنصور العباسي قال له: بأن الناس "ولعوا بجعفر بن محمد وهم يتوافدون عليه باستمرار، فاجمع له من المسائل المستعصية واسأله عن جوابها فإن هو عجز عن الإجابة عليها سقط في أعين الناس، فجمعت له أربعين مسألة مما تصعب الإجابة عليه" ثم التقى أبو حنيفة الإمام الإمام الصادق عليه السلام بحضور المنصور..، فالتفت المنصور إلى أبي حنيفة وقال: أعرض ما لديك من مسائل على أبي عبد الله، فألقيت عليه المسائل التي أعددتها الواحدة تلو الأخرى وهو يجيب قائلاً: رأيكم في القضية الفلانية كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا. وكان رأيه في قسم من المسائل يوافق رأينا، وفي مسائل أخرى يوافق رأي أهل المدينة وبعضها يختلف عن الجانبين، حتى أجاب عن أربعين سؤالاً، وعند انتهاء الأسئلة قال أبو حنيفة مشيراً إلى الإمام الصادق عليه السلام: "إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس"6.

 

 

طلاب الإمام من الرواة والفقهاء والمتخصّصين العلوم المختلفة

أ- الرواة: كان رواة أبي عبدالله عليه السلام أربعة آلاف أو يزيدون، قال الشيخ المفيد طاب ثراه في الإرشاد: فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقامات، فكانوا أربعة آلاف رجل 7.

ب- علماء الكلام: وتخصّص من طلاّب الإمام عليه السلام في مباحث الكلام كلٌّ من: هشام بن الحكم، وهشام بن سالم، ومؤمن الطاق، ومحمد بن عبدالله الطيّار، وقيس الماهر وغيرهم.

ج- الفقهاء: كما تخصّص في الفقه وأصوله وتفسير القرآن الكريم: زرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم، وجميل بن درّاج، وبريد بن معاوية، وإسحاق بن عمّار وعبدالله الحلبي، وأبو بصير، وأبان بن تغلب، والفضيل بن يسار، وأبو حنيفة، ومالك بن أنس، ومحمد بن الحسن الشيباني، وسفيان بن عيينه، ويحيى بن سعيد، وسفيان الثوري.

د- العلوم الأخرى: وتخصّص في الكيمياء: جابر بن حيان الكوفي، وتخصّص في حكمة الوجود: المفضّل بن عمر الذي أملى عليه الإمام الصادق عليه السلام كتابه الشهير المعروف(بتوحيد المفضّل).

3- شذرات من علومه عليه السلام

إنّ الإمام الصادق عليه السلام في الوقت الذي كان يواجه العديد من التيارات الإلحادية الخطيرة على الاسلام كان مشغولاً أيضاً بمواجهة التيّارات التي تتبنّى المناهج الفقهية التي تتنافى مع التشريع الإسلامي، من هنا كان الإمام عليه السلام ينهى أصحابه عن العمل بها حتّى قال لأبان: "يا أبان! إنّ السُنة إذا قيست محق الدين" 8.

فأقبل الإمام على أبي حنيفة ينهاه عن العمل بالقياس حيث قال له: " يا نعمان حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إنه قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس، قال له الله تعالى: اسجد لآدم فقال: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"9.

ثم التقى أبو حنيفة مرّة أخرى بالإمام الصادق، وسأله الإمام عليه السلام عن بعض المسائل، فلم يجبه عنها. وكان من بين ما سأله الإمام هو: "أيّهما أعظم عند الله القتل أو الزنا؟" فأجاب: بل القتل. فقال عليه السلام: "كيف رضي في القتل بشاهدين، ولم يرضَ في الزنا إلاّ بأربعة؟" وهنا لم يمتلك أبو حنيفة جواباً حيث ردّ الإمام قياسه بشكل واضح.

ثم وجّه الإمام عليه السلام إلى أبي حنيفة السؤال التالي: "الصلاة أفضل أم الصيام؟" فقال: بل الصلاة أفضل. فقال الإمام: "فيجب ـ على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجب الله تعالى قضاء الصوم دون الصلاة؟!"

وبهذا أراد الإمام أن يثبت لأبي حنيفة أن الدين لا يُدرك بالقياس والاستحسان، وهنا وجّه إليه الإمام السؤال التالي: "ما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح، وقطع يد رجل كيف يقام عليهما الحدّ؟". وهكذا وقف الإمام عليه السلام موقفاً لا هوادة فيه ضدّ هذه التوجّهات الخطيرة على الإسلام فكثّف من نشاطه حولها ولاحق العناصر التي كانت تتبنّى هذه الأفكار الدخيلة ليغيّر من قناعاتها.

وقال عليه السلام: "من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ كان إثمه عليه" 10.

ومما قاله عليه السلام: بإشارة واضحة إلى أن أهل البيت هم المرجعية العلمية للدين الإسلامي بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم "الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمة من بعده " 11.

وقال أيضاً: "نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله" 12. وجاء عن عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قول الله عزّوجلّ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ 13، "فرسول الله صلى الله عليه واله وسلم أفضل الراسخين في العلم قد علّمه الله عزّوجلّ جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه" 14.

 وجاء عنه عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ 15. "أنهم هم الأئمة " 16.

 

 

  من وصيّة له عليه السلام إلى ولده الإمام موسى الكاظم عليه السلام:
يا بنيّ: اقبل وصيتي، واحفظ مقالتي، فإنّك إن حفظتها تَعِش سَعيداً، وتَمُت حَميداً. يا بنيّ: إنّه من رضي بما قُسِم له استغنى، ومن مدّ عينه إلى ما في غيره مات فقيراً، ومن لم يرضَ بما قسم الله عزّ وجلّ اتهم الله في قَضائِه، ومن استصغَر زَلّة نفسه استعظَم زَلَّة غيره، ومن استصغر زلّة غيره استعظم زلّة نفسه.

يا بنيّ: من كشفَ حجاب غيرِهِ انكشفت عوراتُ بيتِه، ومن سَلَّ سيف البغي قُتل به، ومن احتَفَر لأخيه بئراً سقط فيها، ومن داخل السفهاء حُقِّر، ومن خالطَ العلماءَ وُقِّّر، ومن دخل مداخل السوء اتُـهم. يا بنيّ: إيّاك أن تَزرِي بالرجالِ فَيُزرَى بك، وإيّاك والدخول فيما لا يعنيك فتَذِلَّ لذلك. يا بنيّ: قل الحقّ لك أو عليك تُستَشَانُ (أي يكون لك شأن ومنزلة) من بين أقرانك.

يا بنيّ: كن لكتاب الله تالياً، وللسلام فاشياً، وبالمعروف آمراً، وعن المنكر ناهياً، ولمن قطعك واصلاً، ولمن سكت عنك مبتدئاً، ولمن سألك معطياً، وإيّاك والنميمة فإنّها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، وإيّاك والتعرّض لعيوب الناس، فمنزلة المتعرّض لعيوب الناس بمنزلة الهدف.

يا بنيّ: إذا زُرت فزر الأخيار ولا تزر الفجّار، فإنّهم صخرةٌ لا ينفجِرُ ماؤُها، وشجرةٌ لا يخضرُّ ورقُها، وأرضٌ لا يظهرُ عشبها.

قال الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: "فما ترك أبي هذه الوصيّة إلى أن مات".

ومن وصيّة له عليه السلام لحمران بن أعين (أحد أصحابه):
"أنظر من هو دونك في المقدرة ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإنّ ذلك أقنع لك بما قسم الله لك، وأحرى أن تستوجب الزيادة منه عزّ وجلّ، واعلم أنّ العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين، واعلم أنّه لا وَرَعَ أنفعُ من تجنُّب محارمِ الله، والكفِّ عن أذى المؤمنين واغتيابِهم، ولا عيشَ أهنأُ من حُسْنِ الخُلُقِ، ولا مالَ أنفعُ من القناعة باليسير المُجزي، ولا جهلَ أضرّ من العجب".

ومن وصيّة له عليه السلام إلى زيد الشحّام أمره بتبليغها أتباعه وشيعته:
".. وأُوصيكم بتقوى اللهِ عزّ وجلّ، والورع في دينكم، والاجتهادَ لله، وصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وطولِ السجودِ، وحسنِ الجوار، فبهذا جاء محمّد صلى الله عليه وآله. أدّوا الأمانةَ إلى من ائتمنَكم عليها بَراً وفاجِراً، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمرُ بأداءِ الخيطِ والمخيطِ. صِلُوا عشائرَكُم، واشهدوا جنائزَهم، وعُودوا مرضاهُم، وأدّوا حقوقَهم، فإنّ الرجلَ منكُم إذا ورَع في دينِه، وصدقِ الحديثِ، وأدّى الأمانةَ، وحسَّنَ خُلُقَه مع الناسِ، قيلَ هذا جعفريٌّ، ويسرّني ذلك، ويدخلُ عليَّ منه السرورَ، وقيلَ: هذا أدبُ جعفر، وإذا كان غير ذلك، دخل عليّ بلاؤه وعارَه وقيل: هذا أدبُ جعفر، فو الله لحدثني أبي: أنّ الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام فيكون زَينَها: أدّاهُم للأمانةِ، وأقضاهُم للحقوقِ، وأصدقهم للحديث، إليه وصاياهم وودائِعِهِم، تسأل العشيرةُ عنه ويقولون: من مثل ُُفلان؟ إنّه أدّانا للأمانة، وأصدَقُنا للحديث".

 

________________________________________

1- ابن حجر - الصواعق المحرقة- 199.

2- الجاحظ - 106.

3-كشف الغمة - ج2- ص368.

4-أبو زهرة - الإمام الصادق، ص66.

5- الإمام أبو حنيفة، ص70.

6- تهذيب الكمال، ح5، ص79 - 80.

7- الإرشاد للمفيد: 271.

8- بحار الأنوار: 104-405 عن المحاسن للبرقي.

9-اُصول الكافي: 1-58 ح 20 وعنه في بحار الأنوار: 47-226 ح 16.

10- تفسير العياشي: 1-17 وعنه في تفسير الصافي: 1-21.

11- اُصول الكافي: 1 - 213.

12- المصدر السابق.

13-آل عمران: 7.

14- أصول الكافي: 1 - 213.

15-العنكبوت: 49.

16-تفسير الصافي: 1 -12.

 

 

 

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/28   ||   القرّاء : 5043


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net