شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته
شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته
وهذا الشهر من أنفس لحظات العمر، ومما يجعل الإنسان لا يفرط في لحظة منه أن يتذكر وصف الله له بأنه "أيامًا معدودات ومشقة الطاعة سرعان ما تذهب وسيبقى الأجر وتوابعه من انشراح القلب
وهو فرصةً كبيرة للسموّ الروحي، والارتفاع المعنوي، والدرجات العليا عند الله.
وهو زمنٌ مباركٌ في ما يمنحه من البركة من خلال الفرص التي يوفرها لطاعة الله والحصول على مغفرته ورضوانه، ومن خلال الأجواء الروحية التي يثيرها لنحصل على أفضل الأرباح على مستوى النتائج الدنيوية والأخروية والسموّ في الأخلاق، والاستقامة في الخطى، والالتزام بأوامر الله ونواهيه، والصوم عن كلّ ما يفسد الروح ويسيء إلى طهارة الإنسان في نيّاته وأقواله وأفعاله.
لذلك يستبشر المؤمن لقدومه ويحزن لفراقه كما في دعاء الامام زين العابدين عليه السلام (فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وَداعَ مَنْ عَزَّ فِراقُهُ عَلَيْنا، وَغَمَّنا وَأَوْحَشَنَا انْصِرافهُ عَنّا)
وهو سبيل إلى رضوان الله تعالى: عن الإمام زين العابدين (ع): كان من دعائه إذا دخل
شهر رمضان: "الحمد لله الذي حبانا بدينه واختصّنا بملّته وسبلنا في سبل إحسانه
لنسلكها بمنّه إلى رضوانه، حمداً يتقبّله منّا، يرضى به عنّا.
ورد عن رسول الله (ص): "لو يعلم العبد ما في رمضان يودّ أن يكون رمضان السنة".
لما فيه من النعم اللّامتناهية التي يغدقها الله على عباده في هذا الشهر المبارك.
وورد عن النبي (ص) – لمّا حضر شهر رمضان –: "سبحان الله! ماذا تستقبلون؟! وماذا يستقبلكم"؟! قالها ثلاث مرّات. أي ماذا تستقبلون من مضاعفة للأجر والثواب والحسنات وأمّا ماذا يستقبلكم من آثار هذه البركات على التقوى وتهذيب النفس وصفاء السريرة وسوى ذلك. ومن هذه البركات:
غفران الذنوب: وشهر رمضان أهمّ محطة فتحها الله لعباده تكفيراً عن ذنوبهم. فعن رسول الله (ص): "إنّ الشقيّ حقّ الشقيّ من خرج من هذا الشهر ولم يغفر ذنوبه".
وعن الإمام الصادق (ع) في بيان أنّ هذه الفرصة لا يمكن أن تُعوّض خلال السنة قوله: "مَن لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى مثله من قابل إلا أن يشهد عرفة".
فتح أبواب السماء: وذلك للدعاء والعبادة والعمل الصالح. فعن رسول الله (ص): "إنّ أبواب السماء تفتح في أوّل ليلة من شهر رمضان، ولا تغلق إلى آخر ليلة منه".
تصفيد الشياطين في شهر رمضان: عن رسول الله (ص): "إذا استهلّ رمضان غلّقت أبواب النّار، وفتّحت أبواب الجنان، وصفّدت الشياطين".
وفي الحديث عن النبي(ص): "ألا وقد وكّل الله بكلّ شيطان مريد سبعة أملاك، فليس بمحلول حتى ينقضي شهركم هذا"
ومن ألطاف الله في هذا الشهر
أنّ الله يعتق الكثير من المذنبين من النار، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق(ع): "إذا كان أوّل ليلةٍ من شهر رمضان، غفر الله لمن شاء من الخلق، فإذا كان الليلة التي تليها ضاعف كلّ ما أعتق، وهكذا، فإذا كان آخر ليلةٍ ضاعف فيها كلّ ما أعتق"
وهذا هو الذي يفتح للمذنبين باب الأمل الكبير في المغفرة، حتى في الحالات الشديدة التي أسرفوا فيها على أنفسهم وتوغّلوا كثيراً في دروب المعصية.
وهكذا يساهم هذا الشهر في أجوائه في محو الذنوب بالتوبة.
ولما كان هذا الشهر مباركاً بعطاياه وكريما بهداياه فلا بد من التعاطي بجدية والمسابقة والمسارعة وهذا أصل في العبادة في كل زمان ولكنه في هذا الشهر الزم (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وذلك حتى لا تفوت الفرصة فان فوت الفرصة غصة.