هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  مسألة سهو النبي‏ صلى الله عليه وآله

 علماء قدوة:الشهيد الثاني(رحمه الله)

 من وصايا الإمام علي(ع)

 العصمة

 من أساليب التبليغ : استخدام التوجيه غير المباشر أو التعريض

 السيرة المختصرة للإمام علي عليه السلام

   فوائد مهمة للأموات.... راحة ورحمة

  الأبعاد المعنوية في شخصية الإمام الحسين عليه السلام

 الصراط المستقيم

 الشهادة الثالثة في الأذان

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7047260

  • التاريخ : 29/03/2024 - 12:21

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : فكر .

              • الموضوع : بحث حول مفهوم القيمة .

                    • رقم العدد : العدد التاسع عشر .

بحث حول مفهوم القيمة

بحث حول مفهوم القيمة


عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قيمة كل امرئ ما يحسنه. إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها.
تم تحليل مفهوم القيمة ودراستها ومن جهات متفاوتة في أنواع مختلفة من العلوم، فمضافاً إلى علماء المعرفة وفلاسفة الأخلاق الذين توسعوا بالبحث حولها، تطرق إليها أيضاً وكلاً من منظاره الخاص علماء العلوم والإنسانية كعلماء المجتمع والاقتصاد والحقوق والعلوم السياسية، ولذا عند التعرض لمفهوم القيمة سوف نواجه كماً هائلاً من التحقيقات والنظريات المتعلقة بها، وحتماً فإننا لا نقدر على التعرض لجميع البحوث وحتى الأساسية منها في هذا المجال، وإنما سوف نسعى ببيان الوجه الجامع لموارد استعمال مفهوم القيمة، وتعداد أهم أنواعها وأن نتعرض بالتحقيق لأهم بحوث القيمة أي الرابطة بين القيمة والواقعية..
ماهية القيمة:
ما هي القيمة؟ وفي أي مورد يمكن استعمالها؟ وهل تستعمل في جميع الموارد بمعنى واحد بنحو الاشتراك المعنوي؟ أم أن لها في كل مورد معنى خاصاً؟ وبناء على تعدد الاستعمال ما هو الوجه الجامع والعنصر المشترك بين مواردها؟
التحول التاريخي في مفهوم القيمة:
إن مفهوم القيمة وجذورها وتركيباتها من قبيل تحديد القيمة والتقييم وإن استعملت في أيامنا هذه وبشكل كبير في الاقتصاد والفلسفة إلا أنها لم تعد تختص بهما بل وجدت لها أيضاً دوراً محورياً كبيراً في سائر العلوم الاجتماعية والإنسانية كعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم الجمال وعلم السياسة والحقوق.
وقد كان لهذا الاصطلاح بادئ ذي بدء معنى واضحاً جداً، وموارد محددة في الاستعمال، ويستفاد منه في تقييم السلع الاقتصادية ، وشيئاً فشيئاً ومع توسع البحوث الاقتصادية وتعقد مسائل علومها توسع مفهوم القيمة أيضاً وكذلك موارد استعماله بشكل ملحوظ.
وقد فصل "آدم سميث" أحد أشهر اقتصاديي القرن الثامن عشر بحث القيمة ومعرفة ماهيتها والمعيار فيها في أحد أهم نظرياته الاقتصادية.
وبناء على ذلك تحول هذا المفهوم البسيط ظاهراً إلى مصطلح علمي معقد كثير الإبهام، وقامت حوله أبحاث وتحقيقات كثيرة من قبل علماء الاقتصاد.
 وفي مرحلة لاحقة قام بعض الفلاسفة أمثال "رودولف هرمان لوتز" و "نيتشه" بتوسعة هذا المفهوم بشكل كبير وقاما بتبديله إلى موضوع هام وأساسي في الفكر الفلسفي.
وتوضيح ذلك أن الفلاسفة ومنذ عهد اليونان القديم جعلوا بعض المسائل المتنوعة كالحسن والغاية والصحيح والوظيفة مورداً لتأملاتهم الفلسفية وتحت عناوين مستقلة في الظاهر، أما في القرن التاسع عشر ومع توسع طرح هذه المسائل في العلوم المختلفة طرأ تصور جديد يقول بإمكانية كون هذه المسائل جميعاً تتعلق بعائلة واحدة حيث أن هذه المفاهيم تتعرض لمفهوم القيمة و "ما يجب أن يكون" ولا تتعرض إلى الواقعيات و"ما هو موجود" و "ما هو كائن" وبناء على هذا تشكل فرع جديد باسم "مبحث القيمة" وقد تطرق هذا العلم والذي هو فرع من الفلسفة العملية بشكل كلي إلى تبيين وتحليل ماهية القيمة والمسائل المرتبطة بها.
العنصر المشترك بين موارد استعمال مفهوم القيمة.
كما تقدم معنا فإن ماهية القيمة وإيجاد الوجه الجامع بين موارد استعمالها المختلفة كانت هماً قديماً عند القيميين، وقد ذهب بعض الكتاب إلى الاعتقاد بأن المصاديق المتنوعة لمفهوم القيمة تستعمل صرفاً في العلوم المختلفة بنحو الاشتراك اللفظي ولا يمكن إيجاد عنوان جامع بينها.
 وقد قام أحد المحققين الغربيين بمراجعة أكثر من أربعة ألاف أثر منتشر في هذا المجال وتوصل في النهاية إلى ما يقرب من مائة وأربعين تعريفاً مختلفاً لمفهوم القيمة.
ورغم كل ذلك فإنه يمكن بيان تعريف عام لمفهوم القيمة وبتعبير أدق بيان العنصر المشترك بين مصاديقها وموارد استعمالها، وبرأينا فإن كل القيم أعم من الاقتصادية والأخلاقية والفنية والاجتماعية وأمثالها لها عنصر مشترك فيما بينها تحت عنوان "الطلب".
وحيث إن إثبات هذا المدعى وبيان صحته في كل المصاديق والموارد يحتاج إلى جهد كبير ووقت أطول سوف نكتفي بتحليل القيمة الاقتصادية كمثال على ما نريد بالبيان التالي:
حيث إنه ومع قليل من التأمل والتدقيق في القيم الاقتصادية يعلم أن تحديد قيمة السلع والبضائع والخدمات الاقتصادية تابع لمقدار الطلب عليها عند المستهلك، أي أن ملاك القيمة أو على الأقل أحد أهم العناصر الأصلية للقيمة الاقتصادية هو مقدار الطلب لسلعة ما في مقابل السلع الأخرى وبناء على هذا يدخل في تعريف القيمة الاقتصادية عنصران هامان أحدهما "المقايسة والمقابلة" وثانيهما "الطلب" وهذا البيان والتحليل يمكن تسريته إلى القيم الفنية والحقوقية والسياسية والأخلاقية وأمثالها.
ولذا فإن موارد الاستعمال المختلفة لمفهوم القيمة تعد من قبيل المشترك المعنوي، وعليه فلا تباين بين مفهوم القيمة الأخلاقية وبين مفهوم القيمة الاقتصادية وكذلك بينهما وبين غيرهما من القيم الأخرى حيث إن الكل يشترك بعنصري "الطلب والمقايسة" غاية الأمر أن التفاوت والتمايز بين تلك المفاهيم القيمية إنما هو في القيود والشرائط الخاصة بكل واحد منها ومثالاً على ذلك فإن التفاوت بين القيم الأخلاقية والقيم الاقتصادية إنما هو في وجود قيود خاصة للمطلوبية الأخلاقية بمعنى أن الفعل الأخلاقي إنما يتصف بصفات قيمية إذا كان المطلوب فيه:
أولاً: مطلوبية إنسانية وليس مجرد إرضاء للغرائز الحيوانية.
وثانياً: أن يتم بشكل اختياري وإرادي.
وثالثاً: أن يتم اختياره بتعقل وانتباه.
وكذلك فإن التمايز والتفاوت بين القيمة الأخلاقية والقيمة الحقوقية غالباً ما يكون في نوع الهدف وطريقة الوصول إليه، لا في أصل وجود الهدف حيث أن هدف الحقوق هو إقامة النظام والأمن الاجتماعي ولذا فإن الحقوقيين يأخذون بعين الاعتبار في كل زمان ومكان الأسباب الباعثة على الحد من الفساد والتفكك الاجتماعي وتأمين المصالح والنظم الاجتماعية ومن خلال التناسب بين تلك الأسباب وهذه الأهداف ينتزعون القيم الحقوقية.
هذا أولاً والخصيصة الثانية للقيم الحقوقية هو أنه لا يجب ولأجل تحصيلها من وجود النية والإخلاص لأنه لو قام أحدهم ولو رياء من أجل جلب الأنظار ببعض القيم الحقوقية فإن الهدف من الحقوق سوف يتم حصوله، وفي المقابل فإن هدف القيم الأخلاقية وصول الإنسان إلى الكمال الحقيقي والسعادة الأبدية ولا يمكن تحقق هذا الهدف بدون نية من فاعل مختار.
معاني القيمة:
لمفهوم القيمة من حيث العموم والشمولية موردان أو معنيان عام وخاص فمن جهة تشمل"الحسن" و"الجمال" و"المطلوب" والمقدس ومن جهة ثانية أعم من الأولى تشمل فيها أيضاً حتى المفاهيم المقابلة لتلك الأمور التي تقدم ذكرها.
ولو أردنا إقامة مقياس لبيان القيم فعلينا أولاً أن نفرض مبدأ يشمل جهتي الإثبات والنفي لأنه أحياناً يراد من القيمة فقط ما يقع في جهة الإثبات وأما ما يقع في جهة النفي فيكون ضد القيمة أو اللاقيمي.
وأحياناً قد يراد من القيمة المقياس ككل وعلى هذا الأساس فما يقع في جهة الإثبات تسمى القيم المثبتة، وما يقع في جهة النفي تسمى القيم السالبة وأما ما يقع في نقطة المبدأ فتسمى القيم الخنثى.
أنواع القيم:
للقيمة من جهات متعددة أنواع متفاوتة نشير ها هنا إلى أهمها:
القيم الآلية / الغائية.
القيم الآلية عبارة عن تلك القيم التي تكسب قيمتها من خلال كونها آلة ووسيلة ومقدمة للوصول إلى قيم أخرى.
أو النهائية وهي في مقابل ذلك القيم الغائية أو النهائية وهي القيم التي تكون قيمة بحد ذاتها بغض النظر عن كونها مقدمة أو وسيلة لغيرها ومثالاً على ذلك فإن قيمة الرياضة والألعاب الرياضية إنما تكمن في كونها وسيلة وآلة للوصول إلى الصحة والسلامة أو الشهرة الاجتماعية وغير ذلك وإلا فإنها في ذاتها لا تعتبر قيمة بل قد تعتبر عند البعض بأنها ألعاب متعبة.
والمقياس في تشخيص القيم الآلية عن القيم الغائية أو النهائية ورود هذا السؤال في الأولى وهو: لماذا يجب علينا القيام بها؟ وبالتالي فما لم ينته هذا السؤال إلى قيمة غائية أو نهائية فيمكن تسلسله، أما في القيم الغائية فلا يرد مثل هذا السؤال بل لا وجه له أصلاً.
القيم الغيرية / الذاتية.
القيمة الذاتية تعنى تلك القيم المقتضاة من ذات الشيء أو الفعل أو الصفة، فالعدالة مثلاً في حد ذاتها فيها اقتضاء القيمة المثبتة بينما الظلم فإنه في حد ذاته فيه اقتضاء القيمة السالبة والمنفية، وبعبارة ثانية فإنه وبغض النظر عن الثواب والعقاب لا بد لأي عاقل يتصور العدل والظلم بمعناهما الحقيقي أن يحكم بحسن العدل وقبح الظلم.
وفي مقابل القيم الذاتية قيم ناشئة من أمور عرضية وتبعية وغيرية، وحيث إن القيم الذاتية لازمة لذات أفرادها فإنها لا تتبع بأي وجه لرأي فرد أو مجتمع وغير ذلك، وبالتالي لا يمكن تبدل أحكامها وتغيرها تبعاً لذوقية بعض الأفراد أو مصالحهم أو تبعاً لأي عقود جمعية أو تبعاً لأمر الآمر أو نهي الناهي(كما ذهب الأشاعرة).
أما القيم الغيرية فتتغير أحكامها بتبدل الاعتبار والحيثيات ومثالاً على ذلك الصدق ذو قيمة لكنه إذا استلزم قتل إنسان بريء سينقلب إلى اللاقيمة، وكذلك التكبر لا قيمي لكنه إذا كان في مقابل المتكبر سينقلب إلى فعل ذي قيمة.
العلاقة بين القيمة والواقعية:
إن أحد أهم مباحث القيمة هو دراسة وتحليل ومعرفة العلاقة بين القيمة والواقعية، وقد واجه علماء هذا الفن ومنذ قديم الأيام سؤالاً ما هي الرابطة والنسبة بين الواقعية والقيمة؟ وهل أن القيم والأحكام القيمية أمور اعتبارية ووضعية وذوقية؟ أي هل أنه لا توجد أي واقعية أصلاً ما وراء الأحاسيس والميول الفردية أو العقود الاجتماعية أو أمر الآمر ونهي الناهي؟ أم أن لها حقائق عينية، واقعية وخارجية؟ وعلى الصورة الثانية هل لها ما بإزاء في الخارج، إنها موجودة في الخارج باعتبار الوجود الخارجي لمنشأ انتزاعها؟
وبشكل كلي يمكن تنويع النظريات القائمة حول العلاقة بين القيمة والواقع في ثلاث طوائف:
1- عينية القيم:
اعتقد البعض بأن القيم سواء كانت قيماً فنية أو أخلاقية أو حقوقية أو دينية أو أمثال ذلك هي أمور عينية وخارجية، أي أنها من نوع المفاهيم الماهوية التي لها ما بإزاء في الخارج.
ومثالاً على ذلك فإنهم يقولون حول قيم المعرفة الجمالية بأنه وكما أن هناك وجوداً للون والشكل والحجم فإن هناك وجوداً خارجياً أيضاً لصفة الجميل وصفة القبيح، حيث إن الإنسان وإن لم تكن له حاسة جمالية إلا أن عقل كل واحد منا وبالاستعانة بالوسائل النظرية يدرك أنه مضافاً إلى الشكل والحجم واللون لوردة شقائق النعمان مثلاً فإن هناك صفة خارجية عينية أسمها الجمال موجودة فيها أيضاً، وطبقاً لهذه النظرة فإن عمل الفنانين ليس "إبداع" و"خلق" الآثار الفنية بل كشف الجمال الفني في الواقع.
إن فن الفنان يكمن في "إزاحة الستار الحائل وإظهار الجمال".
وادعى بعض الفلاسفة أيضاً في مجال القيم الأخلاقية بأن الخير والشر من الصفات العينية الخارجية ويمكن الإشارة إلى ما بإزائها في الخارج، واعتبر البعض، جورج إدوارد مور(1958 ـ 1873) فيلسوف الأخلاق الانكليزي من أنصار هذه النظرية.
لكن وكما سنرى عند بيان النظرية الثالثة فإن المفاهيم القيمية في الحقيقة ليست من سنخ مفهوم الإنسان والحيوان والنبات أي أنه ليس لها ما بإزاء عيني وخارجي، ولا يمكن الإشارة إلى جمال الوردة وحسن الصدق في الخارج استقلالاً بل أن جمال الوردة مثلاً يمكن اصطياده من خلال تناسب الأوراق وتركيب الألوان والشكل الخاص بها وكذلك الحال في قيمة الصدق فإنه يمكن انتزاعه من التناسب والارتباط الواقعي بينه وبين كمال المطلوب الإنساني.
2- الفصل والتمييز بين حدود القيم والواقعيات:
النظرية الثانية حول العلاقة بين القيم والواقعية والتي استحوذت على عدد كبير من أصحاب الرأي والمذاهب القيمية تقول بأن القيم عبارة عن أمور ذهنية ولا ارتباط لها مع الواقع الخارجي.
واعتقد الكثير من علماء الجمال بأن قيم المعرفة الجمالية تعود إلى إحساس الأفراد وأذواقهم، أي أنها أمور شخصية ترتبط بصاحب الحس، وليست صفة شيء محسوس وبتعبير أحدهم فإن "الجمال هو في عيون الناظر".
وذهب بعض الفلاسفة وبعض المذاهب الأخلاقية كالاحساسيين والاجتماعيين وكذلك الأشاعرة ـ القائلين بنظرية الأمر الإلهي وأن منشأ القيمة هو الأمر والنهي الإلهيان ـ إلى الاعتقاد أيضاً بجريان هذا الرأي في القيم الأخلاقية، وأنها ترتبط بالذهن والميول والوضع أو الأمر والنهي الإلهيين، وعليه فلا ترتبط هذه المفاهيم بالواقع والعالم الخارجي، وبناء على ذلك فإن القيم الأخلاقية إما أنها تابعة للأحاسيس والعواطف والميول الإنسانية (كما يدعي أصحاب الإحساس) أو أنها معلولة للأمر الإلهي ونهيه(كما اعتقده الأشاعرة) وكذلك فقط اعتقد البعض بأنه لا منشأ ولا مبدأ للقيم الحقوقية والاجتماعية والسياسية سوى العقود الاجتماعية الظاهرة والخفية.
وبناء على الآراء المتقدمة فإن القيم أموراً نسبية بالكامل ويمكن تغيرها وتبدلها باعتبار الأفراد أو الزمان والمكان، فقد يكون أي أمر مثبتاً في رأي البعض وسالباً في رأي البعض الآخر، أو أنه ذو قيمة في زمان ما ولا قيمة له في زمان أو مكان آخرين.
ولكن وكما أشرنا سابقاً فإن القيم الذاتية قيم ثابتة لا تقبل التبدل والتغير، فحسن العدل وقبح الظلم أمران ضروريان ودائمان لا يتغيران، وباعتقادنا فإن الظلم قبيح دائماً في كل مكان وبحق أي كان وكذلك العدل حسن في أي مكان ومع أي كان، نعم قد يقع الاشتباه أحياناً في تحديد مصاديق العدل والظلم ولكن إذا كان الظلم ظلماً واقعاً فلا يمكن تلقيه في بعض الموارد على أنه حسن، وكذلك الحال في العدل مع مطابقته للعدالة واقعاً فلا يمكن تلقيه في بعض الموارد على أنه قبيح.
ومضافاً إلى هذا فإن الادعاء بأن نطاق القيم تقع خارج حدود الواقعية وأنه لا يمكن الكلام عن وجود القيم الواقعية، ادعاء يحتاج إلى التوجه والإثبات إذ لا بد لأنصار هذه الدعوى من توضيح ماهية المعيار والملاك الذي يعين به وجود الصفات والخصائص الواقعية في عالم الواقع أو عدم وجودها كذلك؟ وما هو التفاوت والتمايز الجوهري بين الحدود القيمية وغيرها من الحدود حتى نعتقد بأن حدود القيم خارجة عن حدود القيم الواقعية؟ وهل أنه لا يمكن اعتبار كلاً من البيانات القيمية والواقعية نوعين من التعبير عن وجودين متفاوتين؟
3- انتزاعية القيم:
النظرية الثالثة حول العلاقة بين القيم والواقع مفادها أن القيم مفاهيم فلسفية ورغم أنه لا وجود لها في الخارج إلا أن لها منشأ انتزاع خارجي، وعلى هذا الأساس فإن حال المفاهيم القيمية حال المفاهيم الفلسفية حيث يمكن تحصيلها بالتدبر والتأمل العقلاني وبالمقايسة أحياناً أخرى نعم ربما يصعب توجيه هذا الرأي في بعض القيم نظير القيم الفنية أما تلك القيم المتعلقة بالأفعال والصفات الإنسانية كالقيم الأخلاقية والحقوقية والسياسية والدينية فيمكن القبول به تماماً والدفاع عنه بشكل كامل.
وفي رأينا فإن هذه الطائفة من القيم هي من قبيل المفاهيم الفلسفية والانتزاعية أي يمكن إستحصالها من القياس والملائمة بين أمرين أحدهما خارجي وثانيهما واقعي ومثالاً على ذلك فإن القيم الأخلاقية يمكن انتزاعها من العلاقة بين اختيار الإنسان والكمال الحقيقي وكما ترى فإن أحدهما عيني والثاني واقعي.
وتوضيح ذلك أنه وعند مقايسة الأفعال الاختيارية للإنسان مع الكمال المطلوب له (القرب الإلهي مثلاً) يمكن عقلاً طرو إحدى هذه الحالات الثلاثة:
أولها: أن هناك علاقة إيجابية مثبتة بين الأمرين أي أن تلك الأفعال تعين الإنسان للوصول إلى الكمال المطلوب وفي هذه الحالة تتصف العلاقة بالقيمية.
ثانيها: وجود علاقة سالبة منفية، أي أن تلك الأعمال مانعة لنا من الوصول إلى الكمال المطلوب وبالتالي سوف تتصف هذه الأفعال باللاقيمية.
ثالثها: أنه لا توجد أي علاقة سواء كانت مثبتة أو منفية بين الأفعال الاختيارية والكمال المطلوب وعليه تكون تلك الأفعال لا قيمية أو نعتبرها ذات قيمة خنثوية.
وحاصل الكلام أن القيم أو أصول القيم على الأقل لها جذورها في الواقعية ولا يمكن اعتبارها مجرد معلولات للطبائع والعلاقات الفردية أو للعقود والاعتبارات الاجتماعية أو لأمر الآمر ونهي الناهي كما ذهب إليه الأشاعرة.
علة الاختلاف في التقييم:
من المناسب في الختام أن نجيب على سؤال مفاده: أنه إذا كان للقيم جذور في الواقعية، فما هي علة اختلاف الأفراد والمجتمعات المتعددة حول القيم، وخاصة القيم الأخلاقية والدينية والحقوقية والسياسية والاجتماعية؟
أليست هذه الاختلافات دليلاً على ذوقية واعتبارية ووضعية القيم وبالتالي كونها نسبية؟ وهذه إحدى أشهر استدلالات النسبيين حيث أنهم يعتبرون وجود الاختلافات القيمية بين مختلف الأفراد والمجتمعات دليلاً على نسبية القيم وعدم ارتباطها بحدود الواقعية.
ولكن الحق يقال بأن وجود الاختلافات بين القيم لا يمكن أن يثبت منطقياً تمايز نطاق القيم عن حوزة الواقع لأن مثل هذه الاختلافات يمكن أن تنشأ من التفاوت والنقائص في الاعتقاديات الناظرة إلى الواقع، أو لجهة تشخيص المصاديق وهي ليست معلولة صرفاً للسلائق والعواطف والميول المختلفة، وبناء على ذلك فإن وجود تلك الاختلافات يمكن فقط أن يكون دليلاً على عدم وجود علاقة بين القيم والواقع في صورة إثبات: أن جميع الأفراد والمجتمعات المختلفة ومع "تعليمها بشكل كامل وامتلاكها لعقيدة واحدة عن الواقع" فإنها مع ذلك سوف تصدر أحكاماً قيمية مختلفة، وبلا شك فإن إثبات هذا المدعى خارج عن قدرة أنصار النسبية.
ومضافاً إلى ذلك وبغض النظر عن الإشكال السابق فإن الاستناد إلى وجود الاختلاف بين القيم إنما يفيد في رد دعوى من يدعي بأن كل القيم مطلقة وشاملة لكل زمان ومكان، أي أنه لو ادعى أحد ما بأن أي حكم قيمي هو حكم مطلق فيمكن حينئذ رد دعواه بالاستناد إلى النسبية والقول بأن الحكم المذكور قد يكون قيمياً في مجتمع ما، ولا يكون قيمياً في مجتمع آخر، وأما الاستناد إليها لرد دعوانا القائلة بأن أصول القيم هي المطلقة لا كل القيم بحد ذاتها فمما لا ينفع في هذا المجال.
وعلى أي حال فإن السبب الرئيس في رأينا حول وجود الاختلاف في نفس التقييم هو أحد أمرين:
أولهما: عدم امتلاك الدرك الكامل عن الكمال المطلوب.
وثانيهما: عدم امتلاك الفهم الواضح عن العلاقة بين الأفعال الاختيارية للإنسان وكماله المطلوب.
أي أنه من الممكن ورغم المعرفة الكاملة بالكمال المطلوب لدى البعض، عدم معرفة أن الآمر الفلاني مثلاً له تأثير معين في وصول الإنسان إلى ذلك الكمال أو عدم معرفة أن هذا الأمر مما يقرب منه أو يبعد عنه؟
وبناء على هذا إذا أردنا إزالة كل الاختلافات القيمية عند المجتمعات الإنسانية وأردنا أن يكون لكل الأفراد والمجتمعات عنصر مشترك حول القيم وضد القيم، فمضافاً إلى تصحيح وتوجيه الدرك الإنساني لمفهوم الكمال، والاستناد إلى العقل والفطرة الإنسانية لا بد من اللجوء إلى أحضان الشرع المقدس وبيانات المعصومين سلام الله عليهم لأنه وإن تمكن عقل الإنسان منفرداً من تشخيص الكثير من القيم وضد القيم إلا أن هناك موارد أخرى كثيرة لا يمكنه دركها، ولذا احتاج دائماً إلى هداية الوحي الإلهي، وعليه وحيث إن الشرع المقدس قد بين العلاقة بين الأفعال الاختيارية والكمال المطلوب فإنه يأخذ بيد العقل ويعينه على كشف تلك الروابط الخفية والباطنية.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/14   ||   القرّاء : 20612


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net