هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (117)
---> شهر رمضان (119)
---> الامام علي عليه (48)
---> علماء (24)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (202)
---> قرانيات (75)
---> أسرة (20)
---> فكر (127)
---> مفاهيم (205)
---> سيرة (83)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (4)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 شَهْرَ اللّهِ وعطاءاته

  من فضائل الصيام وخصائصه العظيمة

 الصوم لي وأنا أجزي به

 لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان

  المسارعة الى اقتناص الفرص

 من وظائف وامنيات المنتظرين للامام المهدي (عج)

 الدعاء لإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

 شعبان شهر حَفَفهُ  الله بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ

 الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (38-95 هـ)

 من آثار الامام زين العابدين عليه السلام وفيض علمه

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  شيعة الهند

 محمد بن أبي بكر ربيب الإمام علي (ع)

 هيئة علماء بيروت تدعو إلى الكف عن التآمر على المقاومة

 هيئة علماء بيروت تدعو لأوسع مشاركة تضامنا مع غزة

 السيرة المختصرة للإمام علي عليه السلام

 الامام الكاظم عليه السلام.... سجين الحق الثائر

  الامام الحسين عليه السلام : سيرته والنصوص على إمامته وخصائصه ومناقبه وفضائله

 سورة البقرةفي الخطوط العامة وحيثيات النزول‏

  الأبعاد المعنوية في شخصية الإمام الحسين عليه السلام

 الصحة والاخلاص أساس النجاح

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1169

  • التصفحات : 7020984

  • التاريخ : 19/03/2024 - 08:42

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : قرانيات .

              • الموضوع : كلمات وردت في القرآن الكريم: ل ح د _ الدهر .

                    • رقم العدد : العد الرابع والثلاثون .

كلمات وردت في القرآن الكريم: ل ح د _ الدهر

كلمات وردت في القرآن الكريم : ل ح د _ الدهر

إعداد الشيخ سمير رحال

مناسبة القرن بين المفردتين ل ح د _ الدهر:

ان القرن بين المفردتين سببه ان الالحاد بمعنى انكار وجود الله لم يستخدم في الدلالة عليه  قرآنيا  كدلالة نصية كلمة الحاد وانما استخدم القرآن الكريم كلمة الدهر الواردة في قوله تعالى : (وما يهلكنا الا الدهر) وعرف الدهريون او الدهرية بأنهم هم المنكرون للمبدأ والمعاد كما سيأتي بيانه.

 اما مادة  ل ح د

وردت مادة ل ح د في ستة موارد في كتاب الله تعالى وهي قوله تعالى:

فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ١٨٠ الأعراف

لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ١٠٣ النحل

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ٤٠ فصلت

لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٧ الكهف

وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٥ الحج

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٢ الجن

 

فماذا يراد بهذه المادة ؟

وهل يدخل فيها المعنى المشهور للالحاد وهو انكار الذات الالهية ؟

أن كلمة "ألحد" " كانت تطلق في الأصل بشكل عام على أي "ميل عن الحق"

فالمعاني اللغوية لكلمة (ألحد) في اللغة العربية كانت تطلق على من يُعرض، أو يُشرك، أو يُكذّب بعض المعاني المتعلقة بالإيمان بالخالق.

ولا يُشترط في الملحد حسب استعمالات القرآن أن يُنكر وجود الله، بل يكفيه أن يُعطِّل أو يُنكر صِفةً من صِفاتِ الله سُبحانه  أو يُكذّب بعض المعاني المتعلقة بالإيمان بالخالق، وهذا المعنى الأخير هو الذي استعمله القرآن  في الآيات السابقة ذكراً كما سيأتي بيانه.

أما ما تعارف الناس على اطلاق الملحد عليه بمعنى انكار الله فهو مصداق من مصاديق الالحاد, فالالحاد في القرآن اعم مفهوماً والملحد أي المنكر للصانع احد افراده .

فقد اعترف أقوامٌ بوجود الله سبحانه وتعالى ولكنَّهم ألحدوا في أسمائه: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ) او  ألحدوا في آياته (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) ٤٠ فصلت او غير ذلك من صنوف الالحاد....

ثم لاحقا صارت تطلق على إنكار وجود الخالق.

ولعل أقرب تسمية من المعنى المعاصر لما نسميه اليوم الإلحاد، هي تسمية “الدهريون” والتي كان أتباعها يتمثلون بالمقولة القديمة “إنْ هي إلَّا أرحام تَدفع، وأرض تبلع، وما يهلكنا إلَّا الدهر”. وقد أشار القرآن إلى هذا الاتجاه بقوله: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24

أوّلاً ـ تعريف الالحاد واستعمالاته القرآنية والفقهية:

الإلحاد لغة : هو الميل عن الاستقامة، يقال: ألحد في دين اللّه‏، أي حاد عنه وعدل إلى غيره (الصحاح 2 : 534)  ومنه : قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) ٤٠ فصلت

وألحد فلان : إذا ترك القصد ومال إلى الظلم  معجم مقاييس اللغة 5 : 236

ويقال : لحد القبر وإلحاده ، أي جعل الشقّ في جانبه لا في وسطه ، وألحدت الميّت ولحدته : جعلته في اللحد ، أو عملت له لحداً المصباح المنير : 550

والملتحد : الملجأ ؛ سمّي بذلك لأنّ اللاجئ يميل إليه معجم مقاييس اللغة 5 : 236

ومنه : قوله تعالى : { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } الكهف : 27

الالحاد عند الفقهاء

ورد عند الفقهاء في مواضع متعدّدة وبمعاني مختلفة وأهمّها:

1 الإلحاد في الدين

وقد فسّره الشيخ الطوسي بالعدول عن الحقّ فيه التبيان 7 : 33

وهو صادق على مَن يخرج من الدّين الحقّ إلى غيره من الديانات الاُخرى ، وعلى مَن يطعن فيه ولا يستجيب لأوامره ونواهيه.

2 الإلحاد في مكّة

ويقصد به الميل بظلم فيها قال تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الحج :25

ويأتي بيان ذلك لاحقاً.

3 ـ إلحاد الميّت

ذكر بعض الفقهاء أنّ هناك كيفيتين في حفر القبر، هما : الإلحاد والشقّ .

ومعنى اللحد : أنّه إذا بلغ أرض القبر حفر في جانبيه ممّا يلي القبلة مكاناً يوضع الميت فيه.

ومعنى الشقّ : أن يحفر في أرض القبر شقاً يوضع الميّت فيه ويسقف عليه .

ثانياً ـ الألفاظ ذات الصلة

1_ الرِدّة

وهي ـ لغة ـ الرجوع عن الشيء، ومنه الردّة عن الإسلام

واصطلاحاً : هي الكفر بعد الإسلام

والنسبة بينها وبين الإلحاد بمعناه العام هي العموم والخصوص المطلق؛ لاختصاص الردَة بالإلحاد المتعقّب للإسلام.

2 الزندقة

زنديق" لفظ فارسي مشتق من "زند كراي"، وهو الشخص الذي يتبع "كتاب زند" لزرادشت نبي الفرس. وليس في كلام العرب زنديق، انما تقول العرب رجل زندق وزندقي اذا كان شديد البخل، وإذا أرادت العرب معنى ما تقول العامة قالوا: «ملحد ودهري».

وتحمل لفظة الزنديق تفسيرات متعددة وتأويلات متباينة

فمنهم من يخلط الزنادقة بالدهرية الذين يقولون بقدم الدهر وأبدية المادة والكون. ومنهم من يعرفهم بالثنوية، أي أهل النور والظلمة، ويقصر تعريفهم على أتباع النبي ماني.

ومنهم من  قال ان كلمة زنديق كانت شائعة على عهد الساسانيين وتطلق على كل من يتجرأ على تفسير كتاب الزرادشتية المقدس «الافستا.

ومنهم من  قال انها تطلق على من اعتنق آراء الفرس في بادئ الامر ثم اعتنق ديانة ماني، فقد كان الزرادشتيون يعدون هؤلاء ملحدين وخارجين عن ديانتهم الزرادشتية لذلك صارت الكلمة عندهم تطلق على كل ملحد لا يؤمن بديانتهم.

 وقال الفراهيدي في «كتاب العين» (زندقة الزنديق: ألا يؤمن بالآخرة وبالربوبية)

 ويذهب الشيخ الصــدوق الى تأكيد هذا المعنى عبر ذكره لحديث نبوي يرويه في كتابه «التوحيد» (هم الدهرية الذين يقولون لا رب ولا جنة ولا نار، وما يهلكنا إلا الدهر

وقال الطريحي : « المشهور عند الناس أنّ الزنديق هو الذي لا يتمسّك بشريعة ، ويقول بدوام الدهر ، والعرب تعبّر عنه بقولهم : ملحد ، والجمع زنادقة.

وفي الحديث : الزنادقة هم الدهرية الذين يقولون : لا ربّ [ لنا ] ، ولا جنّة ولا نار ، وما يهلكنا إلاّ الدهر » مجمع البحرين 2 : 783

ولعلّ أظهر معانيه : أنّه من يدّعي الإسلام ويظهر الشهادتين إلاّ أنّه يظهر منه ما يخالف الإسلام ، كالاستهانة بكتاب اللّه‏ تعالى وسنّة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم وبفرائض الإسلام.

وعليه فإذا قصد من الإلحاد مطلق الظلم أو الميل عن الحقّ كانت النسبة بينه وبين الزندقة هي العموم والخصوص المطلق ؛ لأنّها نوعٌ من هذا الإلحاد .

 3 ـ النفاق

وأصله في اللغة : النفوذ الخفي.

 وفي الاصطلاح : إظهار الإسلام وإبطان الكفر .

وهو من أشكال الإلحاد بمعناه العام

4 ـ الدهرية (ويأتي تفصيل ذلك )

الدهري هو الملحد الذي يقول بقدم الدهر ، ولا يؤمن بالبعث ، وينكر حشر الأجساد ، كما ورد في قوله تعالى : {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاَّ الدَّهْرُ }  مع إنكاره إسناد الحوادث إلى اللّه‏ سبحانه وتعالى العين 4 : 23 ، 24 . لسان العرب 4 : 424

وبهذا يتبيّن أنّ الإلحاد أعم إجمالاً من الجميع ؛ لعدم أخذ قيد فيه إلاّ الميل والخروج عن الدين.

الفرق بين الزنديق والمنافق والدّهري والملحد

ان المنافق يظهر الإيمان وهو لا يؤمن به واقعاً

والدهري من ينكر إسناد الحوادث إلى اللّه‏ سبحانه وتعالى بل إلى الدهر .

 والملحد بأحد معانيه هو الكافر باللّه‏

ولا يعتبر في الملحد سبق الإسلام وبه فارق المرتدّ  ولا إظهار ما لا يؤمن به في قلبه كالمنافق

بالإضافة إلى أنّ الإلحاد يستعمل في الكفر وغيره ، والردّة لا تستعمل إلاّ في الكفر ، فتبيّن أنّ الملحد أعم إجمالاً من الكلّ معجم الفروق اللغوية 454

عرض القرآن لصور متعددة من الإلحاد

لم يستعمل القرآن كلمة الالحاد في التعبير عن انكار الخالق والصانع وانما استعمل كلمة الدهر والقائلين وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ والناسبين اليه الفعل.

نعم استعمل الالحاد بمعناه العام وهو الميل عن الاستقامة، يقال: ألحد في دين اللّه‏، أي حاد عنه وعدل إلى غيره فيدخل فيه كل ما فيه ميل وانحراف عن دين الله, وانكار الله والصانع احد مصاديقه وليس هو مدلوله .

اما ما يدل على انكار الخالق والصانع فقد بيّنه تعالى في موارد والفاظ اخرى منها:

1 الدهرية: قال تعالى: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) (الجاثية: 24)

2  من يقول: إن الكون والإنسان خلقا من عدم؛ فقال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ {35}) (الطور)

 فقوله تعالى: (مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) أي من غير خالق، ومن غير سبب أوّل

 وقوله تعالى: (أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) أي هل المخلوق - كوناً كان أو إنساناً - أوجد نفسه؟ وكل هذا قال به الملاحدة المعاصرون.

3 تحدث القرآن عمن يؤمنون بوجود الإله الخالق، لكنه يرى أنه اعتزل الكون بعد أن وضع فيه القوانين والنواميس التي تسيره، فهم ينكرون متابعة الله كونه بالعناية والحفظ والتدبير والرزق.

4 وتحدث القرآن عمن يؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً، وبأن هذا الخالق تابع كونه بالعناية والحفظ والرزق والتدبير، إلا أنه لم يُرسل إليهم رسلاً.

يقول تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى‏ بَشَرٍ مِنْ شَيْ‏ء الأنعام 91

وفي الآية إشارة إلى أنّ من يعرف‏ اللّه معرفة صحيحة لا يمكن أن ينكر إرساله الهداة ومعهم الكتب السماوية إلى البشر، لأنّ حكمة اللّه توجب انه لا يمكن أن يترك عباده بدون هاد ودليل و كتاب سماوي  لان هدف  خلقه لا يمكن تحقيقه بغير الوحي و=الكتب السماوية والتعاليم السليمة من كل خطأ و سهو.

معاني الالحاد الواردة في القرآن

1 الالحاد فِي الآياتِ

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَ فَمَنْ يُلْقى‏ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)   فصلت (41): آية 40

يقال: لحد وألحد، والأشهر ألحد.

والإلحاد حقيقته: الميل عن الاستقامة .

 يقال ألحد فلان في كلامه إذا مال عن الصواب.

والإلحاد: الميل عن وسط الشي‏ء إلى جانبه، وإلى هذا المعنى ترجع مشتقاته كلها،

ولما كان وسط الشي‏ء يشبّه به الحق والصواب، استتبع ذلك تشبيه العدول عن الحق إلى الباطل بالإلحاد، فأطلق الإلحاد على الكفر والإفساد، واستعير للانحراف في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة.

وإطلاق قوله: «يُلْحِدُونَ‏» وقوله: «آياتِنا» يشمل كل إلحاد في كل آية

فيشمل الإلحاد في الآيات التكوينية  والدلائل الكونية

والإلحاد في تكوينية الآيات هو إمالتها عن كونها آيات كأنها لا تدل على اللَّه.

كما في قوله تعالى: وقوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ والشمس والقمر [فصلت: 37] إلخ.

فبدل الاستدلال بها على الله عبدوا الشمس والقمر .

والإلحاد في آيات اللّه الإعجازيّة تفسيرها بأنّها نوع من أنواع السّحر، كإلحاد فرعون وملئه بالنّسبة إلى آيات اللّه الّتي أجراها لرسوله موسى عليه السّلام.

وتشمل الآيات القولية وآيات الوحي والنبوة المتقدمة في قوله: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ‏ [فصلت: 26].

فيعدون القرآن افتراء على الله وتقوّلا من النبي (ص) أو يلغون فيه لتختل تلاوته فلا يسمعه سامع, أو يفسرونه من عند أنفسهم, أو يؤولونه ابتغاء الفتنة .

فكل ذلك إلحاد في آيات الله بوضعها في غير موضعها والميل بها إلى غير مستقرها.

 

2 الالحاد فِي اسمائه

قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) الأعراف (180)

وأسماء اللّه أحسن الأسماء وأجلها، لإنبائها عن أحسن المعاني و أشرفها.

وسبب نزول الآية مورد البحث: أنّ رجلا دعا اللّه في صلاته، ودعا الرّحمن، فقال أبو جهل: أليس يزعم محمّد وأصحابه أنهم يعبدون ربّا واحدا، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فأنزل اللّه هذه الآية.

وقد أثبتت هذه الجملة أنّ للّه عزّ وجلّ أسماء عديدة كلّها حسنى، وأنّ من أراد أن يعبد اللّه بالدّعاء لمطالب الدّنيا أو الآخرة، لنفسه أو لغيره، فليدع باسم أو بأكثر من أسماء اللّه الحسنى على سبيل التفصيل، أو بأسمائه جملة. مستحضراً لأمرين: أحدهما: عزة الربوبية. والثانية: ذلة العبودية.

ومعنى إلحادهم في أسمائه  الميل بألفاظها أو معانيها عن الحق من تحريف أو تأويل أو تشبيه أو تعطيل أو ما ينافي وصفها بالحسنى

والّذين يلحدون في أسماء اللّه على أصناف.

(1) فالمشركون ينكرون بعض أسمائه الدّالّة على بعض صفاته، كاسم اللّه الرحمن، فيجعلون هذا الاسم من صفات شركائهم .

وظاهر أنّ هذا من العدول عن الحقّ، ومن الظلم والجور في صفات اللّه، فهو من الإلحاد في أسمائه جلّ جلاله.

والماديون والدهريون ينسبون الخلق والإحياء والرزق وغير ذلك إلى المادة أو الدهر.

 والوثنيون ينسبون الخير والنفع إلى آلهتهم.

 وبعض أهل الكتاب يصفون نبيهم أو أولياء دينهم بما يختص به تعالى من الخصائص.

وصنف يؤمنون به تعالى غير أنهم يلحدون في أسمائه فيثبتون له من صفات النقص والأفعال الدنية ما هو منزه عنه : كالاعتقاد بأن له جسما، و أن له مكانا، وأن الحواس المادية يمكن أن تتعلق به على بعض الشرائط، وأن له علما كعلومنا وإرادة كإرادتنا وقدرة كمقدراتنا، وكنسبة الظلم في فعله أو الجهل في حكمه ونحو ذلك إليه، فهذه جميعا من الإلحاد في أسمائه.

 (2) كما أنّ المشركين أخذوا بعض أسماء اللّه الحسنى، فاشتقّوا منها عدولا عن الحقّ وإلحادا في أسمائه، وأطلقوها على بعض أوثانهم.

فأخذوا من الاسم العلم (اللّه) لفظ «اللّات» و سمّوا به وثنا من أوثانهم.

و أخذوا من اسم اللّه «العزيز» لفظ «العزّى» و سمّوا به وثنا من أوثانهم.

و أخذوا من اسم اللّه «المنّان» لفظ «مناة» و سمّوا به وثنا من أوثانهم.

وهذا العمل هو من الإلحاد في أسماء اللّه الحسنى.

 (3) و يدخل في عموم الإلحاد في أسماء اللّه الحسنى إنكار بعض أسماء اللّه الدّالّات على بعض صفات اللّه العظمى، أو تحريفها عن معانيها، أو تعطيل دلالاتها، أو تشبيهها بصفات المخلوقات للّه، سبحانه و تعالى.

 ويدخل فيه أيضا تسمية اللّه بما لا يليق بجلاله.

مثل تسمية من سماه- أباً- للمسيح. وقول جمهور النصارى: الأب والابن

ومثل أن الكرامية يطلقون لفظ الجسم على اللَّه سبحانه ويسمونه به.

‏3 الالحاد في المسجد الحرام

 قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ  الحج 25

في الآية تهديد لكل من يحاول ارتكاب شي‏ء نهى اللّه عنه في هذا المسجد الحرام.

أى: ومن يرد في هذا المسجد الحرام إلحادا، أى: ميلا وحيدة عن أحكام الشريعة وآدابها بسبب ظلمه وخروجه عن طاعتنا، نذقه من عذاب أليم.

وقد جاء هذا التهديد في أقصى درجاته لأن القرآن توعد بالعذاب الأليم كل من ينوي ويريد الميل فيه عن دين اللّه، فمن ينوى و يفعل يكون عقابه أشد.

والمراد بالإلحاد في الآية: أن يميل، ويحيد عن دين اللّه الذي شرعه، ويعم ذلك كل ميل وحيدة عن الدين، ويدخل في ذلك دخولا أوليا الكفر باللّه، و الشرك به في الحرم، وفعل شي‏ء مما حرمه و ترك شي‏ء مما أوجبه. ومن أعظم ذلك: انتهاك حرمات الحرم.

والذي يظهر في هذه المسألة، أن كل مخالفة بترك واجب، أو فعل محرم تدخل في الظلم المذكور.

واختلف في المراد منه على أقوال:

 أ منها إنّه الشرك وعبادة غير اللّه‏ سبحانه وتعالى فيها ، بأن يعبد غيره ظلماً وعدواناً

ب ـ إنّه استحلال الحرم وركوب الآثام فيه.

جـ ـ إنّه دخول مكّة بغير إحرام

د ـ إنّه ارتكاب كلّ شيء نُهي عنه فيعم كل ميل عن الحق، عامة في كل الحقول، وخاصة في حق  المسجد الحرام بما له من حرمات خاصة، فيشمل كل عصيان وظلم بحق اللّه او بحق النفس او بحق الناس. حتى شتم الخادم فيه ؛ لأنّ ارتكاب الذنوب هناك أعظم .

وظاهر بعض الروايات هو المعنى الرابع :

منها : رواية الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه‏ عليه‏ السلام عن قول اللّه‏ عزّ وجلّ : {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } فقال : « كلّ الظلم فيه إلحاد حتى لو ضربت خادمك ظلماً خشيت أن يكون إلحاداً » الوسائل 13 : 231 ، ب 16، من مقدّمات الطواف، ح1

ومنها  عن أبي عبد اللّه‏ عليه ‏السلام  قال : « كلّ ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكّة من سرقة أو ظلم أحدٍ أو شيء من الظلم فإنّي أراه إلحاداً ؛ ولذلك كان يتّقى أن يسكن الحرم » الوسائل 13 : 232 ، ب 16 من مقدمات الطواف ، ح 3

4 الآية الرابعة : المورد الرابع للالحاد

قال تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ النحل (16): آية 103

ادّعى الكفار انّ هذا القرآن الّذي جاء به النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ليس وحيا من اللّه، وإنّما تعلّمه من بشر من الناس.

وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع

كقوله: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى‏ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا (5) [الفرقان: 5]، وقوله: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) [المدثر: 24] أي يرويه محمّد صلى اللّه عليه وآله وسلم عن غيره.

المراد من هذه الآية حكاية شبهة أخرى من شبهات منكري نبوة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وذلك لأنهم كانوا يقولون إن محمدا يتلقّى القرآن من رجل من أهل مكة. قيل: قائل ذلك الوليد بن المغيرة وغيره، قال عنه تعالى: فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [سورة المدثر: 24]، أي لا يلقّنه ملك بل يعلّمه إنسان‏.

ثم إنه تعالى أجاب عنه بأن قال:

لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ‏

قال الفراء: يميلون من الميل، وقال الزجاج: يميلون من الإمالة، أي لسان الذين يميلون القول إليه أعجمي.

فمعنى‏ يُلْحِدُونَ‏ يميلون عن الحقّ ، فهم يتركون الحقّ القويم من أنه كلام منزّل من اللّه إلى أن يقولوا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ، فذلك ميل عن الحقّ وهو إلحاد.

وفي القول إيجاز، وتقديره: إنما يعلمه بشر وينسب ما تعلمه منه إلى الله افتراء عليه.

وقد بيّن جلّ وعلا كذبهم وتعنّتهم في قولهم: إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ بقوله: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ‏ (103).

 أي كيف يكون تعلمه من ذلك البشر، مع أن ذلك البشر أعجميّ اللّسان. وهذا القرآن عربيّ مبين فصيح، لا شائبة فيه من العجمة؛ فهذا غير معقول.

فالذي لسانه اعجمي ليس بامكانه ان يعلّم ذلك‏ العربي المبين، وهو القمة العليا من الفصاحة والبلاغة، فالفاقد لشي‏ء كيف يعطيه؟! ثم‏ «وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ» لا كسائر العربية حتى يتمكن الاعجمي المتضلع من تعليمه..

 

 

 

 

الدهر

اما كلمة الدهر الواردة في القرآن الكريم فقد وردت في موردين:

في قوله تعالى: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (الانسان 1)

وقوله تعالى: وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ  الجاثية (24)

الدهر لغة

في مقاييس اللغة : الدَّالُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْغَلَبَةُ وَالْقَهْرُ.

وَسُمِّيَ الدَّهْرُ دَهْرًا لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَيَغْلِبُه.

دَهْر/دَهَر جمعه أَدْهار وأَدْهُر ودُهور

قيل: الدَّهْرُ هو الزّمانُ الطَّوِيلُ   وإِطلاقُه على القَلِيل مَجازٌ واتِّسَاعٌ.

وفي المفردات للراغب:  الدَّهْرُ في الأَصْل اسمٌ لمُدَّة العَالَمِ من ابتداءِ وُجُوده إِلى إنقضائه، وعلى ذلك قولُه تعالى: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}

يُعبَّر به عن كُلِّ مدّة كَبِيرَة، بخلاف الزَّمَانِ، فإِنه يَقَعُ على المُدَّةِ القليلة والكَثِيرة

وقال الزَّمَخْشَرِيّ: الدَّهَارِيرُ: تَصَارِيفُ الدَّهْرِ ونَوَائِبُه ليس له وَاحِدٌ من لَفْظِه.

وقيل: وواحِدُ الدَّهارِير: دَهْر، على غَيْر قياس. وقيل: جَمْع دُهْرورٍ. وقيل: دِهْرِير.  ويقال: دَهْرٌ دَهَارِيرُ؛ أَي شَدِيدٌ، كقولهم: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ

الدَهْرِيّ (بفتح الدال): اسم منسوب إلى دَهْر/دَهَر المُلْحِدُ

والدُهْرِيّ (بضم الدال)  المُسِنٌّ (رجل دُهْريّ)  والحاذق

قال الزَّمخْشَرِيّ في الأَسَاس والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ: الرَّجلُ المُسِنّ القدِيم، لكِبَرِه. يقال: رَجُلٌ دُهْرِيٌّ؛ أَي قديمٌ مُسِنٌّ نُسِب إِلى الدَّهْر، وهو نَادِرٌ، وبالفَتْح: المُلْحِدُ. وقال بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَة: والدُّهرِيّ أَيضًا بالضَّمّ: الحاذِقُ

والدَهْرِيّ  ( بفتح الدال ) وهو على القياس  يطلق على الملحد الذي لا يؤمن بالآخرة ويقول ببقاء الحياة الدنيا أو بأنّ العالم موجود أزلًا وأبدًا ولا صانعَ له.

الدهريون (الدهرية)

ويشتقّ المصطلح من الدهر لاعتبارها الزمان أو الدهر السبب الأول للوجود وأنّه غير مخلوق ولا نهائي، وتعتبر الدهريّة أن المادّة لا فناء لها, ويعدّ هذا الاعتقاد قريبًا من اعتقاد اللادينيّة والالحاد والمادّيّة.

وقد ذكرهم الله تعالى في قوله: وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ الجاثية (24)

ف«الدهريون» جماعة من منكري التوحيد  الذين ينكرون وجود صانع حكيم لعالم الوجود مطلقا، في حين أنّ أكثر المشركين كانوا يؤمنون ظاهرا باللّه، وكانوا يعتبرون الأصنام شفعاء عند اللّه.

كما انهم يقولون ليس الحياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها في دار الدنيا ولا بعث ولا نشور فينكرون المعاد.  وبهذا فإنّهم ينكرون المعاد كما ينكرون المبدأ فهم من الكفار وكفرهم كفر جحود

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث وجوه الكفر :

قال: فامّا كفر الجحود فهو الجحود بالربوبيّة وهو قول من يقول لا ربّ ولا جنّة ولا نار وهو قول صنفين من الزّنادقة يقال لهم الدّهريّة وهم الذين يقولون‏ وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبّت منهم ولا تحقيق لشي‏ء ممّا يقولون قال اللّه عزّ وجلّ‏ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ‏ انّ ذلك كما يقولون.

والجملة الأولى (ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا)  ناظرة إلى إنكارهم المعاد

فهذا قول الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب وأمثالهم في إنكار المعاد أو القيامة، فليس ثم دار إلا هذه الدار، يموت قوم، ويعيش آخرون، ولا معاد ولا قيامة، وليس وراء ذلك حياة. وهذا تكذيب واضح للبعث، وإنكار صريح للقيامة.

وإنكار البعث بعد الموت ، جاء موضحا في آيات كثيرة

كقوله تعالى عنهم‏ وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ‏ (35) [الدخان: 35].

وقوله تعالى عنهم‏ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ  [ق: 3]

والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.

أمّا الجملة الثانية  (وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ )  فتشير إلى إنكار المبدأ.

وما يميتنا إلا مرور الأيام و الليالي، فمرورها هو المفني والمهلك للأنفس، أي بالطبيعة. وهذا إنكار بيّن للإله الفاعل المختار.

وكان العرب في الجاهلية يعتقدون أن الدهر هو الفاعل، فكانوا إذا أصابهم ضر أو ضيم أو مكروه، نسبوا ذلك إلى الدهر، فقيل لهم: لا تسبوا الدهر، فإن اللَّه هو الدهر، أي إن اللَّه هو الفاعل لهذه الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فيرجع السب إليه سبحانه.

وفي الأحاديث عن النّبي الأكرم صلى اللّه عليه وآله وسلّم‏ «لا تسبوا الدهر، فإنّ اللّه هو الدهر» تفسير مجمع البيان، المجلد 9، صفحة 78.

وتأويله انّ أهل الجاهليّة كانوا ينسبون الحوادث المجحفة والبلايا النّازلة الى الدهر فيقولون فعل الدهر كذا وكانوا يسبّون الدهر فقال عليه السلام انّ فاعل هذه الأمور هو اللّه تعالى فلا تسبّوا فاعلها.

والقرآن الكريم أجاب هؤلاء العبثيين بجملة وجيزة عميقة فقال: وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ‏.

إن قولهم بإنكار المعاد قول بغير علم و إنما هو ظن يظنونه وذلك أنهم لا دليل لهم يدل على نفي المعاد مع ما هناك من الأدلة على ثبوته. ‏فليس لديهم إلا النفي الذي يحتاج إلى دليل، كما يحتاج الإثبات إلى دليل.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/26   ||   القرّاء : 4331


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net