الافتتاحية : التاريخِ الذي يَطوي صفحاتِه على النصر
الافتتاحية : التاريخِ الذي يَطوي صفحاتِه على النصر
رئيس التحرير
اكثر من ثمانية اشهر مضت على حرب غزة المدمرة ولا يزال العدوان الوحشي الذي يعكس الطبيعة العدوانية لهذا الكيان الغاصب, لا يزال مستمرا ولم يحقق شيئا من أهدافه المعلنة وعلى رأسها اجتثاث المقاومة وتحرير الأسرى من غزة.
هذه الحرب في صورها ومشاهدها تعكس وتؤكد صورة الاحتلال وطبيعته المعادية للانسانية
ومن جهة أخرى، فإنها تعكس صورة الشعب الفلسطيني المقاوم الصابر والمضحي وصاحب الروح المعنوية العالية والانضباط والالتزام بالقيم والمبادئ الانسانية والشرائع السماوية.
وما يزيد المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة بجميع جبهاته المساندة والمقاومة قوة وثباتا رغم قسوة العدوان وقتل وجرح آلاف المدنيين هو التربية الايمانية والقرآنية من خلال الإيمان باللَّه والثقة بنصره وعدم الاستسلام للوهن ونوازع الضعف، ودون أن يحول بينهم وبين هذا القتال ما يشعرون به من آلام وجراحات .
ان مشهدية هذه الحرب العدوانية وما يرافقها من احداث ومواقف ونتائج تؤشر ليس فقط الى هزيمة الكيان الصهيوني المتخبط والعاجز عن تحقيق اي من اهدافه وانهياره داخليا معنويا واقتصاديا , بل ايضا الى هزيمة استراتيجية للغرب وانهدام اركان بنيانه من خلال انكشاف خداعه امام العالم اجمع وامام شعوبه وعدم التزامه بما يدعيه من قيم الحرية وحقوق الانسان ودوسه القوانين الدولية.
فأكثر من 2000 طالب اعتقلتهم السلطات الأميركية في الكليات والجامعات الأميركية بالإضافة إلى اعتقال مدرسين وأعضاء هيئات التدريس بتهم وادعاءات واهية كمعاداة السامية في مشهد يهدد الصورة الديمقراطية لأميركا وشعاراتها المتعلقة بحرية التعبير والتجمع السلمي.
كما جاءت الرسالة التي وجهها ١٢ عضوا جمهوريا من أعضاء الكونغرس الأميركي للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لتظهر الوجه الحقيقي الولايات المتحدة الأميركية والنظام العالمي الذي تقوده والقواعد التي يقوم عليها والشعارات التي ترددها. ومما جاء فيها: " استهدفوا إسرائيل وسنستهدفكم...فسنتحرك لإنهاء كل الدعم الأميركي للمحكمة الجنائية الدولية، ومعاقبة موظفيكم وشركائكم، ومنعكم وعائلاتكم من دخول الولايات المتحدة. لقد تم تحذيرك.
وهذا الغرب وعلى الرغم من كل الاجرام الواضح للعيان لا يزال يتعامى عن هذا الاجرام
ويقدّم الكيانَ الإرهابيَّ مُدافعًا عن النّفسِ، ومن يدافِعُ عَن حُريَّته وَحقِّه بالعيش بالإرهاب.
لقد بدأت تتهاوى أساطير دول الغرب وتتزعزع الأسس التي قامت عليها واحدة تلو أخرى، فلا هي دول ديمقراطية، بل دول لا تأبه بالأخلاق والقيم ، ونظامها قائم على الاستعلاء والاستكبار.
والحقيقة التي كانت تستر بألف ستر وستر من الخداع والعناوين البراقة بدأت فصول تحررها تشرق ولو على خجل وانكسر الاحتكار المعلوماتي المبني على التضليل وتشويه الحقائق.
لقد صَحَت ضَمائِرُ كَثيرةٌ على مُستَوى العالَم، فالحقيقةُ في طَورِ الظُّهور. كما أنَّ جبهَةَ المُقاومةِ باتَت قويّةً، وستَغدو أكثر قُوّةً. وكما يقول امير المؤمنين عليه السلام قد أضاء الصبح لذي عينين
وهذا الكلام جار مجرى المثل ويضرب للأمر ينكشف ويظهر كلّ الظهور.
ومثله قول المتنبي: وهبني قُلتُ: هذا الصّبحُ ليلٌ أيعمى العالمون عن الضّياء
وكما يقول قائد الامة الاسلامية وقائد جبهة المقاومة العالمية في مواجهة الاستكبار والتعالي
والغطرسة والظلم وقائد جهاد التبيين في مواجهة التعمية وتزييف الحقائق الامام الخامنئي(حفظه الله): "لقد صَحَت ضَمائِرُ كَثيرةٌ على مُستَوى العالَم، فالحقيقةُ في طَورِ الظُّهور. كما أنَّ جبهَةَ المُقاومةِ باتَت قويّةً، وستَغدو أكثر قُوّةً."
هذا الظهور سيؤدي الى توسعة جبهة المقاومة وينخرط فيها فئات يجمعها مشاعر المظلومية والتمرد على الواقع المزري في العالم وعدم القدرة على تحمّل هذه المشهدية القبيحة التي اغتالت كل القيم التي كان يروّج لها الغرب فيخاطب الطلّاب الجامعيين في أمريكا المدافعين عن غزّة : "...لقد وقفتُمُ الآنَ في الجهةِ الصحيحةِ مِنَ التاريخِ، الذي يَطوي صفحاتِه."
"أنتُم تُشكّلونَ الآنَ جزءًا من جبهةِ المقاومةِ، وقد شَرَعتُم بِنضالٍ شريفٍ....."
لا بد ان تزول هذه الظلامات وثقافة الاستعلاء الحاكمة في العالم ليسود مكانها مبدأ العدالة التي رسخها القرآن ودعا اليها " إنّ درسَ القرآنِ الموجّهِ إلينا، نَحنُ المسلمين، وإلى جميعِ الناسِ حولَ العالمِ، هو الثّباتُ على طريقِ الحقّ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (هود، 112)، كما أنّ درسَ القرآنِ بشأنِ العلاقاتِ بين البشرِ هو: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (البقرة، 279).
جبهةُ المقاومةِ، وبالاستلهامِ مِن هذهِ التعاليمِ والمئاتِ مِن مثيلاتِها والعملِ بها، تَمضي قُدُمًا، وسوفَ تُحقّقُ النّصرَ بإذن الله."
ليس نصر غزة او المقاومات في مواجهة الاحتلالات والاستعمار ونهب الثروات بل النصر حتى على المستوى الاستراتيجي والثقافي والقيمي اليس الصبح بقريب.