هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (129)
---> شهر رمضان (131)
---> الامام علي عليه (52)
---> علماء (25)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (219)
---> قرانيات (78)
---> أسرة (20)
---> فكر (128)
---> مفاهيم (209)
---> سيرة (95)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (5)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)
---> العدد الثالث والاربعون (11)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 من دلالات موت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وآثاره

 الفجيعة الأعظم بوفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله.

 أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثّار

 «أربعون» سيّد الشُّهداء عليه السّلام

 حُفظ الإسلام بعاشوراء

 هجرة الرسول (ص) تمهيد لاسئصال الشرك ونشر الاسلام

 مقوّمات نجاح ثورة الإمام الحسين عليه السلام

 الهجرة واقسامها وآثارها وموانعها

 الأسرار الإلهيّة للمأتم الحسيني

 مناسبات شهر محرّم الحرام

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



  فلسفة مراسم العزاء

 شيعة علي(ع) وأوصافهم

 فاطمة الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى

  تجلّيات العبادة في نطاق السلوك الاجتماعي

  سيّد الشهداء أبو عبد الله الحسين بن علي عليهما السّلام

 إضاءات من سيرة حياة الإمام الكاظم عليه السلام

  الشيعة وذكرى الحسين عليه السلام

 المبلغ القدوة

 علمنا الحسين (ع)

 مجالس عاشوراء منابر للوعي

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1236

  • التصفحات : 8762747

  • التاريخ :

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : هيئة علماء بيروت .

        • القسم الفرعي : مقالات .

              • الموضوع : الفجيعة الأعظم بوفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله. .

الفجيعة الأعظم بوفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله.

الفجيعة الأعظم بوفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله.

الثّامن والعشرون من شهر صفر هو يوم الفجيعة العظمى التي أصابت الأُمّة وسائر العالمين بوفاة رسول الله وخاتم أنبيائه محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله.

وهذه فاطمة البتول (عليها السلام) تبكي اباها وتصف عظم المصيبة برسول الله (ص) وتقول في خطبتها حين منعت فدكا :

«أتقولون مات محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فخطب جليل استوثق منه فتقه وانفتق رتقه وأظلمت الأرض لغيبته و كسفت النجوم لمصيبته و أكدت الإهال وخشعت الجبال وأضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته، فتلك والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة..

وهذا امير المؤمنين عليه السلام : «فنزل بي من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم أكن أظنّ الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به ، فرأيتُ النّاس من أهل بيتي ما بين جازعٍ لا يَملك جزعه، ولا يَضبط نفسه، ولا يَقوى على حمل فادح ما نزل به، قد أَذهب الجزعُ صبرَه، وأذهلَ عقله، وحالَ بينه وبين الفهم والإفهام والقول والاستماع، وسائر النّاس من غير بني عبد المطلب بين معزٍّ يأمر بالصَّبر، وبين مساعدٍ باكٍ لبكائهم، جازعٍ لجزعهم. وحملتُ نفسي على الصَّبر عند وفاته، بلزوم الصَّمت والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه، وتغسيله، وتحنيطه، وتكفينه، والصَّلاة عليه، ووضعه في حفرته، وجمع كتاب الله وعهده إلى خلقه، لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة، ولا هائج زفرة، ولا لادغ حرقة، ولا جزيل مصيبة حتى أدَّيتُ في ذلك الحقّ الواجب لله عزَّ وجلَّ ولرسوله صلّى الله عليه وآله عليّ، وبلَّغت منه الذي أمرني به، واحتملتُه صابراً محتسبا

يوم وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله هو يوم الفجيعة الأعظم

1 لفقدُ سيّد النبيّين صلّى الله عليه وآله.

2 وأنّه مضى غريباً مظلوماً لم يُقدَّر حقّ قدره

بأن يقال: (إنّ الرجل لَيهجر)، أو (غلب عليه الوجع)، أي أنّه يهذي

كلّ هذا الظلم لرسول الله صلّى الله عليه وآله، والأذى الذي لم يؤذَ نبيٌّ بمثله.

أورد ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على (نهج البلاغة) النصّ التالي عن أمير المؤمنين .... إِنَّ العَرَبَ كَرِهَتْ أَمْرْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَحَسَدَتْهُ عَلى ما آتاهُ اللهُ مِنْ فَضْلهِ، وَاستطَالَتْ أَيّامَهُ حَتّى قَذَفَتْ زَوْجَتَهُ، ونَفّرَتْ بِهِ ناقَتَهُ، مَعَ عَظيمِ إِحْسانِهِ إِلَيْها، وَجَسيمِ مِنَنِهِ عِنْدَها، وَأَجْمَعَتْ مُذْ كانَ حَيّاً عَلى صَرْفِ الأَمْرِ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

مجريات الاحداث في آخر ايام حياة النبي (ص)

...لمّا أحسّ بالمرض الذي عراه أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام واتّبعه جماعة من الناس وتوجّه إلى البقيع، فقال لمن تبعه: «إِنَّني قَدْ أُمِرْتُ بِالاسْتِغْفارِ لِأَهْلِ البَقيعِ»، فانطلقوا معه حتّى وقف بين أظهرهم فقال عليه السلام: « السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ القُبورِ، لَيَهْنِئْكُمْ ما أَصْبَحْتُمْ فيهِ مِمّا فيهِ النّاسُ، أَقْبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُها أَوَّلَها."

ثم استغفر لأهل البقيع طويلاً، وأقبل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: «إِنَّ جَبْرَئيلَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، كانَ يَعْرِضُ عَلَيَّ القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَقَدْ عَرَضَهُ عَلَيَّ العامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أَراهُ إِلّا لِحُضورِ أَجَلي».

ثم قال: «يا عَلِيُّ، إِنّي خُيِّرْتُ بَيْنَ خَزائِنِ الدُّنْيا وَالخُلودِ فيها أَوِ الجَنَّةِ، فَاخْتَرْتُ لِقاءَ رَبّي وَالجَنَّةَ، فَإِذا أَنا مُتُّ فَاغْسِلْني وَاسْتُرْ عَوْرَتي، فَإِنَّهُ لا يَراها أَحَدٌ إِلّا أُكْمِهَ."

اشتداد مرضه صلّى الله عليه وآله

ثمّ عاد إلى منزله، عليه وآله السلام، فمكث ثلاثة أيّام موعوكاً، ثمّ خرج إلى المسجد معصوب الرأس، مُعتمداً على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بيُمنى يديه، وعلى الفضل بن عبّاس باليد الأخرى، حتّى صعد المنبر فجلس عليه، ثم قال: «مَعاشِرَ النّاسِ، قَدْ حانَ مِنّي خُفوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فمَنْ كانَ لَهُ عِنْدي عِدَةٌ فَلْيَأْتِني أُعْطِهِ إِيّاها، ومَنْ كانَ لَهُ عَلَيَّ دَيْنٌ فَلْيُخْبِرْني بِهِ.

مَعاشِرَ النّاسِ، لَيْسَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ شَيْءٌ يُعْطيهِ بِهِ خَيْراً أَوْ يَصْرِفُ بِهِ عَنْهُ شَرّاً إِلّا العَمَل

أيُّها النّاسِ، لا يَدَّعي مُدَّعٍ وَلا يَتَمَنّى مُتَمَنٍّ، وَالّذي بَعَثَني بِالحَقِّ لا يُنْجي إلّا عَمَلٌ مَعَ رَحْمَةٍ، وَلَوْ عَصَيْتُ لَهَوَيْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟».

ثمّ نزل فصلّى بالناس صلاةً خفيفةً ودخل بيته، وكان إذ ذاك بيت أمّ سلمة، رضي الله، عنها فأقام به يوماً أو يومين. واستمرّ به المرض أيّاماً وثقل عليه السلام.

فجاء بلال عند صلاة الصبح ورسول الله صلّى الله عليه وآله مغمورٌ بالمرض، فنادى: الصلاة يرحمكم الله، فأُوذِنَ رسول الله صلّى الله عليه وآله بندائه، فقال: «يُصَلّي بِالنّاسِ بَعْضُهُمْ فَإِنّني مَشْغولٌ بِنَفْسي

فقالت عائشة: مروا أبا بكر، وقالت حفصة: مروا عُمرَ

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله حين سمع كلامهما ورأى حرص كلّ واحدة منهما على التنويه بأبيها وافتتانهما بذلك، ورسول الله صلّى الله عليه وآله حيّ [قال]: «أُكْفُفْنَ، فَإِنَّكُنَّ صُوَيْحِباتُ يوسُفَ» [رواه البخاري في صحيحه 1: 172 ب 46، ومسلم في صحيحه 1: 313 / 94، 95، 101، والبيهقي في دلائل النبوة 7: 186]

ثمّ قام عليه وآله السلام مبادراً خوفاً من تقدّم أحد الرجلين، وقد كان أمرَهما عليه السلام بالخروج إلى أسامة، ولم يكن عنده أنّهما قد تخلّفا.

فلمّا سمع من عائشة وحفصة ما سمع، علم أنّهما متأخّران عن أمره، فبدر لكفّ الفتنة وإزالة الشبهة، فقام عليه السلام - وإنه لا يستقلّ على الأرض من الضعف - فأخذ بيده عليّ بن أبي طالب عليه السلام والفضل بن عبّاس، فاعتمدهما ورِجلاه تخطّان الأرض من الضعف.

فلمّا خرج إلى المسجد وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب، فأومأَ إليه بيده أن تأخَّرْ عنه، فتأخّر أبو بكر وقام رسول الله صلّى الله عليه وآله مقامه، فكبّر، فابتدأ الصلاة التي كان قد ابتدأ بها أبو بكر، ولم يبنِ على ما مضى من فعاله.

ثمّ قال أَلَمْ آمُرْ أَنْ تُنْفِذوا جَيْشَ أُسامَةَ؟!» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «فَلِمَ تَأَخَّرْتُمْ عَنْ أَمْري؟» فقال أبو بكر: إنّني كنت خرجتُ ثمّ عدت لأجدّد بك عهداً. وقال عمر: يا رسولَ الله، لم أخرج لأنّني لم أحبّ أن أسأل عنك الركب. فقال النبيّ صلّى الله عليه

 وآله: «فَأَنْفِذوا جَيْشَ أُسامَةَ، فَأَنْفِذوا جَيْشَ أُسامَةَ» يكرّرها ثلاث مرات. ثمّ أُغمي عليه..

ائْتوني بِدَواةٍ وَكَتِفٍ، أكْتُبْ لَكُمْ كِتاباً لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدا .

فأفاق عليه وآله السلام فنظر إليهم، ثمّ قال: «ائْتوني بِدَواةٍ وَكَتِفٍ، أكْتُبْ لَكُمْ كِتاباً لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً» ثمّ أُغمي عليه، فقام بعض مَن حضر يلتمس دواةً وكتفاً، فقال له عمر: ارجع، فإنّه يَهْجُر!!! فرجع. وندم مَن حضره على ما كان منهم من التضجيع [التقصير] في إحضار الدواة والكتف، فتلاوموا بينهم فقالوا: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، لقد أشفقنا من خلاف رسول الله.

وفي كتاب تقويم الشيعة، للنيشابوري : لمّا حان منه، صلّى الله عليه وآله، الخفوقُ والأفول، واشتكى شكواه التي توفّي فيها، اجتمع عنده المهاجرون والأنصار، وهو في أُخريات أيّام حياته، ظاعناً عن الدنيا، مُقبلاً إلى لقاء ربّه، مُستريحاً من تعب هذه الدنيا الفانية، راحلاً إلى النعيم الباقي، قد حُفَّ بالملائكة الأبرار، واستعدّ للقاء الله سبحانه. فنظر إلى أصحابه نظرةً رحيمة، يشاهد ما سوف يقع من سماسرة الأهواء، ومزلّات الأقدام، وزَلَل الآراء، ويرى ما يصيب الأمّة الإسلاميّة من مضلّات الفتن كَقِطع الليل المظلم، ومن الانحراف الفكري الذي سيقع في الإسلام، والفِرَق التي ستكون بين المسلمين، فأراد أن يكتب لهم كتاباً يحفظهم من العثرات، ويعصمُهم من الفتن، ويقيهم عن ظلمات الهرج والمرج، فقال: ايتُونِي بِدَوَاةٍ وَبَيْضاءَ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابَاً لَنْ تَضِلّوا بَعْدِي أَبَدا

فعندئذٍ أطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً أشياعه، فألفاهم لدعوته مُستجيبين، ولهتافه مُلبّين، فوسوس في صدورهم ونطق بألسنتهم، فأخرجهم عن الطريق القويم والصراط المستقيم، فقال قائلهم: إنّ رسول الله يهجر – والعياذ بالله! – حسبنا كتاب الله، فكثُر اللغط وطال الحوار في البيت، واختلفوا في ما بينهم، فريقٌ يقول: القول ما قاله فلان، وفريقٌ آخر يقول: ائتوا بالدواة والبيضاء، فعند ذلك أعرض النبيّ صلّى الله عليه وآله بوجهه الكريم قائلاً: قُومُوا عَنِّي.

فنهضوا، وبقي عنده العبّاس والفضل بن العبّاس وعليّ بن أبي طالب وأهل بيته خاصّة، فقال له العبّاس: يا رسول الله، إن يكن هذا الأمر فينا مستقرّاً من بعدك فبشّرنا، وإن كنتَ تعلم أنّا نُغلب عليه فأوصِ بنا، فقال: «أَنْتُمْ المُسْتَضْعَفونَ مِنْ بَعْدي». فنهض القوم وهم يبكون قد أيسوا من النبيّ صلّى الله عليه وآله.

«أرددوا عليَّ أخي عليّ بن أبي طالب، وعمّي»

فلمّا خرجوا من عنده قال عليه السلام: «ارْدُدوا عَلَيَّ أَخي عَلَيَّ بْنَ أَبي طالِبٍ وَعَمّي». فأنفَذوا من دعاهما فحضرا، فلمّا استقرّ بهما المجلس قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يا عَبّاسُ، يا عَمَّ رَسولِ اللهِ، تَقْبَلُ وَصِيَّتي وَتُنْجِزُ عِدَتي وَتَقْضي عَنّي دَيْني؟» فقال العبّاس: يا رسول الله، عمّك شيخٌ كبير ذو عيالٍ كثير، وأنت تباري الريح سخاءً وكرماً، وعليك وعدٌ لا ينهضُ به عمّك.

فأقبلَ على أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: «يا أَخي، تَقْبَلُ وَصِيَّتي وَتُنْجِزُ عِدَتي وَتَقْضي عَنّي دَيْني وَتَقومُ بِأَمْرِ أَهْلي مِنْ بَعْدي؟»

قال: نَعَمْ يا رَسولَ اللهِ. فقال له: «ادْنُ مِنّي». فدنا منه، فضمّه إليه، ثمّ نزع خاتمه من يده فقال له: «خُذْ هَذا فَضَعْهُ في يَدِكَ». ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته، فدَفع ذلك إليه، والتمس عصابةً كان يشدّها على بطنه إذا لبس سلاحه وخرج إلى الحرب، فجيءَ بها إليه، فدفعها إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال له: «امْضِ عَلى اسْمِ اللهِ إِلى مَنْزِلِكَ".

ادْعوا لي أَخي وَصاحِبي

فلمّا كان من الغد حجَبَ الناس عنه وثقُل مرضه، وكان أمير المؤمنين لا يفارقه إلّا لضرورة، فقام في بعض شؤونه، فأفاق عليه السلام إفاقةً فافتقد عليّاً عليه السلام فقال  وأزواجه حوله: «ادْعوا لي أَخي وَصاحِبي». وعاوده الضعفُ فأصمت، فقالت عائشة: ادعوا له أبا بكر. فدُعي، فدخل عليه فقعد عند رأسه، فلمّا فتح عينه نظر إليه وأعرض عنه بوجهه. فقام أبو بكر وقال: لو كان له إليّ حاجة لأفضى بها إليّ. فلما خرج أعاد رسول الله صلّى الله عليه وآله القول ثانية، وقال: «ادْعوا لي أَخي وَصاحِبي». فقالت حفصة: ادعوا له عمر. فدُعي، فلمّا حضر رآه النبيّ عليه السلام فأعرض عنه فانصرف.

ثمّ قال عليه السلام: «ادْعوا لي أَخي وَصاحِبي». فقالت أمّ سلمة رضيَ الله عنها: ادعوا له عليّاً، فإنّه لا يريد غيره، فدُعي أمير المؤمنين عليه السلام فلمّا دنا منه أومأَ إليه، فأكبّ عليه، فناجاه رسول الله صلّى الله عليه وآله طويلاً، ثمّ قام فجلس ناحيةً حتّى أغفى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال له الناس: ما الذي أوعزَ إليك يا أبا الحسن؟ فقال: «عَلَّمَني أَلْفَ بابٍ؛ فَتَحَ لي كُلُّ بابٍ أَلْفَ بابٍ، وَوَصّاني بِما أَنا قائِمٌ بِهِ إِنْ شاءَ اللهُ».

ثمّ ثقل عليه السلام وحضره الموت وأمير المؤمنين عليه السلام حاضرٌ عنده. فلمّا قرب خروج نفسه قال له: «ضَعْ رَأْسي، يا عَلِيُّ، في حِجْرِكَ، فَقَدْ جاءَ أَمْرُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذا فاضَتْ نَفْسي فَتَناوَلْها بِيَدِكَ وَامْسَحْ بِها وَجْهَكَ، ثُمَّ وَجِّهْني إِلى القِبْلَةِ، وَتَوَلَّ أَمْري، وَصَلِّ عَلَيَّ أَوَّلَ النّاسِ، وِلا تُفارِقْني حَتّى تُوارِيَني في رِمْسي، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ تَعالى».

 فأخذ عليّ عليه السلام رأسه فوضعه في حجره فأُغميَ عليه، فأكبّت فاطمة عليها السلام تنظر في وجهه وتندبه وتبكي، وتقول

وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقى الغَمامُ بِوَجْهِهِ               ثِمالُ اليَتامى عِصْمَةٌ للأَرامِلِ

ففتح رسول الله صلّى الله عليه وآله عينيه وقال بصوت ضئيل

يا بُنَيَّة، هَذا قَوْلُ عَمِّكِ أَبي طالِبٍ، لا تَقوليه، وَلَكِنْ قولي: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ...﴾ آل عمران:144

فبكت طويلاً، فأومأ إليها بالدنوّ منه، فدنت فأسرّ إليها شيئاً تهلّل له وجهُها.

ثمّ قضى عليه السلام ويدُ أمير المؤمنين عليه السلام اليمنى تحتَ حنكه، ففاضت نفسه عليه السلام فيها، فرفعها إلى وجهه فمسحَه بها، ثمّ وجّهه، وغمّضه، ومدّ عليه إزاره، واشتغل بالنظر في أمره.

فجاءت الرواية: أنّه قيل لفاطمة عليها السلام: ما الذي أسرّ إليك رسول الله صلّى الله عليه وآله، فسُرّيَ عنك ما كُنت عليه من الحزن والقلق بوفاته؟ قالت: «إِنَّهُ خَبَّرَني أَنَّني أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ لُحوقاً بِهِ، وَأَنَّهُ لَنْ تَطولَ المُدَّةُ بي بَعْدَهُ حَتّى أُدْرِكَهُ، فَسُرِّيَ ذَلِكَ عَنّي.

_ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «..فلقد رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وإنّ رأسه ليثقُل ضعفاً، وهو يقول يُسمِع أقصى أهل البيت وأدناهم: إنّ أخي ووصيّي ووزيري وخليفتي في أهلي عليُّ بن أبي طالب، يقضي ديني، ويُنجز موعدي. يا بني هاشم، يا بني عبد المطّلب، لا تُبغضوا عليّاً، ولا تُخالفوا أمره فتضلّوا، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفُروا»(الأمالي، الطوسي

وعنه عليه السلام: «لقد قُبض رسول الله صلّى الله عليه وآله، وإنّ رأسه لَعلى صدري، لقد سالت نفسُه في كفّي فأمررتُها على وجهي، ولقد وليتُ غسلَه صلّى الله عليه وآله والملائكةُ أعواني، فضجّت الدار والأفنية، مَلَأٌ يهبطُ ومَلَأٌ يعرُج، وما فارقت سمعي هينمةٌ [الصوت الخفيّ] منهم، يُصلّون عليه، حتّى واريناه في ضريحِه، فمن ذا أحقُّ به منّي حيّاً وميتاً». (نهج البلاغة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/14   ||   القرّاء : 38


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net