الافتتاحية : افول الغرب
الافتتاحية : افول الغرب
رئيس التحرير
قديماً قال أمير المؤمنين(ع): "اضرب بطرفك حيث شئت من الناس فهل تبصر إلا فقيراً يكابد فقراً أو غنياً بدل نعمة الله كفراً"
ولم تكن هذه المشكلة الوحيدة التي يعاني منها الناس بل يضاف إليها مشاكل فكرية وسلوكية وصراعات تحركها الأطماع السلطوية تستباح فيها كل القيم والمبادئ , ولا تزال الصورة تزداد مأساوية وسوداوية كلما تقدم بنا الزمن، حتى الثورات التي أريد بها مواجهة الاستبداد الفكري وفرض القناعات والتي رفعت الشعارات الجميلة والتي تدغدغ مشاعر البشر ثم تبنتها الدول واستخدمت سلاح التلبيس والتدليس على الشعوب واعتمدت سلاح التجهيل والتوجيه والتضليل في استعادة لقول فرعون {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} وهذه العناوين البراقة كحقوق الإنسان والحرية والمساواة لا تزال تداس وبوقاحة اكثر كلما تعرضت هذه العناوين لاختبار المصالح والمنافع، وتستخدم حيث يريدون دون ضوابط، مع ان الظلم ظلم أياً كان المظلوم، والتعدي على الحقوق المكفولة بالشرائع والقوانين تشمل كل إنسان وليست مختصة بإنسانهم، فتراهم يقيمون الدنيا ويقعدونها لظلامة مدعاة على شخص لعلهم يستغلون ذلك لأهدافهم القذرة ولا يرف لهم جفن لإبادة شعب بأكمله بمختلف آلات القتل, بل تجد وهذا لا يقل قباحة عن القتل، تجد عند كل نوع من أنواع الظلم والعدوان يمارسه الطغاة والمستكبرون حشداً من التبريرات والحجج والذرائع التي يتسلح بها أولئك المستبدون وهذا ما يبدو جلياً في غزة المظلومة المنكوبة التي استبيحت بناسها وأرضها وأبنيتها وهنا نستعيد قول القائل:
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر
لكن كما قال احد المفكرين الاميركيين في كتابه موت الغرب ان الغرب يتجه الى نوعين من الموت الموت الديموغرافي البيولوجي والموت الاخلاقي الاحضاري.
وهنا نيمّم وجهنا شطر بلاد المسلمين، فنرى العجب العجاب صمت مطبق إلا ممن رحم ربي، في مقابل تحركات شعبية في دول العالم تدعو إلى وقف الحرب والقتل.
والأسوأ من ذلك هو الاحتفالات الماجنة التي اقيمت في بلاد الحرمين, بلد النبي الاكرم (ص) في الوقت نفسه الذي يجزّر فيه بالمسلمين وعموم اهل غزة ثم التبرير الأجوف وتحميل المسؤوليات للمظلومين لأنهم دافعوا عن أنفسهم . وترى بعضاً من وعاظ السلاطين وفي تبرير لسكوت أولياء أمورهم يفلسفون الظلم والجرائم ويلومون القتيل ولا يلومون القاتل ويستعيرون عناوين فتنوية لتخطئة المقاومين والمدافعين عن وجودهم وأرضهم، فتارة ينفون عنهم عنوان الجهاد، وأخرى انهم يتحالفون مع الرافضة الذين هم في أدبياتهم أشد من اليهود وأخطر، وثالثة أنهم لم يستشيروا أولى الأمر الذين يعبدونهم من دون الله، والمنافقون لا يُعدمون الأعذار والتبريرات جاهزة.
إن مجاري الأحداث في العالم نراها تقرّبنا يوماً بعد يوم وتتجلّى فيها و_الآتي أعظم_ ما أخبر به النبي(ص) :كيف بكم إذا فسد نساؤكم، وفسق شبانكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم وشر من ذلك؟
كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف، قيل يا رسول الله ويكون ذلك؟
قال: نعم، وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا.
وعلى الرغم من ذلك لا تزال فئة تتصدى لعملية التغيير واستعادة الحقوق وسيادة القيم والمبادئ الإنسانية، التزاماً بالمسؤولية وترفض الاستسلام للظلم والقتل وتشويه الإنسانية مهما غلت التضحيات، وليس هذا فقط , بل أيضاً تقوم بدور بث الوعي وجهاد التبيين لإدراك واقع الأمور وسلوك المسار الصائب لبلوغ الأهداف الكبيرة .
ولكن كما قيل انما النصر صبر ساعة وهذه الساعة فترة زمنية قد تطول ولكنها آيلة إلى الانتهاء ويكون النصر والخلاص بإذن الله.