هيئة علماء بيروت :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> تعريف (5)
---> بيانات (87)
---> عاشوراء (122)
---> شهر رمضان (121)
---> الامام علي عليه (52)
---> علماء (25)
---> نشاطات (7)

 

مجلة اللقاء :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

---> فقه (15)
---> مقالات (206)
---> قرانيات (78)
---> أسرة (20)
---> فكر (128)
---> مفاهيم (206)
---> سيرة (88)
---> من التاريخ (30)
---> مقابلات (1)
---> استراحة المجلة (5)

 

أعداد المجلة :

---> الثالث عشر / الرابع عشر (12)
---> العدد الخامس عشر (18)
---> العدد السادس عشر (17)
---> العدد السابع عشر (15)
---> العدد الثامن عشر (18)
---> العدد التاسع عشر (13)
---> العدد العشرون (11)
---> العدد الواحد والعشرون (13)
---> العدد الثاني والعشرون (7)
---> العدد الثالث والعشرون (10)
---> العدد الرابع والعشرون (8)
---> العدد الخامس والعشرون (9)
---> العدد السادس والعشرون (11)
---> العدد السابع والعشرون (10)
---> العدد الثامن والعشرون (9)
---> العدد التاسع والعشرون (10)
---> العدد الثلاثون (11)
---> العدد الواحد والثلاثون (9)
---> العدد الثاني والثلاثون (11)
---> العدد الثالث والثلاثون (11)
---> العد الرابع والثلاثون (10)
---> العدد الخامس والثلاثون (11)
---> العدد السادس والثلاثون (10)
---> العدد السابع والثلاثون 37 (10)
---> العدد الثامن والثلاثون (8)
---> العدد التاسع والثلاثون (10)
---> العدد الأربعون (11)
---> العدد الواحد والاربعون (10)
---> العدد الثاني والاربعون (10)
---> العدد الثالث والاربعون (11)

 

البحث في الموقع :


  

 

جديد الموقع :



 التعامل الإنساني في سيرة الإمام علي (ع

 مراحل حياة الإمام علي عليه السلام وادواره

 من فضائل الامام علي عليه السلام على لسان المعصومين (ع)

 من غرر حكم الامام امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 صوت محمد (صلى الله عليه وآله)

 جميل خصال رسول الله (ص)

 وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ

 من حديث النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)

 من كلمات ادباء من الغرب في بيان عظمة النبي (ص)

 من أسرار اصطحاب النساء والأطفال الى كربلاء

 

الإستخارة بالقرآن الكريم :

1.إقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات
2.صل على محمد وال محمد 5 مرات
3.إقرأ الدعاء التالي: "اللهم اني تفاءلت بكتابك وتوكلت عليك فارني من كتابك ما هو المكتوم من سرك المكنون في غيبك"

 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • أرشيف كافة المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا
 

مواضيع عشوائية :



 محبة فاطمة صك الفكاك من النار

 لبنان في مهب الارهاب الصهيو تكفيري

  دعوة الله للضيافة*

  معرفه العقل عند أهل البیت علیهم السلام

 رسول الله صلى الله عليه وآله العبد المتواضع

 قداسة حركة الامام الحسين عليه السلام

 بيان نعى العلامة المجاهد السيد غازي محمد الحسيني

 تحديات المرحلة الدنيوية وأثارها الأخروية

 العدالة الاجتماعية في نهج البلاغة

 نظرة أولية في الديموغرافيا اللبنانية (2)

 

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 2

  • الأقسام الفرعية : 17

  • عدد المواضيع : 1196

  • التصفحات : 7910186

  • التاريخ :

 

 

 

 

 
  • القسم الرئيسي : مجلة اللقاء .

        • القسم الفرعي : مقالات .

              • الموضوع : لبنان كيان هجين.. نشأة واستمرارا .

                    • رقم العدد : العدد الواحد والاربعون .

لبنان كيان هجين.. نشأة واستمرارا

لبنان كيان هجين.. نشأة واستمرارا

الشيخ علي سليم سليم

تقاسم المنتصرون في الحرب العالمية الأولى تركة الأمبراطورية العثمانية المنهزمة، وأدت اتفاقية سايكس ـ بيكو إلى نشوء كيانات متكثرة على شكل مستعمرات ومحميات بريطانية في عموم الجزيرة العربية إضافة إلى بلاد الشام بما يشمل لبنان الجبل وفلسطين، ما يعنينا هو الحديث عن لبنان بطبيعة الحال، ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم يعيش هذا البلد وضع عدم الاستقرار والأزمات المتتالية، حتى بات من أغرب البلدان في المنطقة إن لم يكن في العالم، فهل لك أن تتخيل أن أهله لا يتفقون على شيء، حتى لو كان بسيطاً كما حصل مؤخراً في مسألة تقديم الساعة عملاً بالتوقيت الصيفي، وكل شيء يؤخذ بالأبعاد الطائفية والمذهبية والمناطقية، حتى لو كان الأمر غاية في السخافة! وكأن هذا البلد أنشئ لهذا الغرض، فهل يعقل هذا؟! هذا ليس تبسيطاً ولا تستطيحاً للأمور، بل هو واقعنا المأزوم على الدوام مع كل أسف..

قصة لبنان كمشروع وطن ودولة، تبدو أكثر إثارة من غيرها من الكينونات السياسية في هذا المحيط، فسؤال الانتماء والهوية والدولة لا يني يطرح نفسه عند كل استحقاق ومفصل وتحد، وإذا استثنينا الكيان الصهيوني كحالة شاذة لجهة هويته وفكرة اجتماعه، فيمكن القول إن لبنان من أكثر الدول في منطقتنا التي تعاني توتراً في إدراك معنى كينونتها وفلسفة اجتماعها.

قلما ترى شعباً تفرقه الملمات بدل أن تقربه، وبينما يحدثنا التاريخ عن أمم تتجاوز انقساماتها الداخلية بصناعة الأعداء، فإن لبنان يكاد يكون من البلدان القلة التي تعاني من عدو حقيقي فعلي غير مصطنع ولا متوهم اسمه الكيان الصهيوني، ومع ذلك لم يسعف عداؤه لكياننا في لم شملنا وربما هذه احدى المفارقات لهذا البلد!

ويمكن الحديث عن مفارقة جديدة من مفارقات التجربة اللبنانية: إذ يدعي اللبنانيون رفض الوصاية، وطالما تقاعسوا عن بناء دولة ووطن! فأن ترى اللبنانيين بعد مائة عام على عمر كيانهم، يختلفون على ماهية وجودهم وعن تصورهم لاجتماعهم ودورهم وميزتهم ونوعية التفاعلية البيئية اللازمة والإسهام الذي يفترض أن يتميز كيانهم في المسار البشري لهي مفارقة كبيرة بحق..

لبنان ليس وطناً حتى الآن، رغم أن هناك قوى واتجاهات اجتماعية جادة تعمل على غرس معنى الانتماء للوطن واعلاء شأنه وترسيخ هذا الوعي المضاد للنظرة القديمة، لكن هناك بالمقابل ممارسات سياسية واجتماعية لا تنفك تحن إلى الماضي وتجاهر بالعودة إليه والعزلة، تظن أن محور العالم ونهايته حيث تقبع! فلا تتقاسم المشاعر مع أي مكوّن لبناني أو منطقة وطائفة ولم ترق ممارساتها إلى درجة السمة العابرة الوطنية."(في لبنان ومستقبله، بلال اللقيس، الأخبار: 4844)

ولا نزال نشهد إلى الآن خطاباً اعلامياً يسعى إلى تقوية الطائفية وتعزيزها في الوجدان اللبناني، ويزيد من الفجوات القائمة ما بين الطوائف، ويذكي التوتر فيها بطريقة عنصرية بغيضة، وتهيئة المناخات النفسية والاجتماعية لاشعالها وتفجيرها فهل هذا يخدم بناء الدولة واستعادة حضورها، وحماية السلم الأهلي والتعايش الوطني، أو أنه يفضي إلى تقويض كل جهد وأمل جاد، بل هو أشد خطراً على هذا الاجتماع وأمنه ومصالحه..(الطائفة الإسلامية الشيعية ونمطية الصورة الإعلامية، محمد شقير، الأخبار: 4873 بتصرف)

رغم التناقض الحاد بين كيانين وليدين في خضم تحول دولي كبير، فالكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين كيان عنصري، هدفه النهائي إعلان دولة قومية يهودية خالصة، فيما الكيان اللبناني تميز بالتنوع والتعدد على صعد مختلفة، إلا أن تشابهاً ملحوظاً بينهما أفضى إلى الاستحواذ الكامل، وإن اختلفت آلياته، هناك شعب طرد وهجر وقتل، بينما هنا جماعات متعددة المشارب والثقافة والدين والطائفة، والأهواء والولاء والتطلعات، لكن فرض إرادة الخارج بالضم والإلحاق كما هو معلوم عندما ضمت الأطراف وشكلت "لبنان الكبير" الذي سيحكمه الموارنة" كان هذا أفدح خطأ ارتكبته فرنسا التي وسعت حدود لبنان، وهذا ما كان يراه بن غوريون في رسالته إلى رئيس وزراء العدو، موشي شاريت.

هذا الضم والالحاق الذي اكتشفه عتاة القومية المارونية واعتبره نقمة ووبالاً بفعل التبدلات والمتغيرات التي حصلت على مدى ما يزيد على القرن من الزمن... غير أن الدولة العميقة متجذرة وتحكم كل مفاصل ما يسمى مؤسسات الدولة، وتأتي على المبادئ الأساسية للدستور اللبناني لتفرغه من مضامينه.

ولا بأس في اطلالة على بعض ما تضمنه الدستور، ففي مقدمته ينص على أن لبنان وطن حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات.

ب- لبنان عربي الهوية والانتماء...

ج- لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل.

ز- الإنماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام.

ط- أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.

في الفصل الثاني منه في المادة السابعة:

كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم.

وفي المادة التاسعة منه: حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فرض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام، وهي تضمن للآهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية.

وفي وثيقة الوفاق الوطني "الطائف:

إعادة النظر في المناهج وتطويرها بما يعزز الانتماء والانصهار الوطنيين والانفتاح الروحي والثقافي وتوحيد الكتاب في مادتي التاريخ والتربية الوطنية

وفي الأعلام:

إعادة تنظيم جميع وسائل الإعلام في ظل القانون وفي إطار الحرية المسؤولية بما يخدم التوجهات الوفاقية وإنهاء حالة الحرب.

دعوات الفدرلة التي نسمعها بين الحين والآخر، هي ليست بالأمر الجديد، بدأت تطالب الفئة التي قال أحد أقطابها:

فلتكن الحرب وليربح من يربح بها. وهؤلاء لا يعتبرون من التجارب خاصة عندما ظهر لهم أنها خسروا الحرب وخسروا امتيازاتهم في "الوطن القومي.."

وكيف تنسجم هذه الدعوات مع ما مر من بعض مبادئ الدستور؟!

"فالفيدرالية تمهد للتقسيم ومن ثم التوطين، وتجذر العصبية الطائفية وتقوي التدخلات الخارجية بحيث تتحول الجغرافية اللبنانية إلى ميادين دامية ومدمرة، وهي تجعل من كل طائفة جسماً اجتماعياً صلباً مدعماً بعقيدة طائفية سياسية واحدة ونهائية أبدية تجاه الداخل والخارج، بحيث يصبح التحاور والتفاهم مستحيلاً بين هذه الأجسام الاجتماعية المستحدثة.. وما علينا إلا أن نستعيد تاريخ القائممقاميتين في جيل لبنان في القرن 19 إبتداء من عام 1840م إذ بقيت الفتن بينها حتى اكتمل الانفجارالكبير في الفتنة الكبرى في عام 1860 وطبعاً تلك الأوضاع والتقسيمات هي دوماً تربة صالحة لضخامة التدخلات الخارجية وتصارعها في ما بينها"(في حديث الفراغ الدستوري والفيدرالية في لبنان: عصام بكداش، الأخبار:4828)

هكذا بني لبنان، وهكذا هو الآن، كمٌ هائل من المتناقضات والتنوع الذي يتغنى به، نغمة زجلية ممجوجة، مساحة ضافت بساكنيها لو اتسعت لاستقل كل شعب من شعوبها، ولكنه عيش الضرورة!

في أواخر القرن التاسع عشر قال أحد القناصل: إذا رأيت جماعة من أي جهة نزلت لعرفت إلى أي قنصلية قصدت!

لم يكن في أي زمان مقاصد جدية للتآلف والبناء، كان الولاء للخارج ولم يكن هناك استقلال في يوم من الأيام، هذا هو التاريخ الحقيقي للبنان، أحد أبطال الاستقلال وبحسب وثيقة تاريخية من الأرشيف الفرنسي، موجهة من الجنرال كاترو إلى وزير خارجية فرنسا سنة 1943 يقول فيها: إن بشارة الخوري زاره وتوسل إليه أن يدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية ولم يكتف بذلك بل قام بتقبيل يدي كاترو ثم رمى نفسه تحت قدميه ليؤكد ـ بطل الاستقلال ـ أنه سيكون خادماً مخلصاً لفرنسا ومستعداً لالتزام

التوجهات التي تعطي له! رفض كاترو طلبه محتقراً خنوعه واصفاً إياه بعديم الشرف!(أسعد أبو خليل، الأخبار:4874)

تحدث الكثيرون من شخصيات لبنان الأوائل عن مبررات نشوء الكيان ونظروا لتلك التجربة الفريدة، التي كانت قائمة على ركائز المنافسة على أكثر من صعيد من الاقتصادي والسياحي وتدفق الرساميل إلى البنوك اللبنانية، فأين لبنان منها اليوم؟!

لا شك في حصول تحولات كبيرة جداً على مستوى المنطقة برمتها تحولات من الصعب إبقاء الواقع اللبناني كما كان عليه في الماضي، والدليل أن كل الصيغ والعقود الاجتماعية التي انعقد عليها لبنان، ولادة أزمات، وعقيمة لم تجلب الكثير مما يرتجى منها، بل مع تقدم كل مرحلة زمنية على الأخرى، يزداد معه الانقسام عمودياً وأفقياً ويتجذر الداء الطائفي أكثر.

في ميثاق 43 مثلاً، وهو غير مكتوب، ما هي ماهيته، ومعاييره وخلفياته التي بني عليها، وهو عقد مع من؟ من هم أركانه؟ وهل هو صنع في لبنان أم في الخارج مثل اتفاق الطائف سنة 1989؟ أركانه الداخلية هم السنة والموارنة كما كان الحال سنة 1943 ولا يزال لبنان حتى اليوم يغرق في دوامة الصراع والانقسام رغم كل الكلام المعسول الذي نسمعه صباحاً ومساء عن التعايش والحوار وقبول الآخر والاندماج والانصهار الوطني!!

التقسيميون الجدد:

 اللامركزية الإدارية الموسعة منصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني، هي تدبير إداري لا تقسيمي، فلا يتلطى أحد وراءها للترويج لمشاريع مرفوضة..

الأصوات التي ارتفعت في الآونة الأخيرة مطالبة بالفدرالية المبطنة للتقسيم، أو اللامركزية الموسعة، لها جذور تاريخية تعود إلى ما قبل تأسيس الكيان الحالي، والتي تعني كذلك الحنين إلى "جبل لبنان" الذي ينعم بغنم الأطراف التي ضمت إليه فشقت بالغرم دون مقابل!

وشاع وقتذاك على لسان أحد الأعلام تعبيراً عن الاجحاف والحيف: "جبل يبتلع جبلاً" يقصد ضم جبل عامل إلى جبل لبنان.

وبشيء من التأمل الذي ينظر له البعض، يظهر ولو بنحو من العناية أن لبنان اليوم ليس ما أردناه يومذاك، يقول وليد فارس أحد هؤلاء المنظرين تاريخياً، والموظف الآن في الإدارة الأميركية:

لبنان المسيحي قبل الفتح كان مرتبطاً بسوريا المسيحية وفلسطين المسيحية.. ولكن تغيير ملامح المنطقة في لبنان وفرض العروبة عليها، فك الارتباط العضوي بين سكان لبنان المسيحيين وسائر المنطقة المعرّبة.. المنطقة شهدت تناقضاً، لا بل مواجهة بين قوميتين عربية إسلامية، ومسيحية شرقية استوطنت وأصبحت لبنانية.

وأن المسيحيين توطنوا في لبنان وألفوا "أمة" تضم جميع الطوائف والقوميات والإثنيات المسيحية السورية والعراقية والفلسطينية واللبنانية السابقة للفتح.. وأن الملايين التي كانت في المنطقة قبل الفتح لم تختف كلها بل استمرت بالعيش ضمن رؤية مختلفة وعلى أسس حياتية أخرى هي أسس عربية إسلامية، وهذا يعني أن تحول الشعب من معتقد إلى آخر ولم ينقرض، كما تحول سابقاً من الوثنية إلى المسيحية وهذا الشعب الواحد الذي كان وثنياً ثم أصبح في معظمه مسيحياً، ثم انتقل قسم كبير منه إلى الإسلام هو نفسه صاحب "الحضارة العظيمة" التي ملكها "لآلاف السنين" التي تراجعت تلك الحضارة إلى جبل لبنان واضعة على جروده ما تبقى من هذه المنطقة وحضارتها كما يقول! فلماذا الفصل؟ أوليس الشعب هو واحد وحضارة واحدة ومتواصلة، وتحوله من دين إلى آخر ـ والدين هو أحد أوجه الحضارة ـ لا يعني انقطاعاً عن الجذور التاريخية، بل تحوله خاضع لواقع الحضارة والشعب..(التعددية.. بين الوحدة والتقسيم، سركيس أبو زيد، الاخبار: 4821)

وعليه فلا يبقى معنى إلا القول أن لبنان كيان مسيحي لم يعد كما كان فهم أرادوه لهم، لذلك أختلق التاريخ الفينيقي والآلاف من السنيين يعني مثل ظهور المسيح(ع) والتبدل حصل بالدين، وهذا منطبق على كل الفاطنين..

القضاء على الدولة المركزية:

العنصرية المتأصلة والطائفية البغيضة عند الأحزاب الإنعزالية المسيحية من الكتائب والقوات والأحرار.. التي تربي أفرادها عليها كما ينقل عن أسعد الشفتري أنه في جلسات التثقيف أن المسلم أخ، لكن الأدنى.. مضافاً إلى تبني خطاب عنصري ضد عموم المسلمين في لبنان فالمسلم مواطن، لكن درجة ثانية، فالعقل الباطني عند هؤلاء يرفضون وجود المسلمين في لبنان، بعد تبين الخطأ الجسيم في ضم الأطراف للبنان الكبير، حتى أن بعضهم في ذلك الوقت طالب بإلحاق جبل عامل بفلسطين زمن الانتداب الإنكليزي حتى لا يختل الميزان الديموغرافي، كون أكثريته من المسلمين، لذلك يطالبون بالتقسيم لتشكيل كانتون مسيحي صافي، وهذا تبنته هذه الأحزاب منذ سنة 1970 كان رئيس أساقفة بيروت الماروني، المطران أغناطيوس مبارك يعلن في كل مناسبة وعلى مسامع المسلمين، بأنهم طوائف لاجئة إلى لبنان ويحاول في كل خطاب أن يفرض شفاعة مار مارون على جميع اللبنانيين، كأن اللبنانيين هم الموارنة!

واستطيع القول "أن الثقافة السياسية التأسيسية للكيان هي عقيدة تعصب مسيحي يبغض ويذم المسلمين! قادة الموارنة في لبنان قاوموا بعنف تعليم المسلمين ولهذا تأخر تأسيس الجامعة اللبنانية، أرادوا الحفاظ على التفوق التعليمي للمسيحيين على المسلمين، عقيدة التعصب المسيحي، واحتقار الإسلام والمسلمين بارزة في الثقافة الشعبية والسياسية"(أسعد أبو خليل، الأخبار: 4865)

الانعزال المرتهن:

مشروع جعجع الحقيقي، يقع بين منزلتين الأول، احتكار التمثيل المسيحي في الدولة، وأن يكون الطرف الذي يسمي رئيس الجمهورية في حال تعذر عليه إيصال أحد قياداته إلى بعبدا، والثاني يتعلق بالحلم التاريخي الخاص بقيام دويلة مسيحية منغلقة على نفسها، وهو لديه تصوراته وأفكاره العملانية، ومتى أتيح له تحقيقها سيفعل ذلك ولن يجاري أحداً، لذلك يتصرف اليوم، في ملف رئاسة الجمهورية، وكأنها معركة وجوديه، فيرفع تدريجاً خطابه الاعتراضي على أي تسوية تأتي برئيس يمتلك علاقات قوية مع الطرف الآخر، وخصوصاً حزب الله، ويبدي استعداده لأن "يواجه" العالم من أجل ذلك. ووصل به الأمر حد القول إنه لن يقبل بأي مرشح لا يراه هو مناسباً، حتى ولو قبلت به بكركي وأطراف آخرون من القوى المسيحية، أو حظي بدعم السعودية وفرنسا وأمريكا، ومن لا يوافقه فهو انعزالي.

جعجع، الحريص على علاقات مع مسلمي لبنان في حال كانوا على شاكلة أشرف ريفي، يتابع كل التفاصيل التي قد تقود إلى مواجهة كبيرة في البلاد، وتكون نتيجتها الرغبة في حصول التقسيم وهو ناقش الأوضاع، قبل مدة، مع حلقة ضيقة من فريقه، وقال أمامهم:  إذا بقينا على ما نحن عليه من وقائع وتصرفات وسياسات، فإن السنوات العشرين المقبلة ستجعل نسبة المسيحيين في لبنان توازي نسبتهم في العراق، وسنكون أمام موجات متتالية من الهجرة الدائمة". ولمح إلى أن البرنامج الذي يجب العمل عليه في المرحلة المقبلة، توفير متطلبات أساسية لمنطقة ذات غالبية مسحية، وتحدث عن أهمية أن يكون هناك معمل للكهرباء في هذه المنطقة، وعدم القبول بمشروع دير عمار والزهراني.

يجب أن نعمل في مناطقنا لتكون هناك سدود ومياه متوافرة لا تضطرنا أن نكون رهينة أحد". وكذلك الأمر بالنسبة لشبكة الاتصالات الهاتفية الثابتة والخلوية وخدمة الانترنت. كما يفترض البحث في كيفية وصل بعض الأطراف بمركز هذه الدولة الذي سيكون حكماً في جبل لبنان. وتحدث عن أهمية بناء مشروع لربط الأقضية المسيحية في جنوب وشرق محافظة الشمال بالمركز، أي البترون والكورة وبشري وزغرتا. ومن جهة ثانية، تعزيز الحضور في زحلة وقراها، متحدثاً عن أهمية إيجاد آلية تسمح بتواصل ديموغرافي يعزز الاتصال الجغرافي بمنطقة زحلة من خلال معبر ترشيش، بم فيها أراضي سهل البقاع المتصلة بقضاء زحلة وقراها المسيحية.

أفكار جعجع تتجاوز هذه الثوابت لتلامس الملف النقدي أيضاً. إذ يعتقد أن هناك حاجة لبناء مصارف جديدة، وأن الأمر يتطلب التخلي عما هو قائم.. ورده على فكرة "القرض الحسن" التي يراها مصرفاً للشيعة قد يصار إلى تعميمه على بقية المسلمين، أن يكون تصور للبدء من جديد ببناء قطاع مصرفي بالتعاون مع مصارف كبيرة عربياً ودولياً، مع ضرورة خوض معركة لعدم إبقاء فعاليات المصرف الرئيسية في بيروت إذ أن "التقاسم العادل" يشمل توزيع قدرات وموارد  مصرف لبنان على فروعه في المناطق ربطاً بالقوة التمثيلية والقوة المالية، ولذلك فإن فرع مصرف لبنان في جونية يجب أن يكون مركزاً رئيساً بقوة أقل بقليل من فروع المصرف المركزي في الحمرا، وحديث جعجع عن تعزيز الفروع يعني أيضاً أن تكون موجودات الفروع كبيرة، كأن يكون في فرع جونية ثلث موجودات مصرف لبنان من الأموال والذهب والملكيات العقارية أيضاً!!

احتقار المسلمين كان في صلب الجمهورية التي كان رعاتها يريدونها وطناً قومياً مسيحياً، متزاوجاً مع الوطن القومي المسيحي عند إميل إده والمطران مبارك وغيرهما. (أسد أبو خليل: الاخبار: 4883)

قد يُعترض على أسعد استحضار هذه الوقائع، سيما أننا تجاوزناها وأضحى الكيان هذا وطناً نهائياً لكل أبنائه ونقول لا ضير، فنحن نعرض أحداثاً سياسية كانت قد حصلت بالفعل، ونحاكمها بالمعيار العلمي بعيداً عن العدائية اتجاه أي مكون لهذا البلد، فلسنا إلغائيين ولا معادين، نقبل الاختلاف ونحترم خصوصيات الآخر في ثقافته وعاداته وانتمائه الديني، وحتى التوجهات في السياسة والقضايا الفكرية، ولكن حتى تتبين حقيقة ما كان يجري في بدايات النشأة والتأسيس، وكي لا يحتال علينا هؤلاء وورثتهم اليوم بتيمات الوطنية والانتماء والولاء للكيان الذي عرف بلبنان

في ظل الانتداب "كانت الزعامات المارونية تؤيد المشروع الصهيوني في فلسطين وقد لاحظت الحركة الصهيونية أهمية اللقاء مع الموارنة، لذا باشر الزعماء الصهاينة بإجراء مفاوضات معها، من أجل شراء الأراضي في جنوب لبنان وإقامة مستوطنات يهودية فيها على غرار ما جرى في فلسطين، ـ بعض السياسيين كان يعترض على ضم الجنوب إلى لبنان الكبير حتى لا يختل الميزان الديمغرافي ـ وقد شجع هؤلاء الزعماء الاتجاه الماروني القائل بإنشاء وطن قومي ماروني في لبنان مقابل إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين.

كان بن غوريون متحمساً جداً لإقامة دولة مارونية في لبنان، حدودها الجنوبية نهر الليطاني وتكون حليفاً مستقبلياً للدولة اليهودية في فلسطين.. إن جوار لبنان يشكل دعامة سياسية رائعة للدولة اليهودية، وذلك أن لبنان هو الحليف الطبيعي ليهود أرض إسرائيل وأن لمسيحيي لبنان مصيراً مشابهاً لمصير الشعب اليهودي.. وأن جوار لبنان يوفر حليفاً مخلصاً للدولة اليهودية منذ يوم قيامها، وليس مستحيلاً علينا أن نجتاز الحدود الشمالية، حيث يتاخم لبنان حدود الدولة اليهودية، مما يسمح لنا بالتوسع بموافقة جيراننا المحتاجين إلى عوننا".

ويؤكد هرتزل قبل قيام دولة إسرائيل، الهدف الاستراتيجي من قيام الدولة اليهودية على أرض فلسطين بقوله: سنكون نحن جزءاً من السور الأوروبي المرفوع في وجه آسيا، سنكون نحن في الصفوف الأولى من الجبهة، حماة المدنية وخفرائها ضد البربرية.

هذا التصور الذي عبر عنه هرتزل يتطابق في الواقع مع فكرة إميل إده الذي رأى أن لبنان هو صورة الغرب الذي في الشرق والحدود التي تنتهي عندها الحضارة الغربية ليبدأ بعدها عالم آخر.

ولتحقيق مثل هذا التصور فقد ارتبط الموارنة بتحالفات خارجية ترى أن مصلحتها تنحصر في الارتباط بالخارج والصدام مع المنافسين في الداخل وانتظار الفرصة المناسبة لتصفيتهم تصفية نهائية..

وظل الزعماء السياسيون والدينيون يلتقون قادة ومسؤولين صهاينة من البطريرك أنطون عريضة والمطارنة كالمعوشي قبل أن يصبح بطريركاً والمطران عبد الله الخوري، وبشارة الخوري وإميل إده، بأبرز القادة مثل: إلياهو إيلات المسؤول في الوكالة اليهودية في القدس، والياهو ساسون وموشي شاريت، وحاييم وايزمن، من أجل توطيد التعاون، وتسهيل بيع الأراضي اللبنانية للتمولين وللشركات اليهودية.

وفي اطار توثيق عرى العلاقة يقول دوف هوز رفيق الياهو ايلات: إنه لأمر حيوي بالنسبة إلى اليهود والنصارى أن يزداد التعاون الوثيق بينهما في جميع المجالات الاقتصادية والتربوية والثقافية والسياسية، لأنه بهذه الطريقة فقط نستطيع أن نقف معاً في مواجهة أخطار جيراننا العدوانية ومطامعهم والذين يرفضون الاعتراف بوجود أقليات قومية مستقلة بينهم.

يقول بشارة الخوري عندما التقى إلياهو ساسون: يوجد بيننا وبينكم حاجز يجب إزالته، وهذا الحاجز هو جبل عامل، هنالك ضرورة لتفريغ المنطقة من (أهلها) الذين يشكلون خطراً على بلدينا وقد سبق لهم أثناء فترة اضطرابات في فلسطين أن تعاونوا مع عصابة المفتي لتهريب السلاح والرجال! (بدر الحاج: الجذور التاريخية للمشروع الصهيوني في لبنا ص 48) نقلا عن المارونية في لبنان: محمد زعيتر ص 464

كذلك إميل إده المعروف بعدائه السافر للمسلمين وبتحالفه مع الصهاينة بذل جهوداً لفصل جبل عامل عن لبنان الكبير وإلحاقه بدائرة النفوذ الصهيوني، وعندما أخفقت مساعيه أوفد نجله ريمون لملاقاة حاييم وايزمن في حوار تل أبيب وامتناعه بذلك فلم يوفق، وقد أجابه الزعيم الصهيوني: لقد علمني جدي ألا أقبل أية هدية ملفوفة على الإطلاق. (الحروب السرية في لبنان: آني لوران نقلاً عن المارونية في لبنان ص 584).

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/07/03   ||   القرّاء : 1163


 
 

 

 

تصميم ، برمجة وإستضافة : الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

هيئة علماء بيروت : www.allikaa.net - info@allikaa.net