من حديث النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)
من حديث النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)
حسن الظن بالله وسوء الظن بالنفس
قال رسول الله (ص) والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله الا كان الله عند ظن عبده المؤمن... والمؤمن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه ظنون عنده
للمؤمن علامات كثيرة نص عليها بوضوح كتاب الله وسنة نبيه، وأهمها على الإطلاق - بعد الإيمان بالأركان - أمران: حسن الظن بالله، وسوء الظن بالنفس بمعنى أنها مقصرة في طاعة الله مهما اجتهدت وبالغت.
وفي أصول الكافي : أن الإمام الكاظم (ع) كان يقول في دعائه : اللهم لا تخرجني من التقصير ولما سئل عن معنی دعائه هذا قال : كل عمل تعمله تريد به وجه الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك، فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون
الرفق والخرق
قال رسول الله (ص) الرفق يمن، والخرق شؤم....
ما وضع الرفق على شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه ..
المدل لا يصعد من عمله شيء.
(الرفق : اللين واللطف والخرق: الحمق والغلظة والمدل: المستعلي والمستظهر)
أن الشرط الأول والأساس في كل داع ومرشد، اللين والتواضع، قال تعالى لنبيه (ص) (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو کنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل عمران 159
فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة [للأنعام 47].
وقد كذبوه وآذوه فقال : اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون.
وفي رواية ثانية «اغفر لقومي» فلم يمنعه سوء صنيعهم عن إرادة الخير لهم، والسر أنه هو نفسه التجسيد الحقيقي للاسلام والقرآن.
ومن هنا جاء نجاح النبي محمد (ص) في دعوته، ودانت له الرقاب طوعا لا كرها ، وانتشر الإسلام شرقا وغربا.
اليمين واليسار
قال رسول الله (ص) : لا عقل كالتدبير والتدبير نصف المعيشة ...
من اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذّر حرمه الله.
أطلق سبحانه كلمة خير على المال في العديد من الآيات:
كقوله تعالى (وانه لحب الخير لشديد) العاديات 8
وقد امتن سبحانه على نبيه(ص) بالغنى وقال : ووجدك عائلا فأغنى الضحی8
بل امتن على كل الخلق في قال تعالى : واتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ابراهیم 35
وفي الحديث نعم المال الصالح للعبد الصالح...
نعم العون على تقوى الله المال» يساعد على صفاء الدين والخلق الكريم
والمال الذي يعود على صاحبه بالوبال والنكال لا يخلو من أحد أمرين:
الأول أن يكتسبه من غير حل . الثاني أن ينفقه من غير وجهه
قال سبحانه : ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين » الاسراء17
وقال الإمام الصادق (ع) : من أنفق شيئا من غير طاعة الله فهو مبذر، ومن أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد.
والإسلام يحرص كل الحرص على اصلاح الحياة ونموها وتقدمها فأفسح للإنسان الفرد المجال في كسب المال على أساس الحق والعدل. وفي نفس الوقت اعتبر المال ملك لله ، لأنه من صنعه وفضله، وخول الاستمتاع به في حدود أمره وطاعته.
النسبة الى الرسول الأعظم
كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي
هل من سبيل إلى الجمع والتوفيق بين هذا الحديث وقوله تعالى (فلا أنساب بينهم يومئذ) ۱۰۱ المؤمنون
الجواب
ا- يجوز تخصص الكتاب بالسنة النبوية يكون المعنى فلا أنساب بينهم يومئذ إلا الرسول الأعظم (ص) فإنه لا ينقطع بحال
2 من الجائز أن يكون المراد بنفي الأنساب يوم القيامة قطعها بين المؤمن والكافر بقرينة السياق، لأن الآيات السابقة تحدثت عن أهل الشرك والحجود
وإن قال قائل : جاء في نهج البلاغة وأن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته - أي قرابته - وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته».
ومن المعلوم بالحسن والعيان أن العديد من السادة يتهاونون بأحكام الدين
قلنا في جوابه أولا إن الامام (ع) يرد بقوله هذا على الذين احتجوا من قريش على الأنصار يوم السقيفة، وزعموا أن لهم الولاية على المسلمين بعد النبي لقرابتهم منه عن طريق الأجداد والعمومة! ومعلوم أن هذه القرابة شيء، والنسب بالولادة شيء آخر.
ثانيا ان الولد العاق يلحق بالنسب بلا کلام.
ثالثا إن اسم إبليس وفرعون وماشاكلهما لا يمسه إلا المطهرون ما دام في القرآن الكريم لا لشيء إلا لنسبة هذا الاسم الى القرآن وعظمته، وعلى كل مسلم أن يحترم السادة لا لشيء إلا أنهم ينتسبون إلى القرآن الناطق.
كف الأذي
قال رسول الله (ص) من أصبح لا يهم بظلم أحد غفر الله له ما أذنب في ذلك اليوم ...
لا ورع ككف الأذى وفي حديث : «على المسلم أن يتصدق عن نفسه في كل يوم
قيل : ومن يستطيع ذلك يا رسول الله؟ قال كلكم يستطيع أن يكف أذاه عن الناس»
وقال الإمام الصادق (ع) : أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد.
إن الله سبحانه هدد وتوعد على الظلم والبغي في العديد من الآيات كقوله ، عز من قائل: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) الأعراف144
وفي الحديث القدسي : «وعزتي وجلالي لا أجيب دعوة مظلوم غیره ... ليأذن بحرب مني من آذى عبدا من عبادي»
والسر أن الظلم والبغي شر وفساد في الأرض، وأنه المصدر لكل المشكلات الاجتماعية والأزمات العالمية، ومعنى هذا أن لترك الظلم والأذى آثارا إيجابية هي خير كلها وصلاح، وعلى هذا يكون الأجر والثواب على آثار الترك الزاكية النامية، لا على العدم من حيث هو.
وهل من عاقل يشك أن الإنسان ، كل انسان، لو كف شره وضره عن أخيه في الإنسانية وجشعه وطمعه وحقده وحسده - لعاش الناس في أمن وأمان ورغد وحنان؟
ولا حل إطلاقا إلا أن يكف الإنسان أذاه عن أخيه الإنسان.
قول الحق
قال رسول الله (ص) : قل الحق وإن كان مرا ...
ما أنفق المؤمن نفقة هي أحب إلى الله من قول الحق في الرضا والغضب...
ولا تمنعن أحدكم مهابة الناس أن يقول الحق إذا علمه.
لا شيء أثقل من قول الحق وأمرّ في مجتمع لا يدين بالحق والعدل، ولكن هذا لا يعفي المؤمن من الجهر بالحق والنهي عن الباطل بقول الرسول الأعظم (ص): "أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر"
وما منا إلا من سمع ببسالة الصحابي الغفاري وما عاناه من عثمان بن عفان، وما زاده ذلك إلا إصرارا على الجهر بالحق .
وبعد، فإن الحرب بين الحق والباطل لا تزال مستمرة إلى قيام الساعة، وعلى من آمن وأخلص أن يجاهد ويقاوم بصبر وثبات، ولا يذل ويستسلم ، والله معه بما شاهدنا ورأينا من الأحداث التي تسحق الطغاة بغتة من حيث لا يحتسبون ، لأنهم تحدوا الحق والصالح العام، ومن صارع الحق صرعه لا محالة.
الغضب
قال رسول الله (ص) : وجبت محبة الله لمن أغضب فحلم ...
من كظم غيظه وهو يقدر على انفاذه ملأه الله أمنا وإيمان
الغضب من أمهات الرذائل ، ومن ثماره وآثاره
1 غلبة الهوى على الدين والعقل والانقياد لعاطفة عمياء، تدفع بالغاضب الى مهاوي الضلالة والجهالة، وفي الحديث: «الغضب من جمرة الشيطان»
وفي الحديث أن رجلا قال للنبي (ص) : علمني مجامع الكلم. فقال له : لا تغضب.
فأدرك الرجل ما تنطوي عليه هذه الكلمة قال لا أسأل بعدها عن شيء.
وقال أرسطو: من السهل أن يغضب الإنسان ، ولكن من أصعب الصعب أن يغضب على الشخص المناسب، والى الحد المناسب وفي الوقت المناسب
وفي شتى الأحوال فليس المراد عن الغيظ والغضب من حيث هو، لأنه تکلیف بما لا يطاق، وإنما المطلوب الصبر على تجرع الغيظ وإن يك علقما حيث يمكن التحكم بالنار والسيطرة عليها ما دامت في مكانها، فإذا تجاوزته وانتشرت هنا وهناك تعذر إخمادها وعم فسادها.
ولا بد من الإشارة إلى أن الغضب القبيح والمذموم هو غضب الإنسان لنفسه وأشيائه ، أما الغضب على المجرمين والخونة المزيفين فهو غضب لله وبأمر الله سبحانه حيث قال : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير التوبة 73
وفي نهج البلاغة«من شنیء الفاسقين وغضب الله عضب الله له، وأرضاه يوم القيامة
وفي الحديث : «إنما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا قدر لم يأخذ أكثر من مما له
_ مختارات من كتاب نفحات محمدية تفسير احاديث للرسول الاعظم صلى الله عليه واله للشيخ محمد جواد مغنية (ره) بتصرف