مؤمن الطاق المتكلم المنافح عن الحق
مؤمن الطاق المتكلم المنافح عن الحق
محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البَجَلي الكوفي الشهير بـمؤمن الطاق
أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، فقيه ومتكلم، عُرف بمناظراته مع الطوائف الأخرى، وله مناظرات كثيرة مع أبي حنيفة كان يعمل صيرفياً، توفي بعد الإمام الصادق عليه السلام.
يُكنى بأبي جعفر ويعرف بألقاب عدة الأحول ويلقبه الشيعة بـ(مؤمن الطاق) ويلقبه المخالفون بـ(شيطان الطاق)
قال الجوهري: وبابُ الطَّاق: مَحَلَّةٌ أخرى كبيرة بالجانب الشرقي ببغداد، نُسب إليها جماعة من المُحَدِّثين والأَشْراف
وهناك محلة في الكوفة تُسمى بـ(طاق المحامل)، كان محمد بن النعمان يعمل فيها
وكان يعمل صيرفياً يُرجع إليه في النقد، وكان دكانه في طاق المحامل بالكوفة.
قال الشيخ الكشي : لقّبه الناس شيطان الطاق؛ وذلك أنهم شكّوا في درهم فعرضوه عليه، فقال لهم: ستوق (ـ بفتح السين وضمّها ـ : المغشوش المزيّف)، فقالوا: ما هو إلا شيطان الطاق.
ويقال: إن أول من لقبه شيطان الطاق أبو حنيفة. ناظر هو وسفيان الثوري فغلبهما، فقالا له: هذا شيطان الطاق
من عاصره من الأئمة (عليهم السلام
ذكره النجاشي في أصحاب الإمام السجاد عليه السلام
وعدّه أيضاً في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام أو من أدركه
وذكره غير واحد في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام،وذكره ابن شهر آشوب في خواص الإمام عليه السلام
وذكره الشيخ،و البرقي في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.
وجمع النوبختي بين هذه الأقوال كلها، فذهب إلى أنه أدرك الإمام السجاد عليه السلام وبعده عاصر الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وبقي حتى زمن الإمام الكاظم (عليه السلام) وقال إنه ساق الإمامة إليه.
مكانته العلمية
كان له في العلم منزلة عالية فكان فقيها مناظراً، لا يُشقُّ له غبار متكلماً حاذقاً وكان من الفصحاء البلغاء، لا يُطاوَل في النّظر والجدال في الإمامة حاضر الجواب كثير العلم، حسن الخاطر وإنّ منزلته في العلم وحُسن الخاطر أشهر من أن يُعرّف بها
وقد قال الشهرستاني: بأن محمد الباقر أفضى إليه أسراراً من أحواله وعلومه
وقال ابن أبي طي: إن جعفر الصادق كان يقدّمه ويُثني عليه.
اتّفق الجميع على توثيقه فإنّ روايات المدح في حقه متضافرة، بل إنّ فيها ما هو صحيح السند عند أئمة هذا الفن، مما يدل على عظمة الرجل وجلالته.
عن ابن أبي عمير، عن أبي العباس البقباق ، أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «أربعة أحب الناس إلي أحياءً وأمواتاً: بريد بن معاوية العجلي، و زرارة بن أعين، و محمد بن مسلم ، و أبو جعفر الأحول، أحب الناس إلي أحياءً وأمواتاً»
وفي رواية أبي خالد الكابلي قال رأيت أبا جعفر ـ صاحب الطاق ـ وهو قاعد في الروضة قد قطَع أهل المدينة أزراره وهو دائبٌ يُجيبهم ويسألونه، فدنوت منه فقلت: إنّ أبا عبد الله نهانا عن الكلام . فقال: أمركَ أنْ تقولَ لي؟ فقلت: لا، ولكنه أمرني أن لا أُكلم أحداً . قال: فاذهبْ فأَطعهُ فيما أمرك . فدخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرتُه بقصة ـ صاحب الطاق ـ وما قُلتُ له، وقوله لي "اذهب وأطعه فيما أمرك" ، فتبسم أبو عبد الله عليه السلام ، وقال: «يا أبا خالد، إن صاحب الطاق يُكلّم الناس فيطير وينقضُّ، وأنت إن قَصّوك لن تطير».
حكاياته مع أبي حنيفة
كانت له حكايات لطيفة مع أبي حنيفة ، منها
قال له أبو حنيفة: وقد مات جعفر بن محمدعليه السلام : يا أبا جعفر، إنّ إمامك قد مات . فقال أبو جعفر: لكن إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم. الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 426، برقم 329.
قال له أبو حنيفة: بلغني عنكم معشر الشيعة شيء؟ فقال: فما هو؟ قال: بلغني أنّ الميّت منكم إذا مات كسرتم يده اليسرى لكي يعطي كتابه بيمينه، فقال: مكذوب علينا يا نعمان! ولكنّي بلغني عنكم معشر المرجئة أنّ الميّت منكم إذا مات قمعتم في دبره قمعاً فصببتم فيه جرة من ماء لكيلا يعطش يوم القيامة. فقال أبو حنيفة: مكذوب علينا وعليكم. الكشي، اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 434، برقم 332.
قال له أبو حنيفة :يا أبا جعفر، تقول بالرجعة؟ فقال له: نعم، فقال له: أقرضني من كيسك هذا خمسمائة دينار، فإذا عدت أنا وأنت رددتها إليك، فقال له في الحال: أُريد ضميناً يضمن لي أنّك تعود إنساناً، فإنّي أخاف أن تعود قرداً فلا أتمكّن من استرجاع ما أخذت منّي النجاشي، رجال النجاشي، ص 326 رقم 886.
قال له أبو حنيفة: يا أبا جعفر، ما تقول في المتعة أتزعم أنّها حلال؟ قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ويكتسبن عليك، فقال له أبو جعفر: ليس كلّ الصناعات يرغب فيها وإن كانت حلالاً، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أتزعم أنّه حلال؟ فقال: نعم ، قال: فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نبّاذات فيكتسبن عليك؟ فقال أبو حنيفة : واحدة بواحدة وسهمك أنفذ.
ثمّ قال له: يا أبا جعفر، إنّ الآية التي في سأل سائل تنطق بتحريم المتعة والرواية عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم قد جاءت بنسخها، فقال له أبو جعفر: يا أبا حنيفة، إنّ سورة سأل سائل مكّية وآية المتعة مدنية، وروايتك شاذّة ردية، فقال له أبو حنيفة : وآية الميراث أيضاً تنطق بنسخ المتعة، فقال أبو جعفر: قد ثبت النكاح بغير ميراث، قال أبو حنيفة: من أين قلت ذاك؟ فقال أبو جعفر: لو أنّ رجلاً من المسلمين تزوّج امرأة من أهل الكتاب ثمّ تُوفّي عنها ما تقول فيها ؟ قال: لا ترث منه، قال: فقد ثبت النكاح بغير ميراث ثمّ افترقا. الكليني، الكافي، ج 5، ص 450، أبواب المتعة، ح 8
قال له أبو حنيفة : لِم لَم يطالب علي بن أبي طالب بحقّه بعد وفاة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إن كان له حق؟ فأجابه مؤمن الطاق: خاف أن يقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة وفي رواية خالد بن الوليد.
الطبرسي، الاحتجاج، ج 2، ص 148 ـ 149.
ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 232