التحليل الصائب لفلسفة مراسم العزاء
نشير هنا إلى التحليلات الصحيحه والمنطقيه في موضوع فلسفه العزاء ضمن أربعة محاور:
1. حفظ مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)
يعترف العدو والصديق بأنّ مجالس العزاء على الإمام الحسين(عليه السلام) أعظم قوّة تقف وراء يقظة الناس والنهج الذي حدده الإمام لأتباعه هو الضامن لبقاء الإسلام وديمومته. إنّ أهمية إقامة هذه المجالس وسرّ تأکيد الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) على حفظها تبدو أوضح حين نلاحظ أنّ الشيعة في عصر صدور هذه الروايات کانوا يعيشون عزلة خانقة وضغوط شديدة تمارسها ضدهم الحکومات الأموية والعباسية بحيث يتعذر عليهم ممارسة أدنى نشاط سياسي واجتماعي حتى أشرفوا على الإنهيار، لکن مجالس العزاء الحسينية أنقذتهم وخلقت لديهم حالة من الإنسجام والوئام لتجعلهم قدرة ذات شوکة في المجتمع الإسلامي. وعلى هذا الضوء عبرت بعض الروايات عن إقامة هذه المجالس بإحياء أمر أهل البيت(عليهم السلام). قال الإمام الصادق(عليه السلام)في هذه المجالس:
«إِنَّ تِلْکَ الْمجالِسَ أُحِبُّها فَأَحْيُوا أمْرَنا».
وقال مؤسس الجمهورية الإسلامية بشأن هذه المجالس في عبارة جامعة:
«ما ينبغي أن ندرکه جميعاً أنّ ما يوجب الوحدة بين المسلمين هذه المراسم السياسية، ومراسم العزاء على الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) ولاسيما سيد المظلومين أبي الأحرار الحسين(عليه السلام)هي التي حفظت هوية المسلمين ولاسيما الشيعة الإمامية»( وصية الإمام الخميني الإلهية السياسية، صحيفة النور، ج 21، ص 173.).
إعتراف غير المسلمين بهذا الأمر
ذکر الکاتب الفرنسي «جوزيف» في کتابه «الإسلام والمسلمون» في إشارته إلى قلّة عدد الشيعة في العهود الإسلامية الأولى وعدم تمکنهم من التسلل إلى الحکومة وتعرضهم لظلم الحکام وجورهم وتقتيلهم ونهب أموالهم فقال:
«إنّ أحد أئمة الشيعة أوصاهم بالتقية لحفظهم من الأعداء، فأدى ذلک إلى اقتدار الشيعة ولم يجد العدو ما يتذرع به لقتلهم وسلب أموالهم. وأخذ الشيعة يعقدون المجالس في الخفاء ويبکون على الحسين(عليه السلام). ولعل أعظم عنصر يقف وراء تقدمهم هو إقامة مجالس العزاء على الحسين(عليه السلام) ... فکان کل شيعي في الواقع يدعو الآخرين إلى مذهبه دون التفات سائر المسلمين، بل لعل الشيعة أنفسهم لم يلتفتوا إلى فائدة هذا العمل، وکانوا يظنون أنهم إنّما يحصلون على الثواب الأخروي(نقلا عن فلسفة الشهادة والعزاء للعلاّمة السيد عبد الحسين شرف الدين، ص 92).
ويقول المؤرخ الألماني «ماربين» في کتابه «السياسة الإسلامية»:
«إنّي أعتقد أنّ سر تطور الإسلام وتکامل المسلمين يکمن في شهادة الإمام الحسين(عليه السلام)وتلک الحوادث الأليمة».
2. تعبئة المسلمين
إنّ الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) بتأکيدهم على إقامة مراسم العزاء إنّما جعلوا نهضته(عليه السلام)محوراً لوحدة الناس، بحيث يجتمع اليوم أيّام شهادته ملايين الأفراد على اختلاف مستوياتهم وأعراقهم وأديانهم ليخوضوا في مراسم العزاء وتلتفوا حول الراية الحسينية.
وکل أُمّة بحاجة لعنصر الوحدة بغية ديمومته